شاشة الناقد

الوقفة ما بعد الأخيرة

من «تخريب»
من «تخريب»
TT

شاشة الناقد

من «تخريب»
من «تخريب»

الفيلم: Sabotage‪ ‬
‫إخراج: ‬ديفيد آير
تقييم الناقد: (2*)(من خمسة)

بعد الفشل الذريع الذي تعرض إليه أرنولد شوارتزنيغر قبل أشهر قليلة عندما انبرى فيلم عودته إلى أدوار الأكشن «الوقفة الأخيرة» إلى السقوط، تمنى البعض عليه ألا يعود قبل إتمام الجزء الجديد من «ترميناتور» الذي من المفترض أن يكون دخل مرحلة الإنتاج. والنصيحة في محلها لأن الجمهور لن يقبل شوارتزنيغر في أي حلة جديدة إلا إذا ما كانت جزءا إضافيا لأحد أعماله الناجحة السابقة. «ترميناتور» هو ذلك العمل.
لكن لا أحد يأخذ بالنصائح هذه الأيام. وعليه، فإن شوارتزنيغر يعود بعمل جديد عنوانه «تخريب»، والتخريب الوحيد الذي يحصل هو مكانة ذلك الممثل عند هواة أفلام الأكشن. يبدأ الفيلم به وهو يبكي. لقد قامت عصابة مخدرات مكسيكية بقتل زوجته وابنه قبل سنتين وصورت ذلك وبعثت له بالفيديو هدية (لاحقا نعلم أنها بعثت له أيضا بقطع من جسدي فقيديه بمعدل قطعة كل يوم!). ننتقل بعد ذلك إلى عملية مداهمة فهو قائد فرقة من القوات الخاصة تعمل لحساب بوليس مكافحة المخدرات الفيدرالي. نتيجة العملية، بعد مقتل العديد، هو اختفاء عشرة ملايين دولار. بعد ثمانية أشهر هناك من يبدأ بقتل أفراد هذه المجموعة. تتدخل تحرية من البوليس في الموضوع اسمها كارولين (أوليفيا ويليامز) وتشارك بطلنا (واسمه الحركي بريتشر) التحقيق. لكن قتل أعضاء الفرقة مستمر. هناك من يألو على نفسه أن يحمل الجثة إلى سقف البيت ويدقها بمسامير إلى ذلك السقف. لماذا؟ ثم حين يجري الكشف عن هوية الفاعل ستتساءل كيف يمكن لهذا الفاعل أن يقوم بذلك بمفرده وهو أقصر قامة أو أضعف بنية.
بعد الكشف عن هوية الفاعل ومطاردته ثم القضاء عليه ندرك أنه ليس من سرق الملايين العشرة، بل هو بريتشر فعلا وذلك لأنه خطط لاستخدامها للوصول إلى المجرم الذي شنع بزوجته وولده وقتله. كان الفيلم بدأ يتحول من فكرة جيدة تحتوي على منافذ نفسية ومفترقات طرق غير مطروقة إلى سلسلة من المواقف العبثية، لكن تلك الخاتمة تأتي مثل بركة من الزفت ينزلق إليها الفيلم وبطله من دون هدف.
يخفق الفيلم، تحت إدارة غير حكيمة لديفيد آير، في عدة مسائل كان يمكن لها رفع مستواه، فكلما لاح في أفقه قدر من العمق والتحليل سارع إلى تلويثه بمشاهد عنف سهلة أو بمفارقة غير قابلة للتصديق. وعوض أن يبني الفيلم على شخصية بطله دراما مناسبة، كما الحال مع تلك التي سبق أن منحها إيستوود لنفسه في سلسلة أفلامه حول رجل يبحث عمن أساء إليه وإلى عائلته، كما الحال في «الخارج عن القانون جوزي ويلز»، يحوله إلى واحد من مجموعة هي أكثر اختلافا من أن تلتقي تحت أي سقف واحد. بينها، على سبيل المثال، امرأة (ميراي إينوس) يصر الفيلم على تقديمها شريرة حتى حين علينا أن نعتقد أنها غير ذلك.
إلى ذلك كله، الفيلم ركيك الحاشية في التفاصيل ولو أنه مثير الحكاية. نصفه الأول أكثر متانة من نصفه الثاني والربع الأخير منه مهزلة. هذه هي الوقفة ما بعد الأخيرة لشوارتزنيغر.. بعده ربما لا «وقفة» على الإطلاق!



هوليوود ترغب في صحافيين أقل بالمهرجانات

جوني دَب خلال تصوير فيلمه الجديد (مودي بيكتشرز)
جوني دَب خلال تصوير فيلمه الجديد (مودي بيكتشرز)
TT

هوليوود ترغب في صحافيين أقل بالمهرجانات

جوني دَب خلال تصوير فيلمه الجديد (مودي بيكتشرز)
جوني دَب خلال تصوير فيلمه الجديد (مودي بيكتشرز)

عاش نقادُ وصحافيو السينما المنتمون «لجمعية هوليوود للصحافة الأجنبية» (كنت من بينهم لقرابة 20 سنة) نعمة دامت لأكثر من 40 عاماً، منذ تأسيسها تحديداً في السنوات الممتدة من التسعينات وحتى بُعيد منتصف العشرية الثانية من العقد الحالي؛ خلال هذه الفترة تمتع المنتمون إليها بمزايا لم تتوفّر لأي جمعية أو مؤسسة صحافية أخرى.

لقاءات صحافية مع الممثلين والمنتجين والمخرجين طوال العام (بمعدل 3-4 مقابلات في الأسبوع).

هذه المقابلات كانت تتم بسهولة يُحسد عليها الأعضاء: شركات التوزيع والإنتاج تدعو المنتسبين إلى القيام بها. ما على الأعضاء الراغبين سوى الموافقة وتسجيل حضورهم إلكترونياً.

هذا إلى جانب دعوات لحضور تصوير الأفلام الكبيرة التي كانت متاحة أيضاً، كذلك حضور الجمعية الحفلات في أفضل وأغلى الفنادق، وحضور عروض الأفلام التي بدورها كانت توازي عدد اللقاءات.

عبر خطّة وُضعت ونُفّذت بنجاح، أُغلقت هذه الفوائد الجمّة وحُوّلت الجائزة السنوية التي كانت الجمعية تمنحها باسم «غولدن غلوبز» لمؤسسة تجارية لها مصالح مختلفة. اليوم لا تمثّل «جمعية هوليوود للصحافة الأجنبية» إلّا قدراً محدوداً من نشاطاتها السابقة بعدما فُكّكت وخلعت أضراسها.

نيكول كيدمان في لقطة من «بايبي غيرل» (24A)

مفاجأة هوليوودية

ما حدث للجمعية يبدو اليوم تمهيداً لقطع العلاقة الفعلية بين السينمائيين والإعلام على نحو شائع. بعضنا نجا من حالة اللامبالاة لتوفير المقابلات بسبب معرفة سابقة ووطيدة مع المؤسسات الإعلامية المكلّفة بإدارة هذه المقابلات، لكن معظم الآخرين باتوا يشهدون تقليداً جديداً انطلق من مهرجان «ڤينيسيا» العام الحالي وامتد ليشمل مهرجانات أخرى.

فخلال إقامة مهرجان «ڤينيسيا» في الشهر التاسع من العام الحالي، فُوجئ عدد كبير من الصحافيين برفض مَنحِهم المقابلات التي اعتادوا القيام بها في رحاب هذه المناسبة. أُبلغوا باللجوء إلى المؤتمرات الصحافية الرّسمية علماً بأن هذه لا تمنح الصحافيين أي ميزة شخصية ولا تمنح الصحافي ميزة مهنية ما. هذا ما ترك الصحافيين في حالة غضب وإحباط.

تبلور هذا الموقف عندما حضرت أنجلينا جولي المهرجان الإيطالي تبعاً لعرض أحد فيلمين جديدين لها العام الحالي، هو «ماريا» والآخر هو («Without Blood» الذي أخرجته وأنتجته وشهد عرضه الأول في مهرجان «تورونتو» هذه السنة). غالبية طلبات الصحافة لمقابلاتها رُفضت بالمطلق ومن دون الكشف عن سبب حقيقي واحد (قيل لبعضهم إن الممثلة ممتنعة لكن لاحقاً تبيّن أن ذلك ليس صحيحاً).

دانيال غريغ في «كوير» (24A)

الأمر نفسه حدث مع دانيال كريغ الذي طار من مهرجان لآخر هذا العام دعماً لفيلمه الجديد «Queer». بدءاً بـ«ڤينيسيا»، حيث أقيم العرض العالمي الأول لهذا الفيلم. وجد الراغبون في مقابلة كريغ الباب موصداً أمامهم من دون سبب مقبول. كما تكرر الوضع نفسه عند عرض فيلم «Babygirl» من بطولة نيكول كيدمان حيث اضطر معظم الصحافيين للاكتفاء بنقل ما صرّحت به في الندوة التي أقيمت لها.

لكن الحقيقة في هذه المسألة هي أن شركات الإنتاج والتوزيع هي التي طلبت من مندوبيها المسؤولين عن تنظيم العلاقة مع الإعلاميين ورفض منح غالبية الصحافيين أي مقابلات مع نجوم أفلامهم في موقف غير واضح بعد، ولو أن مسألة تحديد النفقات قد تكون أحد الأسباب.

نتيجة ذلك وجّه نحو 50 صحافياً رسالة احتجاج لمدير مهرجان «ڤينيسيا» ألبرتو باربيرا الذي أصدر بياناً قال فيه إنه على اتصال مع شركات هوليوود لحلّ هذه الأزمة. وكذلك كانت ردّة فعل عدد آخر من مديري المهرجانات الأوروبية الذين يَرون أن حصول الصحافيين على المقابلات حقٌ مكتسب وضروري للمهرجان نفسه.

لا تمثّل «جمعية هوليوود للصحافة الأجنبية» إلّا قدراً محدوداً من نشاطاتها السابقة

امتعاض

ما بدأ في «ڤينيسيا» تكرّر، بعد نحو شهر، في مهرجان «سان سيباستيان» عندما حضر الممثل جوني دَب المهرجان الإسباني لترويج فيلمه الجديد (Modi‪:‬ Three Days on the Wings of Madness) «مودي: ثلاثة أيام على جناح الجنون»، حيث حُدّد عدد الصحافيين الذين يستطيعون إجراء مقابلات منفردة، كما قُلّصت مدّة المقابلة بحدود 10 دقائق كحد أقصى هي بالكاد تكفي للخروج بحديث يستحق النشر.

نتيجة القرار هذه دفعت عدداً من الصحافيين للخروج من قاعة المؤتمرات الصحافية حال دخول جوني دَب في رسالة واضحة للشركة المنتجة. بعض الأنباء التي وردت من هناك أن الممثل تساءل ممتعضاً عن السبب في وقت هو في حاجة ماسة لترويج فيلمه الذي أخرجه.

مديرو المهرجانات يَنفون مسؤولياتهم عن هذا الوضع ويتواصلون حالياً مع هوليوود لحل المسألة. الاختبار المقبل هو مهرجان «برلين» الذي سيُقام في الشهر الثاني من 2025.

المديرة الجديدة للمهرجان، تريشيا تاتل تؤيد الصحافيين في موقفهم. تقول في اتصال مع مجلة «سكرين» البريطانية: «الصحافيون مهمّون جداً لمهرجان برلين. هم عادة شغوفو سينما يغطون عدداً كبيراً من الأفلام».

يحدث كل ذلك في وقت تعرّضت فيه الصحافة الورقية شرقاً وغرباً، التي كانت المساحة المفضّلة للنشاطات الثقافية كافة، إلى حالة غريبة مفادها كثرة المواقع الإلكترونية وقلّة عدد تلك ذات الاهتمامات الثقافية ومن يعمل على تغطيتها. في السابق، على سبيل المثال، كان الصحافيون السّاعون لإجراء المقابلات أقل عدداً من صحافيي المواقع السريعة الحاليين الذين يجرون وراء المقابلات نفسها في مواقع أغلبها ليس ذا قيمة.

الحل المناسب، كما يرى بعض مسؤولي هوليوود اليوم، هو في تحديد عدد الصحافيين المشتركين في المهرجانات. أمر لن ترضى به تلك المهرجانات لاعتمادها عليهم لترويج نشاطاتها المختلفة.