هوليوود ترى مجددا أن الفيلم الأفضل هو الأكبر حجما

أفلام الخيال العلمي لصيف 2014

«رجال إكس: الماضي المقبل»  -   «غودزيللا»
«رجال إكس: الماضي المقبل» - «غودزيللا»
TT

هوليوود ترى مجددا أن الفيلم الأفضل هو الأكبر حجما

«رجال إكس: الماضي المقبل»  -   «غودزيللا»
«رجال إكس: الماضي المقبل» - «غودزيللا»

يدق جرس فصل الصيف في الربيع هذا العام عبر فيلم «سبايدر مان المذهل 2» The Amazing Spider‪-‬Man 2 الذي سيكون أول أفلام الخيال العلمي والسوبر هيروز والغرائبي الكبيرة التي تحتشد في هذا الصيف. فهو ينطلق للعروض في الثاني من مايو (أيار) المقبل فاتحا الطريق أمام أفلام مشابهة في النوع وفي الضخامة الإنتاجية تليه في حلبة منافسة رومانية على امتداد شاشات العالم تنتهي في الثاني والعشرين من أغسطس (آب) وتحتوي على عشرة أفلام تتراوح بين تلك المقتبسة عن روايات الكوميكس، مثل «سبايدر مان المذهل 2» و«حراس المجرة»، إلى تلك المكتوبة خصيصا للسينما، كما سيكون حال «صعود جوبيتر» إلى تلك التي تنتمي إلى سلسلة متواصلة كما هو حال فيلم «فجر كوكب القردة».
موسم الصيف هو أكبر مواسم هوليوود. هو ما هي هوليوود عليه. نعم هناك أفلام ذات قيمة فنية ومضامين مهمة تنتجها هوليوود أيضا، لكن هذه عادة ما يخرج من صناديقها في الأشهر الثلاثة الأخيرة من كل عام لكي يتاح له دخول سباقات الجوائز. هناك أفلام مختلفة طوال العام بعضها عائلي وبعضها كوميدي أو تشويقي وبوليسي، لكنها تتوزع من دون منهجية واضحة طوال العام. النوع الذي لا يمكن لسينما أخرى أن تجاريه (وليست هناك سينما أخرى تريد أن تجاريه) هو النوع الذي يحتشد في كل صيف مستفيدا من تقليد بات معروفا ومتوجها في الغالب إلى كل الأعمار والفئات.
هذه الأفلام مكلفة، بلا ريب، لكنها تحمل في طياتها وعودا أكبر من ميزانياتها. والمثير فيها هو تنافسها الشديد فيما بينها. وكيف توزع استديوهات السينما إنتاجاتها تلك بحيث يتحاشى الفيلم الكبير من وزن «رجال إكس: أيام الماضي المقبل» أن يرتطم بفيلم مماثل في وزنه ونوعه مثل «حافة الغد».
ومع أن كل فيلم كبير خص نفسه بأسبوع ينطلق فيه خال من إطلاق فيلم كبير آخر، إلا أن ما انطلق قبل أسبوع منه أو ما سينطلق بعد أسبوع واحد سيشكل منافسة معقدة. لذلك فإن الضغط كبير وبعض الأفلام ستجد نفسها محظوظة إذا ما استطاعت تحقيق أكبر إيراد ممكن في أسبوعها الأول قبل أن يظللها شبح الفيلم التالي.

* الوحش النووي
فيلم شركة كولومبيا «سبايدر مان المذهل 2» يكمل من حيث انتهى الجزء الأول من الفيلم ذاته قبل عامين، ذاك الذي كان جمع 754 مليون دولار متجاوزا ميزانيته التي بلغت 230 مليونا. ميزانية الجزء الثاني بقيت في حدود مائتي مليون دولار والبطولة كذلك ما زالت لأندرو غارفيلد في دور بيتر باركر الذي ينقلب إلى سبايدر مان في أوقات الشدة، وإيما ستون (حبيبته غوين) لكن مع إضافة شرير جديد اسمه إلكترو (جايمي فوكس) سيكون دافعا لأن يبحث بيتر عن أسرار في حياته الخاصة. مارك وب هو أيضا من بين الباقين في مناصبهم، وتبعا لناطق باسم الشركة فإن رؤساءها أعجبوا كثيرا بالطريقة التي تحدى فيها وب أعمالا أخرى ناقلا سبايدر مان من مركز ثالث (بعد باتمان وسوبرمان) إلى مركز أول.
في السادس عشر من مايو يتقدم فيلم أضخم حجما ربما من كل الأفلام المشابهة له. إنه «غودزيللا» (وورنر) الذي ينهل من تلك الأسطورة اليابانية التي انطلقت بعيد انتهاء الحرب العالمية الثانية مشكّلة سلسلة من عشرات الأفلام الصغيرة والمتوسطة. الذي ساد في معظم تلك الأفلام التحذير من مغبة اللعب بالأسلحة النووية. اليابان كانت خرجت من تحت الغيوم الصفراء بعد أن تلقت قنبلتي ناغازاسي وهيروشيما وتوسمت التعبير عن ألمها ذاك بحكاية حول وحش من أعماق البحار يخرج من سباته بفعل تلوث البيئة النووي ليدمر المدن اليابانية كنوع من الاحتجاج على كل السياسات التي أدت إلى تلك الكارثة. الفيلم الجديد، الذي يحققه غارث إدواردز (صنع فيلما متوسطا عام 2010 عنوانه «وحوش») يستعيد التحذير من الخطر النووي موزعا البطولة بين آرون جونسون و(الياباني) كن واتانابي وديفيد ستراذام. جدير بالقول هنا أن النسخة الأميركية السابقة من هذه الحكاية (تلك التي حققها رونالد إيميريش عام 1998) لم تحدث الاهتمام الكافي، ولو أن هذا لن يوقف هذا الوحش عند حده.
بعده بأسبوع واحد يأتي جزء جديد من «رجال إكس» تحت عنوان «أيام الماضي المقبل» X‪-‬Men‪:‬ Days of Future Past (فوكس) الذي يقوده المخرج برايان، سينجر مع خليط من القدامى والجدد من الممثلين ومنهم جنيفر لورنس وجيمس ماكافوي وباتريك ستيوارت وإيام ماكيلين ومايكل فاسبيندر. هذه المرة سنجد هذه الشخصيات «المتحولة» (أي تلك البشرية التي لديها قدرات غير طبيعية) تنتقل إلى المستقبل البعيد حيث سيجري احتجازها في مخيمات اعتقال إلى أن تثور.

* ذروة التحدي
والثورة من نصيب القردة المعزولين هذه المرة تحت إمرة البشر إلى حين حدوث الصدام الكبير بين الاثنين في «فجر كوكب القرود» (فوكس) الذي سينطلق في الحادي عشر من يوليو (تموز) تحت إدارة المخرج مات ريفز الذي وقع كذلك على إخراج الجزء المقبل عام 2016.
قبل ذلك سنرى أنجلينا جولي في شخصية «ماليفيسنت» (ديزني) في فيلم بالعنوان ذاته. إنها شريرة الفيلم المسحوبة من شخصية وردت في الرواية المعروفة «الجمال النائم». هذا الفيلم يبدأ عروضه في الثلاثين من مايو وقبل أسبوع واحد من فيلم ضخم آخر عنوانه «حافة المستقبل» يقوده المخرج دوغ ليمان (من أعماله «لعبة عادلة» و«مستر ومسز سميث»). تنتجه وورنر، من بطولة توم كروز في دور مجند يخوض المعركة ذاتها ويموت في نهايتها في حلقة دائرية. فهو يولد من جديد ويخوض ويموت إلى أن يبلغ التحدي ذروته بمواجهة أعداء من الفضاء البعيد.
في السابع والعشرين من الشهر ذاته يعرض جزء جديد من «ترانسفورمرز» (الجزء الرابع) الذي داومت على إنتاجه باراماونت وعلى إخراجه مايكل باي. مارك وولبرغ يقود الحكاية التي لن يشترك فيها (من حسن الحظ!) شاي لابوف والتي تقع في عصر ما بعد الكارثة الكبيرة التي شهدها كوكب الأرض نتيجة صراع المخلوقات الفضائية الهائلة حجما وقدرات.
المخرج آندي ووشلوفسكي وشقيقته لانا يعاودان الظهور في «صعود جوبيتر» (وورنر) مع ميلا كونيس وشانينغ تاتوم في البطولة. مخرجا «ماتريكس» يقدمان حكاية فتاة لا تدرك كم تتحلى بقدرات غير طبيعية إلى أن تجابه مخاطر فضائية جمة. وسنبقى مع الفضاء ووحوشه حين نخطو إلى شهر أغسطس حين تنطلق عروض «حراس المجرة» (ديزني) مع جيمس غن مخرجا وكريس برات وزو سالادانا وغلن كلوز بين الممثلين.
ونهاية الموسم، كما تتراءى الآن مع «سن سيتي 2» (واينستاين كومباني) بالأبيض والأسود تحت إدارة فرانك ميلر وروبرت رودريغيز ومن بطولة ميكي رورك وجسيكا ألبا وروزاريو دوسون بين آخرين.

* أفلام صغيرة
* هناك عدة أفلام صغيرة الإنتاج ومتواضعة الطموحات ستحاول ألا تدوسها أقدام الوحوش العملاقة، من بينها فيلم خيالي - علمي صغير بعنوان «الإشارة»، وفيلم موسيقي عنوانه «فتيان جيرسي» لكلينت إيستوود، وكوميديا أخرى من بطولة ماليسا مكارثي اسمها «تامي»، ثم تشويق بوليسي عنوانه «تحت كما فوق».‬



السينما في 2025... عام مفصلي لتطور تقنيات الإبهار

«سريع وغاضب» واللامعقول (يوينڤرسال)
«سريع وغاضب» واللامعقول (يوينڤرسال)
TT

السينما في 2025... عام مفصلي لتطور تقنيات الإبهار

«سريع وغاضب» واللامعقول (يوينڤرسال)
«سريع وغاضب» واللامعقول (يوينڤرسال)

في مجمله، كان عام 2025 نقطةً مفصلية في مسار السينما على أكثر من صعيد. بدقّة عالية يمكن تحديد العام الحالي على أساس نقطة تفصل بين ما قبله وما بعده، تماماً كما حدث عندما داهم وباء «كورونا» العالم قبل 5 سنوات، فوجدت السينما، كغيرها من القطاعات، نفسها في موقع التحدي والمواجهة.

لكنّ ما يحدث هذه المرّة يختلف؛ فالسينما تدخل عصراً جديداً تبلورت ملامحه في الأعوام السابقة، ثم تجسّد عام 2025 بوصفه واقعاً ثابتاً وقوة مؤثرة في مختلف عناصر الصناعة. الإحاطة بهذه التطورات تكشف حجم تأثير دخول التقنيات إلى عمق البنية الصناعية للسينما.

«بوليت» المطاردة تبدو واقعية لليوم (وورنر)

استبدال شامل

حتى سنوات قليلة مضت، ظلّ إنتاج الأفلام يجري بالطريقة التقليدية: الموافقة على المشروع، ومن ثَم تطويع كل الإمكانات الفنية والتقنية لخدمته وفق موضوعه ونوعه. وكان من المعتاد اللجوء إلى تقنيات الكمبيوتر غرافيكس لإتمام ما يصعب تحقيقه واقعياً، مثل مشاهد مطاردات السيارات في أفلام مثل «بولِت» (Bullitt) 1968، و«ذَ فرنش كونكشن» (The French Connection) 1971، و«رونَن» (Ronin) 1998، التي كانت تُنجز بجهود بشرية شاقة وبمخاطر حقيقية.

اليوم تغيّر القاموس التنفيذي بالكامل. بات في الإمكان تصوير ممثل يركض في «شوارع باريس»، وهو في الحقيقة واقف داخل ستوديوهات «يونيڤرسال»، أمام شاشة خضراء. ويكفي عقد مقارنة بين تلك الأفلام الكلاسيكية وأي فيلم من سلسلة «Fast and Furious» للتأكد من حجم التحوّل.

لكن المدّ لا يتوقف هنا. فالاعتماد على الذكاء الاصطناعي شهد هذا العام قفزة جديدة. صار من الممكن، تنفيذ الفيلم من السيناريو إلى الشاشة عبر منظومة غير بشرية بالكامل: كتابة، إخراج، تصوير، مونتاج، بل وحتى أداء الممثلين.

دافع رئيس

قبل أسبوعين، اعتلى المخرج غييرمو دل تورو منصّة «أميركان فيلم إنستتيوت» لتسلُّم جائزته عن فيلمه الجديد «فرانكنستين»، ونال تصفيقاً حاراً حين أعلن: «فيلمي فني في كل لقطة. خالٍ بنسبة 100 في المائة من الذكاء الاصطناعي».

وعلى الرغم من هذه المواقف، يبقى الدافع الأساسي لاعتماد التقنية واضحاً: تقليص الميزانيات الضخمة للأفلام التجارية. فالذكاء الاصطناعي قادر على خفض التكاليف إلى النصف تقريباً، بحيث تبقى الرواتب هي العبء الأكبر وحدها.

وهذا يتقاطع مع استعداد جمهور واسع لقبول كل ما يقدّم له ما دام يحتوي على جرعات عالية من الأكشن والخيال، دون الاكتراث بما إذا كان الفيلم «بشرياً» أم مُنتجاً آلياً.

«فرانكنستين» 100 في المائة سينما (نتفليكس)

تفكير بالنيابة

يرى المدافعون عن الذكاء الاصطناعي (AI) أنّه يطوّر بصريات الفيلم ويجوّد مؤثراته، لكن هذا صحيح بقدر محدود. فالسينما بلغت قممها على أيدي فنانين أكفّاء صنعوا روائع مثل «ووترلو»، أو «بوني وكلايد»، أو «لورنس العرب»، أو «صنست بوليڤارد»، أو «القيامة الآن».

ما يطلبه الذكاء الاصطناعي ببساطة هو: «لا تفكّر... سأفكّر نيابةً عنك».

وهو ما يشبه ما حدث مع الهواتف الذكية وخرائط «غوغل»: استبدال الجهد الذهني بالاعتماد التام على التقنية.

ولا يعمل الذكاء الاصطناعي وحده في هذا المسار. فعام 2025 هو الامتداد الأكثر شراسة لما بدأ قبل سنوات مع المنصّات المنزلية، التي توفّر عليك مهمّة الانتقال إلى صالات السينما. غايتها ليست راحتك ولا حتى مساعدتك على الحد من النفقات (لم ترتفع أسعار التذاكر إلى المستوى الحالي إلا كرد فعل على انخفاض الإقبال) بل مد أصابعها إلى محفظتك كل شهر. أنت بالتالي، وعلى عكس روعة الحضور الفعلي لصالة السينما، لست أكثر من رقم محفوظ ومصمم لكي تُفيد جهة لن تقوم مطلقاً بتوفير أفلام فنية أو تعالج موضوعات جادّة بفاعلية طالما إنها ليست مطلب الجمهور.

وفي هذا السياق جاء هجوم «نتفليكس» الأخير لشراء «وورنر»، في خطوة توسّع رقعة هيمنة المنصّات. بينما جاء دخول «باراماونت» على خط الاستحواذ لعرقلة هذا التفرّد وإعادة بعض التوازن إلى المنافسة.

لكن السينما المناوئة لم تُهزم بعد وتجد في المهرجانات الفنية مساحة كبيرة للمقاومة كما في مواقف مخرجين يدركون جيّداً أن عليهم الصمود في وجه هذه التيارات.


شاشة الناقد: ثلاثة أفلام من مهرجان «البحر الأحمر» تكسر المعتاد

«العميل السري» (مهرجان البحر الأحمر)
«العميل السري» (مهرجان البحر الأحمر)
TT

شاشة الناقد: ثلاثة أفلام من مهرجان «البحر الأحمر» تكسر المعتاد

«العميل السري» (مهرجان البحر الأحمر)
«العميل السري» (مهرجان البحر الأحمر)

THE SECRET AGENT ★★★★

إخراج: ‪ كلايبر مندوزا فيلو‬

البرازيل | تشويق سياسي

عروض 2025: مهرجان «البحر الأحمر»

يتألّف هذا الفيلم الذي شهد عرضه الأول في مهرجان «ڤينيسيا» هذا العام واستُقبل جيداً في مهرجان البحر الأحمر قبل أيام من 3 أقسام، كل منها بعنوان مختلف، لكن ليس بغرض سرد 3 حكايات مختلفة، بل لربط أحداث كل فصل وشخصياته بخيط واحد يتناول، بالإيحاء غالباً، الجريمة السياسية في البرازيل سنة 1977. وسواء تحدّث القسم الأول عن جرائم قتل ارتكبها نظام تلك الفترة ضد المواطنين، أو رغبة بطل الفيلم مارسيلو (واغنر مورا) في البحث في أرشيف الدولة عن تاريخ عائلته (القسم الثاني)، أو لجوئه للتخفي بعيداً عن أعين مطارديه في محاولته لإعادة فهم وتقييم الواقع المُعاش (عموم الأقسام الثلاثة)، فإنه يوفّر من خلال شخصية بطله نظرة جامعة لأثر الاضطهاد السياسي على حياته فرداً وحياة الآخرين مجموعةً. وهو يفعل ذلك بدراية كاملة وبحرية فنية تجعل الفيلم أكثر إشباعاً لمحبي السينما وتمنح المُشاهد معالجة تبدو كما لو كانت مستقاة من خطوط أحداث لا نراها، بل نعايشها كما نعايش الماثل أمامنا. هذا كان شغل فيلو منذ فيلمه الأول «أصوات مجاورة» (Neighboring Sounds) وما زال شغله الآن، حيث ما نراه وما لا نراه يتساويان في الإيحاء والأهمية.

يستخدم فيلو السينما مرآة تعكس ذاكرة تقض المضاجع. مارسيلو يعيش في ماضيه كما في واقعه الحالي. يلجأ إلى بلدة تعيش طقوساً احتفالية لا يأبه لها كثيراً، إذ إن غايته إعادة الوصل بينه وبين ابنه الذي يعيش في الخيال. كل هذا والشعور بأن السلطة والعاملين فيها أو متعاملين معها موجودون عن قرب، حتى وإن لم نرَ لهم حضوراً فعلياً.

يتحرك الفيلم بحرية بين موضوعاته وأقسامه، غير مرتبط بمنهج سرد معيّن، ولكثرة مشاغله وما يود البحث فيه هناك تطويل يطغى، لكنه يبقى قادراً على جذب الاهتمام طوال الوقت. ما يتبلور على الشاشة هو عمل يجمع بين سيرة شبه شخصية لرجل يرفض نسيان الأمس وبين حب السينما كلغة تعبير، وثقة المخرج بالكيفية التي ينجز فيها مفرداته هذه.

BLACK RABBIT‪,‬ WHITE RABBIT ★★★

إخراج: شهرام مقري

طاجيكستان/ الإمارات العربية

المتحدة | دراما

عروض 2025: مهرجان «البحر الأحمر»

هذا فيلم غريب يُقدّر لحريّة المخرج في معالجته المبنية، بوضوح، على الخروج من شروط السرد المعتمد عادةً إلى آخر يتطلّب من المُشاهد التحرك بالاتجاه نفسه، متجاوزاً بدوره ما اعتاد عليه.

«أرنب أسود، أرنب أبيض» (مهرجان البحر الأحمر)

يدور في أرض تعود إلى استوديو حيث يُصوَّر فيلمان معاً في رقعة واحدة. رغبة المخرج مقري تعتمد على الإكثار من استخدام حريّته في رصف الفيلم الذي يريد كما يريده. هذا يخلق وضعاً تتكرر فيه المشاهد والحوارات، كما الحال عادةً خلال صنع الأفلام. نرى المشهد نفسه مع تغيير طفيف أكثر من مرة، تبعاً لرؤية مخرج يهوى التجريب ويراه مدخلاً مناسباً لسينماه. امرأتان ورجل ومسدس قديم هم محور ما يدور، لكن في وسط ما يبدو تكراراً، حضور لطبقات جديدة تتوالى الظهور.

من حسنات الفيلم التصوير (لمرتضى غايدي)، الذي يؤسس لنظام عمل متكامل يتواكب مع رغبة المخرج في تشغيل مخيلة المُشاهد وتعزيز أسلوبه. في أحيان كثيرة، يؤدي ذلك، ولو بالقصد، إلى الخلط بين الحدث الذي يقع في الفيلم الذي نراه، وذلك الحدث الآخر الذي ينطوي عليه الفيلم داخل الفيلم.

LOST LAND ★★★

إخراج: أكيو فوجيموتو

اليابان/ ماليزيا/ فرنسا

دراما عن الهجرة

عروض 2025: مهرجان «البحر الأحمر»

لا بد أن الشعور الإنساني في صميمه هو ما يدفع مخرجاً يابانياً للانتقال إلى بنغلاديش لتصوير موضوع محلي الحدث مع شخصيات محلية بدورها.

«أرض مفقودة» (مهرجان البحر الأحمر)

في «أرض مفقودة» متابعة لمصير صبي في الرابعة من العمر وشقيقته ابنة التاسعة، وقد قررا الاشتراك في رحلة تبدأ في حافلة تقل عشرات الأشخاص وتنتهي بهما بعد أيام من المشاق، وقد أصبحا وحيدين. مما يتبدى أن غاية المخرج فوجيموتو هي الحديث عن الهجرة غير الشرعية عموماً، مع تمهيد للشخصيتين قبل التحوّل عنهما لتصوير آخرين يؤمّون الهدف نفسه ويعيشون مصاعبه. سيعود المخرج للصبي شافي وأخته سميرة لاحقاً بعد أن يؤسس صورة عامة.

رغبة هذين الولدين هي ترك بنغلاديش في محاولة للقاء والديهما اللذين كانا قد هاجرا إلى ماليزيا. ليس هناك كثيراً لتداوله حول ظروف ما قبل قرارهما بالهجرة، لكن الحكاية تنتهي بهما وقد وجدا نفسيهما في تايلاند. على ذلك، يلتقي هذا المنهج مع حقيقة أن الشخصيات المحيطة تهاجر من دون القدرة على اتخاذ قرارات صائبة. في عموم الفيلم، هم آملون بمستقبل أفضل في عالم لا أمل فيه بالنسبة إليهم على الأقل.

★ ضعيف | ★★: وسط| ★★★: جيد | ★★★★ جيد جداً | ★★★★★: ممتاز


شهد أمين لـ«الشرق الأوسط»: «هجرة» يكسر نموذج المرأة الواحدة

شهد أمين في حوار معها من داخل مهرجان البحر الأحمر (المهرجان)
شهد أمين في حوار معها من داخل مهرجان البحر الأحمر (المهرجان)
TT

شهد أمين لـ«الشرق الأوسط»: «هجرة» يكسر نموذج المرأة الواحدة

شهد أمين في حوار معها من داخل مهرجان البحر الأحمر (المهرجان)
شهد أمين في حوار معها من داخل مهرجان البحر الأحمر (المهرجان)

بين حضور دولي، بدأ مع فيلم «سيدة البحر» عام 2019، وصولاً إلى اختيار فيلمها الجديد «هجرة» لتمثيل السعودية في سباق الأوسكار 2026، تبدو المخرجة السعودية شهد أمين أكثر وضوحاً في صياغة رؤيتها السينمائية، خاصة أن الفيلمين يتقاطعان في السرد النسوي، حيث يقدمان نظرة لأحوال المرأة ومعالجة عميقة لقصصها.

وفي حوار أجرته معها لـ«الشرق الأوسط» من داخل مهرجان البحر الأحمر السينمائي بجدة، حيث يشارك فيلمها في المسابقة الرسمية، جاء السؤال الأول عن هذا التقاطع، لتجيب: «كنتُ واعية تماماً وأنا أعمل على (هجرة)، فأنا لا أريد تكرار نفسي، ولا تقديم فيلم يشبه (سيدة البحر)... أردتُ أن أكتب من نقطة مختلفة، من اللحظة التي نعيشها الآن، ومن السؤال الذي يشغلني شخصياً: ما الذي أريد قوله للعالم اليوم؟».

نساء الأجيال الثلاثة

أمين، التي تقدم في «هجرة» رحلة المرأة السعودية عبر 3 أجيال، تشير إلى انزعاجها من الفكرة الدارجة اليوم حول تصوير «المرأة المعاصرة» بوصفها النسخة الوحيدة الصحيحة، وكأنها جاءت لتُصحّح أخطاء الأجيال السابقة من الأمهات والجدات وكل النساء السابقات، مضيفة: «شعرتُ أن هذه النظرة فيها قدر من النرجسية». وتتابع: «نحن نرى الحياة اليوم من منظور معاصر ومختلف جذرياً، لكن هذا لا يعني أن تفكيرنا هو الصحيح وتفكيرهنّ هو الخطأ... كنتُ أريد أن أعطي حقاً للنساء اللواتي جئن قبلنا».

وتمضي لشرح رؤيتها التي تشكلت في «هجرة» قائلة: «أردتُ أن أقدم أجيال النساء من دون أحكام... نعم، هناك صراع بين الأجيال، لكنه صراع ينتهي بتفاهم، وبإدراك أن اختلافنا طبيعي وليس تهديداً. اليوم، العالم كلّه يضغط ليجعلنا نموذجاً واحداً، وفكرة واحدة... بمعنى: إذا لم تشبهني فأنت مخطئ أو شرير أو مريض. بينما الحقيقة أننا يمكن أن نختلف، ونظل نتقبّل بعضاً».

فيلم هجرة يتناول العلاقات المتشابكة بين أجيال من النساء (الشرق الأوسط)فيلم «هجرة» يتناول العلاقات المتشابكة بين أجيال من النساء (الشرق الأوسط)

«هجرة»... الحكاية العميقة

حضرت «الشرق الأوسط» عرض فيلم «هجرة» في المهرجان، حيث شهد إقبالاً كبيراً وبيعت التذاكر بالكامل، والفيلم الذي يأتي من بطولة خيرية نظمي ونواف الظفيري والوجه الصاعد لمار فادن، تعود قصته لعام 2001، حين تقرر الجدة اصطحاب اثنتين من حفيداتها لأداء فريضة الحج، وبعد أن تتوه واحدة منهما، تقرر الجدة في لحظة صعبة أن تترك الحج وتبحث عن حفيدتها الضائعة، وخلال الرحلة يتكشف الكثير من الأسرار.

شهد أمين حرصت على إظهار واقعية العلاقة الإنسانية بين الجدة والحفيدة، بعيداً عن الحوارات المطولة والتعابير المبالغ بها، حيث برزت لغة العيون والإيماءات بشكل أكبر في أداء كل شخصية، كما أظهرت تفاصيل ما يحدث حول رحلة الحج ذاتها، والشخصيات الهامشية التي تعيش على بيع السبح وماء زمزم وتوصيل الحجاج، والطقوس التي تعصف بالمكان في تلك الفترة الغنيّة بالقصص والأحداث، ما يجعله فيلماً ينحاز للعمق وصدق التجربة.

الأوسكار... الواقعية قبل الحلم

وبواقعية شديدة، تجيب أمين حول سؤالها عن فرص فيلم «هجرة» في الوصول إلى القائمة القصيرة ومن ثم النهائية للأوسكار، قائلة، «دعينا نقول إن الوصول إلى القائمة القصيرة هو الخطوة الأهم... وبصراحة، كل مخرج يكون لديه قدر من التفاؤل في هذه المرحلة، لكن يجب أن نكون واقعيّين؛ لأن الوصول إلى الأوسكار لا يعتمد فقط على جودة الفيلم، بل يحتاج أيضاً إلى حملة إعلامية ضخمة في لوس أنجليس».

وتستكمل حديثها: «نتمنى الوصول إلى القائمة القصيرة، لكني أرى أن الوصول إلى القائمة النهائية صعب جداً... ومع ذلك، لم لا؟ نقول إن شاء الله... في هذا العام أفلام عربية جميلة وقوية، وجودتها عالية، وأتوقع أن يصل أحدها إلى الأوسكار... نتمنى أن نكون نحن، لكن قد يكون فيلماً عربياً آخر، لا أحد يعلم!».

أحدث جلسة تصوير لشهد أمين في مهرجان البحر الأحمر (المهرجان)

أفلام المهرجانات أم السينما التجارية؟

ولأن أفلام شهد أمين دائماً حاضرة في المهرجانات السينمائية بخلاف دور العرض التجارية، تحتم علينا سؤالها إن كانت مخرجة لأفلام المهرجانات، لترد: «بصراحة، نعم. أفلامي تُصنَّف عادة ضمن أفلام المهرجانات، صحيح أن (سيدة البحر) عُرض في صالات السينما، لكن حضوره كان أفضل في المهرجانات».

وترى أمين أن هناك فرقاً كبيراً بين أفلام شباك التذاكر والأفلام التي تُقدَّم للمهرجانات، وعن ذلك تقول: «الأفلام التجارية تستهدف السوق مباشرة، وتُبنى على فورمات معروفة تشبه ما اعتدنا عليه في السينما الأميركية أو نوع الأفلام الخفيفة التي يعرف الجمهور شكلها مسبقاً، بحيث يدخل المشاهد الفيلم وهو يعرف تقريباً الإيقاع المتوقع، والنهاية المحتملة، والمشاعر التي سيخرج بها».

وتضيف: «أفلام المهرجانات شيء آخر... فهي أفلام تحاول أن تأخذ الجمهور في رحلة مختلفة، بتجربة بصرية أو سردية غير مألوفة. ليست مصممة لاسترضاء الجميع، وقد لا تحظى بقبول واسع، لكنها دائماً تحمل طبقات وعمقاً وتجريباً أكبر من الأفلام التجارية، ولهذا السبب نجد المهرجانات تبحث عن هذا النوع من الأعمال؛ لأنها تضيف صوتاً جديداً وشكلاً جديداً للسينما».

وبالسؤال عن طرح «هجرة» في صالات السينما السعودية، تكشف أمين عن أن الموعد «قريب جداً»، وقد يكون «في مطلع عام 2026 تقريباً»، لكنها تؤكد أن القرار يعود للموزّعين والمنتجين. وتضيف: «الحلم الحقيقي لأي صانع أفلام هو تحقيق المعادلة الصعبة: فيلم يحمل عمقاً فكرياً وشاعرية، وفي الوقت نفسه يمنح الجمهور تجربة ممتعة ومؤثرة... إذا نجح (هجرة) في ذلك فسأكون ممتنّة جداً».

المخرجة العربية... خارج القوالب

وعند الحديث عن حضور المخرجات العربيات، من هيفاء المنصور إلى كوثر بن هنية ونادين لبكي وشيرين دعيبس، في المهرجانات الدولية، ترى أمين أن الصورة أكثر تعقيداً مما يبدو، قائلة: «في الغرب، وخصوصاً في أميركا، تعمل المخرجات غالباً في مساحة السينما المستقلة؛ لأن السينما التجارية ما زالت ذكورية... القصص يكتبها رجال، ويُنتجها رجال، وتُساق ضمن قوالب مألوفة».

وتشير إلى أن السينما المستقلة تمنح المخرجات مساحة أكبر لتقديم رؤية مختلفة، مضيفة: «في العالم العربي اليوم، عدد المخرجات الشابات أكبر من عدد المخرجين، ولهذا نراهن كثيراً في المهرجانات العالمية... البعض يظن أن وجود المرأة في هذه المنصات هو مجرد (مجاملة)، وهذا غير صحيح إطلاقاً... كل الأسماء التي نراها - من الخليج إلى شمال أفريقيا - قدّمت أفلاماً تستحق مكانتها».

وتختم المخرجة شهد أمين حديثها بالقول: «دائماً ما يُسألني الناس: ما الصعوبات التي واجهتها لأنك امرأة؟ الحقيقة أن المخرجات السعوديات والعربيات اليوم أكثر حضوراً من نظيراتهن في أوروبا... وأنا فخورة جداً بذلك».