حاكم مصرف لبنان: نراقب التزام البنوك قانون حظر التعامل بأموال «حزب الله»

شدد على تطبيقه للبقاء ضمن النظام المالي العالمي وتحقيق الاستقرار الاقتصادي

حاكم مصرف لبنان: نراقب التزام البنوك قانون حظر التعامل بأموال «حزب الله»
TT

حاكم مصرف لبنان: نراقب التزام البنوك قانون حظر التعامل بأموال «حزب الله»

حاكم مصرف لبنان: نراقب التزام البنوك قانون حظر التعامل بأموال «حزب الله»

أعلن حاكم مصرف لبنان المركزي، رياض سلامة، أنه سيتأكد من «التزام البنوك المحلية بالقانون الأميركي الذي يستهدف المصادر المالية لـ(حزب الله)». ودعا إلى «تفعيل القانون الأميركي من أجل إبقاء البنوك اللبنانية في إطار النظام المالي العالمي، وتحقيق الاستقرار للاقتصاد المثقل بالديون في الوقت الذي يتضرر فيه النمو وقطاع السياحة من الحرب الدائرة في سوريا».
وقال سلامة، في مقابلة أجرتها معه وكالة «رويترز»، أمس الأربعاء: «بالطبع هذا القانون خلق كثيرا من التوتر في البلاد، والتوتر ليس جيدا للبنان، لكننا بشكل عام احتفظنا بأهدافنا». وأضاف: «نحن من خلال هيئة مكافحة تبييض الأموال، نعالج الملفات بشكل فردي، ونتخذ القرارات التي تحترم القوانين الخارجية من جهة، ولا تكون مجحفة بالنسبة للمتعاطين مع القطاع المصرفي اللبناني من جهة ثانية».
وصادق الكونغرس الأميركي خلال شهر ديسمبر (كانون الأول) على قانون، ينذر بحجب أي بنك يتعامل مع ما يسمى «حزب الله» من السوق الأميركية، انسجامًا مع تصنيف الولايات المتحدة لما يسمّى «حزب الله» منظمة إرهابية. وقد أوجد هذا القانون خلافا بين البنك المركزي والحزب الذي يرى فيه انتهاكًا للسيادة. وأكد سلامة ووزارة الخزانة الأميركية مرارًا أن «قانون مكافحة تمويل (ما يسمى حزب الله)، لم يوضع للإضرار باقتصاد لبنان أو لمنع المنتمين إلى الطائفة الشيعية في لبنان».
ولم يكشف حاكم مصرف لبنان عن عدد الحسابات المصرفية التي أغلقت حتى الآن أو عدد من يخضعون للتحقيقات. لكنه أوضح أن «هذه العملية تحظى باحترام البنوك، وأن هناك لجنة للتحقيقات الخاصة تنظر في كل طلب بشكل فردي لإغلاق حسابات يصفونها بأنها تخالف القانون».
وتابع سلامة: «القطاع المصرفي في لبنان هو حجر الزاوية للاستقرار في البلاد، وكما تعلمون فإن لبنان يجري تمويله من خلال القطاع المصرفي فقط، وبالتالي فإن ما نفعله يهدف إلى الحفاظ على الثقة، وأعتقد أن هذه الثقة تم الحفاظ عليها، لأننا لم نر أي ضغط للتحويل من الليرة اللبنانية إلى العملات الأجنبية»، مشددًا على أن «الثقة بالبنك المركزي ما زالت مرتفعة، وأنها تؤكد أن لبنان بإمكانه الاستمرار في تمويل نفسه»، لافتًا إلى أن مصرف لبنان «سيظل يحقق الاستقرار للاقتصاد حتى تصبح الحكومة أكثر فاعلية، وتقر الموازنة وتعالج العجز الهيكلي مهما طال الزمن».
ومع وصول الدين الحكومي إلى 136.7 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في 2015 - وهو ثالث أعلى دين حكومي للبلدان الحاصلة على تصنيف وكالة «فيتش» - فإن الثقة في مصرف لبنان المركزي ذات أهمية كبيرة، إذ ينظر إليه على أنه من المؤسسات القليلة الفاعلة في البلاد. وتتعرض المرونة الاقتصادية التقليدية للبنان إلى ضغط متزايد جراء عدم الاستقرار في المنطقة وعبء اللاجئين الضخم.
وتوقع حاكم البنك المركزي أن «يتراوح النمو بين 1.5 واثنين في المائة في 2016 بما يتماشى مع توقعات البنك الدولي لنمو نسبته 1.8 في المائة، لكن بما يقل كثيرا عن معدلات النمو التي جرى تسجيلها في السنوات السابقة لعام 2011».
واعتبر سلامة أن «لبنان بحاجة إلى تنظيم تحركاته لإدخال إصلاحات، وهذا يحتاج إلى قوانين لاستغلال الفرص مثل الغاز والنفط على سبيل المثال، ويحتاج أيضا إلى قوانين، ومن ثم فإن الوقت الذي نهدره مكلف».
الجدير ذكره، أنه بعد أسابيع قليلة على سريان تطبيق القانون الأميركي في لبنان، تعرّض «بنك لبنان والمهجر» وهو أحد أكبر المصارف اللبنانية، لهجوم بقنبلة استهدف مقرّه الرئيسي في منقطة فردان في بيروت، واعتبرت رسالة أمنية مما يسمّى «حزب الله» للمصارف اللبنانية، ردًا على تقيدها بمقتضيات القانون الأميركي وإغلاق حسابات مرتبطة بالحزب، علما بأن الأخير لم ينف علاقته بالتفجير رغم الاتهامات التي وجهت إليه بهذا الخصوص.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.