فيلمان جديدان عن أغاثا كريستي بانتظار إشارة الانطلاق

الكاتبة الشهيرة تعود للشاشة عبر سيرتها الشخصية

فنيسا ردغراف كما لعبت الدور سنة 1979 في «أغاثا»
فنيسا ردغراف كما لعبت الدور سنة 1979 في «أغاثا»
TT

فيلمان جديدان عن أغاثا كريستي بانتظار إشارة الانطلاق

فنيسا ردغراف كما لعبت الدور سنة 1979 في «أغاثا»
فنيسا ردغراف كما لعبت الدور سنة 1979 في «أغاثا»

من بين ما يتم طبخه للمشاهدين من أفلام، عملان متصلان بشخصية واحدة كل من إنتاج شركة مختلفة. العملان يسيران قدمًا في حماس هوليوودي معروف، خصوصًا أن المنافسة انطلقت بينهما من مطلع هذا الشهر عندما تم منح المشروعين الضوء الأخضر.
الشركتان المعنيّتان هما «باراماونت» و«سوني». والمشروع اللذان يودان تقديمه، كل بنسخته الخاصة، يدور حول الروائية البوليسية البريطانية أغاثا كريستي. تلك الكاتبة الشهيرة التي ذاع صيتها بين هواة الروايات القائمة على فن التحريات، التي استقطبت عشرات ملايين القراء ولا تزال.
صحيح أنها كتبت ستة أعمال روائية من النوع الرومانسي، لكن تلك الروايات كانت من النوع الذي لا يعبر عن توجه فعلي بقدر ما كان تنويعًا. فأغاثا (ولدت سنة 1890 باسم أغاثا ماري ميلر وتوفيت عن 85 سنة في عام 1976) امتلكت ناصية الرواية البوليسية القائمة على حل لغز مختلف في كل مرّة، وإن كانت الوسيلة المفضّلة لديها واحدة لم تتغير: الإتيان بعدد كبير من الشخصيات التي لديها مصلحة في ارتكاب جريمة القتل الرئيسية ثم توزيع الشبهات حولها جميعا. بعد ذلك يأتي دور التحري هركيل بوارو أو الفضولية مس ماربل في تمحيص الدوافع وجمع الدلائل لحصر التهمة في عدد أقل ثم أقل وصولاً لمن ارتكب الجريمة فعلاً.

البحث عن كريستي
الفيلمان الجديدان ليسا اقتباسًا عن روايات لكريستي بل سيكونان من نوع السيرة الشخصية. «باراماونت» على اتصال مع الممثلة الأميركية إيما ستون لتولي بطولة مشروعها، بينما تنتظر «سوني» جواب أليسيا فيكاندر بعدما طلبت منها تمثيل شخصية الكاتبة الأشهر.
المشروعان يختلفان بالنسبة للفترة التي يريد كل منهما البحث فيه. ففي حين أن مشروع «سوني» يبدو الآن متمحورًا حول حقبة واحدة (سينطلق من سنواتها الأولى على أي حال)، فإن مشروع «باراماونت» سيبحث أكثر في تلك الأيام الـ11 التي اختفت فيها أغاثا كريستي عن الأعين من دون تفسير أو مبرر وذلك في عام 1926.
في حينه، كان اختفاء كريستي لغزًا مماثلاً لألغازها. فهي تركت المنزل بعد خلاف مع زوجها أرشيبولد كريستي. كانت بدأت الكتابة سنة 1919 وسريعًا ما ألهبت خيال القراء بقدرتها الأدبية وأسلوبها الكلاسيكي في رسم ملامح الحبكة التشويقية. في شهر ديسمبر (كانون الأول) من ذلك العام غادرت منزل الزوجية إثر مشادة مع زوجها. وهنا تختلف الحكايات. فبعض المؤرخين ذكر أن السبب هو علاقة آرشي بسكرتيرة أغاثا، والبعض ذكر أن السبب هو علاقته بامرأة أخرى (إحدى المرشحات هنا هي نانسي نيل التي كانت صديقة لأحد أحد السياسيين المعروفين في تلك الحقبة، إرنست بلشر).
مهما يكن فإن الثابت أن زوج الكاتبة لم يكن مخلصًا ما دفعها لمغادرة المنزل بسيارتها الخاصة ولجهة غير معروفة. صحيح أنها تركت رسالة لسكرتيرتها تقول فيها إنها متجهة إلى يوركشاير لكن يوركشاير ليست ضاحية بل مقاطعة كبيرة، وسيارة كريستي وجدت في منطقة بعيدة اسمها نيولاندز كورنر من دون كريستي فيها.
وزير الداخلية البريطاني ويليام جونسون - هيكس أصابه القلق وأمر بالبحث عنها فانطلق قرابة ألف شرطي لتأدية هذه المهمة وحسب «ذا نيويورك تايمز» حينها، فإن عدد المتطوعين قارب، أو زاد على، خمسة عشر ألفًا. هذا كله قبل أن يكتشفها البوليس مسجلة في قوائم نزلاء فندق في مدينة هاروغيت باسم تيريزا نيل القادمة من جنوب أفريقيا.
اكتشاف وجودها في ذلك الفندق لم يوضح السبب الذي من أجله اعتمدت أسلوب الاختفاء بعدما تركت سيارتها في مكان مهجور مع ملابس قديمة، كما لو أن مكروها حدث لها. فهي تكتمت حول الأسباب حتى حين وضعت سيرتها الذاتية سنة 1977.

ردغراف وهوفمن
قيام شركة «باراماونت» بتقديم هذه الحقبة وأحداثها في حياة كريستي لن يكون الأول. في عام 1979 قامت شركة وورنر بإنتاج فيلم حمل اسم «أغاثا» دار بكليّته، حول حادثة الاختفاء هذه. حينها أسندت الإخراج لمايكل أبتد والدور إلى الممثلة اللامعة فنيسيا ردغراف. أبتد أخرج أفلاما عدّة بعضها أفضل من بعض («ابنة عامل الفحم»، «حادثة أوغلالا»، «غوركي بارك» من بين أفضل ما حقق) لكن هذا الفيلم لم يكن بينها. الحق ليس عليه بالكامل، فــ«وورنر» اختارت دستين هوفمن لأداء دور الصحافي الأميركي الذي يشترك في البحث عن سر كريستي المختفية، ويكتشف مكان وجودها.
المشكلة ليست فقط في أن كل هذا ليس صحيحًا، بل في أن هوفمن، كما تردد لاحقًا، أصر على تحويل دوره من مساند إلى دور رئيسي، وتوسيع رقعة الدور فرض معالجة مختلفة لما كان الهدف الأول من خلال المشروع، خصوصًا أن كل ذلك جاء بصحبة تأدية شخصيته على النحو الذي يرتئيه هو وليس كما يريد المخرج. هوفمن آنذاك كان ممثلاً لامعًا وأبتد كان لا يزال طري العود في هوليوود (وهو الذي جاء من إنجلترا) ولم يرد فرض إرادته.
العمل على فيلمين عن حياة أغاثا كريستي لا يعني أن هذا هو كل شيء يتم طبخه حاليًا حولها.
هناك 46 عملاً سينمائيًا تم اقتباسه من أعمالها أولها «عبور مستر كوين» سنة 1928 (كوين كان أحد أوائل شخصياتها البوليسية المعتمدة). أما آخرها فهو فيلم هندي الصنع عنوانه «شورابالي» (Choraballi)، حققه سوراجيت ميترا هذه السنة.
لكن هناك ستة أفلام جديدة مقتبسة عن روايات مختلفة، أكثرها انخراطًا في جدول الإنتاج الفعلي «جريمة في قطار الشرق السريع» (Murder on the Orient Express) الذي ستقوم أنجلينا جولي بدور رئيسي فيه بينما يتولى كنيث براناه عملية إخراجه، وربما القيام بدور التحري هركيول بوارو. وكانت شركة EMI البريطانية و«باراماونت» الأميركية قامتا بإنتاج نسخة عن تلك الرواية (وبالعنوان ذاته) سنة 1974 قام ببطولتها ألبرت فيني (في دور التحري بوارو) وتوزعت الأدوار المهمة الأخرى على كل من جاكلين بيسيت وشون كونيري ولورين باكول وإنغريد برغمان وأنطوني بركنز مع دور لفنيسيا ردغراف.
النية معقودة حاليًا على تصوير هذين الفيلمين الجديدين عن أغاثا نهاية العام الحالي ومطلع العام المقبل، لكن النية وحدها لا تكفي. فورثة الكاتبة عادة ما يتأخرون في الموافقة على تصوير أي اقتباس يخص حياة الكاتبة الراحلة أو أعمالها، كما حدث مع «جريمة قطار الشرق السريع» الذي لم يكن استحواذ الموافقة القانونية سريعًا على الإطلاق، إذ استمر التجاذب سبع سنوات قبل التصوير.

1 Emma Stone.jpg إيما ستون
2 Alicia Vikander.jpg أليسا فيكاندر
3 AGATHA.jpg فنيسيا ردغراف كما لعبت الدور سنة 1979 في «أغاثا»



بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».