المشاركة الدولية تنقذ فيلم «اشتباك» المصري من المنع

أشاد به توم هانكس وصنف من أهم عشرة أفلام في الدورة الأخيرة لمهرجان «كان» السينمائي

الإعلامي معز مسعود منتج الفيلم وبطلته الممثلة نيللي كريم في حديثهما لوسائل الإعلام
الإعلامي معز مسعود منتج الفيلم وبطلته الممثلة نيللي كريم في حديثهما لوسائل الإعلام
TT

المشاركة الدولية تنقذ فيلم «اشتباك» المصري من المنع

الإعلامي معز مسعود منتج الفيلم وبطلته الممثلة نيللي كريم في حديثهما لوسائل الإعلام
الإعلامي معز مسعود منتج الفيلم وبطلته الممثلة نيللي كريم في حديثهما لوسائل الإعلام

استمرت سلسلة المطاردات العقابية التي يتعرض لها الفيلم المصري «اشتباك» منذ مشاركته في الدورة الأخيرة من مهرجان كان السينمائي الدولي مايو (أيار) الماضي، والتي لم تتوقف عند الشحن الإعلامي والمطاردة السياسية ضد الفيلم وصناعه بل وصلت إلى انسحاب موزع الفيلم في دور العرض المصرية عشية طرحه للعرض العام للجمهور، وهو ما يمثل ضربة قاسمة تحجم انتشار الفيلم وتأثيره، وجاء ذلك بعد سلسلة مفاوضات طويلة بين صناع الفيلم والرقابة على المصنفات الفنية التابعة لوزارة الثقافة المصرية (الجهة الحكومية المخول لها منح تصريح العرض لأي مصنف فني في مصر)، وهو ما فسره مخرج الفيلم محمد دياب لـ«الشرق الأوسط» غاضبا: «الفيلم تعَرّض في مصر لخطة واضحة لخنقه قبل نزوله لأنه لو اتمنع من العرض ستكون فضيحة دولية، فالهدف أن ينزل (الفيلم) دون أن يشعر به الجمهور ويرفع من السينما بعد أيام قليلة، ليقال: إن الناس هي اللي تجاهلت الفيلم».
وفيلم اشتباك تجاوز إعلانه الترويجي على موقع «فيسبوك» وحده 7 ملايين مشاهدة، كان قد بدأ عرضه في دور السينما المصرية يوم الأربعاء 27 يوليو (تموز) وهو من تأليف الأخوين خالد ومحمد دياب والأخير هو مخرج الفيلم، والفيلم إنتاج مشترك بين فرنسا ومصر وألمانيا والإمارات العربية المتحدة، ويضم فريق التمثيل بالفيلم النجمة نيللي كريم وطارق عبد العزيز وهاني عادل وأحمد مالك.
وتدور أحداث الفيلم داخل عربة ترحيلات تابعة للشرطة مكتظة بالمتظاهرين من المؤيدين والمعارضين أثناء حالة الاضطراب السياسي التي أعقبت ثورة 30 يونيو وأسقطت حكم الإخوان في مصر عام 2013، وتم تصوير مشاهد الفيلم في مساحة لا تزيد بالحقيقة عن 8 أمتار مربعة، حيث يتفاعل عدد كبير من الشخصيات ضمن دراما تتضمن لحظات من الجنون، العنف، الرومانسية والكوميديا أيضًا.
وقد كان العرض العالمي الأول لفيلم اشتباك في شهر مايو الماضي بعد أن افتتح قسم «نظرة ما» بمهرجان «كان» السينمائي، حيث جاءت مشاركة الفيلم بعد 3 سنوات من غياب السينما المصرية عن الاختيارات الرسمية للمهرجان الأكثر شهرة في الأجندة السينمائية الدولية، وقد اختاره نقاد موقع (هوليوود ريبورتر) ليكون في قائمة أفضل 10 أفلام عُرضت ضمن فعاليات الدورة الـ69 من المهرجان.
ويأتي في مقدمة الإشادات العالمية بالفيلم، رسالة النجم الأميركي توم هانكس لصناعه بعد عرضه في مهرجان «كان»، والتي يقول عنها دياب: «توم هانكس أشاد بالمستوى الفني للفيلم، وهو لم يرسل (إيميل) بل اهتم لدرجة أنه أرسل خطابا رسميا عليه توقيعه، ليؤكد أن (اشتباك) يغير الصورة النمطية التي يرى بها الغرب مصر».
ونصت رسالة النجم العالمي التي اطلعت «الشرق الأوسط» عليها: «قليل من الأميركيين يعلمون عن مصر شيئا آخر غير الإرهاب والأهرامات، فيلمكم (اشتباك) سيمضي بعيدا في توضيح الصورة للكثيرين. مشاهدو الفيلم سيرون أن الإنسانية هي مجتمع هش، لكننا جميعا في هذا معا. وكلنا سوف نصل إلى لحظة نصلي جميعا من أجل مصر بكل طريقة ممكنة. شكرا لفيلمكم الرائع ولطاقم العمل، فهم جميعا مثل نموذجي في عملهم».
وأكد دياب أن الممثل العالمي دانيل كريج بطل أفلام جيمس بوند قد أرسل له رسالة بنفس المعنى، وهو ما ينفي ما يشاع عن الفيلم من أنه يحرض على «تشويه سمعة مصر»، وأضاف مخرج الفيلم: «إن (اشتباك) ليس ضد أحد وإنه فيلم يرصد الهستيريا والاستقطاب وجوهره إنساني»، وأشار إلى أن هذا أيضا كان رأي كثير من النقاد المصريين الذين شاهدوا الفيلم في «كان» أو عرضه الخاص بمصر.
وعبر دياب عن دهشته من إصرار «الرقابة» على وضع عبارة على شريط العرض قبل بدء الفيلم تحتوي على توجيه وتنويه بمسؤولية «تيار سياسي» عن كل ما حدث، وأشار إلى أن هذا ينافي فكرة فيلمه التي تدعو لمقاومة «الهستيريا»، وأوضح أن اعتراضه أدى إلى تأخير تصريح الرقابة، وأضاف قائلا إن «سيناريو الفيلم مجاز رقابيا من غير أي ملاحظة والرقباء قبل مهرجان (كان) عندما شاهدوا الفيلم دمعوا وحضنوني وأجازوه للعرض في المهرجان بلا ملاحظات».
واختتم محمد دياب مخرج الفيلم المثير للجدل حديثه مؤكدا أنه تم بيع عرض الفيلم في 20 دولة في أوروبا وأميركا وآسيا، وأنه سيعرض في شهر سبتمبر (أيلول) في أكثر من 200 دار عرض، لكنه تمنى أن يلقى نفس النجاح في مصر البلد الذي صنع الفيلم من أجله.
وقال الإعلامي معز مسعود (بروديوسر) الفيلم - كما فضل أن يسمي دوره في عملية الإنتاج - لـ«الشرق الأوسط»: «الفيلم يدعو إلى تجاوز الهستيريا، ويكفي قول الإعلام العالمي عنه إنه فيلم يصنع التاريخ، وقد عجبت من أن البعض هاجم الفيلم دون أن يراه، مع أنه عمل فني وإنساني، وليس عملاً سياسيا.. عمل يقدم رصدا لفترة عصيبة ندعو الله ألا تتكرر، والفيلم يشخّص الواقع ولا يدّعي أنه يقدم حلولا.. والحمد لله سعدت جدا بردود الفعل الإيجابية عنه بعد العرض الخاص، وفي انتظار المزيد من ردود الفعل مع العرض الجماهيري بإذن الله، ولا يفوتني شكر فريق العمل بالكامل، لا سيما بعد الإشادات العالمية من وسائل إعلام ونجوم كبار، والتي تثبت أن في مصر مواهب فنية كبيرة تخاطب العالم وتحسّن صورة مصر والفن المصري وتحقق العالمية».
وقد أثار ظهور معز مسعود بصفته واحدا من صناع «اشتباك»، جدلا كبيرا أشعل الحملات المضادة للفيلم وهذا ما أشار له الناقد السينمائي سمير فريد في مقاله بصحيفة «المصري اليوم» قائلاً: «كان الظهور المفاجئ للداعية الإسلامي معز مسعود على السجادة الحمراء في العرض الرسمي للفيلم، باعتباره مشتركًا في إنتاجه - مدعاة لمن يرون العمل إخوانيًا بأنهم على حق، ولست أعرف فكر الرجل، ولا فكر أي من المشتركين في الإنتاج، فلكل ناقد منهجه، وليس من منهجي البحث عما وراء الأفلام، إلا من الأفلام ذاتها، بل إن العمل الفني في منهجي ما إن ينتهي حتى يستقل عن صانعه، ويصبح ملكًا أدبيًا لمن يتلقاه في بلاده، أو في أي بلد، في زمن إنتاجه، أو في أي زمن قادم».
وفي بيان له عبر شبكات التواصل الاجتماعي ردا على الانتقادات التي وجهت إلى الفيلم وإليه، نفى معز مسعود (الذي اشتهر ببرامجه الدينية والإصلاحية) انتماءه لجماعة الإخوان المسلمين قائلاً: «هذا محض افتراء»، وأضاف: «لكنه متوقع من الهستيريين، ولعلهم لم يشاهدوا (خطوات الشيطان) وتفكيكه الدقيق ونقده الشديد لفكر الإخوان وغيرهم من الجماعات التي تخصصت في تحليلها بحكم الدراسة، ومن توفيق الله أن أظهر تناقض هذه الاتهامات».
وأنهى حديثه قائلا: «أرجو عدم تحميل الفيلم أبعادًا سياسية، وعدم الحكم على الشيء من غير تصوّره ومشاهدته لأن هذا من ضعف العقول، وسأستكمل رسالتي الإنسانية والعالمية بمختلف الوسائل فكريًا وإعلاميًا، رافعًا راية التعارف بين جميع شعوب الإنسانية، وأخيرا فإن كل ذلك جزء من مشروعي المستمر بوجهيْه الأكاديمي والإعلامي، وقريبًا بإذن الله يظهر برنامجي الفلسفي والفكري (الباحث عن الحقيقة) الذي أعتبره حلقة هامة من حلقات المشروع».



بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».