هل ينبغي إعفاء الجامعات الثرية من ضريبة الأملاك؟

56 جامعة تمتلك أوقافًا تقدر بأكثر من مليار دولار

جامعة هارفارد الأميركية تمتلك أكبر الوقفيات الجامعية في مجال التعليم العالي (أ.ب)
جامعة هارفارد الأميركية تمتلك أكبر الوقفيات الجامعية في مجال التعليم العالي (أ.ب)
TT

هل ينبغي إعفاء الجامعات الثرية من ضريبة الأملاك؟

جامعة هارفارد الأميركية تمتلك أكبر الوقفيات الجامعية في مجال التعليم العالي (أ.ب)
جامعة هارفارد الأميركية تمتلك أكبر الوقفيات الجامعية في مجال التعليم العالي (أ.ب)

وسط النقاش الدائر حول السياسة الضريبية في الولايات المتحدة على أوقاف الجامعات الخاصة، يقدم اثنان من محللي التعليم العالي وجهة نظرهما المتعلقة بالقضية، وهما مارك شنايدر، نائب رئيس وزميل لدى المعاهد الأميركية للأبحاث، وجورج كلور دي ألفا، رئيس مركز نيكزس للسياسة والأبحاث.
ويقول الباحثان البارزان إن الجامعات الخاصة الـ56 في الولايات المتحدة الأميركية تمتلك أوقافا تقدر قيمتها بأكثر من مليار دولار. وتجذب تركيزات الثروة من هذا القدر انتباه المشرعين من مجلس النواب والشيوخ في الكونغرس، وبصفة دورية، نظرا لأنها يمكنها تجنب سداد الضرائب الفيدرالية والمحلية وضرائب الولايات. ولقد حاول الكونغرس في نهاية المطاف التعامل مع هذه المسألة في عام 2008. غير أن الجهود المبذولة قد خرجت عن مسارها بسبب الكساد الكبير.
والآن، تعود المسألة القديمة الخاصة بالأبراج العاجية المذهبة إلى دائرة الضوء من جديد، حيث أرسلت لجنة مجلس الشيوخ للشؤون المالية ولجنة مجلس النواب للطرق والوسائل ولجان الإشراف الفرعية المنبثقة عنها في الآونة الأخيرة خطابا مشتركا إلى الجامعات الـ56 الثرية، تطالبها بمعلومات تفصيلية حول حجم الاستخدام الفعلي للأوقاف التي تحت حيازتها.
وركزت أغلب المعلومات المطلوبة على تدفقات الأموال إلى داخل وخارج الأوقاف، وعلى ممارسات أخرى مثل حقوق التسمية ورسوم مديري صناديق الأوقاف. كما طالب الخطاب المشترك الجامعات أيضا بتقديم ما يفيد بشأن الممتلكات المعفاة من الضرائب، وإلى أي مدى كانت الجامعات تسدد المدفوعات بدلا من الضرائب إلى المجتمعات المحلية للمساعدة في تغطية التكاليف العامة لخدمات الشرطة والمطافئ وغير ذلك من الخدمات المدنية الموفرة إلى تلك المؤسسات التعليمية. ويملك الكونغرس الآن تلك الخطابات في متناول اليد، في حين يحاول الموظفون سبر غورها وإدراك محتواها.
بعض من الجامعات الـ56 المذكورة قامت بالفعل بالرد على الكونغرس علانية. وبينما ننتظر إفراج الكونغرس عن تحليله للردود الواردة كافة، فإن هذه الوثائق العامة تمنحنا نظرة مبدئية على الممارسات المشتركة ما بين الجامعات الثرية.
وكما تظهر القائمة التالية، تمتلك كثير من هذه الجامعات الثرية كثيرا من العقارات الواسعة، وأغلبها إن لم يكن كلها بعيد عن سلطات الضرائب في البلاد.
> جامعة هارفارد: 650 مبنى بمساحة 25 مليون قدم مربعة. المدفوعات السنوية البديلة عن الضرائب تبلغ 5.9 مليون دولار.
> جامعة براون: 236 مبنى بمساحة 6.8 مليون قدم مربعة. المدفوعات السنوية البديلة عن الضرائب تبلغ 6.5 مليون دولار.
> جامعة ديوك: 14.6 مليون قدم مربعة. المدفوعات السنوية البديلة عن الضرائب تبلغ 750 ألف دولار.
> جامعة كولومبيا: أكثر من 12 مليون قدم مربعة. المدفوعات السنوية البديلة عن الضرائب تبلغ 7500 دولار.
> جامعة نيويورك: 172 مبنى بمساحة 14.9 مليون قدم مربعة. المدفوعات السنوية البديلة عن الضرائب تبلغ: لا يوجد.
> جامعة واشنطن فرع سانت لويس: 250 مبنى بمساحة 2370 فدان. المدفوعات السنوية البديلة عن الضرائب تبلغ: لا يوجد.
ولا تعتبر ردود الجامعات هي المصدر الوحيد للمعلومات حول الإعفاءات الضريبية. ويرجع الفضل في ذلك إلى موظف التقييم لدى مقاطعة سانتا كلارا، حيث نعلم أيضا أن جامعة ستانفورد تحظى بواحدة من أكبر الإعفاءات الضريبية في ولاية كاليفورنيا، مع أملاك وعقارات تبلغ قيمتها نحو 8 مليارات دولار خارج سجلات الضرائب. ومنذ تمرير «المقترح 13» للحد من الضرائب، تقف المجتمعات المحلية في ولاية كاليفورنيا عند واحد في المائة فقط من معدل ضريبة الأملاك. ويقترب ذلك المعدل في مقاطعة سانتا كلارا من نسبة 1.1 نقطة مئوية، ولكن مع انخفاض المعدل فإن جامعة ستانفورد تحظى بتخفيضات ضريبية تبلغ قيمتها نحو 80 مليون دولار سنويا.
وقدم مكتب العاصمة واشنطن للتقييم الضريبي قائمة بجميع العقارات المسجلة ضريبيا التي تمتلكها جامعة جورج تاون وجورج واشنطن، إلى جانب القيم المقدرة لتلك العقارات. ولقد استبعدنا من حساباتنا جميع الممتلكات الخاضعة تماما للضرائب، واحتفظنا فقط بالإعفاء الضريبي التعليمي، والإعفاء الجزئي من الضرائب، والممتلكات المتفرقة غير الخاضعة للضرائب.
وفيما يلي، مثال لقيمة الأرض والمباني والمعلن عنها في عام 2015 لكل جامعة، إلى جانب حساباتنا لما يحتمل أن يكون مستحقا إذا كانت الممتلكات خاضعة للضرائب وفق معدل الضرائب المعمول به في العاصمة واشنطن، إلى جانب أيضا ما سددته الجامعات فعليا من شريحة الضرائب العقارية.
> جامعة جورج واشنطن: 1.7 مليار دولار من القيم المقدرة، و31.6 مليون دولار من الضرائب العقارية المحتملة، و224 ألف دولار مسددة بالفعل.
> جامعة جورج تاون: 397 مليون دولار من القيم المقدرة، و7.4 مليون دولار من الضرائب العقارية المحتملة، و16 ألف دولار مسددة بالفعل.
وكانت الضرائب الفعلية التي سددتها الجامعتان على القيمة التجارية للاستخدام العقاري المختلط (شريحة الإعفاء الجزئي من الضرائب). ولا تطبق مقاطعة كولومبيا برنامج المدفوعات السنوية البديلة عن الضرائب، وبالتالي فإنه من الإنصاف القول إنه في أغلب الأحيان سددت الجامعتان مبلغ 39 مليون دولار من الضرائب على الممتلكات التي يجري جمعها.
ونتوقع من القيادات الجامعية التفوق في عرض قضيتهم فيما يتعلق بهذا القدر من السخاء، والسبب وراء ذلك أنه لا ينبغي عليهم سداد الضرائب على الممتلكات. وهم يفعلون ذلك بالفعل. ويجادل كثيرون منهم بأن جامعاتهم هي محركات الإبداع والابتكار في البلاد، وأنهم يساهمون وبصورة عظيمة في المجتمع المحلي، وأنهم يوفرون لجيرانهم حق دخول الحفلات الموسيقية، والمعارض الفنية، والمحاضرات، والندوات داخل الحرم الجامعي. ولكن هل يساوي هذا الجانب من الدفتر قيمة العائدات الضريبية المفقودة؟ وهل يوافق دافعو الضرائب المحليون مع رؤساء الجامعات على ذلك؟
نشرت وكالة «بلومبيرغ» الإخبارية تقريرا مؤخرا بعنوان «جيران جامعة برينستون يرفضون استمرار المجانية - إننا نريد النقود»، وهو التقرير الذي يسلط الضوء على مكاسب الحياة في ظل مثل هذه الجامعة الثرية. وبعد كل شيء، لا يوجد ما نبغضه بشأن هذه الامتيازات مثل المحاضرات المجانية، والالتحاق بدورات الألعاب الرياضية، والحفلات الموسيقية.. حتى التنقلات المجانية إلى متاجر (تريدر غو). حسنا، اتضح أن هذه الخدمات «المجانية» هي باهظة الثمن للغاية بالنسبة لأصحاب العقارات المحلية؛ لأن تلك الممتلكات كافة خارج قوائم الضرائب، وبالتالي فإن متوسط فاتورة الضرائب على الممتلكات (نحو 18 ألف دولار) في بقية برينستون تقدر أعلى بمقدار الثلث على خلاف ما تكون عليه في الواقع.
وردا على استفسار الكونغرس، قالت جامعة ديوك إنها أسهمت بمبلغ 7.5 مليون دولار في مركز ديوك للفنون الأدائية. وقالت جامعة أمهرست إنها توافق وبسهولة على عقد اللقاءات والفعاليات المدنية في حرمها الجامعي. وقالت جامعة هارفارد إنها تساهم في المجتمعات المضيفة من خلال مجموعة واسعة من البرامج المباشرة، والخدمات الداعمة، والتعاون المدني، وأن مثل تلك البرامج في جامعتي كامبريدج وبوسطن تقدر قيمتها بأكثر من 18 مليون دولار سنويا. وكل هذا جيد، باستثناء أن الباحثين في معهد لنكولن لسياسات العقارات لاحظوا أنه في عام 2009 كانت جامعة هارفارد تمتلك ما يقرب من 1.5 مليار دولار من العقارات في بوسطن، والتي كان من المقدر أن تسدد عنها الضرائب العقارية بقيمة 40 مليون دولار عن ذلك العام، إذا لم تكن تحظى بالإعفاء الضريبي الحالي. وبالتالي، فإن كل تلك الخدمات المجانية من حرية دخول الحرم الجامعي وخدمات الدعم المجتمعي ليست مجانية بالكلية.
وفي ردهم على استفسار الكونغرس، وصفت كثير من هذه الجامعات الثرية دورها كمحرك للإبداع والابتكار، وأنه ربما لا يوجد مكان في البلاد (أو في العالم) لا يرغب في تحقيق النمو الاقتصادي الذي حققته جامعات هارفارد وستانفورد ومعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا. ولكن غوغل، ومايكروسوفت، وأوبر، وغيرها من شركات التكنولوجيا العملاقة هي أيضا من محركات الإبداع والابتكار، ولكم أن تعلموا أنها جميعها تسدد ضرائبها على الممتلكات.
وبالنسبة لنا، تتحدث الأرقام بصوت أعلى من المبررات. والأرقام المقارنة بقوة لهذه الجامعات الثرية كافة تمكننا من أن نرى بالضبط مدى ما يلقيه الإعفاء الضريبي الذي تتمتع به من أعباء على كاهل دافعي الضرائب. ولكن هذه الأرقام غير متاحة في الردود غير الصريحة «تماما» التي تقدمت بها تلك الجامعات على خطاب الاستفسار الصادر من الكونغرس. فبعض منها قدم (كما كان مطلوبا) الحيازات العقارية الفعلية، وبعض لم يقدمه. وبعض منها تعامل مع المدفوعات السنوية البديلة عن الضرائب، وبعض تجاهلها. وبعضها استشهد بالمساهمات التي يوفرونها للمجتمعات المحلية (والتي لم تكن مطلوبة بالأساس)، البعض الآخر لم يفعل. ونحن لا نقول إن المجتمعات التي تستضيف هذه الجامعات الثرية لا تستفيد من تواجدها هناك. ولكن الانتقالات المجانية أو الحفلات الموسيقية المجانية تعتبر من إشارات حسن النوايا المجردة بالمقارنة بالتكاليف التي تستوعبها المجتمعات المحلية من خلال الفواتير المرتفعة لدافعي الضرائب فيها وعائدات الضرائب الضائعة من الجامعات.
وخلاصة القول، فإن الاستبعاد التلقائي لمثل تلك العقارات الشاسعة من قوائم الضرائب هي من المسائل الجديرة بالنقاش على مستوى المجتمعات الديمقراطية. وبفضل التحقيق الأخير من الكونغرس فإن مثل هذا النقاش قد يكون ممكنا.
* خدمة «واشنطن بوست»
خاص بـ «الشرق الأوسط»



{سفارات المعرفة}... خدمات بحثية وأنشطة ثقافية في 20 مدينة مصرية

القائمون على مشروع سفارات المعرفة بمكتبة الإسكندرية أثناء اجتماع بالفيديو مع السفارات العشرين («الشرق الأوسط»)
القائمون على مشروع سفارات المعرفة بمكتبة الإسكندرية أثناء اجتماع بالفيديو مع السفارات العشرين («الشرق الأوسط»)
TT

{سفارات المعرفة}... خدمات بحثية وأنشطة ثقافية في 20 مدينة مصرية

القائمون على مشروع سفارات المعرفة بمكتبة الإسكندرية أثناء اجتماع بالفيديو مع السفارات العشرين («الشرق الأوسط»)
القائمون على مشروع سفارات المعرفة بمكتبة الإسكندرية أثناء اجتماع بالفيديو مع السفارات العشرين («الشرق الأوسط»)

منذ 15 عاما حينما تأسست مكتبة الإسكندرية الجديدة، وكان الطلاب والباحثون من مختلف أنحاء مصر يشدون الرحال إلى «عروس المتوسط» للاستفادة من الأوعية المعرفية كافة التي تقدمها المكتبة لزائريها، والاطلاع على خدمات المكتبة الرقمية والدوريات العلمية والبحوث، لكن الجديد أن كل ذلك أصبح متاحا في 20 محافظة في مختلف أنحاء مصر وللطلاب العرب والأفارقة والأجانب المقيمين في مصر كافة من خلال «سفارات المعرفة».

فعاليات لنبذ التطرف
لم تكتف مكتبة الإسكندرية بأنها مركز إشعاع حضاري ومعرفي يجمع الفنون بالعلوم والتاريخ والفلسفة بالبرمجيات بل أسست 20 «سفارة معرفة» في مختلف المحافظات المصرية، كأحد المشروعات التي تتبع قطاع التواصل الثقافي بالمكتبة لصناعة ونشر الثقافة والمعرفة ورعاية وتشجيع الإبداع الفني والابتكار العلمي.
ويقول الدكتور مصطفى الفقي، مدير مكتبة الإسكندرية، لـ«الشرق الأوسط»: «هذا المشروع من أدوات المكتبة لنشر العلم والثقافة في مصر والعالم أجمع، ووجود هذه السفارات يساعد المكتبة على تحقيق أهدافها على نطاق جغرافي أوسع. ونحن هذا العام نسعى لمحاربة التطرف الذي ضرب العالم، وخصصنا السمة الرئيسية للمكتبة هذا العام (نشر التسامح تعظيم قيمة المواطنة، ونبذ العنف والتصدي للإرهاب) والتي سوف نعلن عن فعالياتها قريبا». يضيف: «نتمنى بالطبع إقامة المزيد من السفارات في كل القرى المصرية ولكن تكلفة إقامة السفارة الواحدة تزيد على مليون جنيه مصري، فإذا توافر الدعم المادي لن تبخل المكتبة بالجهد والدعم التقني لتأسيس سفارات جديدة».

خطط للتوسع
تتلقى مكتبة الإسكندرية طلبات من الدول كافة لتفعيل التعاون البحثي والأكاديمي، يوضح الدكتور الفقي: «أرسلت لنا وزارة الخارجية المصرية مؤخرا خطابا موجها من رئيس إحدى الدول الأفريقية لتوقيع بروتوكول تعاون، وتسعى المكتبة لتؤسس فروعا لها في الدول الأفريقية، وقد أوصاني الرئيس عبد الفتاح السيسي بالعلاقات الأفريقية، ونحن نوليها اهتماما كبيرا».
يؤكد الدكتور الفقي «المكتبة ليست بعيدة عن التعاون مع العالم العربي بل هناك مشروع (ذاكرة الوطن العربي) الذي سيكون من أولوياته إنعاش القومية العربية».
«مواجهة التحدي الرقمي هو أحد أهداف المكتبة منذ نشأتها»، يؤكد الدكتور محمد سليمان، رئيس قطاع التواصل الثقافي، قائلا لـ«الشرق الأوسط»: «مشروع سفارات المعرفة يجسد الاستخدام الأمثل للتكنولوجيا في نقل المعرفة لكل مكان في مصر، ومصطلح (سفارة) يعني أن للمكتبة سيطرة كاملة على المكان الذي تخصصه لها الجامعات لتقديم الخدمات كافة، بدأ المشروع عام 2014 لكنه بدأ ينشط مؤخرا ويؤدي دوره في نشر المعرفة على نطاق جغرافي واسع».
يضيف: «تقدم المكتبة خدماتها مجانا للطلاب وللجامعات للاطلاع على الأرشيف والمكتبة الرقمية والمصادر والدوريات العلمية والموسوعات التي قام المكتبة بشراء حق الاطلاع عليها» ويوضح: «هناك 1800 فعالية تقام بالمكتبة في مدينة الإسكندرية ما بين مؤتمرات وورشات عمل وأحداث ثقافية ومعرفية، يتم نقلها مباشرة داخل سفارات المعرفة بالبث المباشر، حتى لا تكون خدمات المكتبة قاصرة على الباحثين والطلاب الموجودين في الإسكندرية فقط».
«كل من يسمح له بدخول الحرم الجامعي يمكنه الاستفادة بشكل كامل من خدمات سفارة المعرفة ومكتبة الإسكندرية بغض النظر عن جنسيته» هكذا يؤكد الدكتور أشرف فراج، العميد السابق لكلية الآداب بجامعة الإسكندرية، والمشرف على «سفارات المعرفة» لـ«الشرق الأوسط»: «هذه السفارات هي أفرع لمكتبة الإسكندرية تقدم للباحثين خدماتها والهدف من هذا المشروع هو تغيير الصورة النمطية عن المكتبة بأنها تخدم النخبة العلمية والثقافية، بل هذه الخدمات متاحة للطلاب في القرى والنجوع» ويضيف: «يمكن لأي باحث من أي دولة الحصول على تصريح دخول السفارة من مكتب رئيس الجامعة التي توجد بها السفارة».

صبغة دبلوماسية
حول اسم سفارات المعرفة ذي الصبغة الدبلوماسية، يكشف الدكتور فراج «للمصطلح قصة قانونية، حيث إن قسم المكتبات يدفع للناشرين الدوليين مبلغا سنويا يقدر تقريبا بنحو 25 مليون، لكي تكون الدوريات العلمية المتخصصة والمكتبات الرقمية العالمية متاحة لمستخدمي المكتبة، ولما أردنا افتتاح فروع للمكتبة في المدن المصرية واجهتنا مشكلة بأن هذه الجهات ستطالب بدفع نفقات إضافية لحق استغلال موادها العلمية والأكاديمية لكن مع كونها سفارة فإنها تتبع المكتبة ولها السلطة الكاملة عليها».
ويضيف: «تهدف السفارات لإحداث حراك ثقافي ومعرفي كامل فهي ليست حكرا على البحث العلمي فقط، وقد حرصنا على أن تكون هناك فعاليات خاصة تقام بكل سفارة تخدم التنمية الثقافية في المحافظة التي أقيمت بها، وأن يتم إشراك الطلاب الأجانب الوافدين لكي يفيدوا ويستفيدوا، حيث يقدم كل منهم عروضا تقديمية عن بلادهم، أو يشارك في ورشات عمل عن الصناعات اليدوية التقليدية في المحافظات وبالتالي يتعرف على التراث الثقافي لها وهذا يحقق جزءا من رسالة المكتبة في تحقيق التلاحم بين شباب العالم».
تتيح سفارات المعرفة للطلاب أنشطة رياضية وفنية وثقافية، حيث أسست فرق كورال وكرة قدم تحمل اسم سفارات المعرفة، وتضم في عضويتها طلابا من مختلف الجامعات والتخصصات وتنافس الفرق الجامعية المصرية. ويلفت الدكتور فراج «تقيم سفارات المعرفة عددا من المهرجانات الفنية وورشات العمل ودورات تدريبية لتشجيع الطلاب على بدء مشروعاتهم الخاصة لكي يكونوا أعضاء منتجين في مجتمعهم خاصة في المدن السياحية».

قواعد موحدة
تم عمل بروتوكول تعاون مع وزارة التعليم العالي والجامعات الحكومية ومع التربية والتعليم ومع أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا، ويوجد بكل سفارة شخصان تكون مهمتهما إرشاد الطلاب للمصادر الرقمية للمكتبة، وتقديم برنامج الأحداث والفعاليات الخاص بالمكتبة لمدة 3 شهور مقبلة، لكي يتمكن الباحث من تحديد المؤتمرات التي يرغب في حضورها عبر البث الحي».
كل قواعد المكتبة تتبع في كل سفارة ويتم التحكم في الأنظمة والأجهزة كافة عبر السفارات العشرين، من مكتبة الإسكندرية بالشاطبي حيث تتابع المكتبة السفارات العشرين عبر شاشات طوال فترة استقبال الباحثين من الساعة الثامنة النصف صباحا وحتى الخامسة مساء.
ويكشف الدكتور فراج «السفارة تنفق نحو نصف مليون كتكلفة سنوية، حيث توفر الخدمات والأجهزة كافة للجامعات بشكل مجاني، بل تساعد سفارات المعرفة الجامعات المصرية في الحصول على شهادات الأيزو من خلال ما تضيفه من تكنولوجيا وإمكانيات لها. ويؤكد فراج «يتم إعداد سفارة في مرسى مطروح لخدمة الطلاب هناك وسوف تقام مكتبة متكاملة في مدينة العلمين الجديدة».

أنشطة مجتمعية
يشير الدكتور سامح فوزي، المسؤول الإعلامي لمكتبة الإسكندرية إلى أن دور سفارات المعرفة يتخطى مسألة خدمة الباحثين وتخفيف عبء الحصول على مراجع ومصادر معلومات حديثة بل إن هذه السفارات تسهم في تطوير المجتمع بشكل غير مباشر، أما الأنشطة المجتمعية ذات الطابع العلمي أو الثقافي فهي تخلق جواً من الألفة بين أهل القرى وبين السفارة».
تُعد تلك السفارات بمثابة مراكز فرعية للمكتبة، فهي تتيح لروادها الخدمات نفسها التي تقدمها مكتبة الإسكندرية لجمهورها داخل مقرها الرئيسي، وتحتوي على جميع الأدوات والامتيازات الرقمية المقدمة لزوار مكتبة الإسكندرية؛ مثل إتاحة التواصل والاستفادة من الكثير من المشروعات الرقمية للمكتبة، مثل: مستودع الأصول الرقمية (DAR)؛ وهو أكبر مكتبة رقمية عربية على الإطلاق، ومشروع وصف مصر، ومشروع الفن العربي، ومشروع الأرشيف الرقمي لمجلة الهلال، ومشروع ذاكرة مصر المعاصرة، ومشروع «محاضرات في العلوم» (Science Super Course)... إلخ، بالإضافة لإتاحة التواصل مع الكثير من البوابات والمواقع الإلكترونية الخاصة بالمكتبة، مثل: موقع «اكتشف بنفسك»، والملتقى الإلكتروني (Arab InfoMall)، وبوابة التنمية... إلخ. ذلك إلى جانب خدمة «البث عبر شبكة الإنترنت»، التي تقدِّم بثاً حياً أو مسجلاً للفعاليات التي تقام بمركز مؤتمرات مكتبة الإسكندرية؛ حتى يُتاح لزائري المكتبة مشاهدتها في أي وقت بشكل سلس وبسرعة فائقة. علاوة على ذلك، تتيح مكتبة الإسكندرية لمستخدمي سفارات المعرفة التمتع بخدمات مكتبة الوسائط المتعددة، واستخدام نظام الحاسب الآلي فائق السرعة (Supercomputer).