«الإيجار» طريق الحكومة المصرية لحلحلة أزمة الإسكان الاجتماعي

طرح 6 آلاف وحدة في 7 محافظات

عاملون في أحد مشروعات الإسكان الجديدة في مصر (رويترز)
عاملون في أحد مشروعات الإسكان الجديدة في مصر (رويترز)
TT

«الإيجار» طريق الحكومة المصرية لحلحلة أزمة الإسكان الاجتماعي

عاملون في أحد مشروعات الإسكان الجديدة في مصر (رويترز)
عاملون في أحد مشروعات الإسكان الجديدة في مصر (رويترز)

نشطت الحكومة المصرية في الفترة الأخيرة من تحركاتها العاجلة، من أجل توفير مزيد من وحدات «الإسكان الاجتماعي»، للفئات متوسطة ومحدودة الدخل، وذلك بالتوازي مع الحراك النشط للقطاع الخاص في توفير العقارات للفئات مرتفعة الدخل.
وتسعى الإدارة المصرية إلى محاولة العودة إلى مفهوم توفير المساكن الحكومية بنظام «الإيجار»، للتغلب على مشكلة عدم قدرة الشرائح الاجتماعية المتوسطة وما دونها على التملك العقاري، وذلك عبر صيغة مرضية للمواطنين، الذين يصعب أيضًا أن يتجهوا إلى استئجار المساكن الخاصة، نظرًا لارتفاع المقابل الشهري الذي يطلبه أصحاب العقارات الخاصة.
وفي هذا الإطار، وقعت الدكتورة سحر نصر، وزيرة التعاون الدولي المصرية، والدكتور مصطفى مدبولي وزير الإسكان، يوم الاثنين الماضي، منحة مشروع الإسكان الاجتماعي، الممولة من صندوق التحول، والمنفذة من قبل البنك الدولي.
وتجدر الإشارة إلى أن محفظة مصر لدى صندوق التحول لدول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ارتفعت إلى 55 مليون دولار لتمويل 16 مشروعًا في كل القطاعات تقريبًا، لتحتل المركز الأول في قائمة الدول المستفيدة من الصندوق.
ويذكر أن صندوق التحول يبلغ رأسماله 250 مليون دولار، وهو شراكة واسعة النطاق تأسست لتقديم المنح من أجل التعاون التقني، لمساعدة دول التحول الديمقراطي على تعزيز مستوى نظم إدارة الحكم وتحسين أداء المؤسسات الاجتماعية والاقتصادية فيها، من خلال أجندة إصلاحات توضع محليًا من قبل الجهات المعنية داخل الدولة نفسها.
كما أعلنت وزارة الإسكان المصرية الأسبوع الماضي أيضًا عن أماكن وحدات الإسكان الاجتماعي، التي سيتم طرحها بنظام الإيجار في عدد من المحافظات والمدن الجديدة، حيث وافق مجلس إدارة صندوق تمويل الإسكان الاجتماعي على طرح 6 آلاف وحدة بنظام الإيجار ضمن المشروع.
وقالت مي عبد الحميد، رئيس مجلس إدارة صندوق التمويل العقاري، والمدير التنفيذي لصندوق تمويل الإسكان الاجتماعي، إن الوحدات تتوافر في 7 محافظات، وهي: الإسماعيلية والسويس والقليوبية والمنوفية ودمياط والمنيا وسوهاج، إضافة لمدن: النوبارية الجديدة، وأخميم الجديدة، وقنا الجديدة.
وأوضحت أنه تتم إتاحة الوحدات لأصحاب الدخول الشهرية (من الأفراد أو الأسر) التي تقل عن 1500 جنيه (نحو 200 دولار) شهريًا، وتم الاتفاق على أن يتم عمل بحث اجتماعي بمعرفة مديريات التضامن الاجتماعي للتأكد من مدى الاستحقاق.
وعن الاشتراطات، أوضحت عبد الحميد أنه يشترط عدم التصرف في الوحدة، ويتعين لمن يتقدم للحصول على وحدة عدم سبق استفادته وزوجته من سكن مدعم أو قرض تعاوني، على أن تكون المدينة الكائن بها الوحدة السكنية موضوع الإيجار، هي نفس مدينة عمل أو سكن المواطن الراغب في التأجير، مشيرة إلى أن الحد الأقصى لإيجار أي وحدة سكنية يبلغ 7 سنوات، غير قابلة للتجديد إلا باتفاق الطرفين.
وفي غضون ذلك، أعلن الدكتور مصطفى مدبولي، وزير الإسكان، أول من أمس، أنه سيتم الأحد المقبل بدء سحب كراسات الشروط والمواصفات من فروع بنك التعمير والإسكان، والتقدم للحجز بالمرحلة التكميلية لـ58869 قطعة أرض بالإسكان الاجتماعي والمتميز والأكثر تميزًا، بمساحات تتراوح بين 209 و1500 متر مربع، وذلك للحاجزين الذين لم يتمكنوا من الحصول على قطعة أرض في المرحلة الأولى خلال الأشهر الماضية.
وأوضح المهندس طارق السباعي، المشرف على قطاع الشؤون التجارية والعقارية بهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، أن الأراضي المطروحة ضمن المشروع موزعة في مدن السادات والعاشر من رمضان وبدر والصالحية الجديدة وأسيوط الجديدة وسوهاج الجديدة وطيبة الجديدة وقنا الجديدة، مشيرًا إلى طرح قطع أراضٍ للإسكان المتميز في مدن السادس من أكتوبر والعاشر من رمضان ومدينة السادات ومدينة بدر ومدينة برج العرب الجديدة ومدينة بني سويف الجديدة ومدينة سوهاج الجديدة ومدينة أسوان الجديدة، وأيضًا قطع أراضي «إسكان الأكثر تميزًا» في كل من مدينة القاهرة الجديدة ومدينة العبور ومدينة 15 مايو ومدينة دمياط الجديدة.
من جهتها، أوضحت مي عبد الحميد أن إجمالي الدعم والإنفاق الذي حصل عليه المستفيدون من برنامج الإسكان الاجتماعي خلال الأشهر الأربعة الماضية بلغ 863 مليون جنيه (نحو 97 مليون دولار)، تم صرفها من ميزانية الصندوق بشكل مباشر، في مقابل 3.5 مليار جنيه (394 مليون دولار) قيمة مساهمة البنوك، مشيرة إلى أن إجمالي العقود التي تم توقيعها حتى نهاية يوليو (تموز) الماضي بلغ 45 ألف عقد، وحصل كل مستفيد على قيمة دعم مباشر على وحدته بمتوسط 19 ألف جنيه (نحو ألفي دولار)، تم خصمها من قيمة كل وحدة، بما يصل إلى 863 مليون جنيه دعمًا مباشرًا من الدولة، وهو ما يعنى أن متوسط الدخول التي تم دعمها 1700 جنيه (نحو 190 دولارًا) شهريًا.
وطبقًا لمبادرة البنك المركزي المصري لدعم برنامج الإسكان الاجتماعي، فإن قروض التمويل العقاري التي تصرفها البنوك للمستفيدين، هي قروض بفائدة متناقصة 7 في المائة فقط.



«كوفيد ـ 19» يوقف إجراءات تسليم المساكن في السودان

ينتظر أن ينطلق برنامج التوعية والتثقيف بالسكن الرأسي لرفع الوعي بهذا النوع من البناء
ينتظر أن ينطلق برنامج التوعية والتثقيف بالسكن الرأسي لرفع الوعي بهذا النوع من البناء
TT

«كوفيد ـ 19» يوقف إجراءات تسليم المساكن في السودان

ينتظر أن ينطلق برنامج التوعية والتثقيف بالسكن الرأسي لرفع الوعي بهذا النوع من البناء
ينتظر أن ينطلق برنامج التوعية والتثقيف بالسكن الرأسي لرفع الوعي بهذا النوع من البناء

في وقت تجري فيه الاستعدادات لعقد اجتماع بين الصندوق القومي للإسكان ووزارة المالية والتخطيط الاقتصادي وبنك السودان، لبحث سبل توفير تمويل لمشروعات الإسكان للمواطنين عبر قروض طويلة الأجل، ألغت الحكومة أول من أمس، وأوقفت، إجراءات تسليم المساكن للموطنين والتقديم لها، خوفاً من حدوث إصابات بـ«كورونا»، أثناء الاصطفاف للتقديم والتسلم.
وكان الصندوق القومي للإسكان قد طرح مباني سكنية جاهزة للمواطنين في معظم المناطق الطرفية بالعاصمة الخرطوم، وبقية الولايات، وذلك ضمن مشروع السودان لتوفير المأوى للمواطنين، الذي سيبدأ بـ100 ألف وحدة سكنية لذوي الدخل المحدود. وقد بدأ المشروع بفئة العمال في القطاعات الحكومية في جميع ولايات السودان العام الماضي، بواقع 5 آلاف منزل للمرحلة الأولى، تسدد بالتقسيط على مدى 7 سنوات. ويتضمن مشروع إسكان عمال السودان 40 مدينة سكنية في جميع مدن البلاد، لصالح محدودي الدخل، ويستفيد من المشروع في عامه الأول أكثر من مليونين.
وقد أقام المواطنون مواقع أمام مقر الصندوق القومي للإسكان، وباتوا يتجمعون يومياً بأعداد كبيرة، ما سبب إزعاجاً لدى إدارة الصندوق والشارع العام، وذلك بعد قرار سياسي من والي ولاية الخرطوم، لدعوة المواطنين للتقديم للحصول على سكن شعبي.
ووفقاً للدكتور عبد الرحمن الطيب أيوبيه الأمين العام المكلف للصندوق القومي للإسكان والتعمير في السودان لـ«الشرق الأوسط» حول دواعي إصدار قرار بوقف إجراءات التسليم والتقديم للإسكان الشعبي، وعما إذا كان «كورونا» هو السبب، أوضح أن تلك التجمعات تسببت في زحام شديد، حيث نصب المتقدمون للوحدات السكنية خياماً أمام مقر الصندوق في شارع الجمهورية، بعد قرار الوالي في وقت سابق من العام الماضي بدعوة المواطنين للتقديم. وظلت تلك التجمعات مصدر إزعاج وإرباك للسلطات، ولم تتعامل معهم إدارة الصندوق، إلى أن جاء قرار الوالي الأخير بمنع هذه التجمعات خوفاً من عدوى «كورونا» الذي ينشط في الزحام.
وبين أيوبيه أن الخطة الإسكانية لا تحتاج لتجمعات أمام مباني الجهات المختصة، حيث هناك ترتيبات وإجراءات للتقديم والتسلم تتم عبر منافذ صناديق الإسكان في البلاد، وعندما تكون هناك وحدات جاهزة للتسليم يتم الإعلان عنها عبر الصحف اليومية، موضحاً أن كل ولاية لديها مكاتب إدارية في كل ولايات السودان، وتتبع الإجراءات نفسها المعمول بها في العاصمة.
ولم يخفِ أيوبيه أزمة السكن في البلاد، والفجوة في المساكن والوحدات السكنية، والمقدرة بنحو مليوني وحدة سكنية في ولاية الخرطوم فقط، لكنه أشار إلى أن لديهم خطة مدروسة لإنشاء 40 ألف مدينة سكنية، تم الفراغ من نسبة عالية في العاصمة الخرطوم، بجانب 10 آلاف وحدة سكنية.
وقال إن هذه المشاريع الإسكانية ستغطي فجوة كبيرة في السكن الشعبي والاقتصادي في البلاد، موضحاً أن العقبة أمام تنفيذها هو التمويل، لكنها كمشاريع جاهزة للتنفيذ والتطبيق، مشيراً إلى أن لديهم جهوداً محلية ودولية لتوفير التمويل لهذه المشاريع.
وقال إن اجتماعاً سيتم بين الصندوق القومي للإسكان وبنك السودان المركزي ووزارة المالية والتخطيط الاقتصادي، لتوفير الضمانات بالنسبة للتمويل الخارجي واعتماد مبالغ للإسكان من الاحتياطي القانوني للمصارف المحلية.
وأكد الدكتور عبد الرحمن على أهمية التنسيق والتعاون المشترك بين الجهات المعنية لإنفاذ المشروع القومي للمأوى، وتوفير السكن للشرائح المستهدفة، مجدداً أن أبواب السودان مشرعة للاستثمار في مجال الإسكان. وأشار إلى أن الصندوق القومي للإسكان سيشارك في معرض أكسبو في دبي في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، وذلك بجناح يعرض فيه الفرص الاستثمارية في السكن والوحدات السكنية في السودان، وسيتم عرض كل الفرص الجاهزة والمتاحة في العاصمة والولايات.
وقال إن هناك آثاراً متوقعة من قرار رفع العقوبات الاقتصادية الأميركية على البلاد، ومن المتوقع أن يسهم كثيرا في إنعاش سوق العقارات واستقطاب رؤوس أموال لصالح التوسع في مشروعات الإسكان. وأبان أن الصندوق استطاع خلال السنوات الماضية إحداث جسور للتعاون مع دول ومنظمات واتحادات ومؤسسات مختلفة، وحالت العقوبات دون استثمارها بالشكل المطلوب، مشيرا إلى أن جهودهم ستتواصل للاستفادة من الخبرات والموارد المالية المتاحة عبر القروض والمنح والاستثمارات.
وأكمل الصندوق القومي للإسكان في السودان تحديد المواقع والدراسات لمشروع المأوى القومي ومنازل العمال، حيث ستشيد المنازل بأنماط مختلفة من السكن الاقتصادي، الشعبي، الاستثماري، الريفي، والمنتج، بتمويل من البنوك العاملة في البلاد، وفق خطة الصندوق.
وقد طرحت إدارة الصندوق عطاءات منذ بداية العام الجاري لتنفيذ مدن سكنية، كما دعت المستثمرين إلى الدخول في شراكات للاستثمار العقاري بالولايات لتوفير المأوى للشرائح المستهدفة، إلا أن التمويل وقف عثرة أمام تلك المشاريع.
وطرح الصندوق القومي للإسكان في ولاية الخرطوم أن يطرح حالياً نحو 10 آلاف وحدة سكنية لمحدودي الدخل والفئويين والمهنيين في مدن العاصمة الثلاث، كما يطرح العديد من الفرص المتاحة في مجال الإسكان والتطوير العقاري، حيث تم الانتهاء من تجهيز 5 آلاف شقة و15 ألفا للسكن الاقتصادي في مدن الخرطوم الثلاث.
وتم تزويد تلك المساكن بخدمات الكهرباء والطرق والمدارس وبعض المرافق الأخرى، بهدف تسهيل وتوفير تكلفة البناء للأسرة، حيث تتصاعد أسعار مواد البناء في البلاد بشكل جنوني تماشياً مع الارتفاع الذي يشهده الدولار مقابل الجنيه السوداني والأوضاع الاقتصادية المتردية التي تمر بها البلاد حالياً.
يذكر أن الصندوق القومي للإسكان لديه خطة لتوسيع قاعدة السكن لمحدودي الدخل، عبر الإسكان الرأسي، الذي يتكون من مجمعات سكنية، كل مجمع يضم بناية من 7 أدوار، ويتكون الطابق من 10 شقق سكنية، بمساحات من 180 إلى 300 متر مربع.
ويتوقع الصندوق أن يجد مشروع الإسكان الرأسي والشقق، رواجاً وإقبالاً في أوساط السودانيين محدودي الدخل، خاصة أنه أقل تكلفة وأصبح كثير من السودانيين يفضلونه على السكن الأفقي، الأمر الذي دفع الصندوق لتنفيذ برامج إعلامية لرفع مستوى وعي وثقافة المواطنين للتعامل مع السكن الجماعي والتعاون فيما بينهم.
ووفقاً لمسؤول في الصندوق القومي للإسكان فإن برنامج التوعية والتثقيف بالسكن الرأسي، يتضمن كيفية المحافظة على خدمات البناية، ورفع وعيهم بهذا النوع من البناء، حتى تتحول الخرطوم إلى عاصمة حضارية وجاذبة. وأضاف المصدر أن برنامج التوعية بالسكن في الشقق ودوره في تقليل تكلفة السكن، سيتولاه فريق من اتحاد مراكز الخدمات الصحافية، الذي يضم جميع وسائل الإعلام المحلية، مما سيوسع قاعدة انتشار الحملات الإعلامية للسكن الرأسي.
تغير ثقافة المواطن السوداني من السكن التقليدي (الحوش) إلى مساحات صغيرة مغلقة لا تطل على الشارع أو الجيران، ليس أمرا هينا. وبين أن خطوة الصندوق الحالية للاعتماد على السكن الرأسي مهمة لأنها تزيل كثيرا من المفاهيم المغلوطة عن السكن في الشقق السكنية.
يذكر أن الصندوق القومي للإسكان عام 2018 بدأ بالتعاون مع شركة هيتكو البريطانية للاستثمار، لتنفيذ مشروع الإسكان الفئوي الرأسي، الذي يستهدف بناء 50 ألف وحدة سكنية بالعاصمة الخرطوم، وكذلك مشروع لبناء أكبر مسجد في السودان، بمساحة 5 كيلومترات، وبناء 3 آلاف شقة ومحلات تجارية.