الشباب يحول بوصلة «ثقافة السكن» في السعودية نحو تملك الشقق

رجال أعمال يواجهون خطر الركود العقاري بالاستثمار في بناء الوحدات الصغيرة

توقعات بتصدر الاستثمار في شقق التمليك قائمة الأفرع العقارية الأكثر نشاطاً في السعودية
توقعات بتصدر الاستثمار في شقق التمليك قائمة الأفرع العقارية الأكثر نشاطاً في السعودية
TT

الشباب يحول بوصلة «ثقافة السكن» في السعودية نحو تملك الشقق

توقعات بتصدر الاستثمار في شقق التمليك قائمة الأفرع العقارية الأكثر نشاطاً في السعودية
توقعات بتصدر الاستثمار في شقق التمليك قائمة الأفرع العقارية الأكثر نشاطاً في السعودية

سجلت السوق العقارية السعودية أداءً جيدًا في قطاع تملك الشقق خصوصًا بالمدن الكبرى، في ظل انخفاض طال معظم الأفرع العقارية الأخرى.
وتشير بوصلة التملك خلال الفترة المقبلة إلى ازدهار تملك الشقق نتيجة قدرة المواطن على دفع ثمنها مقارنة بالفيلات والخيارات الأخرى الأعلى سعرًا، التي تتفوق على غيرها من القطاعات السكنية الأخرى، الأمر الذي سيلقي بظلاله بقوة على مستقبل العقار، خصوصًا مع ارتفاع أسعاره انعكاسًا للفجوة الكبيرة بين قدرات المشترين وأسعار البائعين.
وتوقع عقاريون، أن يتصدر الاستثمار في شقق التمليك قائمة الأفرع العقارية الأكثر نشاطًا، إذ تشير الإحصائيات الميدانية إلى ازدهار ملحوظ في حركة هذا النوع العقاري عن سائر العقارات الأخرى، بعد تطبيق نظام رسوم الأراضي البيضاء، الأمر الذي أفقدها قيادة الاستثمارات العقارية، إذ إن الاستثمار السائد في الوقت الحالي يصب لمصلحة بيع الشقق بأحجامها المختلفة، التي بدأته بشكل فعلي قيادة قطاع المبيعات العقارية، مشيرين إلى التطورات الكبيرة في تصميم الشقق خلال الفترة الأخيرة، والقناعات التي تغيرت لدى جيل الشباب في هذا الخصوص، وهم الفئة الأكثر تملكًا لهذا النوع من العقارات.
وذكر عبد الرحمن العييد، الذي يدير مكتب استشارات عقارية، أن رسوم الأراضي أعادت هيكلة القطاع العقاري بشكل عام ودفعت بعض الاستثمارات إلى تحقيق نسب رواج أعلى من الاستثمارات الأخرى وأهمها تملك الشقق، إذ تفتح خيارات جديدة بالنسبة للقطاع العقاري الذي يعاني الانخفاض ويحتاج إلى أي فرصة استثمار لتعويض هذا الضعف. ولاحظ زيادة الإقبال على تملك الشقق بشكل كبير، نتيجة تلاشي فكرة تملك الفيلات والمنازل الصغيرة في ظل ارتفاع الأسعار بشكل عام، في الوقت الذي تحتاج فيه البلاد إلى كمية كبيرة من الوحدات السكنية لتلبية طلبات المواطنين، الذين تقع مشكلة الإسكان لديهم على رأس المطالب، خصوصًا أن معظمهم يسكن في منازل مستأجرة.
وأضاف أن الإقبال على الشقق يوحي بتغيير في عقلية المواطن الذي لم يكن حتى وقت قريب يفضل الشقق، إلا أن الواقع يجبره على ذلك خصوصًا أن فكرة سكن الشباب في شقق التمليك أصبحت دارجة لمن ليس لديه عائلة كبيرة، لافتًا إلى الاختلاف الجذري في تصميم الشقق وحجمها وحتى في طريقة بنائها، حيث تعتبر الشقق المؤلفة من طابقين الأعلى سعرًا وذات طلب مرتفع لأنها تشبه في تصميمها الأدوار الصغيرة، وبدأت هذه النوعية من البنايات تنتشر خلال السنوات الأخيرة.
وسجل إجمالي قيمة الصفقات الأسبوعية للسوق العقارية المحلية انخفاضًا أسبوعيًا بلغت نسبته 4.5 في المائة، مقارنة بارتفاعه القياسي للأسبوع الأسبق بنسبة 91.5 في المائة، لتستقر قيمة صفقات السوق بنهاية الأسبوع الثلاثين من العام الحالي عند مستوى أدنى من 3.5 مليار ريال (نحو 933 مليون دولار)، وهو معدل أدنى من المتوسط العام لقيمة الصفقات للعام الحالي بنسبة 37.8 في المائة.
وفي الاتجاه ذاته، أكد علي العجمي الذي يمتلك شركة «نحو البناء» العقارية، أن هناك حركة ملحوظة تشير إلى زيادة واقعية في رغبة المستثمرين بالاستفادة من إقبال المشترين على الشقق السكنية للتمليك، خصوصًا فئة الشباب الذين لا تتجاوز معدل أعمارهم 35 عامًا، وهم الشريحة الأكثر طلبًا للعقار الذين صادفتهم مشكلة غلاء الأسعار عند رغبتهم في تملك المنازل الخاصة بهم، مما جعل تملك الشقق خيارًا جيدًا بالنسبة لهم لضمان منزل العمر، في ظل تضاؤل الأمل في تملك فيلات بأسعار معقولة مع حلول موجة الارتفاعات الكبيرة في السوق العقارية السعودية.
ولفت إلى أن التصميم الجديد للشقق يوحي بتفنن وتغير كبيرين في اختيار المواطنين لهذا النوع من القطاعات العقارية، كما أن أسعارها تعتبر منخفضة نوعًا ما إذا قورنت بالفيلات التي يبلغ أقل سعر لها قرابة الضعف، كما أن التصميم الجديد للشقق يعتبر مختلفًا تمامًا عما هو متعارف عليه، وهو ما يشير إلى أنها قريبة من منزل الأحلام الذي يتمناه الراغب في السكن، حيث تتمتع بالمسطحات الكبيرة والغرف الواسعة وبعضها يحتوي على مواقف سيارات خاصة في الأدوار الأرضية، مشيرًا إلى أن تغيير ثقافة السكن يمكن أن يتجه بالأسعار نحو الانخفاض.
وتباين الأداء الأسبوعي لقيمة الصفقات العقارية بين كل من قطاعي السوق السكنية والتجارية، حيث سجلت قيمة صفقات القطاع السكني ارتفاعًا أسبوعيًا طفيفًا بلغت نسبته 1.3 في المائة، مقارنة بارتفاعها القياسي للأسبوع الأسبق بنسبة 84.3 في المائة، لتستقر قيمة صفقات القطاع بنهاية الأسبوع عند مستوى 2.5 مليار ريال (نحو 667 مليون دولار، وهو أدنى من المتوسط العام لقيمة صفقات القطاع السكني للعام الحالي بنسبة 21.4 في المائة. بينما انخفضت قيمة صفقات القطاع التجاري بنسبة 17.6 في المائة، مقارنة بانخفاضها خلال الأسبوع الأسبق بنسبة 110.0 في المائة، لتستقر قيمتها بنهاية الأسبوع عند 0.9 مليار ريال (نحو 240 مليون دولار)، وهو أدنى من المتوسط العام لقيمة صفقات القطاع التجاري للعام الحالي بنسبة 60.8 في المائة.
إلى ذلك، أكد الخبير العقاري حمد الدوسري، أن من بين 100 وحدة سكنية يتم إنشاؤها حاليًا يبلغ معدل الوحدات المحددة لطرحها كشقق تمليك 60 كحد أدنى، مما يوحي بتغير وشيك في الخارطة العقارية السعودية، التي تشهد منعطفات تاريخية في تملك العقار بعد رزمة القرارات الحكومية في القطاع السكني، مشيرًا إلى أن مشاريع وزارة الإسكان لم تسر بالسرعة المطلوبة مما أفقد المواطنين الأمل في تملك الفيلات حتى لو كانت صغيرة، وجعلهم يعتمدون على أنفسهم رغم الدخل الضعيف ومتطلبات الحياة المتزايدة لتأمين منزل العمر بأنفسهم، لافتًا إلى رواج بيع الشقق في المدن الرئيسية الكبرى نظرًا للارتفاع النسبي في الأسعار عن المدن والقرى الصغيرة.
وأوضح الدوسري أن حديثًا يدور في المجالس التجارية العقارية عن توجه المستثمرين وتكتلهم لإنشاء مشاريع عقارية أغلبها من الشقق، مما يشير إلى تغير في توجه السعوديين نحو تملك الشقق التي أصبحت خيارًا مناسبًا للتملك، مشددًا على ضرورة مراقبة الحكومة للأسعار خلال السنوات القليلة المقبلة من أجل ضبط الأسعار، وعدم انزلاقها إلى مستويات مرتفعة يعجز معها المواطن البسيط عن تملك حتى الشقة التي أصبحت الحلم الوحيد الممكن تحقيقه.
وعلى مستوى عدد العقارات السكنية المبيعة خلال الأسبوع الماضي، سجلت العقارات ارتفاعًا بنسبة 10.0 في المائة، مقارنة بارتفاعها خلال الأسبوع الأسبق بنسبة 71.1 في المائة، لتستقر مع نهاية الأسبوع عند مستوى 4282 عقارًا مبيعًا، ووفقًا لمعدله الأسبوعي للعام الحالي (3991 عقارًا مبيعًا)؛ فلا يزال الأدنى مقارنة بالمعدلات المماثلة طوال الفترة 2012 - 2015، التي راوحت معدلاتها الأسبوعية بين المعدل الأعلى المسجل خلال عام 2014 عند مستوى 5773 عقارا مبيعًا (بلغت نسبة انخفاض المعدل الأسبوعي للعام الحالي مقارنة بالمعدل الأعلى للفترة نحو 30.9 في المائة)، والمعدل الأدنى لتلك الفترة خلال عام 2012 عند مستوى 4793 عقارًا مبيعًا (بلغت نسبة انخفاض المعدل الأسبوعي للعام الحالي مقارنة بالمعدل الأدنى للفترة نحو 16.7 في المائة).
واعتبر ياسر المريشد الذي يمتلك شركة إنشاء عقارية، أن النمو المتوقع للعام الجديد يصب في صالح شقق التمليك التي ستقود السوق لا محالة في ظل التوجه الحالي للمشترين، موضحًا أن الفترة القادمة ستوضح مدى الإقبال الكبير على الشقق التي ستصبح الخيار الأول في الفترة القريبة القادمة.
وحول الأسعار الحالية للشقق، كشف المريشد أن المناطق الشمالية لمدينة الرياض تظل الأعلى طلبًا ويصل سعر الشقة المتوسطة ذات المساحة 230 متر إلى ما يقارب الـ800 ألف ريال، وتنخفض الأسعار قليلا في شرق العاصمة ووسطها الشمالي حيث تبلغ قرابة الـ600 ألف ريال، وتليها المناطق الجنوبية والغربية من العاصمة التي تصل إلى 320 ألف ريال، رغم أنها بالمساحة ذاتها للشقق الجديدة، وكلما تقادم عمر العقار نقصت قيمته، إلا أنها لا تقل بأي حال من الأحوال عن 200 ألف ريال، والأسعار متقاربة إلى حد كبير، وتختلف بحسب تشطيبها وديكوراتها وقربها من الخدمات العامة والطرق الرئيسية، لكن يبقى عمر العقار وموقعه علامتين فارقتين في تحديد القيمة العامة للشقة.



هل تعزز زيادة الإيجار من مستقبل جزيرة كوني في نيويورك؟

أصبحت مجريات العمل شديدة الغرابة في كوني آيلاند ومجبرة على الدخول إلى حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل
أصبحت مجريات العمل شديدة الغرابة في كوني آيلاند ومجبرة على الدخول إلى حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل
TT

هل تعزز زيادة الإيجار من مستقبل جزيرة كوني في نيويورك؟

أصبحت مجريات العمل شديدة الغرابة في كوني آيلاند ومجبرة على الدخول إلى حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل
أصبحت مجريات العمل شديدة الغرابة في كوني آيلاند ومجبرة على الدخول إلى حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل

يتعين على ديانا كارلين الانتهاء من تأليف الكتاب الذي تعمل عليه بشأن متعة امتلاك بوتيك لولا ستار، ذلك المتجر الصغير والساحر للغاية في ممشى كوني آيلاند، على مدى السنوات الـ19 الماضية. لكن بدلا من ذلك، انتابت السيدة كارلين حالة من الخوف والتوتر منذ أن عرض عليها مالك المتجر الذي تعمل فيه عقدا جديدا للإيجار منذ عدة أسابيع - تزيد فيه القيمة الإيجارية بنسبة 400 في المائة دفعة واحدة. وقالت: «إنني أتساءل إن كان ينبغي علي أن أطلب لافتات (التوقف عن العمل!)».
وفي الصيف الماضي، كانت كوني آيلاند في حي بروكلين بمدينة نيويورك تزدحم بالباحثين عن الاستمتاع على الشواطئ ومختلف أشكال الترفيه الأخرى، ولكنها تميل لأن تكون أكثر هدوءا في فصل الشتاء. وقبل أكثر من عشر سنوات مضت، تعهدت مدينة نيويورك بإنشاء وجهة سياحية ذات حديقة مائية، وساحة كبيرة، وحلبة للتزلج على الجليد، تعمل على مدار السنة، مع ملايين الدولارات من الاستثمارات السكنية والتجارية.
وفي الأثناء ذاتها، قال مايكل بلومبيرغ - عمدة مدينة نيويورك آنذاك، إنه سوف تتم حماية مطاعم الأكل والمتاجر الرخيصة في المنطقة. وكان مارتي ماركويتز رئيس مقاطعة بروكلين قد أعلن في عام 2005 أن الخطة المزمعة سوف تحافظ على الروعة التي تنفرد بها كوني آيلاند مع روح المحبة والمرح المعهودة. ولكن على غرار الكثير من الخطط الكبرى في مدينة نيويورك، لم تتحقق الرؤية الكاملة للمشروع بعد. فلقد بدت كوني آيلاند خالية بصورة رسمية بعد ظهيرة يوم من أيام يناير (كانون الثاني) الماضي، وصارت بعيدة كل البعد عما تعهدت به إدارة المدينة عن الجاذبية والنشاط على مدار العام كما قالت. إذ تهب الرياح الصاخبة على منشآت مدن الملاهي الشهيرة مثل لونا بارك وستيبلشيز بارك، ولكن لا وجود لحلبة التزلج أو الحديقة المائة، حيث لم يتم إنشاء هذه المنشآت قط.
والآن، وفي مواجهة آلة التحسين التي تتحرك بوتيرة بطيئة للغاية، أصبحت مجريات العمل شديدة الغرابة في كوني آيلاند مجبرة على الدخول إلى حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل. تقول السيدة كارلين: «إنهم يحاولون الآن تحويل ساحة اللعب المخصصة لعوام الناس إلى ملعب خاص بالأثرياء فقط».
وكانت السيدة كارلين، رفقة 5 آخرين من أصحاب الشركات الصغيرة في كوني آيلاند - وهم: ناثان فاموس، وروبي بار آند جريل، وبولز دوتر، ومطعم توم، وبيتش شوب - يتفاوضون على عقود جديدة للإيجار تمتد لمدة 10 سنوات مع شركة «زامبيرلا»، وهي الشركة المالكة للمتنزه الإيطالي التي تعاقدت معها مدينة نيويورك قبل عشر سنوات لبناء وإدارة منطقة لونا بارك الترفيهية في كوني آيلاند، والتي تعد الشركات الصغيرة المذكورة جزءا لا يتجزأ منها.
وجاءت شركة «زامبيرلا» بشروط جديدة: زيادة القيمة الإيجارية من 50 إلى 400 في المائة لكل شركة من الشركات المذكورة. وتقول السيدة كارلين عن ذلك: «إنني أعشق كوني آيلاند، والحصول على هذا المتجر على الممشى السياحي كان من أحب أحلام حياتي. ولكن ليست هناك من طريقة أتمكن بها من تحمل الشروط الجديدة».
وفي رسالة وصلت إلى صحيفة «نيويورك تايمز» من أليساندرو زامبيرلا رئيس الشركة المذكورة، جاء فيها: «نحن نهتم بشؤون كوني آيلاند ومستقبلها، ونحن ملتزمون بتحويلها إلى أقوى مجتمع يمكن بناؤه. وذلك هو السبب في تواصلنا مع المستأجرين لضمان نجاح أعمالهم ضمن المحافظة على شخصية كوني آيلاند المميزة».
ورفض السيد زامبيرلا، الذي كان في رحلة سفر إلى إيطاليا، الإجابة عن أسئلة محددة طرحتها عليه صحيفة «نيويورك تايمز»، غير أنه أضاف يقول إن ثلاثة من أصل ست شركات قد وافقت بالفعل على عقود الإيجار الجديدة ووقعت عليها، وإن الشركات الأخرى تحقق تقدما ملموسا على هذا المسار.
أثارت الزيادات المقترحة في القيمة الإيجارية على الشركات الست الصغيرة حالة من الشد والجذب الشديدة المستمرة منذ سنوات داخل كوني آيلاند.
ففي عام 2009، وبعد مواجهة استغرقت 4 سنوات كاملة حول أفضل خطط إحياء وتجديد المنطقة، ابتاعت المدينة تحت رئاسة مايكل بلومبيرغ 7 أفدنة في منطقة الترفيه المضطربة من المطور العقاري جوزيف سيت مقابل 95.6 مليون دولار.
وأراد مايكل بلومبيرغ استعادة المنطقة إلى سابق عهدها، والتي بدأت تواجه الانخفاض منذ ستينات القرن الماضي، من خلال تعزيز تطوير المتاجر والشقق على طول طريق سيرف في المنطقة. وكانت الشركات التي افتتحت في فصل الصيف تنتقل إلى جدول زمني للعمل على مدار العام، مما يساعد على تعزيز رؤية مايكل بلومبيرغ باعتبار كوني آيلاند أكبر مدينة للملاهي الترفيهية والحضرية في البلاد.
ثم استأجرت شركة «زامبيرلا» الأرض من المدينة، مما أتاح لها افتتاح مدينة لونا بارك الترفيهية في عام 2010، مع إملاء عقود الإيجار الخاصة بالشركة مع أصحاب الشركات الصغيرة، ومطالبة هذه الشركات بتسليم جانب من الأرباح المحققة إلى المدينة.
وتعرضت الشركات العاملة على الممشى السياحي في المنطقة للإغلاق، حيث عجزت عن الاتساق مع الرؤية الجديدة للشركة الإيطالية. وكانت شركات صغيرة أخرى، مثل متجر السيدة كارلين، قد عاد للعمل بعد قرار الإخلاء الذي تعرضت له في عهد المطور العقاري جوزيف سيت.
وبحلول عام 2012، كانت جهود الانتعاش جارية على قدم وساق، وشهدت المنطقة نموا في الجماهير والإيرادات. وقالت السيدة كارلين إنها حققت أرباحا بنسبة 50 في المائة تقريبا بعد تولي شركة «زامبيرلا» مقاليد الأمور.
وقال سيث بينسكي، الرئيس الأسبق لمؤسسة التنمية الاقتصادية، حول المنطقة: «يعتقد أغلب الناس أنه قد جرى تطوير المنطقة لتتوافق مع التاريخ المعروف عن كوني آيلاند». ومع ذلك، فإن منطقة الملاهي لا تعمل على مدار السنة. وقال مارك تريغر، عضو مجلس المدينة الممثل لقطاع بروكلين الذي يضم كوني آيلاند، إنه يعتقد أن الوضع الراهن نابع من ندرة الاستثمارات من قبل مجلس المدينة وعمدة نيويورك بيل دي بلاسيو ضمن أهداف المدينة لعام 2009. وقال السيد تريغر: «لا تعرف الشركات إلى أين تذهب كوني آيلاند في ظل إدارة دي بلاسيو للمدينة. فهناك قصور واضح في الرؤية ولا وجود للخطط الشاملة بشأن تحسين المنطقة». وأضاف أن الوعود غير المتحققة منحت شركة «زامبيرلا» قدرا من النفوذ لإضافة المزيد من الأعباء على المستأجرين للمساعدة في استرداد الأرباح المهدرة. وقال إن هؤلاء المستأجرين قد استثمروا أموالهم هناك تحت فكرة تحول هذه المنطقة إلى وجهة سياحية تعمل طوال العام، مع حركة السير على الممشى طيلة السنة، على العكس من 3 إلى 4 أشهر من العمل فقط في العام بأكمله. ولا يمكن لأحد السماح بتحويل الأراضي العامة إلى سلاح باسم الجشع لإلحاق الأضرار بالشركات الصغيرة.
ولقد أعربت السيدة كارلين رفقة العشرات من العمال الآخرين في كوني آيلاند عن اعتراضهم على زيادة القيمة الإيجارية وذلك بالوقوف على درجات سلم مجلس المدينة في أوائل شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي.
وفي مقابلة أجريت مع صحيفة «نيويورك تايمز»، وصف نورمان سيغيل محامي الحقوق المدنية قرار شركة «زامبيرلا» بأنه غير مقبول تماما، وأضاف أنه ينبغي على عمدة نيويورك بيل دي بلاسيو التدخل في الأمر. وأضاف المحامي سيغيل أن إدارة مجلس المدينة يجب أن تطالب الشركة الإيطالية طرح شروط إيجارية معقولة، وإذا لم يحدث ذلك، فينبغي على المدينة التفكير جديا في سحب عقد الإيجار من شركة «زامبيرلا»، التي أفادت في محاولة لتحسين النوايا بأنها سوف تمدد الموعد النهائي للسيدة كارلين لتوقيع عقد الإيجار الخاص بها حتى يوم الأربعاء المقبل.
وقالت السيدة كارلين عن ذلك: «يقضي صاحب الشركة عطلته في إيطاليا في حين أنني أبذل قصارى جهدي لمجرد إنقاذ متجري الصغير ومصدر معيشتي الوحيد». ورفض السيد زامبيرلا وأصحاب الشركات الخمس الأخرى التعليق على عقود الإيجار الخاصة بهم، برغم أن الكثير من الشخصيات المطلعة على الأمر أكدوا أن الزيادة تتراوح بين 50 في المائة للمتاجر الكبيرة و400 في المائة لمتجر السيدة كارلين الصغير، والتي قالت إنها تعتقد أن الشركات الأخرى لم تتحدث عن المشكلة علنا خشية الانتقام من الشركة الإيطالية ومخافة قرارات الطرد.
وأضافت السيدة كارلين تقول: للتعامل مع الزيادات المطلوبة في الإيجار قرر أصحاب المتاجر رفع الأسعار، وإن أحد المطاعم أجرى تغييرات للانتقال من مطعم للجلوس وتناول الطعام إلى مطعم للوجبات السريعة للحد من التكاليف.
واستطردت السيدة كارلين تقول: «حاولت تقديم الالتماس إلى مجلس المدينة مرارا وتكرارا من خلال المكالمات الهاتفية ورسائل البريد الإلكتروني والاحتجاجات خلال الشهر الماضي - ولكن لم يتغير شيء حتى الآن. وقال لها مجلس المدينة إنه غير قادر على المساعدة وليس هناك الكثير مما يمكن القيام به، ولكنني لا أوافق على ذلك، فهم أصحاب الأرض التي يستأجرها منهم زامبيرلا».
وقال المحامي سيغيل إن الزيادات باهظة للغاية لدرجة أنها قد تكون سببا وجيها للتقاضي، وأضاف: «هناك عدد من السوابق القضائية في ذلك إذا قررت المحكمة أن ما تقوم به الشركة غير معقول، ويمكن أن يكون ذلك من المطالب القانونية المعتبرة في حد ذاتها».
وليست هناك مؤشرات عامة في مجلس المدينة بشأن خطط سحب عقد الإيجار من زامبيرلا، أو التدخل، إذ إن زيادة القيمة الإيجارية لا تنتهك الاتفاقية المبرمة بين مجلس المدينة وبين شركة زامبيرلا. ونفت السيدة جين ماير، الناطقة الرسمية باسم عمدة نيويورك، الادعاءات القائلة بأن إدارة المدينة تفتقد للرؤية الواضحة أو الخطة الشاملة حيال كوني آيلاند. وقالت إن المدينة أنفقت 180 مليون دولار على تطوير البنية التحتية في كوني آيلاند خلال السنوات العشر الماضية، مع التخطيط لتوسيع نظام النقل بالعبّارات في نيويورك إلى كوني آيلاند بحلول عام 2021.
وأضافت السيدة ماير تقول: «تلتزم إدارة المدينة بالمحافظة على شخصية كوني آيلاند مع ضمان الإنصاف والمساواة والاستعداد للمستقبل». في حين تساءل المحامي سيغيل: لمن يُخصص هذا المستقبل؟ وهو من مواطني المدينة ونشأ في حي بروكلين، واعتاد قضاء فترات من الصيف على الممشى السياحي هناك، ويتذكر إنفاق دولار واحد لدخول مدينة الملاهي ثم العودة لتناول وجبة العشاء الشهية لدى مطعم ناثان فاموس المعروف، وقال: «علينا مواصلة الكفاح لإنقاذ كوني آيلاند التي نحبها».
- خدمة «نيويورك تايمز»