أميركا تدخل من الباب الواسع لضرب «داعش» في ليبيا

متحدث باسم البنتاغون: نفذنا ضربات جوية ضد مقاتلي التنظيم في سرت

مقاتل من القوات الحكومية الليبية خلال مواجهات مع مقاتلي تنظيم داعش في سرت (رويترز)
مقاتل من القوات الحكومية الليبية خلال مواجهات مع مقاتلي تنظيم داعش في سرت (رويترز)
TT

أميركا تدخل من الباب الواسع لضرب «داعش» في ليبيا

مقاتل من القوات الحكومية الليبية خلال مواجهات مع مقاتلي تنظيم داعش في سرت (رويترز)
مقاتل من القوات الحكومية الليبية خلال مواجهات مع مقاتلي تنظيم داعش في سرت (رويترز)

قال متحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية «البنتاغون» إن ضربات جوية أميركية ضد مقاتلي تنظيم داعش المتشدد في مدينة سرت الليبية، أمس، استهدفت موقع دبابة وسيارتين للتنظيم.
وقال المتحدث بيتر كوك في مؤتمر صحافي إن «الضربات التي نفذت استهدفت موقعا محددا لدبابة، كما استهدفت ضربة ثانية سيارتين للتنظيم»، مضيفا أن أقل من ألف، وربما بضع مئات من مقاتلي «داعش» لا يزالون في سرت.
وجاء التصريح لتنفيذ هذه الضربات من قبل الرئيس، بناء على توصية الوزير كارتر ورئيس الأركان دانفورد، تماشيا مع نهج أميركا في مكافحة «داعش» من خلال العمل مع القوات المحلية القادرة والفاعلة.
وأضاف كوك موضحا: «لقد حققت القوات التابعة لحكومة الوفاق النجاح في إعادة السيطرة على الأراضي من (داعش) حتى الآن حول سرت، وسوف تستمر الضربات الأميركية الإضافية باستهداف (داعش) في سرت من أجل تمكين حكومة الوفاق من تحقيق تقدم استراتيجي حاسم»، مبرزا أن «الولايات المتحدة تقف مع المجتمع الدولي في دعم حكومة الوفاق في سعيها إلى استعادة الاستقرار والأمن إلى ليبيا. وأن هذه الأعمال وتلك التي اتخذناها سابقا، ستساعد في حرمان (داعش) من الملاذ الآمن في ليبيا لمنعه من مهاجمة الولايات المتحدة وحلفائها».
من جهته أعلن فائز السراج، رئيس حكومة الوفاق الوطني المدعومة من بعثة الأمم المتحدة في ليبيا، أن الولايات المتحدة الأميركية وجهت، أمس، أولى ضرباتها الجوية ضد مواقع تابعة لتنظيم داعش في مدينة سرت الساحلية، بناء على طلب المجلس الرئاسي لحكومته.
وهذه هي المرة الأولى التي يعلن فيها مسؤول ليبي رفيع المستوى دخول أميركا الحرب على تنظيم داعش في مسقط رأس العقيد الراحل معمر القذافي، علما بأنها تأتى بعد مرور 24 ساعة فقط على رسالة وجهتها غرفة عمليات القوات الوالية لحكومة السراج تطالبه فيها بالاستعانة بالولايات المتحدة، وذلك بسبب ضراوة القتال الذي تخوضه ضد ميلشيات «داعش» منذ شهر مايو (أيار) الماضي.
وقال السراج في كلمة متلفزة ألقاها، أمس، بشكل مفاجئ ولم تكن مبرمجة سلفا «لدفع الضرر وحماية المدنيين خاصة في مدينة سرت، بعد سقوط 12 قتيلا أول من أمس.. والتزاما بما ورد في الاتفاق الليبي، فقد قررنا تفعيل مشاركتنا في التحالف الإسلامي والانضمام إلى التحالف الدولي لمحاربة تنظيم داعش».
وأضاف أنه «استجابة لطلب قيادة غرفة عمليات البنيان، وبالتشاور مع وزير الدفاع فقد قرر للمجلس الرئاسي باعتباره القائد الأعلى للجيش الليبي، على طلب دعم مباشر من الولايات المتحدة لتوجيه ضربات جوية محددة لمعاقل تنظيم داعش في سرت وضواحيها، بالتنسيق مع المجلس الرئاسي وقيادة غرفة لعمليات»، وتابع موضحا أن «أولى الضربات بدأت اليوم (أمس) ما أوقع خسائر فادحة في صفوف العدو، وما سمح لقواتنا بالسيطرة على مواقع استراتجية»، مشيرا إلى أن المركز الإعلامي لغرفة العمليات سيقدم لاحقا معلومات تفصيلية.
وقال السراج إن «العمليات في هذه المرحلة تأتى في إطار زمني محدد، ولن تتجاوز مدينة سرت وضواحيها، ونحن إذ طلبنا هذا الدعم الجوى من التحالف الدولي، وعلى رأسه الولايات المتحدة، فإننا نؤكد أنه لن يكون هناك أي وجود عسكري على الأرض، وسيقتصر أي وجود إن احتاج الأمر إلى الدعم اللوجستي والفني فقط»، لافتا النظر إلى أن «معاناة شعبنا دخلت مرحلة خطيرة»، وموضحا أن سرطان الإرهاب المتمثل في تنظيم داعش يتوغل ويتمدد ليقطع أوصال في الوطن مستغلا النزاعات.
ودعا السراج من رفضوا الانضمام للوفاق الوطني إلى الاتحاد لمكافحة الإرهاب، ونبذ الخلافات السياسية، وأضاف قائلا: «كفانا عبثا، فكلنا شركاء يجمعنا مصير وطن واحد».
من جهته، وزع مركز الإعلامي لعملية البنيان المرصوص صورا فوتوغرافية تظهر سيطرة قواته على حي الدولار، كما تظهر في الصور ألغاما تركها تنظيم داعش بعد دحره من الحي وآثار دماء نتيجة المواجهات العنيفة، التي وقعت على مدى اليومين الماضيين.
وأعلن المركز في وقت سابق من مساء أول من أمس أنه تم طرد بقايا ما وصفها بـ«عصابة داعش» بالكامل من منطقة حي الدولار السكنية، لافتا النظر إلى أن قوات الحكومة الليبية تواصل تحصين تمركزاتها في الحي، مع انتقال الاشتباكات العنيفة داخل قصور الضيافة.
وتصطف الكتائب التي تقاتل «داعش» في معسكر مؤيدي حكومة الوفاق الوطني، التي تشكلت برعاية الأمم المتحدة، التي وصلت إلى العاصمة الليبية طرابلس في مارس (آذار) الماضي، وتأمل قوى غربية في توحيد الفصائل المتصارعة في ليبيا، التي أسست عام 2014 برلمانين وحكومتين، واحدة في الشرق والأخرى في الغرب، بينما دارت بين مقاتلي الطرفين معارك على النفوذ.
ونزح سكان سرت عنها بالكامل تقريبا، وتدوي بين الحين والآخر أصوات إطلاق نار ومدفعية بين المباني الخاوية التي يستخدمها الآن مقاتلون من الطرفين كغطاء في القتال.
ولا يزال «داعش» يحتل مواقع استراتيجية كثيرة في وسط سرت، بينها الجامعة والمستشفى الرئيسي ومركز واجادودو للمؤتمرات، حيث تعتقد الكتائب أن المتشددين يحتفظون بكميات كبيرة من الذخيرة والمؤن.
من جهة أخرى، أعلنت بعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا عن وقوع 41 إصابة في صفوف المدنيين خلال الشهر الماضي، من ضمنها 12 حالة وفاة، و29 إصابة بجروح خلال الأعمال العدائية في جميع أرجاء ليبيا، مشيرة إلى أنه من ضمن الضحايا 4 أطفال لقوا حتفهم و4 أصيبوا بجروح و8 رجال لقوا حتفهم و16 أصيبوا بجروح و8 نساء أصبن بجروح.
وقالت البعثة في تقرير لها إن الطلقات النارية تسببت بأغلبية الوفيات في صفوف المدنيين (5 وفيات وإصابة شخصيْن بجروح)، فيما تمثل السبب الرئيسي التالي في المركبات المحملة بأجهزة متفجرة مرتجلة (3 وفيات و4 إصابات بجروح)، ومخلفات الحرب من المتفجرات (3 وفيات)، وتأتي بعدها الغارات الجوية (حالة وفاة واحدة و9 إصابات بجروح)، ومن ثم القصف (14 إصابة بجروح).
وقالت: «إن الجيش الوطني وسلاح الجو الليبي شن غارات جوية في درنة أدت إلى مقتل وجرح مدنيين (مقتل واحد وإصابة 9 بجروح)، فيما كان مجلس شورى مجاهدي درنة المتطرف مسؤولا عن وفاة 3 مدنيين».



واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
TT

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)

بعد يوم من تبني الحوثيين المدعومين من إيران مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر، أعلن الجيش الأميركي، الأربعاء، استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً.

وإذ أقرت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، فإن الجماعة تشن منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، فيما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، فقد استخدم الحوثيون هذه المنشآت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي هذه الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

في غضون ذلك، اعترفت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، بتلقي غارتين استهدفتا منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، وبتلقي 4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، وكلا الموقعين يضم معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وفي حين لم تشر الجماعة الحوثية إلى آثار هذه الضربات على الفور، فإنها تعدّ الثانية منذ مطلع السنة الجديدة، بعد ضربات كانت استهدفت السبت الماضي موقعاً شرق صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

5 عمليات

كانت الجماعة الحوثية تبنت، مساء الاثنين الماضي، تنفيذ 5 عمليات عسكرية وصفتها بـ«النوعية» تجاه إسرائيل وحاملة طائرات أميركية، باستخدام صواريخ مجنّحة وطائرات مسيّرة، وذلك بعد ساعات من وصول المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى صنعاء حيث العاصمة اليمنية الخاضعة للجماعة.

وفي حين لم يورد الجيشان الأميركي والإسرائيلي أي تفاصيل بخصوص هذه الهجمات المزعومة، فإن يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، قال إن قوات جماعته نفذت «5 عمليات عسكرية نوعية» استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» وتل أبيب وعسقلان.

الحوثيون زعموا مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» بالصواريخ والمسيّرات (الجيش الأميركي)

وادعى المتحدث الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» بصاروخين مجنّحين و4 طائرات مسيّرة شمال البحرِ الأحمر، زاعماً أن الهجوم استبق تحضير الجيش الأميركي لشن هجوم على مناطق سيطرة الجماعة.

إلى ذلك، زعم القيادي الحوثي سريع أن جماعته قصفت هدفين عسكريين إسرائيليين في تل أبيب؛ في المرة الأولى بطائرتين مسيّرتين وفي المرة الثانية بطائرة واحدة، كما قصفت هدفاً حيوياً في عسقلانَ بطائرة مسيّرة رابعة.

تصعيد متواصل

وكانت الجماعة الحوثية تبنت، الأحد الماضي، إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من تلقيها 3 غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

ويشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري رومان»... (الجيش الأميركي)

وأقر زعيمهم عبد الملك الحوثي في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وقال إن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

كما ردت إسرائيل على مئات الهجمات الحوثية بـ4 موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.