إسرائيل تعترف لأول مرة بخطف أولاد اليمن وبيعهم لعائلات أشكنازية

1.5 مليون وثيقة سرية تخفي المعلومات عن مصيرهم

إسرائيل تعترف لأول مرة بخطف أولاد اليمن وبيعهم لعائلات أشكنازية
TT

إسرائيل تعترف لأول مرة بخطف أولاد اليمن وبيعهم لعائلات أشكنازية

إسرائيل تعترف لأول مرة بخطف أولاد اليمن وبيعهم لعائلات أشكنازية

بعد نحو 60 عامًا من الإنكار ومحاولات اللفلفة والإخفاء، اعترف مسؤول بارز في الحكومة الإسرائيلية، بأن ألوف الأولاد خُطفوا من أمهاتهم وآبائهم المهاجرين اليهود من اليمن، في خمسينات القرن الماضي، وتم تسليمهم أو بيعهم لعائلات من اليهود الأشكناز، وأن هؤلاء الأولاد، لا يعرفون إلى اليوم، من هم ذووهم الحقيقيون.
وقال الوزير تساحي هنغبي، المكلف بفحص هذا الملف في حكومة بنيامين نتنياهو، خلال تصريح تلفزيوني، الليلة قبل الماضية، إنه «حدثت بالفعل عملية سرقة لآلاف الأطفال عمدًا». وفي إطار لقاء أجراه معه برنامج «واجه الصحافة» في القناة الثانية، تطرق هنغبي للقضية التي تعصف بالجمهور منذ 65 سنة، والتي عادت إلى العناوين في الأشهر الأخيرة، وقال إن «الدولة بمختلف مؤسساتها ودوائرها، وكذلك الجمهور الواسع في إسرائيل، بدأ يفهم أن هذا الخطف لم يكن هوسًا، وإنما شيء حقيقي ينبع من الخوف الحقيقي. لقد أخذوا أولادهم، الذين حملت بهم أمهاتهم طوال 9 أشهر، سرقوهم وسلموهم لآخرين. لا أعرف لمن. آمل أن نتمكن أخيرًا، من خلال دراسة المواد، من فهم المسألة حتى العمق وحل هذه المأساة». وتطرق هنغبي إلى المسألة التي تتمحور حولها القضية، وهي ما إذا تم تنظيم اختطاف الأولاد من قبل المؤسسة أم لا. ولكنه اختار ترك السؤال مفتوحًا، وقال: «هل كانت المؤسسة تعرف أم لا؟ هل نظمت أم لم تنظم؟ ربما لن نعرف ذلك أبدًا».
وتقوض تصريحات هنغبي هذه، الاستنتاجات التي توصلت إليها لجنة التحقيق الرسمية، برئاسة القاضي يعقوب كدمي، التي فحصت الموضوع في سنوات التسعينات. فقد كانت اللجنة قد قررت، في تقريرها الذي صدر في 2011، أنها لم تتوصل إلى وجود أساس يدل على وقوع عملية اختطاف منظم ورسمي لأطفال اليمن، وأن غالبيتهم توفوا جراء المرض وتم دفنهم. مع ذلك، فإن اللجنة تركت علامات استفهام كبيرة، ومن بينها، حقيقة عدم معرفة مصير عشرات الأطفال.
إلى جانب ذلك، تعرضت اللجنة وعملها ومهنية أعضائها واستنتاجاتها، إلى انتقادات كبيرة من قبل عائلات المهاجرين اليمنيين، ورجال القانون، ووسائل الإعلام، التي نشرت تحقيقات عدة ثاقبة حول الموضوع. ويعتبر تصريح هنغبي الأخير، بصفته جهة رسمية تم تعيينه من قبل رئيس الحكومة لفحص الموضوع، بمثابة دعم كبير لكفاح كثير من العائلات التي هاجرت من اليمن.
وتدعي هذه العائلات، أن كثيرًا من المواليد اختطفوا في عملية رسمية سرية ومنظمة، من أجل تسليمهم لناجين من المحرقة النازية لليهود لا ينجبون.
وتم تعيين 3 لجان للتحقيق في الموضوع، إلا أنها جميعًا توصلت إلى استنتاج مشابه: غالبية الأولاد توفوا جراء المرض ودفنوا. لكن العائلات التي وجدت كثيرًا من العيوب في عمل اللجان جعلتهم يتهمونها بمحاولة للتغطية. وقد استؤنف الكفاح في الأشهر الأخيرة، عبر وسائل الإعلام وفي الكنيست، بفضل نشاط كثير من التنظيمات التي تنشر شهادات لعائلات يمنية تكرر طرح السؤال: هل تم تنظيم عملية اختطاف لأولادهم؟ وكان رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، قد صرح في الشهر الماضي، بأن «موضوع أولاد اليمن هو جرح مفتوح يواصل النزيف لدى كثير من العائلات، التي لا تعرف ما الذي حدث لأطفالها، ولأولادها الذين اختفوا، وهم يبحثون عن الحقيقة».
وبدأ هنغبي، أخيرًا، فحص الوثائق السرية المحفوظة في أرشيف الدولة، لكي يتمكن من توصية الحكومة، بما إذا كان ممكنًا السماح لأرشيف الدولة بنشر المستندات على الملأ أم لا. والحديث عن نحو مليون ونصف المليون مستند جمعتها لجان التحقيق الثلاث، التي حققت في الموضوع منذ سنوات الستينات. ويفترض نشر قسم من هذه الوثائق بعد عشرات السنوات فقط، وفقًا لقرار السرية الذي فرض عليها.
وقال هنغبي في تصريحاته لبرنامج «واجه الصحافة»: «هذا محيط من المواد، الكل سري. هناك عدد كبير من الشهادات. أنا أقرأ شهادات الأخوات والعاملات الاجتماعيات والناس الذين استقبلوا الأولاد في المستشفيات، وعدد كبير من الناس الذين شاهد كل واحد منهم جزءًا صغيرًا من المتاهة». وقال هنغبي إنه لا يزال هناك قسم من الوثائق التي لا يستطيع الاطلاع عليها، ويقصد ملفات تبني أولاد اليمن، التي تخفي كثيرًا من المواد القيمة. وقال إنه يمكن لقاضٍ فقط أن يسمح بالاطلاع على هذه الملفات بسبب خصوصيات الفرد، والحكومة تبحث الآن عن طريقة تتيح الاطلاع على هذه المواد.
وقال هنغبي، إنه سيواصل فحص المواد حتى شهر نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، وعندها سيقدم توصياته للحكومة باتخاذ قرار يكشف المواد للجمهور، ويسمح لكل مواطن بالاطلاع على ما يسمح بنشره من خلال موقع إنترنت خاص. وكشف أن عملية مسح الوثائق بدأت من أجل تقليص الفترة الزمنية التي يحتاجها هذا العمل، وتسريع النشر بعد صدور قرار من الحكومة بهذا الشأن.



رفض مجتمعي لجبايات الحوثيين تحت اسم «مساندة لبنان وغزة»

الحوثيون متهمون باستغلال منابر المساجد لخدمة مشروعهم الانقلابي (الشرق الأوسط)
الحوثيون متهمون باستغلال منابر المساجد لخدمة مشروعهم الانقلابي (الشرق الأوسط)
TT

رفض مجتمعي لجبايات الحوثيين تحت اسم «مساندة لبنان وغزة»

الحوثيون متهمون باستغلال منابر المساجد لخدمة مشروعهم الانقلابي (الشرق الأوسط)
الحوثيون متهمون باستغلال منابر المساجد لخدمة مشروعهم الانقلابي (الشرق الأوسط)

واجهت حملات الجباية الحوثية التي أطلقتها الجماعة تحت مزاعم التبرع للفلسطينيين في غزة و«حزب الله» في لبنان رفضاً مجتمعياً في العاصمة اليمنية المختطَفة، صنعاء، وبقية مناطق سيطرة الانقلاب، على الرغم من حجم الدعاية ومهاجمة المعارضين لهذه الحملات.

وكانت الجماعة أطلقت، منذ أسبوعين، وتحت ذريعة «دعم نازحي لبنان وصمود الشعب الفلسطيني» حملات لجمع التبرعات النقدية، عبر وضع صناديق داخل المحال التجارية، وفي الطرقات والشوارع الرئيسية وعلى أبواب المساجد، رغم اتساع رقعة الفقر في مناطق سيطرتها، وعجز ملايين السكان عن توفير الغذاء الضروري.

صندوق حوثي لجمع التبرعات النقدية في أحد شوارع صنعاء (إكس)

وعلى خلفية فشل حملة التبرُّع التي نفذتها الجماعة في عدة مساجد، هاجم معممو الجماعة من على المنابر جموع المصلين في مساجد بنطاق مديريات معين وآزال وصنعاء القديمة، متهمين إياهم بالتقاعس واللامبالاة والتهرب من أي مسؤوليات والموالاة للأعداء وعدم الاستجابة بتقديم الدعم المالي.

وفي حين يتجاهل الانقلابيون الحوثيون كل التحذيرات المحلية والدولية من حدوث مجاعة وشيكة في أغلب مدن سيطرتهم، يُجدد المعممون الحوثيون مناشداتهم من على منابر المساجد للسكان التبرع بالأموال، وضرورة التقليل من إنفاق السكان اليومي على أُسَرهم وأطفالهم، وتوفير ذلك لمصلحة دعم صناديق التبرع.

وأثارت حملة التبرع الأخيرة سخط السكان، حيث تواصل الجماعة منذ سنوات الانقلاب والحرب تجاهل المعاناة الإنسانية، وشن مزيد من أعمال البطش والابتزاز.

وأبدى مصلون في مساجد عُمر والتوحيد والفتح، في حي السنينة بصنعاء، امتعاضهم الشديد من وضع صناديق جمع التبرعات في المساجد بهدف إرسال الأموال لصالح المجهود الحربي، بينما يعاني الملايين من الفاقة.

الجماعة الحوثية تطلب التبرع بالأموال رغم اتساع رقعة المجاعة (الشرق الأوسط)

ويؤكد خالد، وهو أحد سكان صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن أغلب السكان لم يعد لديهم ما ينفقونه على عائلاتهم، ورغم ذلك تحاول الجماعة إجبارهم طوعاً وكرهاً على جمع التبرعات التي يستفيد منها في المقام الأول قادة الجماعة وعناصرها.

ومع إحجام السكان في صنعاء وغيرها عن التبرُّع، أعلنت الجماعة الحوثية تمديد الحملة أسبوعاً آخر، تحت مزاعم مناصرة «حزب الله» في لبنان.

وسبق للحوثيين أن أطلقوا سلسلة حملات تبرُّع مُشابهةٍ دعماً لما يسمونه «القضية الفلسطينية ولإغاثة متضررين من الكوارث الطبيعية»، لكن الأموال تذهب دائماً للمجهود الحربي ولصالح كبار قادة الجماعة ولأتباعهم وأُسَر قتلاهم وجرحاهم.

وكانت مصادر يمنية مطلعة كشفت، في أوقات سابقة، عن قيام قادة الجماعة بسرقة مبالغ طائلة، هي حصيلة ما تم جمعه من خلال التبرعات لمصلحة فلسطين، وتحويله إلى حسابات خاصة.