عدن تتحدى الصعوبات المالية والإدارية بمجلس اقتصادي

المحافظ يكشف لـ «الشرق الأوسط» تفاصيل وأهداف وخطوات الإصلاح المرتقب

جانب من مدينة عدن التي استعادتها الشرعية منذ عام وتسعى الحكومة لإنعاشها اقتصاديا (رويترز)
جانب من مدينة عدن التي استعادتها الشرعية منذ عام وتسعى الحكومة لإنعاشها اقتصاديا (رويترز)
TT

عدن تتحدى الصعوبات المالية والإدارية بمجلس اقتصادي

جانب من مدينة عدن التي استعادتها الشرعية منذ عام وتسعى الحكومة لإنعاشها اقتصاديا (رويترز)
جانب من مدينة عدن التي استعادتها الشرعية منذ عام وتسعى الحكومة لإنعاشها اقتصاديا (رويترز)

تعكس الأجواء الساخنة التي تعيشها مدينة عدن، ونقص الكهرباء الحاد، مدى حاجة المواطن اليمني إلى دفعة اقتصادية تنعشه قليلا. ولا تعدو هذه الملاحظة إلا انعكاسا لما يصبو إليه المواطنون الذين للتو أنهوا سنة واحدة بعد سيطرة الانقلاب على محافظتهم.
وتتحرك الحكومة اليمنية في الاتجاهات كافة التي قد تحدث فارقا أفضل، وأجرت عشرات اللقاءات والاجتماعات، إلى جانب الخطوات المبدئية لإنقاذ الوضع في المناطق المحررة، ولعل أبرزها، استحداث المجلس الاقتصادي في محافظة عدن.
حيال ذلك، كشف اللواء عيدروس الزبيدي محافظ عدن، لـ«الشرق الأوسط» عن جملة أهداف ورؤى متعلقة بالمجلس، وفصل في حديث خاص، أبرز نقاط التركيز التي سيتخذها المجلس الاقتصادي في عدن، برئاسته.
الزبيدي يؤكد بأن تشكيل مجلس اقتصادي للعاصمة المؤقتة عدن يأتي للمساعدة في حل الأزمات الاقتصادية المفتعلة من قبل الانقلابين، وتحسين مستوى الدخل الإيرادي، لافتًا إلى أن اجتماع المجلس سيكون بشكل دائم لمواجهة التحديات الاقتصادية كافة التي تواجه العاصمة عدن على حد قوله.
وتتمثل مهام المجلس الاقتصادي، في الإشراف العام على نشاط المؤسسات الاقتصادية في العاصمة المؤقتة عدن، ورفع مستوى أداء المؤسسات وتنمية مواردها وضمان حسن استخدامها، إلى جانب عمل آلية تضمن تدفق موارد المؤسسات بانتظام إلى الحسابات المصرفية المعتمدة ومنها حساب السلطة المحلية.
وأوضح محافظ عدن أن قرار إنشاء المجلس الاقتصادي في هذه المرحلة الحرجة يأتي بعد أن دمرت المؤسسات والمكاتب الإيرادية تدميرا ممنهجا، وقال: «أصبحت المؤسسات مليئة بالفساد».
ولأن الاقتصاد والتنمية من العوامل المهمة في تطوير وبناء العاصمة عدن من خلال الإيرادات وتحسين أداء هذه المكاتب وتقديم الدراسات التي من شأنها أن تنهض بعدن بشكل كبير وسريع، قال الزبيدي إن المجلس يضع في أبرز أهدافه تحقيق ذلك.
واستطرد المحافظ بالقول إن المرحلة التي تعقب مرحلة تثبيت الأمن والاستقرار لعدن والتي بذلت فيها السلطة المحلية جهودا كبيرة وحققت من خلالها إنجازات ملموسة في استتباب الأمن والاستقرار، وجب أيضا أن يولى العامل الاقتصادي أهمية مماثلة في هذه المرحلة، ولتحقيق المهام الاقتصادية وتحسين الإيرادات ولإشراك كل الكفاءات والمختصين جاءت أهمية تشكيل المجلس الاقتصادي لانتشال عدن من وضعها الاقتصادي المتدهور جراء الحرب الظالمة التي شنتها ميليشيا الحوثيين وقوات المخلوع صالح على عدن والجنوب.
ولفت الزبيدي إلى مهام أخرى للمجلس، ومنها إقرار آلية عمل منظمة للصرف من الميزانيات التشغيلية للجهازين المدني والأمني في عدن، فضلا عن عمليات الرقابة على مستوى أداء كل مؤسسة، إلى جانب رفع التقارير الدورية للحكومة على النمط الذي يقره المجلس.
وسيستعين المجلس بعدد من المختصين الأكفاء في سبيل إنجاز مهامه على أكمل وجه، وفقا للزبيدي، الذي جدد تأكيده بأن قرار تشكيل المجلس الاقتصادي لعدن جاء بعد سلسلة لقاءات مع الجهات الإيرادية ذات الاختصاص، آخرها الاجتماع الموسع الذي عقده المحافظ الزبيدي «الأحد» الماضي مع مديري ورؤساء المكاتب والهيئات والمؤسسات والمصالح الإيرادية في عدن والذي خرج بقرار تشكيل المجلس الاقتصادي لإدارة العملية الاقتصادية والتنموية والإيرادية والتغلب على الصعوبات والتحديات التي تعيشها العاصمة المؤقتة والحيلولة دون تفاقمها واتساعها.
بدوره، وصف الدكتور سعودي علي عبيد أستاذ الاقتصاد بجامعة عدن تشكيل المجلس الاقتصادي في عدن الخطوة الضرورية والمهمة على طريق إعادة بناء المؤسسات الاقتصادية والإدارية والخدمية في عدن والتي تضررت كثيرًا بسبب الحرب التي أشعلها تحالف صالح والحوثيين، وتسببت بتدمير كثير من البنية التحتية والمؤسسات، وتم تعطيل فاعلية مؤسسات أخرى على حد قوله.
واستطرد في حديث لـ«الشرق الأوسط» قائلاً: بسبب استمرار الحرب، وبسب المركزية الإدارية والمالية التي كانت متبعة، فقد أثر ذلك كثيرًا على المناطق المحررة ومنها عدن، موضحًا بأن صعوبات كثيرة ما زالت تعاني منها عدن حتى الآن، وخاصة في الجوانب الاقتصادية والإدارية والخدمية.
وأكد عبيد بأن تشكيل المجلس الاقتصادي في عدن يعتبر خطوة هامة، مشيرا إلى أن أبرز المهام التي تنتظر المجلس هي الإسراع في إعادة تشغيل المؤسسات الاقتصادية والخدمية وكذا ضرورة إعادة تقييم المؤسسات الاقتصادية في عدن، إلى جانب تصحيح الوضع القيادي في إدارات المؤسسات الاقتصادية والخدمية وإعادة تأهيلها، وكذا دراسة الطرق الممكنة التي من خلالها يتم تفعيل نشاط أهم المؤسسات الاقتصادية الإيرادية من أجل تحسين النشاط الاقتصادي، وزيادة الإيرادات المالية للمؤسسات الاقتصادية، بالإضافة إلى العمل على إقامة وإنشاء مؤسسات اقتصادية جديدة قادرة على المساهمة الفاعلة في رفد ميزانية عدن بالإيرادات المالية الضرورية.
ويضم المجلس الاقتصادي الذي تشكل برئاسة المحافظ عيدروس الزبيدي نخبة من الخبراء الاقتصاديين وأكاديميين من جامعة عدن وكفاءات متمكنة تعمل بعدد من المرافق والمكاتب الإيرادية في المدينة وتمتلك خبرات اقتصادية طويلة، حيث يهدف تشكيل المجلس إلى مواجهة التحديات الاقتصادية المفتعلة من قبل الميليشيات الانقلابية من تحالف الحوثيين والمخلوع صالح.
المتخصصة في الإدارة والاقتصاد الدكتورة ليلى قائد أكدت في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن الأزمات المفتعلة في عدن على حد قولها خلقت أجواء ساخطة وزادت من معاناة المواطنين في مجالات الحياة المختلفة، مضيفة: نحن إذ نقول أزمات مفتعلة كونها لم تكن حاضرة بهذه الحدة في الماضي القريب وإبان حرب الحوثي العفاشي الظالمة على عدن والجنوب، كما أضافت: نحن نؤيد ونبارك الخطوة الفاعلة في تشكيل مجلس اقتصادي للعاصمة عدن للمساعدة في حل الأزمات الاقتصادية المفتعلة من قبل دعاة الحرب وتحسين الدخل الإيرادي كون عدن والجنوب زاخرة بالموارد الاقتصادية والكوادر الاقتصادية النزيهة، مشيرة إلى أن ذلك يأتي من أجل تحسين المستوى المعيشي وتحقيق الحياة الكريمة لأبنائنا، وسعيا وراء تحقيق الهدف المنشود في استعادة دولة الجنوب العربي لأننا أصحاب الأرض والعرض.
وأردفت ليلى قائد وهي أستاذة جامعية بكلية العلوم الإدارية جامعة عدن بالقول: من جملة الأزمات المفتعلة في عدن والجنوب يمكننا تلخيص عدد من المعالجات تتمثل في تدعيم المجلس الاقتصادي بالخبراء والمستشارين والأكاديميين الاقتصاديين المشهود لهم بالنزاهة، وتزويد جهاز الاستخبارات بأحدث الأجهزة التقنية الاستخباراتية وبقيادات وكوادر جنوبية مؤهلة، وأيضًا توريد جميع الإيرادات إلى خزينة البنك المركزي في عدن في ظل سلطة محلية منفصلة عن السلطة المركزية في صنعاء.
كما شددت على إعادة التعيينات الإدارية والمالية في المرافق وفق معايير وضوابط مهنية، وكذا تعيين رئيس جامعة عدن كونها الصرح الأعلى في بناء القاعدة العلمية التي تخدم التنمية في بلادنا، ودعت إلى إنشاء صندوق مالي لدعم النظافة التي تعكس ملامح الحضارة للبلاد، مؤكدًا على ضرورة إجراء مسح بالعينة للأسرة في الجنوب لمعرفة جملة الخصائص الديموغرافية الخاصة فيها ومنها معرفة حجم ومعدل البطالة ليتم معالجته واستغلال الطاقات المهدورة لشبابنا، وكذلك إعادة تفعيل الأجهزة القضائية والرقابية والمحاسبية والإحصائية وغيرها بعيدا عن السلطة المركزية في صنعاء.



مصر تؤكد تمسكها باحترام سيادة الصومال ووحدة وسلامة أراضيه

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
TT

مصر تؤكد تمسكها باحترام سيادة الصومال ووحدة وسلامة أراضيه

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)

قالت وزارة الخارجية المصرية، في بيان اليوم (الأحد)، إن الوزير بدر عبد العاطي تلقّى اتصالاً هاتفياً من نظيره الصومالي أحمد معلم فقي؛ لإطلاعه على نتائج القمة الثلاثية التي عُقدت مؤخراً في العاصمة التركية، أنقرة، بين الصومال وإثيوبيا وتركيا؛ لحل نزاع بين مقديشو وأديس أبابا.

ووفقاً لـ«رويترز»، جاء الاتصال، الذي جرى مساء أمس (السبت)، بعد أيام من إعلان مقديشو وإثيوبيا أنهما ستعملان معاً لحل نزاع حول خطة أديس أبابا لبناء ميناء في منطقة أرض الصومال الانفصالية، التي استقطبت قوى إقليمية وهدَّدت بزيادة زعزعة استقرار منطقة القرن الأفريقي.

وجاء في بيان وزارة الخارجية المصرية: «أكد السيد وزير خارجية الصومال على تمسُّك بلاده باحترام السيادة الصومالية ووحدة وسلامة أراضيها، وهو ما أمَّن عليه الوزير عبد العاطي مؤكداً على دعم مصر الكامل للحكومة الفيدرالية (الاتحادية) في الصومال الشقيق، وفي مكافحة الإرهاب وتحقيق الأمن والاستقرار».

وقال زعيما الصومال وإثيوبيا إنهما اتفقا على إيجاد ترتيبات تجارية للسماح لإثيوبيا، التي لا تطل على أي مسطح مائي، «بالوصول الموثوق والآمن والمستدام من وإلى البحر» بعد محادثات عُقدت يوم الأربعاء، بوساطة الرئيس التركي رجب طيب إردوغان.

وهذا الاجتماع هو الأول منذ يناير (كانون الثاني) عندما قالت إثيوبيا إنها ستؤجر ميناء في منطقة أرض الصومال الانفصالية بشمال الصومال مقابل الاعتراف باستقلال المنطقة.

ورفضت مقديشو الاتفاق، وهدَّدت بطرد القوات الإثيوبية المتمركزة في الصومال لمحاربة المتشددين الإسلاميين.

ويعارض الصومال الاعتراف الدولي بأرض الصومال ذاتية الحكم، والتي تتمتع بسلام واستقرار نسبيَّين منذ إعلانها الاستقلال في عام 1991.

وأدى الخلاف إلى تقارب بين الصومال ومصر، التي يوجد خلافٌ بينها وبين إثيوبيا منذ سنوات حول بناء أديس أبابا سداً مائيّاً ضخماً على نهر النيل، وإريتريا، وهي دولة أخرى من خصوم إثيوبيا القدامى.

وتتمتع تركيا بعلاقات وثيقة مع كل من إثيوبيا والصومال، حيث تُدرِّب قوات الأمن الصومالية، وتُقدِّم مساعدةً إنمائيةً مقابل موطئ قدم على طريق شحن عالمي رئيسي.

وأعلنت مصر وإريتريا والصومال، في بيان مشترك، في أكتوبر (تشرين الأول) أن رؤساء البلاد الثلاثة اتفقوا على تعزيز التعاون من أجل «تمكين الجيش الفيدرالي الصومالي الوطني من التصدي للإرهاب بصوره كافة، وحماية حدوده البرية والبحرية»، وذلك في خطوة من شأنها فيما يبدو زيادة عزلة إثيوبيا في المنطقة.

وذكر بيان وزارة الخارجية المصرية، اليوم (الأحد)، أن الاتصال بين الوزيرين تطرَّق أيضاً إلى متابعة نتائج القمة الثلاثية التي عُقدت في أسمرة في العاشر من أكتوبر.

وأضاف: «اتفق الوزيران على مواصلة التنسيق المشترك، والتحضير لعقد الاجتماع الوزاري الثلاثي بين وزراء خارجية مصر والصومال وإريتريا؛ تنفيذاً لتوجيهات القيادات السياسية في الدول الثلاث؛ لدعم التنسيق والتشاور بشأن القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك».

وفي سبتمبر (أيلول)، قال مسؤولون عسكريون واثنان من عمال المواني في الصومال إن سفينةً حربيةً مصريةً سلَّمت شحنةً كبيرةً ثانيةً من الأسلحة إلى مقديشو، تضمَّنت مدافع مضادة للطائرات، وأسلحة مدفعية، في خطوة من المرجح أن تفاقم التوتر بين البلدين من جانب، وإثيوبيا من جانب آخر.

وأرسلت القاهرة طائرات عدة محملة بالأسلحة إلى مقديشو بعد أن وقَّع البلدان اتفاقيةً أمنيةً مشتركةً في أغسطس (آب).

وقد يمثل الاتفاق الأمني مصدر إزعاج لأديس أبابا التي لديها آلاف الجنود في الصومال، يشاركون في مواجهة متشددين على صلة بتنظيم «القاعدة».