فوضى تضرب الجيش.. وانكسار الركيزة التركية القوية

رفض رئيس الأركان طلبات المتمردين أفشل الانقلاب

ملابس الانقلابيين وأسلحتهم ودباباتهم على جسر البوسفور بعد فشل محاولة الانقلاب (نيويورك تايمز)
ملابس الانقلابيين وأسلحتهم ودباباتهم على جسر البوسفور بعد فشل محاولة الانقلاب (نيويورك تايمز)
TT

فوضى تضرب الجيش.. وانكسار الركيزة التركية القوية

ملابس الانقلابيين وأسلحتهم ودباباتهم على جسر البوسفور بعد فشل محاولة الانقلاب (نيويورك تايمز)
ملابس الانقلابيين وأسلحتهم ودباباتهم على جسر البوسفور بعد فشل محاولة الانقلاب (نيويورك تايمز)

مع بدء فصائل التمرد العسكرية في الجيش التركي محاولتها العنيفة لإسقاط الحكومة المنتخبة في البلاد، احتجز أكبر ضابط عسكري في البلاد، الجنرال خلوصي عكار، تحت تهديد السلاح في مكتبه بالعاصمة أنقرة، وتحدث للمرة الأولى عما كان يحدث ليلة الانقلاب.
قال ضابط من المتآمرين في الانقلاب: «سيدي، إن العملية بدأت»، وفقا للجنرال عكار في شهادته التي سربت إلى وسائل الإعلام التركية، وجرى التحقق منها بواسطة مسؤول تركي رفيع المستوى ووصفها بالحقيقية. «سوف نحيط بالناس، وبالكتائب. إن الألوية في طريقها. سوف ترى ذلك في وقت لاحق».
وأجاب الجنرال عكار قائلا: «ما الذي تقوله بحق الجحيم؟ أي عملية؟ هل جننت؟ أبدا!».
أراد المتآمرون تأمين مشاركة الجنرال عكار في المؤامرة، ولكن رفضه كان حاسما في ضمان فشل المحاولة الانقلابية – على العكس من تلك المحاولات السابقة في تركيا في أعوام 1960 و1971 و1980، التي عصفت بتسلسل القيادة العسكري وقلبته رأسا على عقب.
والآن، وفي الوقت الذي يشن الرئيس رجب طيب إردوغان حملة التطهير الداخلية الواسعة، حيث يعتقل ويوقف عشرات الآلاف من الموظفين في الدولة، فإن الجيش الذي خدم كقوة موحدة للبلاد أصبح يعاني من الانقسامات الشديدة، وفقدان الهيبة والمصداقية. ولقد تم اعتقال أو طرد ما يقرب من نصف كبار الجنرالات والأدميرالات إلى جانب تسريح الآلاف من جنود المشاة. وهناك أكثر من 1500 ضابط قد سرحوا من الخدمة بصورة مهينة خلال هذا الأسبوع قبيل اجتماع للمجلس العسكري التركي الأعلى في أنقرة يوم الخميس، حيث يتوقع أن ينظر قادة الجيش في خطة موسعة لإعادة هيكلة المؤسسة العسكرية في البلاد.
ولكن في وقت متأخر من مساء الخميس، قال المتحدث الرسمي باسم السيد إردوغان، إبراهيم كالين، متحدثا لفترة وجيزة، إن الكثير من كبار جنرالات الجيش، بمن فيهم الجنرال عكار، سيواصلون عملهم.
وفي الأثناء ذاتها، انتشرت على مختلف وسائل التواصل الاجتماعي صور المجندين الذين تعرضوا للضرب والإهانة والسخرية، تلك التي تسببت صدمة مروعة في ربوع البلاد، إلى جانب مزاعم صادرة عن منظمة العفو الدولية تفيد بأن المعتقلين من أبناء المؤسسة العسكرية قد تعرضوا للتعذيب.
يقول خليل كرافيلي، الباحث البارز لدى معهد آسيا الوسطى والقوقاز والمشارك في برنامج دراسات طريق الحرير «مع انكسار الركيزة الأساسية في البلاد، وهو الجيش، فإن الدولة التركية لن تكون قادرة على السيطرة على المجتمع المنقسم أو مواجهة التهديدات الأمنية المتصاعدة بفاعلية وحسم».
إنها تعتبر ضربة قوية، ليس فقط لتركيا، ولكن لمنظمة حلف شمال الأطلسي برمتها، والتي تعتبر تركيا من أبرز أعضائها. حيث يعتبر الجيش التركي من أبرز الحلفاء بالغي الأهمية في مكافحة الإرهاب، وكبح جماح تنظيم داعش، والسيطرة على تدفقات اللاجئين والمهاجرين التي أغرقت أوروبا. ولا تجسد الفوضى داخل المؤسسة العسكرية التركية تراجعا في سلطات وصلاحيات الحكومة – وتصاعد الشرطة، والتي بناها السيد إردوغان حصنا منيعا في مواجهة الجيش – ولكنها تجسد أيضا تقلصا شديدا في موثوقية المؤسسة العسكرية بصفتها شريكا غربيا مهما.
وربما أن الصدمة النفسية هي الأعظم تأثيرا في الأمة التركية، التي انقسمت بشكل مؤثر وبالغ. المتدينون والعلمانيون، والأثرياء والفقراء، وكل من خدم في الجيش التركي، والنخبة المدنية والفقراء الأتقياء، كان الجيش بالنسبة لهم رمزا كبيرا ومهيبا للهوية التركية.
يقول ألب كوناك، الذي يعمل في أحد فنادق إسطنبول، كيف أنه داخل أسرته الصغيرة، كان الجيش قادرا على تجاوز الخلافات بين الأشقاء. وقال: إنه ليبرالي، ولكن شقيقه كان متدينا للغاية، ولكن الوقت الذي اقتربنا فيه من بعضنا بعضا للغاية كان بعد انتهاء خدمتنا في الجيش؛ لأننا كنا جميعا نفعل ذلك من أجل مستقبل بلادنا، لقد كنا نؤمن بذلك في أعماقنا.
أما الآن، فكل من المؤيدين والمعارضين للرئيس التركي المنقسم على نفسه، يشعر بالخداع والألم. لقد ظنوا أن الجيش أبعد ما يكون عن السياسة، وأصبح مجردا من أولئك الذين يريدون تقويض دعائم الديمقراطية باستخدام القوة المسلحة.
ولكنهم كانوا مخطئين.
يقول سونر سينكان (31 عاما) ويعمل حلاقا في إسطنبول، إن أفضل أصدقاء حياته كانوا الذين قابلهم أثناء خدمته في الجيش: «هذا هو أسوأ شيء حدث بسبب محاولة الانقلاب الفاشلة، إنها كانت مليئة بالغدر والخيانة. والآن لن يثق أحد في أخيه بعد اليوم، ولقد انكسرت شوكة أكبر قوة موحدة تحمي البلاد».
وبين مختلف الرتب العسكرية المقلصة، ضرب الانقسام بسوط من حديد بين مختلف الضباط، وبين الأفراد العاديين وبين عائلاتهم، هناك إحساس عام بالخيانة. والكثير من الجنود يشعرون بأنهم خدعوا للانضمام في مؤامرة أطلق عليها وقتها مناورة عسكرية اعتيادية.
تقول نازلي تانبوراشي، وهي محامية من أنقرة تمثل الجنود الذين تعرضوا للاعتقال: «أولئك الفتيان لم يكونوا يعرفون شيئا. والشيء الوحيد الذي يقولونه هو: إن أولئك الذين عددناهم إخوتنا وآباءنا ألقوا بنا في الجحيم وانطلقوا هاربين. لقد قالوا لنا إنها مناورة تدريبية فحسب».
والجيش التركي، وهو الثاني من حيث الحجم في منظمة حلف شمال الأطلسي، لديه ميزانية تقدر بنحو 20 مليار دولار في العام، وجيش يبلغ تعداده 500 ألف مقاتل. وتقول السلطات هذا الأسبوع إن 1.5 في المائة من الجيش، أو ما يقرب من 8600 جندي، قد شاركوا في الانقلاب الفاشل، على الرغم من أنه لم يكن من الواضح عدد الجنود الذين شاركوا طوعا في محاولة الانقلاب الفاشلة.
*خدمة: «نيويورك تايمز»



مرور الرئيس التايواني في أميركا يثير غضب الصين

الرئيس التايواني لاي تشينغ تي يلوّح بيده للحشد في اليوم الوطني للاحتفال بالذكرى السنوية الـ113 لميلاد «جمهورية الصين» وهو الاسم الرسمي لتايوان في تايبيه 10 أكتوبر 2024 (رويترز)
الرئيس التايواني لاي تشينغ تي يلوّح بيده للحشد في اليوم الوطني للاحتفال بالذكرى السنوية الـ113 لميلاد «جمهورية الصين» وهو الاسم الرسمي لتايوان في تايبيه 10 أكتوبر 2024 (رويترز)
TT

مرور الرئيس التايواني في أميركا يثير غضب الصين

الرئيس التايواني لاي تشينغ تي يلوّح بيده للحشد في اليوم الوطني للاحتفال بالذكرى السنوية الـ113 لميلاد «جمهورية الصين» وهو الاسم الرسمي لتايوان في تايبيه 10 أكتوبر 2024 (رويترز)
الرئيس التايواني لاي تشينغ تي يلوّح بيده للحشد في اليوم الوطني للاحتفال بالذكرى السنوية الـ113 لميلاد «جمهورية الصين» وهو الاسم الرسمي لتايوان في تايبيه 10 أكتوبر 2024 (رويترز)

يتوقف الرئيس التايواني، لاي تشينغ تي، خلال أول رحلة له إلى الخارج في هاواي وجزيرة غوام الأميركيتين، وفق ما أفاد مكتبه، الخميس؛ ما أثار غضب بكين التي نددت بـ«أعمال انفصالية».

ويتوجه لاي، السبت، إلى جزر مارشال وتوفالو وبالاو، وهي الجزر الوحيدة في المحيط الهادئ من بين 12 دولة لا تزال تعترف بتايوان.

ولكن يشمل جدول أعمال الرئيس التايواني الذي تسلم السلطة في مايو (أيار) توقفاً في هاواي لمدة ليلتين، وفي غوام لليلة واحدة، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

ولم يُعلن حالياً أي لقاء يجمعه بمسؤولين أميركيين، والولايات المتحدة هي الداعم الرئيسي لتايبيه.

وقال مصدر من الإدارة الرئاسية التايوانية لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طالباً عدم الكشف عن هويته، إن لاي يريد لقاء «أصدقاء قدامى» و«أعضاء مراكز أبحاث».

ووعد لاي بالدفاع عن ديمقراطية تايوان في مواجهة التهديدات الصينية، فيما تصفه بكين بأنه «انفصالي خطير».

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، في مؤتمر صحافي دوري، الخميس: «عارضنا دائماً التبادلات الرسمية بين الولايات المتحدة وتايوان، وأي شكل من أشكال دعم الولايات المتحدة وتأييدها للانفصاليين التايوانيين».

في السابق، توقف زعماء تايوانيون آخرون في الأراضي الأميركية خلال زيارات إلى دول في أميركا الجنوبية أو المحيط الهادئ، مثيرين غضب بكين.

وتعد الصين تايوان جزءاً من أراضيها، لم تنجح بعد في إعادة توحيده منذ نهاية الحرب الأهلية الصينية عام 1949. ورغم أنها تقول إنها تحبّذ «إعادة التوحيد السلمية»، فإنها لم تتخلَ أبداً عن مبدأ استخدام القوة العسكرية وترسل بانتظام سفناً حربية وطائرات مقاتلة حول الجزيرة.

سفينة تابعة لخفر السواحل الصيني تبحر في نقطة قريبة من جزيرة تايوان في جزيرة بينجتان بمقاطعة فوجيان الصينية 5 أغسطس 2022 (رويترز)

«محاولات انفصالية»

تشهد تايوان تهديداً مستمراً بغزو صيني، لذلك زادت إنفاقها العسكري في السنوات الأخيرة لتعزيز قدراتها العسكرية.

وتتمتع الجزيرة بصناعة دفاعية لكنها تعتمد بشكل كبير على مبيعات الأسلحة من واشنطن، أكبر مورد للأسلحة والذخائر إلى تايوان.

وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع الصينية، وو تشيان، خلال مؤتمر صحافي، الخميس، إن الجيش الصيني «لديه مهمة مقدسة تتمثل في حماية السيادة الوطنية ووحدة الأراضي، وسوف يسحق بحزم كل المحاولات الانفصالية لاستقلال تايوان».

ارتفعت حدة التوتر في العلاقات بين بكين وتايبيه منذ عام 2016 مع تولي تساي إنغ وين الرئاسة في بلادها، ثم لاي تشينغ تي في عام 2024.

وكررت الصين اتهامها الرئيسَين التايوانيَين بالرغبة في تأجيج النزاع بين الجزيرة والبر الصيني الرئيسي. ورداً على ذلك، عززت بكين بشكل ملحوظ نشاطها العسكري حول الجزيرة.

وفي ظل هذه الضغوط، أعلن الجيش التايواني أنه نشر الخميس مقاتلات وسفناً وأنظمة مضادة للصواريخ في إطار مناورات عسكرية هي الأولى منذ يونيو (حزيران).

وأفادت وزارة الدفاع التايوانية، الخميس، بأنها رصدت الأربعاء منطادين صينيين على مسافة نحو 110 كلم شمال غربي الجزيرة في منطقة دفاعها الجوي، وذلك بعدما رصدت في القطاع ذاته الأحد منطاداً صينياً مماثلاً كان الأول منذ أبريل (نيسان).

وتحولت المناطيد الآتية من الصين إلى قضية سياسية مطلع عام 2023 عندما أسقطت الولايات المتحدة ما قالت إنه منطاد تجسس.