الوطن والأمة.. «والكلّ لنا»!

الوطن والأمة.. «والكلّ لنا»!
TT

الوطن والأمة.. «والكلّ لنا»!

الوطن والأمة.. «والكلّ لنا»!

لم يلتفت كثيرون من عشاق الشاعر والفيلسوف الهندي محمد إقبال لكتابه «تجديد التفكير الديني في الإسلام»، الذي ألفَّه كمحاولة للتجديد من بعث روح عصرية في الفكر الإسلامي قادرة على صياغة مشروع نهضوي يجمع شتات العالم الإسلامي، الخارج من محنة سقوط الخلافة، وتشرذم بلدانها وسقوطها مقسمة في حقبة الاستعمار.
ظلم الإسلاميون مشروع محمد إقبال النهضوي، حين انشغلوا حد التقديس بنماذج من قصائده العاطفية، التي تحوَّل بعضها إلى شعار يعبِّر عن الهوية الفكرية للجماعة، مثل قوله:
«الصِّين لنا والعُرب لنا والهند لنا والكلّ لنا
أضحى الإسلام لنا دينا وجميع الكون لنا وطنا»
يُعتبر إقبال الأب الروحي لدولة باكستان، وهي دولة انشقت عن الهند، وعمل إقبال عبر فكره وكتاباته للتأسيس لوجودها المستقل المعبِّر عن هوية سكانها، وبعيدًا عن صحة أو خطأ انفصال باكستان عن الهند، وما تلاه، فإن الشاعر إقبال أثبت أن الهند ليست له ولا لبني قومه، ولذلك انفصلوا عنها، أما الصين والعُرب فدونه ودونها خرط القتاد..
أدى الإيمان بمفهوم الأمة، إلى التعالي على مفهوم الوطن، وصولاً لنبذه والحطِّ من مكانته، وتصغير وجوده في النفوس. فكرة أن الإنسان ينتمي لوطن أسمى هو الدين، ولأمة أشمل هي العقيدة، مفهوم مدمر على صعيد الوطن وغير منتج على صعيد الأمة. لكنَّ هذا الشعور لم يولد من رحم الغيب، ولم يأتِ من الفضاء، هو جزء من منظومة فكرية دينية تعبوية تحط من قدر الوطن، وتعتبر «الوطنية» فكرًا منحرفًا، وتدفع عبر منهجية تحرِّض الناس إلى الهجرة نحو عالم افتراضي هو (الأمة)، لبناء الدولة الفاضلة التي يعشقها الوجدان الرومانسي للفرد المؤمن. دولة تمتد عبر حدود العقيدة لا الجغرافيا، وتكسر كل القوانين لتتواصل وتتمدد. شيئًا فشيئًا حاولت الجماعات الأكثر إيمانًا بهذه النظرية، من إنزال هذا المفهوم الملتبس من عليائه مع كامل طاقته التعبوية، وتمكنت من تكوين دويلات واقعية على الأرض من طالبان لـ«داعش»، فأصبح الحلم الذي رُسم عبر عقود من الزمن في الخيال الفردي واقعًا، فما الذي يمنع الشاب من أن يلتحم بهذا الحلم ويدافع عنه ..؟
نحن اليوم نجني بعضًا من نتائج هذا الفكر المضاد لمفهوم الوطن، والمحارب لفكر الدولة صاحبة السيادة، والمتآمر على منطق الانتماء والتعايش. ولكي نعالج الظاهرة لا بد أن نعالج جذورها وأسبابها، وهذه الجذور تتغذى من فكر شمولي أصبح اليوم أكثر شراسة وعنفًا لتحقيق أغراضه وأهدافه.
على الإسلاميين قبل غيرهم الإجابة عن سؤال الهوية والانتماء، وهل هم جزء من أوطانهم حتى يلوذوا بها ويذودوا عن حماها ويتماهوا مع مصالحها، أم هم جزء من عالم آخر. والذين ما زالوا يعتبرون أنفسهم مشدودين للخارج عليهم يعوا أن ذلك الخارج نجح أكثر منهم في صياغة مفهوم وطني قومي، لا يمت لهم سوى بالشعار، هذه تركيا التي يعتبرها قسم من الإسلاميين نموذجهم الأعلى، أنتجت تجربة دينية قومية تراعي مصالحها حتى لو أدى ذلك إلى تطبيع علاقتها مع إسرائيل. وتلك إيران التي تقطع الكهرباء في أشد فصول السنة لهيبًا عن بني جلدتها في العراق لأنهم تأخروا في سداد فواتيرهم..
اختار الإسلاميون من شعر إقبال ما يمنحهم شعورًا بنشوة التعالي فوق أوطانهم، واختارت السيدة «أم كلثوم» قصيدة «حديث الروح»، التي كتبها عام 1909 كنص مثقل بالشكوى والشجن مصاغة بلغة شاعرية قريبة من التصوف، لتنشدها كلحن حزين عن واقع المسلمين.



مجلة «الفيصل» السعودية: هل منع الرجل المرأة من التفلسف؟

مجلة «الفيصل» السعودية: هل منع الرجل المرأة من التفلسف؟
TT

مجلة «الفيصل» السعودية: هل منع الرجل المرأة من التفلسف؟

مجلة «الفيصل» السعودية: هل منع الرجل المرأة من التفلسف؟

صدر العدد الجديد من مجلة الفيصل وتضمن العديد من الموضوعات والمواد المهمة. وكرست المجلة ملف العدد لموضوع إقصاء المرأة من حقل الفلسفة، وعدم وجود فيلسوفات. شارك في الملف: كل من رسلان عامر: «غياب المرأة الفلسفي بين التاريخ والتأريخ». خديجة زتيلي: «هل بالإمكان الحديث عن مساهمة نسائية في الفلسفة العربية المعاصرة؟» فرانك درويش: «المرأة في محيط الفلسفة». أحمد برقاوي: «ما الذي حال بين المرأة والتفلسف؟» ريتا فرج: «الفيلسوفات وتطور الأبحاث الحديثة من اليونان القديمة إلى التاريخ المعاصر». يمنى طريف الخولي: «النساء حين يتفلسفن». نذير الماجد: «الفلسفة نتاج هيمنة ذكورية أم نشاط إنساني محايد؟» كلير مثاك كومهيل، راشيل وايزمان: «كيف أعادت أربع نساء الفلسفة إلى الحياة؟» (ترجمة: سماح ممدوح حسن).

أما الحوار فكان مع المفكر التونسي فتحي التريكي (حاوره: مرزوق العمري)، وفيه يؤكد على أن الدين لا يعوض الفلسفة، وأن الفلسفة لا تحل محل الدين، وأن المفكرين الدينيين الحقيقيين يرفضون التفلسف لتنشيط نظرياتهم وآرائهم. وكذلك تضمن العدد حواراً مع الروائي العربي إبراهيم عبد المجيد الذي يرى أن الحزن والفقد ليس مصدرهما التقدم في العمر فقط... ولكن أن تنظر حولك فترى وطناً لم يعد وطناً (حاوره: حسين عبد الرحيم).

ونطالع مقالات لكل من المفكر المغربي عبد العزيز بومسهولي «الفلسفة وإعادة التفكير في الممارسات الثقافية»، والكاتب والأكاديمي السعودي عبد الله البريدي «اللغة والقيم العابرة... مقاربة لفك الرموز»، وضمنه يقول إننا مطالبون بتطوير مناهج بحثية لتحليل تورط اللغة بتمرير أفكار معطوبة وقيم عدمية وهويات رديئة. ويذهب الناقد سعيد بنكراد في مقال «الصورة من المحاكاة إلى البناء الجمالي» إلى أن الصورة ليست محاكاة ولا تنقل بحياد أو صدق ما تمثله، لكنها على العكس من ذلك تتصرف في ممكنات موضوعاتها. وترجم ميلود عرنيبة مقال الفرنسي ميشال لوبغي «من أجل محبة الكتب إمبراطورية الغيوم».

ونقرأ مقالاً للأنثروبولوجي الفرنسي فرانك ميرمييه بعنوان «مسار أنثربولوجي فرنسي في اليمن». ومقال «لا تحرر الحرية» (أريانا ماركيتي، ترجمة إسماعيل نسيم). و«فوزية أبو خالد... لم يزل الماء الطين طرياً بين أصابع اللغة» (أحمد بوقري). «أعباء الذاكرة ومسؤولية الكتابة» (هيثم حسين). «العمى العالمي: غزة بين فوضى الحرب واستعادة الإنسانية» (يوسف القدرة). «الطيور على أشكالها تقع: سوسيولوجيا شبكة العلاقات الاجتماعية» (نادية سروجي). «هومي بابا: درس في الشغف» (لطفية الدليمي).

ويطالع القارئ في مختلف أبواب المجلة عدداً من الموضوعات المهمة. وهي كالتالي: قضايا: سقوط التماثيل... إزاحة للفضاء السيميائي وإعادة ترتيب للهياكل والأجساد والأصوات (نزار أغري). ثقافات: «هل يمكن أن تحب الفن وتكره الفنان؟» ميليسا فيبوس (ترجمة خولة سليمان). بورتريه: محمد خضر... المؤلف وسرديات الأسلوب المتأخر (علي حسن الفواز). عمارة: إعادة تشكيل الفضاءات العامة والخاصة في جدة بين التراث والحداثة (بدر الدين مصطفى). حكايتي مع الكتب: الكتب صحبة رائعة وجميلة الهمس (فيصل دراج). فضاءات: «11 رصيف برنلي»... الابنة غير الشرعية لفرنسوا ميتران تواجه أشباح الحياة السرية (ترجمة جمال الجلاصي). تحقيقات: الترفيه قوة ناعمة في بناء المستقبل وتنمية ثقافية مؤثرة في المجتمع السعودي (هدى الدغفق). جوائز: جوائز الترجمة العربية بين المنجز والمأمول (الزواوي بغورة). المسرح: الكاتبة ملحة عبد الله: لا أكتب من أجل جائزة أو أن يصفق لي الجمهور، إنما كي أسجل اسمي في تاريخ الفن (حوار: صبحي موسى).

وفي باب القراءات: نجوان درويش... تجربة فلسطينية جسورة تليق بالشعر الجديد (محمد عبيد الله). جماليات البيت وسردية الخواء... قراءة في روايات علاء الديب (عمر شهريار). «أغنية للعتمة» ماتروشكا الحكايات والأنساب تشطر التاريخ في صعودها نحو الأغنية (سمية عزام). تشكيل: مهدية آل طالب: دور الفن لا يتحقق سوى من خلال الفنان (هدى الدغفق). مسرح: المنظومة المسرحية الألمانية يؤرقها سوء الإدارة والتمييز (عبد السلام إبراهيم)

ونقرأ مراجعات لكتب: «وجه صغير يتكدس في كل ظهيرة» (عماد الدين موسى)، «مروة» (نشوة أحمد)، «خاتم سليمي» (نور السيد)، «غراميات استثنائية فادحة» (معتصم الشاعر)، «أبناء الطين» (حسام الأحمد)، «حساء بمذاق الورد» (جميلة عمايرة).

وفي العدد نطالع نصوص: «مارتن هيدغر يصحو من نومه» (سيف الرحبي)، «مختارات من الشعر الكوري» (محمد خطاب)، «سحر الأزرق» (مشاعل عبد الله)، «معرض وجوه» (طاهر آل سيف)، «سارقة الذكريات» (وجدي الأهدل)، «أوهام الشجر» (منصور الجهني).