«زمان» أهم معاقل «إعلام غولن».. مع الحكومة في الداخل وضدها بالخارج

أبرز علامات الوفاق والفراق مع إردوغان

مقر صحيفة {زمان}.. وفي الإطار تركي يتابع الأخبار فيها
مقر صحيفة {زمان}.. وفي الإطار تركي يتابع الأخبار فيها
TT

«زمان» أهم معاقل «إعلام غولن».. مع الحكومة في الداخل وضدها بالخارج

مقر صحيفة {زمان}.. وفي الإطار تركي يتابع الأخبار فيها
مقر صحيفة {زمان}.. وفي الإطار تركي يتابع الأخبار فيها

دخلت وسائل الإعلام في تركيا ضمن حملة التطهير والتصفية التي أعقبت محاولة الانقلاب في الخامس عشر من يوليو (تموز) الماضي. لكن الحملة على المؤسسات الإعلامية ولا سيما القريبة من الداعية فتح الله غولن المتهم بأنه من يقف وراء محاولة الانقلاب لم تكن وليدة هذه الأجواء.
تعود الحملة على المؤسسات الإعلامية القريبة من غولن إلى ما بعد تحقيقات الفساد والرشوة في تركيا في أواخر ديسمبر (كانون الأول) 2013، التي وصفها الرئيس رجب طيب إردوغان بأنها كانت محاولة من «منظمة فتح الله غولن» أو الكيان الموازي للانقلاب على حكومته.
وتصاعدت هذه الحملة بسبب المعركة الحادة بين الحكومة وما يسمى «بالكيان الموازي»، أو حركة «الخدمة»، الذي صنفته الحكومة منظمة إرهابية باسم «منظمة فتح الله غولن»، وكانت الموجة الأولى لهذه الحملة في ديسمبر 2014، ووقتها قبض على رئيس تحرير صحيفة «زمان» التركية الأسبق أكرم دومانللي، الذي أفرج عنه لاحقا، والموجود حاليا خارج البلاد، وهدايت كاراجا مدير مجموعة قنوات سمانيولو الذي لا يزال سجينا حتى الآن بتهمة تتعلق بتأسيس تنظيم إرهابي.
أولى مجموعات غولن التي طالتها يد الوصاية الحكومية بسبب الصراع بين إردوغان وحليفه السابق كانت مجموعة كوزا إيباك، التي تضم قناتي بوجون وكنال تورك وصحيفة بوجون، التي أصدرت السلطات التركية منذ أيام قرارا بإغلاقها بعد أن كانت أوقفت بثها في مارس (آذار) الماضي.
كان دخول قوات الأمن في أواخر 2014 مبنى صحيفة «زمان» التي كانت أعلى الصحف التركية توزيعا بـ650 ألف نسخة يوميا، هو الأول، في ظل حكومة العدالة والتنمية التي حظيت بدعم الصحيفة منذ صعود حزب العدالة والتنمية للسلطة في 2003 وحتى وقوع الفراق بين غولن وإردوغان في 2013، لكنه لم يكن الأخير.
ففي منتصف ليل الجمعة الرابع من مارس الماضي اقتحمت قوات الأمن مقر الصحيفة بموجب قرار صادر من محكمة الصلح والجزاء بفرض الوصاية عليها وأطلقت الشرطة الغاز المسيل للدموع والطلقات البلاستيكية لتفريق نحو ألفي متظاهر احتشدوا خارج مقر الصحيفة التي كانت أبرز الصحف التابعة مباشرة لحركة غولن.
وأظهرت لقطات نشرت على مواقع التواصل مداهمة الشرطة مقر الصحيفة في منتصف الليل، مطلقة الغاز المسيل للدموع واستخدام خراطيم المياه وتحطيم بعض الأبواب للدخول إلى المبنى.
وكان عشرات الصحافيين والموظفين احتشدوا أمام مقر مجموعة «زمان» في إسطنبول، رافعين لافتات تطالب بحرية الصحافة، التي كانت المعارضة تقول إنها تواجه محاولات من الحكومة لخنقها والقضاء على حرية التعبير.
وبعد يومين فقط أعلن رئيس تحرير صحيفة «زمان ألمانيا»، سليمان باج أن صحيفة «زمان» تعتزم مواصلة النشر كصحيفة يومية معارضة في ألمانيا بعد سيطرة الحكومة عليها داخل تركيا، فيما أعلنت المتحدّثة باسم الحكومة الألمانية كريستينا فيرتس أنّ المستشارة أنجيلا ميركل بحثت مع رئيس الوزراء التّركي أحمد داود أوغلو حرية الصحافة.
وفي هذا الوقت صعد الاتحاد الأوروبي من لهجته إزاء قمع الشرطة التركية لمظاهرة سلمية مساندة لصحيفة «زمان»
وعبر المفوض الأوروبي لشؤون التوسيع يوهانس هان عن «قلق بالغ إزاء التطورات في محيط صحيفة زمان، الأمر الذي قال إنه يهدد التقدم الذي أحرزته تركيا في مجالات أخرى».
وأضاف: «سنتابع عن كثب ما يحدث. وعلى تركيا، المرشحة للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، أن تحترم حرية الصحافة. الحقوق الأساسية غير قابلة للتفاوض». كما أعلن المكتب الدبلوماسي للاتحاد الأوروبي في بيان أن «الاتحاد الأوروبي شدد مرارا على أن على تركيا وبوصفها دولة مرشحة للانضمام إلى الاتحاد أن تحترم وتعمل على نشر المعايير والممارسات الديمقراطية العليا بما فيها حرية الإعلام».
وتمكنت الصحيفة من الصدور يوم السبت الخامس من مارس تحت عنوان «تعليق الدستور» على صفحتها الأولى بخط أبيض على خلفية سوداء، وتحدثت عن «يوم العار» بالنسبة لحرية الصحافة في تركيا بعد أن تمكنت من طبع نسختها قبل أن تداهمها الشرطة.
وكتبت الصحيفة: «الصحافة التركية تعيش أحد أحلك الأيام في تاريخها» منددة بـ«سيطرة منظمة من قبل السلطات».
ونقلت وسائل إعلام تركية أن المسؤولين عن الحراسة القضائية صرفوا رئيس تحرير المجموعة الصحافية عبد الحميد بيليجي. وعقب محاولة الانقلاب الفاشلة، أصدرت النيابة العامة في تركيا الأربعاء الماضي أوامر باعتقال 47 صحافيا من الموالين للداعية الإسلامي فتح الله غولن الذي تتهمه السلطات بالوقوف وراء المحاولة ضمن حملة اعتقالات وإقالات وتوقيفات واسعة شملت حتى أكثر من 60 ألفا من مؤسسات التعليم والقضاء والوزارات والجيش والإعلام.
وجميع الصحافيين الصادرة بحقهم أوامر اعتقال كانوا يعملون في صحيفة «زمان» المرتبطة بغولن والتي صادرتها السلطات التركية في 4 مارس الماضي خلال حملة على أنصاره. وأصدر نائب المدعي العام لنيابة الجمهورية في إسطنبول فضولي أيدوغان قرارات اعتقال بحق 47 مشتبها في التحقيقات التي تتولاها شرطة مكافحة الإرهاب بمديرية أمن إسطنبول، وشنت قوات مكافحة الإرهاب حملة في الساعات الأولى من صباح الأمس على عناوين بعينها وأجرت عمليات تفتيش.
ومن بين المطلوب اعتقالهم الكاتب على بولاج المستشار الأسبق للرئيس رجب طيب إردوغان خلال عمله رئيسًا للوزراء وعبد الحميد بيليجي المدير العام رئيس التحرير السابق لصحيفة «زمان» ووكالة أنباء جيهان ومحمد كاميش مدير التحرير السابق لصحيفة زمان، والكاتبان بالصحيفة شاهين ألباي وممتاز ار تركونه، بالإضافة إلى رئيسي تحرير سابقين لـ«زمان اليوم» هما سيفغي أكارشيشمي وبولنت كينيش. وبين من شملتهم ذكرات الاعتقال أيضًا المدير العام السابق لوكالة «جيهان» التي تنتمي إلى مجموعة «زمان» الصحافية، فاروق أكان.
من جهته، قال مسؤول تركي فضل عدم الكشف عن اسمه قوله إن الذين طلب القضاء توقيفهم ليسوا مستهدفين بسبب مواد صحافية سبق أن كتبوها، بل لأن بعضهم «كان على علم بشبكة غولن وبالتالي قد يكون مفيدا للتحقيق». ومن بين من تم القبض عليهم صدرت أوامر باعتقال 20 صحافيا بينهم صحافيون من خارج جماعة غولن وبعضهم من صحيفة «حريت» التابعة لمجموعة دوغان الإعلامية التي كانت على خلاف مع إردوغان أيضًا قبل محاولة الانقلاب.
وفي الوقت نفسه، أصدرت النيابة العامة قرارا بمنع 400 صحافي من السفر غالبيتهم ممن كانوا يعملون في «زمان» والصحف ووسائل الإعلام الأخرى القريبة من غولن من السفر.
وألقت الشرطة القبض على الكاتب الصحافي شاهين ألباي من منزله بمنطقة بشكتاش في وسط إسطنبول في السادسة صباحا، بعد تفتيش المنزل لمدة ساعتين ونصف الساعة، واقتادته إلى السيارة دون تقييد يديه.
ورد ألباي على أسئلة الصحافيين قائلا: «لن أقول شيئا فأنا لا أعرف سبب اعتقالي».
وتواصت حملة التطهير في وسائل الإعلام بعد أن أغلق 131 قناة وصحيفة ومجلة منها قريبة من غولن. فقد أغلقت السلطات التركية 16 قناة تلفزيونية و3 وكالات أنباء و23 إذاعة و45 صحيفة و15 مجلة و29 دار نشر وتوزيع في إطار الحملات الأمنية عقب فرض حالة الطوارئ.
وتضمنت قائمة القنوات والصحف كل من قنوات باريش وبوجون وجان أرزينجان ودنيا وحراء وإيرماك وكنال 24 وكنال تورك وMC ومهتاب وماركور وسمانيولو وإذاعة سامانيولو الإخبارية وتلفزيون «إس آر تي» وإذاعة تونة للتسوق وتلفزيون يومورجاك بالإضافة إلى وكالة جيهان للأخبار ووكالة مخابر للأنباء ووكالة «إس إي إم».
ومن بين 21 صحافيا قبض عليهم تم حبس 20 منهم، والإفراج بكفالة عن بولنت موماي، الناشر السابق لصحيفة «حريت».
ومن بين الصحافيين الموقوفين نازلي إيليجاك، النائبة السابقة التي فصلت من صحيفة «صباح» المؤيدة للحكومة في 2013، بعد أن انتقدت وزراء متورطين في فضيحة فساد، اتهمت أنقرة غولن بتدبيرها.
وتجمع صحافيون أمام المحكمة دعما لزملائهم الموقوفين الذين خرجوا لاحقا وقد أمسك شرطيون بأيديهم. ومن يقرأ صحيفة «زمان» داخل تركيا الآن يجدها صحيفة حكومية لا تختلف في شيء عن الصحف القريبة من الحكومة، لكنها في الخارج هي أقوى أصوات معارضة إردوغان إذ حافظت على وجودها في ألمانيا وكثير من الدول الأوروبية بمقوماتها القديمة كباقي مؤسسات غولن التعليمية والاقتصادية في الخارج حتى الآن.



مجلات الأطفال العربية... تحت اختبار الرقمنة

مجلات الأطفال العربية... تحت اختبار الرقمنة
TT

مجلات الأطفال العربية... تحت اختبار الرقمنة

مجلات الأطفال العربية... تحت اختبار الرقمنة

أجيال عربية متلاحقة تحتفظ بذكريات من الانغماس في عوالم بديلة تكوّنت بين الصفحات الملوّنة لمجلات الأطفال المليئة بالقصص المشوّقة والصور المبهجة، غير أن رفيق الطفل العربي هذا يشهد اليوم تحوّلات جذرية تتجاوز حدود الورق الملون لتصل إلى عالم التكنولوجيا الرقمية.

وفي حين يعتمد خبراء ومتابعون على تقرير سابق لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو)، أشار إلى أن معدل قراءة الطفل العربي للكتاب غير المدرسي 6 دقائق فقط، وهذا معدل منخفض للغاية مقارنة بدول العالم، فإن ثمة بيانات أخرى تبدو أكثر إيجابية، إذ تضمنت قائمة «مؤشر إن أو بي الثقافي العالمي» (NOP World Culture Score Index) الصادر مطلع العام الحالي دولتين عربيتين بين الأكثر قراءة عالمياً.

مصر احتلت المرتبة الخامسة في «المؤشر»، وجاءت المملكة العربية السعودية في المرتبة العاشرة، وهو ما عدّه خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» بمنزلة «فرصة جيدة لمجلات الأطفال لمنافسة الآيباد والهواتف الذكية».

جدير بالذكر، أن المنطقة العربية تصدر عدداً من مجلات الأطفال، تأتي في مقدمتها «ماجد»، وهي مجلة إماراتية صدرت للمرة الأولى عام 1979، وترأس تحريرها منذ البداية الكاتب الصحافي أحمد عمر، الذي توفي في أغسطس (آب) الحالي عن عمر ناهز 85 سنة، أمضى معظمه في إثراء صحافة الطفل، ومع وفاته تصاعدت تساؤلات حول مستقبل مجلات الأطفال في الوطن العربي.

تجارب راسخة

أيضاً، بين التجارب الراسخة في مجال صحافة الطفل مجلة «ميكي»، التي صدرت في مصر لأول مرة عام 1959. وهي مستوحاة من شخصية «ميكي ماوس» الشهيرة لشركة «والت ديزني»، وعلى مدار عقود حققت المجلة نجاحاً كبيراً، واستمرت في الصدور حتى اليوم. وثمة تجارب أخرى في مصر والوطن العربي مثل مجلات «علاء الدين» و«العربي الصغير» و«قطر الندى» و«سمسم» -المستوحاة من البرنامج الشهير «عالم سمسم»- و«كوكو»... وأيضاً «سمير» و«سندباد» وغيرها من التجارب البارزة في صحافة الطفل.

الفنانة التشكيلية الإماراتية، آمنة الحمادي، رسامة كاريكاتير وخبيرة كرتون أطفال وتحكيم دولي، ترى أن تجارب صحافة الطفل «راسخة حتى الآن، لأنها تسعى جاهدة للاستمرار في تقديم المفيد للطفل في جميع المجالات الفنية والثقافية والترفيهية». وتخص آمنة الحمادي مجلة «ماجد» بالحديث قائلة: «لا أزال أؤمن بأن مجلة (ماجد) هي أفضل التجارب في صحافة الطفل، بدليل أنها الأعلى توزيعاً».

ومن ثم، تعزو آمنة الحمادي أسباب هذه الاستمرارية إلى أن «مجلة (ماجد) تسعى صادقة لترسيخ ثقافة عربية تنبع هويتها من تراث أصيل يحمل المبادئ الراقية والأخلاق النبيلة، وينادي بحب الإنسانية. ومن هنا كانت لغة الخطاب الموجهة إيجابية، وجاء ذلك بمشاركة خبراء في عالم الطفل من كُتاب ورسّامين مُبدعين في الوطن العربي، قادرين على إلهام أجيال المستقبل وإثراء تجاربهم وتطوير ذائقتهم»، على حد تعبيرها.

وتضيف أن «المجلة نجحت في خلق مساحات خاصة لمشاركات الأطفال من خلال نشر إسهاماتهم، ما يُعزّز نموذجاً تفاعلياً، ما ساهم في تطوير مواهبهم في إطار ترفيهي يحترم عقلية ونفسية الطفل بصفته فرداً من أسرة تحرير المجلة».

التطوّر الرقمي... و«مانجا»

وفي ظل التطور التكنولوجي الكبير الذي يشهده العالم راهناً، تعتقد الفنانة الإماراتية آمنة الحمادي أن «أثر التكنولوجيا بات واضحاً وإيجابياً على شكل مجلات الطفل، من حيث سعة المعلومات وسرعة الإنتاج وسهولة الوصول للجميع وسهولة المشاركة بين المجلة والأطفال، وأيضاً حماية البيئة في تقليل الاعتماد على الأوراق وجماليات الألوان، وهو ما يعدّ أحد جوانب الجمال البصري». وتشدّد على أن «الطفل العربي أكثر انفتاحاً على التكنولوجيا، ما يعني وجود فرصة لصنّاع صحافة الطفل للتطوير».

من ناحية أخرى، عدّ خبراء التجارب الإلكترونية لمجلات الأطفال الورقية الراسخة بأنها «محدودة»، إذ تمثّل أغلبها في تعزيز الأرشيف بنسخة «بي دي إف»، أما التحول الفعلي نحو الرقمنة والتفاعل فلا يزال محل سجال. وفي السياق نفسه، جاءت المبادرة الأولى لإطلاق مجلات إلكترونية تفاعلية للأطفال على يد المملكة العربية السعودية من خلال طرح تجربة «مانجا العربية» عام 2021، وهي مجلة إلكترونية مخصّصة للأطفال والشباب متوفرة عبر الإنترنت وتطبيقات متجر «غوغل بلاي» و«آبل»، فضلاً عن حضورها عبر منصات التواصل الاجتماعي.

وتضم «مانجا العربية» مجموعات قصصية عربية ويابانية مصوّرة ومزوّدة بالفيديو بصفتها طريقة لجذب الفئات العُمرية الصغيرة، كما تقدّم حملات رقمية توعوية تستهدف الأطفال والشباب، وتطرح المسابقات التحفيزية لتحقيق مزيد من التفاعل. ولقد اتجهت المجلة في مايو (أيار) الماضي، نحو تعاون مع شركة «بلايستيشن» لتعزيز دورها في صناعة الألعاب التفاعلية، كما أعلنت الشهر نفسه عن خطة توسعية بإطلاق «مانجا إنترناشونال».

في هذا السياق، قال الدكتور السر علي سعد، الأستاذ المشارك في تخصّص الإعلام الجديد بجامعة «أم القيوين» في دولة الإمارات، يرى أن مجلات الطفل بشكلها التقليدي «بحاجة إلى أذرع التكنولوجيا»، مضيفاً: «تقف مجلات الأطفال الكلاسيكية في مفترق طرق غير مستقر، إذ يبدو أن مستقبلها متأثر بعدة عوامل أشارت إليها الأبحاث الحديثة».

وحقاً، تشير الأبحاث إلى أن اهتمام الجمهور الأصغر سناً بوسائل الإعلام المطبوعة آخذ في التناقص. ومن ثم، فإن الأشكال الكلاسيكية على وشك الاختفاء، لكنها لن تختفي تماماً أمام نظيراتها الرقمية، وبدلاً من ذلك، ستكون نموذجاً هجيناً، جزء منه ورقي، وجزء رقمي، وهذا من شأنه أن يلبي الأذواق المتباينة، ويساعد مجلات الأطفال على البقاء في مشهد إعلامي يزداد تحدياً».

وشدد سعد، من ثم، على عنصر التفاعل، بقوله: «دراسات عدة أثبتت أن منصّات التعلّم بالألعاب فعّالة، لأنها توفر المتعة مع تعليم الشخص التفكير النقدي ومهارات حل المشاكل... ومن شأن تزويد مجلات الأطفال العربية بأدوات تفاعلية تعليم الطفل قيماً كثيرة، من بينها التعاون ومشاركة الأفكار مع آخرين لتحقيق أهداف تنعكس على مجتمعاتهم».

يرى خبراء أن التجارب الإلكترونية لمجلات الأطفال الورقية الراسخة بأنها «محدودة» إذ تمثّل أغلبها في تعزيز الأرشيف بنسخة «بي دي إف» أما التحول الفعلي نحو الرقمنة والتفاعل فلا يزال محل سجال

مخاطر الهواتف

في المقابل، ترى الكاتبة المصرية أمل فرح، المتخصّصة في الكتابة للطفل، التي تقلّدت عدة مناصب في مجلات عربية منها مجلة «ميكي»، أن «التكنولوجيا ورقمنة محتوى الطفل سيفُقد المجلات الورقية هويتها». وتشرح أمل فرح: «صحيح، لدينا أزمة ضخمة في مجلات الأطفال، غير أن السبب ليس في شكل المجلة أو الوسيلة المستخدمة، سواء كانت نسخة ورقية أم رقمية، بل في جاذبية المحتوى، ومدى تطوره ليرضي حاجة أطفال اليوم». ثم تضيف: «على مدار العقد الماضي، بالغنا في الترويج للثقافة الإلكترونية بحجة عزوف الطفل عن القراءة، غير أنها فرضية تحتاج إلى إعادة نظر وتحليل أكثر دقة».

وهنا تدلّل أمل فرح على فرضية أن الطفل العربي لا يزال معنياً بالقراءة، مضيفة: «شهدت سلسلة كتب هاري بوتر مبيعات ضخمة، رغم تقديمها من دون رسوم أو عناصر جذب رقمية». وكذلك تدحض ربط تطوير مجلات الأطفال بضرورة الاعتماد على التكنولوجيا، بقولها: «ثمة مخاطر صحية عدة لاستخدام الهاتف الذكي والآيباد، فقد حذرت دراسات كثيرة من آثار ذلك على صحة العين والدماغ والإدراك، حتى إن بعض الدراسات أشارت إلى أن المدة المسموح بها لاستخدام الطفل الهاتف الذكي لا تتخطّى ساعة يومياً؛ ولذلك فنحن بحاجة إلى النسخة الورقية الكلاسيكية، بشرط أن تحمل بين صفحاتها أفكاراً عصرية تحترم رغبات وعقلية الطفل».

عودة إلى الدكتور سعد، فإنه لا يُعوّل على التطور التكنولوجي فقط، بل يرى أن الصحافيين وكتاب الأطفال ركيزة في التطوير، «ولتقديم محتوى جذاب للأطفال، يجب على الصحافيين والكتاب تطوير اللغة وفقاً للعمر والتجربة، والاستعانة بالرسوم التوضيحية وغيرها من العناصر المرئية المطوّرة وفقاً للتكنولوجيا، إلى جانب التفاعل، إذ يمكن لتقنيات سرد القصص -مثل تطوير الشخصيات والحبكات المثيرة- أن تعزز الاستثمار العاطفي والانتباه».