لماذا أصرت موريتانيا على استقبال القادة العرب بمئات الجمال العربية الأصيلة؟

يشكل جزءًا من التقاليد المتبعة لإكرام الضيوف

لماذا أصرت موريتانيا على استقبال القادة العرب بمئات الجمال العربية الأصيلة؟
TT

لماذا أصرت موريتانيا على استقبال القادة العرب بمئات الجمال العربية الأصيلة؟

لماذا أصرت موريتانيا على استقبال القادة العرب بمئات الجمال العربية الأصيلة؟

عبأت السلطات الموريتانية أكثر من 1500 جمل عربي لاستقبال القادة ورؤساء الوفود المشاركين في القمة العربية السابعة والعشرين التي احتضنتها نواكشوط أمس، وهي أول قمة عربية تقام على أراضي موريتانيا التي انضمت إلى جامعة الدول العربية عام 1975.
وقامت الجهات المشرفة على تنظيم فعاليات استقبال الوفود العربية بنشر هذه الجِمال على الطريق السريع، الرابط ما بين مدينة نواكشوط (العاصمة) ومطار نواكشوط الدولي (أم التونسي)، وذلك على مسافة تصل إلى قرابة ثلاثين كيلومترًا على شاطئ المحيط الأطلسي.
وتم جلب هذه الجمال من مختلف الولايات الموريتانية الداخلية (13 ولاية)، خصوصا ولايتي الحوض الشرقي والغربي، في أقصى الشرق الموريتاني، حيث تنتشر قطعان الإبل العربية الأصيلة، ويعد الاستثمار فيها واحدًا من أبواب الثراء، وهو يشكل رمزًا للعزة والمنعة والقوة، كما أن القبيلة الموريتانية تعد استعراض قطعان الإبل نوعًا من إكرام الضيوف، قبل أن يتحول هذا التقليد القديم إلى جزء من أي مهرجان سياسي في عهد الدولة الحديثة.
وتتنافس القبائل الموريتانية في امتلاك أكبر عدد من رؤوس الإبل، من أجل إثبات قوتها وثرائها، ولكن أيضًا للاستفادة من تحمل الإبل للجفاف، الذي قد يضرب البلاد لعدة سنوات متتالية وقدرتها على التنقل لمسافات دويلة بحثًا عن المرعى، وذلك ما جعل الاستثمار في الحيوانات الأخرى مخاطرة كبيرة، بل إن بعض القبائل تعتبر أن امتلاك الغنم والبقر لا يليق بها وقد يحمل لها نوعًا من العار.
وفي السنوات الأخيرة أصبح امتلاك الإبل في موريتانيا جزءا من التقاليد البرجوازية لطبقة جديدة من الأثرياء ورجال الجيش والسياسيين، ويتحدث الموريتانيون أن الرئيس الحالي محمد ولد عبد العزيز يمتلك مزرعة كبيرة في صحراء إينشيري، شمال موريتانيا، بها مئات رؤوس الإبل ويزورها في أوقات فراغه ليعيش حياة البادية التي لا يتخلى عنها أي موريتاني.
ويرى الموريتانيون في استقبال الوفود العربية بالجمال جزءا من تقاليدهم الأصيلة لإكرام الضيوف، لكنها المرة الأولى التي تظهر مئات الجمال على جنبات واحد من أكبر شوارع العاصمة نواكشوط، بينما يؤكد القائمون على التحضير للقمة أن الهدف من ذلك هو إبراز تمسك موريتانيا بهويتها العربية الأصيلة من خلال «الجمل» الذي يعد رمزًا للثقافة العربية، ويحتل مكانة كبرى في التاريخ العربي المشترك.
ومن المفارقات أن الأسابيع التي سبقت القمة العربية قررت السنغال، الجارة الجنوبية لموريتانيا، طرد ما يزيد على عشرة آلاف رأس من الإبل الموريتانية كانت قد عبرت الحدود بين البلدين بحثًا عن المرعى، وذلك بحجة أنها لم تتقيد بالإجراءات المنظمة لاتفاقيات المراعي الموقعة بين البلدين.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.