تركيا: حملة اعتقالات جديدة في أوساط القضاء ورجال الأعمال

متهم رئيسي بمحاولة الانقلاب ينفي طلبه من رئيس الأركان الاتصال بغولن

تركية تبيع أعلام بلادها في مدينة إسطنبول أمس وسط مظاهرات لا تتوقف أمام المؤسسات الحكومية والميادين والشوارع في المدن والبلدات التركية للتنديد بالمحاولة الانقلابية الفاشلة وللتعبير عن التأييد للحكومة المنتخبة (أ.ب)
تركية تبيع أعلام بلادها في مدينة إسطنبول أمس وسط مظاهرات لا تتوقف أمام المؤسسات الحكومية والميادين والشوارع في المدن والبلدات التركية للتنديد بالمحاولة الانقلابية الفاشلة وللتعبير عن التأييد للحكومة المنتخبة (أ.ب)
TT

تركيا: حملة اعتقالات جديدة في أوساط القضاء ورجال الأعمال

تركية تبيع أعلام بلادها في مدينة إسطنبول أمس وسط مظاهرات لا تتوقف أمام المؤسسات الحكومية والميادين والشوارع في المدن والبلدات التركية للتنديد بالمحاولة الانقلابية الفاشلة وللتعبير عن التأييد للحكومة المنتخبة (أ.ب)
تركية تبيع أعلام بلادها في مدينة إسطنبول أمس وسط مظاهرات لا تتوقف أمام المؤسسات الحكومية والميادين والشوارع في المدن والبلدات التركية للتنديد بالمحاولة الانقلابية الفاشلة وللتعبير عن التأييد للحكومة المنتخبة (أ.ب)

عادت حملة التصفيات الموسعة التي تشهدها تركيا عقب محاولة الانقلاب العسكري الفاشلة التي وقعت في منتصف يوليو (تموز) الحالي لتمتد مجددا إلى أوساط القضاة ورجال الأعمال ممن اتهمتهم السلطات بأنهم على صلة بما يسمى « منظمة فتح الله غولن» أو «الكيان الموازي».
وأصدرت النيابة العامة أمرًا بإيقاف 56 موظفا في المحكمة الدستورية العليا عن عملهم واعتقال أكثر من 20 مقررا بالمحكمة التي تعد أعلى سلطة قضائية في البلاد.
وكان تم من قبل اعتقال عضوين في المحكمة الدستورية العليا بتهمة العمل لصالح حركة الخدمة (الكيان الموازي كما تسميها الحكومة) إلا أنهما نفيا خلال التحقيقات معهما أية صلة لهما بالحركة.
وفى إطار الحملة نفسها، تم إيقاف 154 موظفا بوزارة الصحة عن العمل تبين أن من بينهم ضياء طاي مدير الصحة العامة لمحافظة مانيسا (غرب تركيا) ابن عم زوجة بولنت أرينتش نائب رئيس الوزراء رئيس البرلمان التركي الأسبق أحد أبرز مؤسسي حزب العدالة والتنمية الحاكم.
وتم إلقاء القبض علي ضياء تاي من منزله صباح أمس، وكان قد شغل منصب مدير الصحة بمانيسيا منذ 23 ديسمبر (كانون الأول) 2002، ثم عين مرة أخرى في 2012 بمديرة الصحة العامة بالمحافظة.
وبحسب مصادر أمنية، فإن من بين الأسماء الذين تم احتجازهم مع ضياء تاي، فرحات بوز كايا مدير منطقة يونس امرة للأغذية والزراعة والثروة الحيوانة وضياء نور كوسا رئيس جمعية العمال التقنية، ومليح كاراكاش مدير مشروع التخطيط الاجتماعي في محافظة مانيسا.
وأعلنت محافظة مانيسا، وهي مسقط رأس أرينتش ودائرته الانتخابية عندما كان نائبا بالبرلمان، في بيان أنه تم وقف 1817 شخصا من الموظفين العموميين واعتقال 34 موظفا حكوميا و25 قاضيًا ومدعيًا عامًا حتى الآن في المدينة.
وتعليقا على اعتقال ابن عم زوجته ضياء تاي قال أرينتش في تغريدة على حسابه على «تويتر»: «إن ضياء يتمتع بشخصية محترمة وقومي محب لوطنه كما أنه بيروقراطي جيد، وأنا متأكد أنه لم يعين في وظيفته بطرق غير شرعية».
وأضاف أرينتش، وهو في الأساس محامٍ وقانوني بارز في تركيا، أنه يؤمن بصدور قرار عادل بحق قريبه متمنيا إصدار قرار الإفراج في أقرب وقت.
وامتدت حملة الاعتقالات والتصفيات في تركيا لتشمل قطاع الأعمال مع توقيف أصحاب شركات، في حين يتهدد السجن 17 صحافيا، وذلك بعد أسبوعين من محاولة الانقلاب الفاشلة.
وأعلن وزير الداخلية التركي أفكان آلا، الجمعة، أرقاما جديدة تظهر مدى «التطهير الكبير» عقب محاولة الانقلاب التي قتل فيها 265 شخصا، ومثلت أكبر تهديد لحكم الرئيس الإسلامي المحافظ رجب طيب إردوغان.
وقال وزير الداخلية، إنه حتى اليوم تم توقيف أكثر من 18 ألف شخص. وهناك نحو عشرة آلاف شخص ملاحقون ووضعوا رهن الحبس الاحتياطي، وأفرج عن 3500 آخرون.
وأشار إلى أنه تم إلغاء نحو خمسين ألف جواز سفر «احتياطا من مخاطر فرار إرهابيين»، في حين تخضع تركيا لنظام حالة الطوارئ لثلاثة أشهر، ما يتيح تمديد الاحتفاظ إلى 30 يوما لاجتثاث «الفيروس». ومدت السلطات التركية ملاحقتها لأنصار غولن، إلى عالم الأعمال، في حين لوح الاتحاد الأوروبي بتجميد مفاوضات انضمام تركيا في حال انتهاك مبادئ دولة القانون.
وأوقفت قوات الأمن مصطفى بويداك، رئيس مجموعة «بويداك» القابضة في مدينة قيصري (وسط تركيا)، مع اثنين من المسؤولين في مجموعته، هما شكرو وخالد بويداك، اللذان أوقفا في منزلهما.
ولا تزال الشرطة تبحث عن الرئيس السابق للمجموعة حاجي بويداك، وإلياس وبكر بويداك. وللمجموعة مصالح في قطاع الطاقة والمالية والأثاث.
ويتولى مصطفى بويداك، أيضًا رئاسة غرفة التجارة في قيصري المدينة التي تعد من «نمور الأناضول»، أي المدن التي ازدهرت خلال فترة حكم إردوغان، وهي في الوقت نفسه مسقط رأس الرئيس التركي السابق عيد الله غل.
ويعتمد الاقتصاد التركي إلى حد كبير على المجموعات الكبيرة التي تملكها أسر وتبيع العلامات الكبرى في البلاد.
في الوقت نفسه، قررت محكمة في إسطنبول حبس 17 صحافيا تركيا أوقفوا بشبهة الارتباط بجماعة الداعية فتح الله غولن ووجهت إليهم تهمة الانتماء إلى «تنظيم إرهابي»، وأمرت بإيداعهم الحبس الاحتياطي بانتظار محاكمتهم.
وكانت السلطات اعتقلت 21 صحافيا بشبهة الارتباط بفتح الله غولن، الداعية المقيم في الولايات المتحدة، الذي تتهمه أنقرة بتدبير محاولة الانقلاب الفاشلة، إلا أن المحكمة برأت 4 منهم وأحالت الـ17 الآخرين إلى المحاكمة، وبينهم الصحافية المخضرمة نازلي ايليجاك وهي نائبة سابقة فصلت في 2013 من وظيفتها في صحيفة «صباح» القريبة من الحكومة بعدما انتقدت وزراء تورطوا في فضيحة فساد تقول إنقرة إن مدبرها هو غولن.
بالمقابل، فإن بين الصحافيين الأربعة الذين أخلت المحكمة سبيلهم الإعلامي الشهير بولنت موماي الذي كان في السابق رئيس تحرير صحيفة «حرييت».
وامتدت حملة التطهير في تركيا لتشمل وسائل الإعلام التي أغلقت السلطات أكثر من 130 منها، توزعت على 45 صحيفة، و16 شبكة تلفزيون، و3 وكالات أنباء، و23 إذاعة، و15 مجلة، و29 دار نشر.
في السياق ذاته، نفى العميد هاكان افريم قائد قاعدة أكينجي العسكرية في أنقرة الذي اعتقل على خلفية محاولة الانقلاب الفاشل خلال التحقيقات التي تجريها الجهات الأمنية والمدعي العام معه التصريحات التي أدلى بها الرئيس رجب طيب إردوغان وقال، فيها إن العميد أفريم عرض على رئيس الأركان خلوصي أكار الاتصال مع الداعية فتح الله غولن وذلك أثناء احتجازه.
وشدد أفريم على أنه لا يعرف غولن على الإطلاق ولم تكن له أية علاقة مع أحد من حركة الخدمة التي تسميها الحكومة منظمة فتح الله غولن أو «الكيان الموازي».
وكان الرئيس التركي رجب طيب إردوغان قال في وقت سابق إن العميد هاكان افريم رئيس قاعدة اكينجي، التي أعلنت الحكومة إغلاقها أول من أمس وتحويلها إلى متنزه، كان قد قال إنه كُلف بتحقيق الاتصال بين قائده (رئيس الأركان التركي) وفتح الله غولن، أثناء احتجاز رئيس الأركان العامة خلوصي أكار كرهينة في محاولة الانقلاب الفاشلة التي شهدتها البلاد في 15 يوليو الحالي ثم قال رئيس الأركان الكلام نفسه بعد أن أعلنه إردوغان.
ونفي العميد هاكان افريم الاتهامات الموجهة إليه، مشيرًا إلى أنه لا يعرف غولن.
وذكر أفريم بقوله: «بالتأكيد لستُ على اتصال بما يسمى بحركة الخدمة، ولا أعرف فتح الله غولن ولا أي رئيس جماعة إرهابية أخري على حد قوله»، مؤكدا أنه لم يذهب إلى دروسهم ولم يقم بمساكنهم الطلابية ولم يذهب إلى بيوتهم، مشيرا إلى أنه لا يعرف أخبارهم إلا من الصحافة والمعلومات التي ترسلها المخابرات إليهم.
كما أكد أفريم أن عائلته قد أقامت في أودميش أثناء التحاقه بالمدرسة الحربية في عام 1984، وأنه ذهب إلى إسطنبول لدخول الامتحانات، وعائلته ما زلت تُقيم بأودميش مشددا على أنه لا توجد له أية صلة أو اتصال بحركة كهذه، مضيفا أنه ينفي كل الاتهامات الموجهة إليه.



كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

TT

كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)
ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)

أعلن رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو (53 عاماً) استقالته من منصبه، الاثنين، في مواجهة ازدياد الاستياء من قيادته، وبعدما كشفت الاستقالة المفاجئة لوزيرة ماليته عن ازدياد الاضطرابات داخل حكومته.

وقال ترودو إنه أصبح من الواضح له أنه لا يستطيع «أن يكون الزعيم خلال الانتخابات المقبلة بسبب المعارك الداخلية». وأشار إلى أنه يعتزم البقاء في منصب رئيس الوزراء حتى يتم اختيار زعيم جديد للحزب الليبرالي.

وأضاف ترودو: «أنا لا أتراجع بسهولة في مواجهة أي معركة، خاصة إذا كانت معركة مهمة للغاية لحزبنا وبلدنا. لكنني أقوم بهذا العمل لأن مصالح الكنديين وسلامة الديمقراطية أشياء مهمة بالنسبة لي».

ترودو يعلن استقالته من أمام مسكنه في أوتاوا الاثنين (رويترز)

وقال مسؤول، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، إن البرلمان، الذي كان من المقرر أن يستأنف عمله في 27 يناير (كانون الثاني) سيتم تعليقه حتى 24 مارس، وسيسمح التوقيت بإجراء انتخابات على قيادة الحزب الليبرالي.

وقال ترودو: «الحزب الليبرالي الكندي مؤسسة مهمة في تاريخ بلدنا العظيم وديمقراطيتنا... سيحمل رئيس وزراء جديد وزعيم جديد للحزب الليبرالي قيمه ومثله العليا في الانتخابات المقبلة... أنا متحمّس لرؤية هذه العملية تتضح في الأشهر المقبلة».

وفي ظل الوضع الراهن، يتخلف رئيس الوزراء الذي كان قد أعلن نيته الترشح بفارق 20 نقطة عن خصمه المحافظ بيار بوالييفر في استطلاعات الرأي.

ويواجه ترودو أزمة سياسية غير مسبوقة مدفوعة بالاستياء المتزايد داخل حزبه وتخلّي حليفه اليساري في البرلمان عنه.

انهيار الشعبية

تراجعت شعبية ترودو في الأشهر الأخيرة ونجت خلالها حكومته بفارق ضئيل من محاولات عدة لحجب الثقة عنها، ودعا معارضوه إلى استقالته.

ترودو وترمب خلال قمة مجموعة العشرين في هامبورغ 8 يوليو 2017 (رويترز)

وأثارت الاستقالة المفاجئة لنائبته في منتصف ديسمبر (كانون الأول) البلبلة في أوتاوا، على خلفية خلاف حول كيفية مواجهة الحرب التجارية التي تلوح في الأفق مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض.

وهدّد ترمب، الذي يتولى منصبه رسمياً في 20 يناير، بفرض رسوم جمركية تصل إلى 25 في المائة على السلع الكندية والمكسيكية، مبرراً ذلك بالأزمات المرتبطة بالأفيونيات ولا سيما الفنتانيل والهجرة.

وزار ترودو فلوريدا في نوفمبر (تشرين الثاني) واجتمع مع ترمب لتجنب حرب تجارية.

ويواجه ترودو الذي يتولى السلطة منذ 9 سنوات، تراجعاً في شعبيته، فهو يعد مسؤولاً عن ارتفاع معدلات التضخم في البلاد، بالإضافة إلى أزمة الإسكان والخدمات العامة.

ترودو خلال حملة انتخابية في فانكوفر 11 سبتمبر 2019 (رويترز)

وترودو، الذي كان يواجه باستهتار وحتى بالسخرية من قبل خصومه قبل تحقيقه فوزاً مفاجئاً ليصبح رئيساً للحكومة الكندية على خطى والده عام 2015، قاد الليبراليين إلى انتصارين آخرين في انتخابات عامي 2019 و2021.

واتبع نجل رئيس الوزراء الأسبق بيار إليوت ترودو (1968 - 1979 و1980 - 1984) مسارات عدة قبل دخوله المعترك السياسي، فبعد حصوله على دبلوم في الأدب الإنجليزي والتربية عمل دليلاً في رياضة الرافتينغ (التجديف في المنحدرات المائية) ثم مدرباً للتزلج على الثلج بالألواح ونادلاً في مطعم قبل أن يسافر حول العالم.

وأخيراً دخل معترك السياسة في 2007، وسعى للترشح عن دائرة في مونتريال، لكن الحزب رفض طلبه. واختاره الناشطون في بابينو المجاورة وتعد من الأفقر والأكثر تنوعاً إثنياً في كندا وانتُخب نائباً عنها في 2008 ثم أُعيد انتخابه منذ ذلك الحين.

وفي أبريل (نيسان) 2013، أصبح زعيم حزب هزمه المحافظون قبل سنتين ليحوله إلى آلة انتخابية.

وخلال فترة حكمه، جعل كندا ثاني دولة في العالم تقوم بتشريع الحشيش وفرض ضريبة على الكربون والسماح بالموت الرحيم، وأطلق تحقيقاً عاماً حول نساء السكان الأصليين اللاتي فُقدن أو قُتلن، ووقع اتفاقات تبادل حرّ مع أوروبا والولايات المتحدة والمكسيك.