لا تجد المعارضة السورية أي جديد أو قيمة لإعلان النظام استعداده العودة للمفاوضات ما لم يترافق مع تغيرات ملموسة في الملف السوري، بانتظار أيضا ما قد تكشفه نتائج الحراك الروسي - الأميركي وإمكانية تحديد موعد لجولة مفاوضات جديدة قد تكون منتصف شهر أغسطس (آب) المقبل.
ولا تستبعد الهيئة العليا التفاوضية على لسان المتحدث باسمها منذر ماخوس، أن يكون لقبول أميركا التنسيق العسكري مع روسيا لمحاربة الإرهاب، ثمن سياسي في موضوع مصير رئيس النظام السوري بشار الأسد وليونة في موقف موسكو المتصلب تجاهه، مؤكدة في الوقت عينه أن «العبرة تبقى دائما في التطبيق وثقتنا بالنظام معدومة في ضوء تناقض المقاربة بيننا وبينه، خاصة في موضوع المرحلة الانتقالية التي نطالب نحن بتشكيل هيئة حكم كاملة الصلاحيات فيما يصرّ على حكومة موسعة تحت غطائه، وهو ما ليس مقبولا بالنسبة إلينا».
ويوم أمس، أبدت دمشق استعدادها لمواصلة الحوار السوري السوري من دون شروط مسبقة، وذلك بعد أيام على إعلان المبعوث الدولي الخاص ستيفان دي ميستورا سعيه لاستئناف مفاوضات جنيف بين أطراف النزاع في أغسطس المقبل.
ونقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) عن مصدر مسؤول في وزارة الخارجية أن سوريا «مستعدة لمواصلة الحوار السوري السوري دون شروط مسبقة، على أمل أن يؤدي هذا الحوار إلى حل شامل يرسمه السوريون بأنفسهم دون تدخل خارجي بدعم من الأمم المتحدة والمجتمع الدولي».
ويوضح ماخوس في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم الحراك الدولي ولا سيما الأميركي - الروسي، فلا شيء ملموسا لغاية الآن بالنسبة لنا فيما يتعلق بالاتفاق غير الواضح بين الطرفين، خاصة أنه يتضمن نقاطا ملتبسة وغموضا في كيفية تطبيقها»، مضيفا: «السؤال الأهم يبقى حول الثمن السياسي للتعاون العسكري بين موسكو وواشنطن لمحاربة (داعش) و(جبهة النصرة)، وهل وافقت أميركا على ذلك مقابل الدفع باتجاه العملية السياسية؟ وبالتالي إذا كان الأمر كذلك فإن الموقف المنقسم حول مستقبل الأسد لن يبقى كما هو عليه، ولا بد أن يلحظ عندها تنازلات روسية حول دوره في المرحلة الانتقالية». ويؤكد «لكن كل ذلك يبقى في إطار التحليلات والتكهنات، علما بأننا نرى أن الصوت الروسي خفت في الفترة الأخيرة وغابت التصريحات المتعلقة بهذه النقطة بالتحديد، وهو ما قد يرتبط بإعلان النظام استعداده للتفاوض مجددا».
ويلفت ماخوس إلى المعلومات المسربة حول الاتفاق، لا سيما لجهة محاربة «داعش» و«النصرة»، مشيرا إلى أنّ الإشكالية تبقى في التداخل الكبير بين مناطق تواجد النصرة والمدنيين وهو ما يؤدي إلى سقوط عدد كبير من الضحايا في صفوفهم، كما يرى أن الحظر الجوي ومنع النظام من قصف المناطق الخاضعة للمعارضة، إذا طبق من شأنه أن يؤسس لمعادلة جديدة على الأرض، مضيفا: «لكن المشكلة القديمة الجديدة تبقى في الضمانات في ظل عدم التزام النظام بأي اتفاق أو قرار ومحاولاته الدائمة للالتفاف على أي حل سياسي، وهو ما يحصل بشكل دائم في تعامله مع المساعدات من خلال إعطائه التعليمات لممثليه بربط إيصالها بالتوصل إلى مصالحات وتسليم المعارضة لسلاحها، ما يعني الاستسلام، وهو ما لم ولن يؤدي إلى نتيجة».
وكان المسؤول في وزارة الخارجية السورية، قد أبدى استعداد بلاده «لتنسيق العمليات الجوية المضادة للإرهاب بموجب الاتفاق بين روسيا والولايات المتحدة»، على خلفية التصريحات التي أعقبت زيارة وزير الخارجية الأميركي جون كيري إلى موسكو والتي أكدت على حد قوله «اتفاق الطرفين الروسي والأميركي على مكافحة الإرهاب مجموعات (داعش) وجبهة النصرة» وفق ما نقلت «سانا».
وزار كيري منتصف الشهر الحالي روسيا حيث عقد اجتماعا ماراثونيا مع نظيره الروسي سيرغي لافروف، أعلن بعده أنهما اتفقا على «إجراءات ملموسة» لإنقاذ الهدنة ومحاربة الجماعات الجهادية في سوريا من دون الكشف عن تفاصيل هذا الاتفاق.
وقال كيري: «أحرص على التأكيد أنه رغم أن هذه الإجراءات لا تستند على الثقة، إلا أنها تحدد مسؤوليات متتابعة معينة على جميع أطراف النزاع الالتزام بها بهدف وقف القصف الأعمى الذي يقوم به نظام الأسد وتكثيف جهودنا ضد النصرة».
وفي حين يرى ماخوس أن الدخول في عملية سياسية يشكل اليوم تحديا، يؤكد أن المطالب التي كانت قد علّقت المعارضة مشاركتها في المفاوضات لأجلها، لا تزال كما هي، حتى أن الوضع زاد تعقيدا، مع حصار حلب، مضيفا: «المساعدات لا تصل ودائرة المناطق المحاصرة تتوسع وملف المعتقلين لم يتحرك، وبالتالي لم يطبق قرار مجلس الأمن 2254».
وبينما يرجّح ماخوس، تحديد موعد لجولة مفاوضات جديدة منتصف الشهر المقبل، يشير إلى أنّ الهيئة العليا ستعمل على إعادة ترتيب بيتها الداخلي بعد التغيرات التي طرأت عليها أخيرا. مع العلم، أن محمد علوش، كبير المفاوضين، كان قد قدم استقالته شفويا فيما أعلن رئيس الوفد المفاوض أسعد الزعبي نيته الاستقالة وما رافق الأمر من معلومات عن إمكانية تغيير في المواقع واستبدال المفاوضين العسكريين بسياسيين. وفي هذا الإطار، يشير ماخوس إلى أنه بمجرد تحديد موعد لجولة جديدة ستعقد الهيئة اجتماعا لها إضافة إلى الاجتماعات الدورية التي تعقدها، مؤكدا أن «لا شيء محسوما لغاية الآن، كل الاحتمالات واردة مع تأكيدنا على أن وجود العسكر في المواقع المتقدمة في عمليات التفاوض ضروري لما لهم من دور في تنفيذ الاتفاقات على الأرض».
وكانت قد عُقدت منذ بداية 2016 جولتان من المفاوضات حول سوريا بين ممثلين عن الحكومة والمعارضة في جنيف برعاية الأمم المتحدة، لكن لم تتمكن من تحقيق أي تقدم نتيجة التباعد الكبير في وجهات النظر حيال المرحلة الانتقالية ومصير بشار.
النظام السوري مستعد للتفاوض من دون شروط.. والمعارضة: لا نثق به
ماخوس لـ«الشرق الأوسط»: ننتظر وضوح الثمن السياسي للاتفاق الروسي ـ الأميركي
النظام السوري مستعد للتفاوض من دون شروط.. والمعارضة: لا نثق به
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة