أحياء حلب الشرقية على خطى شوارع حمص القديمة

أصدرت «الشبكة السورية لحقوق الإنسان» أمس بيانًا ذكرت فيه أنه في 27 يوليو (تموز) الحالي أحكمت كل من قوات النظام السوري وحلفائه من جهة، وميليشيا «قوات سوريا الديمقراطية» التي تضم بشكل رئيس ميليشيا حزب الاتحاد الديمقراطي (فرع حزب العمال الكردستاني) من جهة ثانية الطوق على أحياء حلب الشرقية بشكل كامل. وذلك بعد أن سيطرت قوات النظام على حي بني زيد، و«سوريا الديمقراطية» على حي السكن الشبابي. وكانت أحياء حلب الشرقية قد دخلت منذ بداية الشهر الحالي حالة من الحصار الخانق إثر السيطرة النارية المطلقة لقوات النظام السوري و«سوريا الديمقراطية» (في حي الشيخ مقصود) على طريق الكاستيلو بالمدينة، وهو يعني حصار قرابة 300 ألف مدني.
وتابع بيان «الشبكة» ليقول إنه في اليوم التالي، 28 يوليو، أي اليوم الذي تلا تطويق الأحياء الشرقية، أعلنت روسيا أولاً ثم النظام السوري عن افتتاح أربعة معابر، أطلقوا عليها اسم «ممرات إنسانية آمنة» لمغادرة الأهالي الموجودين في أحياء حلب الشرقية، وخصصت ثلاثة معابر للمدنيين، ومعبرًا للمقاتلين المستسلمين. وألقت الطائرات الروسية والسورية ذلك اليوم مناشير توضح خريطة المعابر، وهي: معبر حي بستان القصر – حي المشارقة، ومعبر الدوار الشمالي – دوار الليرمون، ومعبر مسجد الشيخ سعد – حي الحاضر، ومعبر حديقة سيف الدولة – أوتستراد دمشق حلب. ولكن لم تفتح هذه المعابر حتى اللحظة، وبالتالي لم يغادر أحد من المدنيين.
الشبكة السورية لحقوق الإنسان حذّرت المدنيين في أحياء حلب الشرقية، من أنها تعتبر المعابرَ خديعة كبرى للأسباب التالية:
أولاً: القوات الروسية والسورية لاتكترث مطلقًا لحياة المدنيين السوريين بل تقوم طائراتهما وأسلحتهما بقلتهم يوميًا ضمن تلك الأحياء، دون أي مراعاة لوجودهم، فقد سجلت الشبكة السورية مقتل 183 مدنيًا، بينهم 48 طفلاً، و20 سيدة في الأحياء الشرقية المحاصرة في مدينة حلب في شهر فقط، توزعوا إلى:
- 139 مدنيًا، بينهم 35 طفلاً، و14 سيدة على يد القوات الحكومية.
- 44 مدنيًا، بينهم 13 طفلاً، و6 سيدات على يد القوات الروسية.
والجرائم التي ترقى إلى جرائم حرب أكثر من أن تحصى، فمن يرد سلامة المدنيين يجب أن يتوقف هو عن قتلهم أولاً.
ثانيًا: تأتي هذه المبادرة بطلب من وزير الخارجية الروسي، وتبعه رئيس النظام السوري الحالي، لكن المجتمع السوري في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام السوري، لا يثق مطلقًا بأي منهما، وإذا ما أريد أن تكون هناك معابر آمنة للمدنيين، فيجب أن تكون بإشراف وتنفيذ الأمم المتحدة مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر، ومرافقة طواقم من الإعلاميين المستقلين.
ثالثًا: نحن في «الشبكة السورية لحقوق الإنسان» لدينا عدة تجارب مريرة لحالات مشابهة، فقد وثقنا في تقرير سابق ما حصل من عملية إجلاء للأهالي في أحياء حمص القديمة، وقد كانت التسوية بين النظام السوري والمسلحين داخل تلك الأحياء، وبرعاية الأمم المتحدة، لكن على الرغم من ذلك، قام النظام السوري بالغدر ونقض العهد، فقد تعرض جميع الأهالي لعمليات اعتقال وتحقيق مُذِلة، ومن قرابة 1000 شخص، أفرج النظام السوري بعد التحقيق عن 250 فقط، وكان مصير الـ750 الباقون الاختفاء القسري، وهذا ما سوف يحصل تمامًا للأهالي في أحياء حلب الشرقية لدى مرورهم عبر تلك المعابر، فكل من سوف يتم اتهامه من قبل النظام السوري وأجهزته الأمنية سيكون عرضة للاعتقال، ثم الاختفاء القسري والتعذيب، وربما الموت بسبب التعذيب.
وخلصت «الشبكة السورية لحقوق الإنسان» في بيانها إلى مطالبة المجتمع الدولي إلزامَ النظام السوري و«قوات سوريا الديمقراطية» بالتطبيق الفوري للقانون الإنساني الدولي، الذي يقضي برفع الحصار والسماح بدخول المساعدات ودخول وخروج الأهالي، وعدم التعرض لهم بالتعذيب والإخفاء القسري والقتل بعد خروجهم.
من ناحية ثانية، أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أمس بمقتل 2766 مدنيا سوريا خلال الأشهر العشرة الماضية جراء آلاف الضربات الجوية الروسية التي استهدفت عدة محافظات سوريا، منذ انطلاقها في 30 سبتمبر (أيلول) وحتى 30 يوليو الحالي، وقال «المرصد»، الذي يتخذ من بريطانيا مقرًا له، في بيان صحافي تلقت وكالة الأنباء الألمانية (د. ب. أ) نسخة منه أن حصيلة القتلى توزعت بين 677 طفلاً و422 مواطنة و1667 رجلاً وفتى. وأشار «المرصد» إلى أن الضربات الجوية أسفرت أيضًا عن مقتل 2527 عنصرًا من تنظيم «داعش» المتطرف، و2164 مقاتلاً من الفصائل المقاتلة والإسلامية وجبهة «فتح الشام» (جبهة النصرة سابقًا)، والحزب الإسلامي التركستاني، ومقاتلين من جنسيات عربية وأجنبية.
أيضًا أعلن «المرصد» أمس في تقرير له عن خروج عدد من المدنيين السبت من الأحياء الشرقية عبر ممر في حي صلاح الدين للانتقال إلى الأحياء التي يسيطر عليها النظام، دون أن يحدد عددهم.