هوليوود ترى مجددا أن الفيلم الأفضل هو الأكبر حجما

أفلام الخيال العلمي لصيف 2014

«رجال إكس: الماضي المقبل»  -   «غودزيللا»
«رجال إكس: الماضي المقبل» - «غودزيللا»
TT

هوليوود ترى مجددا أن الفيلم الأفضل هو الأكبر حجما

«رجال إكس: الماضي المقبل»  -   «غودزيللا»
«رجال إكس: الماضي المقبل» - «غودزيللا»

يدق جرس فصل الصيف في الربيع هذا العام عبر فيلم «سبايدر مان المذهل 2» The Amazing Spider‪-‬Man 2 الذي سيكون أول أفلام الخيال العلمي والسوبر هيروز والغرائبي الكبيرة التي تحتشد في هذا الصيف. فهو ينطلق للعروض في الثاني من مايو (أيار) المقبل فاتحا الطريق أمام أفلام مشابهة في النوع وفي الضخامة الإنتاجية تليه في حلبة منافسة رومانية على امتداد شاشات العالم تنتهي في الثاني والعشرين من أغسطس (آب) وتحتوي على عشرة أفلام تتراوح بين تلك المقتبسة عن روايات الكوميكس، مثل «سبايدر مان المذهل 2» و«حراس المجرة»، إلى تلك المكتوبة خصيصا للسينما، كما سيكون حال «صعود جوبيتر» إلى تلك التي تنتمي إلى سلسلة متواصلة كما هو حال فيلم «فجر كوكب القردة».
موسم الصيف هو أكبر مواسم هوليوود. هو ما هي هوليوود عليه. نعم هناك أفلام ذات قيمة فنية ومضامين مهمة تنتجها هوليوود أيضا، لكن هذه عادة ما يخرج من صناديقها في الأشهر الثلاثة الأخيرة من كل عام لكي يتاح له دخول سباقات الجوائز. هناك أفلام مختلفة طوال العام بعضها عائلي وبعضها كوميدي أو تشويقي وبوليسي، لكنها تتوزع من دون منهجية واضحة طوال العام. النوع الذي لا يمكن لسينما أخرى أن تجاريه (وليست هناك سينما أخرى تريد أن تجاريه) هو النوع الذي يحتشد في كل صيف مستفيدا من تقليد بات معروفا ومتوجها في الغالب إلى كل الأعمار والفئات.
هذه الأفلام مكلفة، بلا ريب، لكنها تحمل في طياتها وعودا أكبر من ميزانياتها. والمثير فيها هو تنافسها الشديد فيما بينها. وكيف توزع استديوهات السينما إنتاجاتها تلك بحيث يتحاشى الفيلم الكبير من وزن «رجال إكس: أيام الماضي المقبل» أن يرتطم بفيلم مماثل في وزنه ونوعه مثل «حافة الغد».
ومع أن كل فيلم كبير خص نفسه بأسبوع ينطلق فيه خال من إطلاق فيلم كبير آخر، إلا أن ما انطلق قبل أسبوع منه أو ما سينطلق بعد أسبوع واحد سيشكل منافسة معقدة. لذلك فإن الضغط كبير وبعض الأفلام ستجد نفسها محظوظة إذا ما استطاعت تحقيق أكبر إيراد ممكن في أسبوعها الأول قبل أن يظللها شبح الفيلم التالي.

* الوحش النووي
فيلم شركة كولومبيا «سبايدر مان المذهل 2» يكمل من حيث انتهى الجزء الأول من الفيلم ذاته قبل عامين، ذاك الذي كان جمع 754 مليون دولار متجاوزا ميزانيته التي بلغت 230 مليونا. ميزانية الجزء الثاني بقيت في حدود مائتي مليون دولار والبطولة كذلك ما زالت لأندرو غارفيلد في دور بيتر باركر الذي ينقلب إلى سبايدر مان في أوقات الشدة، وإيما ستون (حبيبته غوين) لكن مع إضافة شرير جديد اسمه إلكترو (جايمي فوكس) سيكون دافعا لأن يبحث بيتر عن أسرار في حياته الخاصة. مارك وب هو أيضا من بين الباقين في مناصبهم، وتبعا لناطق باسم الشركة فإن رؤساءها أعجبوا كثيرا بالطريقة التي تحدى فيها وب أعمالا أخرى ناقلا سبايدر مان من مركز ثالث (بعد باتمان وسوبرمان) إلى مركز أول.
في السادس عشر من مايو يتقدم فيلم أضخم حجما ربما من كل الأفلام المشابهة له. إنه «غودزيللا» (وورنر) الذي ينهل من تلك الأسطورة اليابانية التي انطلقت بعيد انتهاء الحرب العالمية الثانية مشكّلة سلسلة من عشرات الأفلام الصغيرة والمتوسطة. الذي ساد في معظم تلك الأفلام التحذير من مغبة اللعب بالأسلحة النووية. اليابان كانت خرجت من تحت الغيوم الصفراء بعد أن تلقت قنبلتي ناغازاسي وهيروشيما وتوسمت التعبير عن ألمها ذاك بحكاية حول وحش من أعماق البحار يخرج من سباته بفعل تلوث البيئة النووي ليدمر المدن اليابانية كنوع من الاحتجاج على كل السياسات التي أدت إلى تلك الكارثة. الفيلم الجديد، الذي يحققه غارث إدواردز (صنع فيلما متوسطا عام 2010 عنوانه «وحوش») يستعيد التحذير من الخطر النووي موزعا البطولة بين آرون جونسون و(الياباني) كن واتانابي وديفيد ستراذام. جدير بالقول هنا أن النسخة الأميركية السابقة من هذه الحكاية (تلك التي حققها رونالد إيميريش عام 1998) لم تحدث الاهتمام الكافي، ولو أن هذا لن يوقف هذا الوحش عند حده.
بعده بأسبوع واحد يأتي جزء جديد من «رجال إكس» تحت عنوان «أيام الماضي المقبل» X‪-‬Men‪:‬ Days of Future Past (فوكس) الذي يقوده المخرج برايان، سينجر مع خليط من القدامى والجدد من الممثلين ومنهم جنيفر لورنس وجيمس ماكافوي وباتريك ستيوارت وإيام ماكيلين ومايكل فاسبيندر. هذه المرة سنجد هذه الشخصيات «المتحولة» (أي تلك البشرية التي لديها قدرات غير طبيعية) تنتقل إلى المستقبل البعيد حيث سيجري احتجازها في مخيمات اعتقال إلى أن تثور.

* ذروة التحدي
والثورة من نصيب القردة المعزولين هذه المرة تحت إمرة البشر إلى حين حدوث الصدام الكبير بين الاثنين في «فجر كوكب القرود» (فوكس) الذي سينطلق في الحادي عشر من يوليو (تموز) تحت إدارة المخرج مات ريفز الذي وقع كذلك على إخراج الجزء المقبل عام 2016.
قبل ذلك سنرى أنجلينا جولي في شخصية «ماليفيسنت» (ديزني) في فيلم بالعنوان ذاته. إنها شريرة الفيلم المسحوبة من شخصية وردت في الرواية المعروفة «الجمال النائم». هذا الفيلم يبدأ عروضه في الثلاثين من مايو وقبل أسبوع واحد من فيلم ضخم آخر عنوانه «حافة المستقبل» يقوده المخرج دوغ ليمان (من أعماله «لعبة عادلة» و«مستر ومسز سميث»). تنتجه وورنر، من بطولة توم كروز في دور مجند يخوض المعركة ذاتها ويموت في نهايتها في حلقة دائرية. فهو يولد من جديد ويخوض ويموت إلى أن يبلغ التحدي ذروته بمواجهة أعداء من الفضاء البعيد.
في السابع والعشرين من الشهر ذاته يعرض جزء جديد من «ترانسفورمرز» (الجزء الرابع) الذي داومت على إنتاجه باراماونت وعلى إخراجه مايكل باي. مارك وولبرغ يقود الحكاية التي لن يشترك فيها (من حسن الحظ!) شاي لابوف والتي تقع في عصر ما بعد الكارثة الكبيرة التي شهدها كوكب الأرض نتيجة صراع المخلوقات الفضائية الهائلة حجما وقدرات.
المخرج آندي ووشلوفسكي وشقيقته لانا يعاودان الظهور في «صعود جوبيتر» (وورنر) مع ميلا كونيس وشانينغ تاتوم في البطولة. مخرجا «ماتريكس» يقدمان حكاية فتاة لا تدرك كم تتحلى بقدرات غير طبيعية إلى أن تجابه مخاطر فضائية جمة. وسنبقى مع الفضاء ووحوشه حين نخطو إلى شهر أغسطس حين تنطلق عروض «حراس المجرة» (ديزني) مع جيمس غن مخرجا وكريس برات وزو سالادانا وغلن كلوز بين الممثلين.
ونهاية الموسم، كما تتراءى الآن مع «سن سيتي 2» (واينستاين كومباني) بالأبيض والأسود تحت إدارة فرانك ميلر وروبرت رودريغيز ومن بطولة ميكي رورك وجسيكا ألبا وروزاريو دوسون بين آخرين.

* أفلام صغيرة
* هناك عدة أفلام صغيرة الإنتاج ومتواضعة الطموحات ستحاول ألا تدوسها أقدام الوحوش العملاقة، من بينها فيلم خيالي - علمي صغير بعنوان «الإشارة»، وفيلم موسيقي عنوانه «فتيان جيرسي» لكلينت إيستوود، وكوميديا أخرى من بطولة ماليسا مكارثي اسمها «تامي»، ثم تشويق بوليسي عنوانه «تحت كما فوق».‬



شاشة الناقد: تضحيات صحافيين وانتهاكات انظمة

 «موعد مع بُل بوت» (سي د ب)
«موعد مع بُل بوت» (سي د ب)
TT

شاشة الناقد: تضحيات صحافيين وانتهاكات انظمة

 «موعد مع بُل بوت» (سي د ب)
«موعد مع بُل بوت» (سي د ب)

RENDEZ‪-‬VOUS AVEC POL‪-‬POT ★★★

* إخراج: ريثي بَنه (فرنسا/ كمبوديا)

يأتي فيلم «موعد مع بُل بوت» في وقت تكشف فيه الأرقام سقوط أعداد كبيرة من الصحافيين والإعلاميين قتلى خلال تغطياتهم مناطق التوتر والقتال حول العالم. ويُذكّر الفيلم أن الصحافة في تاريخها العريق، دائماً ما وجدت نفسها أمام مسؤوليات وتحديات عديدة. في هذا الفيلم الذي أخرجه ريثي بَنه عن الأحداث التي عصفت في بلاده سنة 1978 اقتباسات عن كتاب الصحافية إليزابيث بَكَر (Becker) وعن تجربتها بصفتها واحدة من 3 صحافيين دُعوا لمقابلة بُل بوت، رئيس وزراء كمبوديا وأحد قادة منظمة «الخمير الحمر» (Khmer Rouge) المتهمة بقتل ما لا يقل عن مليون و500 كمبودي خلال السبعينات. الصحافيان الآخران هما الأميركي ريتشارد دودمان، والأسكوتلندي مالكوم كالدويل.

لا يبدو أن المخرج اتّبع خُطى الكتاب كاملةً بل تدخّل بغايةِ ولوج الموضوع من جانب الحدث الذي وضع حياة الثلاثة في خطر بعدما جاءوا للتحقيق ومقابلة بُل بوت. في الواقع دفع الأميركي حياته ثمناً لخروجه عن جدول الأعمال الرسمي والتقاطه صوراً تكشف عن قتلٍ جماعي. وفي الفيلم لحظة مختصرة لكنها قاسية التأثير عندما يَلقى الصحافي حتفه غرقاً في نهر دُفع إليه.

الفرنسية إيرين جاكوب التي تؤدي شخصية الكاتبة بَكَر تُعايش بدورها الوضع بكل مأساته. تُفصل عن زميلها ولم تعد تعرف عنه شيئاً، وتمر بدورها بتجربة مخيفة لم تكن تعلم إذا ما كانت ستخرج منها حية.

في باطن هذا الفيلم الجيد على تواضع إنتاجه، تُطرح أسئلة فيما إذا كان الصحافي يستطيع أن يقبل التحوّل إلى جزءٍ من البروباغاندا. وهل هو أداة لنقل الرأي الرسمي بغياب حرية التعبير؟ وماذا لو فعل ذلك وماذا لو لم يفعل؟

هو ليس بالفيلم السّهل متابعته من دون معرفة ذلك التاريخ ودلالاته حول العلاقة بين النُّظم الفاشية والإعلام. والحرية التي لا تُمنح لصحافيين محليين هي نفسها التي لا تُمنح كذلك للأجانب ما دام عليهم نقل ما يُقال لهم فقط.

* عروض: موسم الجوائز ومهرجان «آسيا وورلد فيلم فيستيڤال».

‪THE‬ WRESTLE‪R‬ ★★

* إخراج: إقبال حسين شودهوري (بنغلاديش).

يقترب الرجل المسن موجو (ناصر أودين خان) وسط أشجار ليست بعيدة عن شاطئ البحر وينتقل من واحدة لأخرى ماداً يديه إليها كما لو كان يريد أن يدفعها بعيداً أو أن يُزيحها من مكانها. ومن ثَمّ يتركها ويركض صوب أخرى ليقوم بالفعل نفسه قبل أن يعود إليها. يبعث هذا المشهد على تكراره سخرية غير مقصودة. قد تكون طريقة قديمة لممارسة تمارين المصارعة أو التدريب الوحيد المُتاح في تلك القرية، لكن موجو جادٌ في محاولته لدفع الأشجار إلى الخلف أو تغيير مواقعها، استعداداً لملاقاة مصارع أصغر منه سنّا وأكبر حجماً في المباراة المقبلة.

«المصارع» (أبلبوكس فيلمز)

هناك كثير مما يتأمله المخرج شودهوري بطيئاً قبل تلك المباراة وما بعدها. بعضُ المشاهد لديها نسبة معقولة من الشِّعر الناتج عن تصوير الطبيعة (ماء، أشجار، حياة... إلخ) وبعضها الآخر لا يفضي إلى تقدير خاص. في نصف الساعة الأولى يعكس المخرج شغفاً ما بتصوير شخصياته من الخلف. عندما يتخلى المخرج عن هذه العادة لاحقاً، يستبدل بتلك اللقطات سلسلة من المشاهد البعيدة عن شخصياته في الغالب. هنا يتحسّن تأطير اللقطات على نحوٍ نافع ولو أن شغله على الدراما يبقى غير ذي مكانة.

يطرح الفيلم مشكلة رجلٍ لا يريد الاعتراف بالواقع ويتحدى من هو أكثر قوّة منه. يحقّق طموحه بلقاء المصارع الآخر ويخفق في التغلب عليه. في الواقع يسقط أرضاً مغشياً ومن ثمّ نراه لاحقاً في بيت العائلة قبل أن يعود إلى تلك الأشجار ليصارعها. المخرج (ثاني فيلم له) طموح، لكن أدواته التّعبيرية وإمكانياته التي تفرض نفسها على السيناريو وحجم الفيلم بأسره، محدودة.

* عروض: موسم الجوائز ومهرجان «آسيا وورلد فيلم فيستيڤال».

ONE OF THOSE DAYS WHEN HEMME DIES ★★★

* إخراج: مراد فرات أوغلو (تركيا).

قرب نهاية الفيلم يبدأ الشاب أيوب مراجعة ما مرّ به طوال اليوم. لقد انطلق غاضباً من المُشرِف على العمل عندما شتم أمّه. يعمل أيوب في حقلٍ لتجفيف الطاطم. ويعرف المخرج كيف يوظّف المكان، درامياً (سهل منبطح تحت شمس حامية وصعوبة العمل)، وجمالياً (تلك الثمار المقطوعة إلى نصفين والملقاة فوق شراشف على مد النظر).

«أحد تلك الأيام التي مات فيها هيمي» (مهرجان مراكش)

نقطة الخلاف أن أيوب يُطالب بأتعابه، لكن المُشرف على العمل لم يتقاضَ المال بعد ليدفع له، مما يؤجّج غضب أيوب فينشب شجار بينهما. يركب دراجته النارية وينطلق صوب بلدته. في منزله مسدسٌ سيتسلّح به وفي البال أن يعود لينتقم. معظم الفيلم هو رحلة على الدراجة التي تتعطل مرّتين قبل إصلاحها عند المساء. الأحداث التي تقع على الطريق وفي القرية الصغيرة تُزيّن الموضوع بشخصيات تدخل وتخرج من الحدث الرئيسي الماثل. في أحد هذه الأحداث الثانوية يُساعد أيوب رجلاً عجوزاً اشترى بطيخة ولا يستطيع حملها، فيوصله والبطيخة إلى داره. وفي مشهد آخر يستمع لتوبيخ زوج شقيقته لأنه كان عرض عليه العمل في شركته ورفض. لا يقول لنا الفيلم لماذا رفض ما ينتقص من بنية الموضوع وأسباب عزوف أيوب على تنفيذ وعده لنفسه بالانتقام.

اعتمد المخرج هذين المشهدين وسواهما لملء الوقت الممتد بين عزم أيوب على الانتقام وعزوفه عن ذلك. لكنه هذه المشاهد ضرورية رغم أن الفيلم ينتهي من دون أن يبني حجة دامغة لقرار أيوب النهائي. هذا الفيلم دراما مصوّرة جيداً ومكتوبة بدراية، رغم الهفوات المذكورة.

* عروض حالياً في مهرجان «مراكش»

★ ضعيف | ★★: وسط| ★★★: جيد | ★★★★ جيد جداً | ★★★★★: ممتاز