وثيقة سرية حول الملف النووي الإيراني تربك المجتمع الدولي

دول الخليج: لن نركن للتطمينات ولدينا الوسائل لتحري الأخطار المحدقة بأمننا

خبراء إيرانيون في منشأة نتنز يشرفون على عملية تخصيب اليورانيوم في أبريل 2009 (رويترز)
خبراء إيرانيون في منشأة نتنز يشرفون على عملية تخصيب اليورانيوم في أبريل 2009 (رويترز)
TT

وثيقة سرية حول الملف النووي الإيراني تربك المجتمع الدولي

خبراء إيرانيون في منشأة نتنز يشرفون على عملية تخصيب اليورانيوم في أبريل 2009 (رويترز)
خبراء إيرانيون في منشأة نتنز يشرفون على عملية تخصيب اليورانيوم في أبريل 2009 (رويترز)

كشفت وثيقة حصلت عليها وكالة أسوشيتد برس أن مجموعة من القيود الأساسية على برنامج إيران النووي المفروضة بموجب الاتفاق الذي تم التفاوض عليه دوليا، سيبدأ مفعولها بالتراخي قبل سنوات من انتهاء مفعول الاتفاق الذي مدته 15 عاما، مما سيعزز قدرة طهران على بناء قنبلة قبل نهاية الاتفاق، بمعنى أن زمن الهروب النووي لصناعة قنبلة يصل إلى النصف قبل انتهاء الاتفاق النووي.
والوثيقة السرية هي النص الوحيد المرتبط بالاتفاق المبرم العام الماضي بين إيران والدول الست الكبرى، الذي لم يتم الإعلان عنه، رغم أن المسؤولين الأميركيين يقولون إن أعضاء الكونغرس الذين عبروا عن اهتمامهم قد تم اطلاعهم على مضمونها. وحصلت «أسوشيتد برس» على الوثيقة من دبلوماسي كان عمله منصبا على برنامج إيران النووي على مدى ما يزيد على عقد من الزمن، وتسنى التأكد من مصداقيتها عن طريق دبلوماسي آخر بحوزته نفس الوثيقة.
وطلب كلاهما عدم كشف هويته، لأنهما ليسا مخولين بتداول أو الحديث بشأن الوثيقة، وبحسب وصف الدبلوماسي الذي أطلع «أسوشيتد برس» على النص، فإن الوثيقة تعتبر اتفاقا مضافا إلى الاتفاق النووي في صيغة وثيقة سلمتها إيران للوكالة الدولية للطاقة الذرية تحدد فيها خطتها لتوسيع برنامجها لتخصيب اليورانيوم بعد السنوات العشر الأولى من الاتفاق النووي.
غير أن في حين أن الوثيقة منفصلة رسميا عن الاتفاق النووي الأكبر، فقد قال الدبلوماسي إن الوثيقة تعتبر فعليا جزءا متكاملا من الاتفاق وتمت الموافقة عليها من قبل الولايات المتحدة وروسيا والصين وبريطانيا وفرنسا وألمانيا، وهي القوى الست التي تفاوضت على الاتفاق مع إيران. وتوضح التفاصيل التي نشرت في وقت سابق معظم القيود على برنامج إيران النووي، المعنية بتقليل التهديد بتحويل إيران لأنشطتها النووية التي تقول إنها سلمية باتجاه تصنيع أسلحة نووية.
لكن رغم أن بعض القيود تمتد طوال الـ15 عاما، وهي عمر الاتفاق، فإن الوثائق المتاحة للمجال العام قاصرة دون تفاصيل ما سيحدث مع نشاط إيران النووي الأكثر عرضة للانتشار – وهو تخصيبها لليورانيوم - بعد السنوات العشر الأولى من الاتفاق.
غير أن الوثيقة التي حصلت عليها «أسوشيتد برس» تردم هذه الهوة. فهي تقول إنه بحلول يناير (كانون الثاني) 2027 - أي بعد مرور 11 عاما على تنفيذ الاتفاق - ستبدأ إيران في استبدال أجهزة الطرد المركزي الرئيسية لديها بآلاف من الأجهزة المتطورة.
وتعمل أجهزة الطرد المركزي على تخصيب اليورانيوم إلى مستويات يمكن أن تتراوح من استخدامها كوقود للمفاعلات وللأغراض الطبية والبحثية، إلى مستويات أعلى بكثير من أجل استخدامها كنواة لرأس حربية نووية. وكما تقول الوثيقة، فإنه من السنة الـ11 إلى السنة الـ13. ستثبت إيران أجهزة طرد مركزي تبلغ 5 أضعاف كفاءة العدد المسموح لإيران باستخدامه حاليا من الأجهزة، والمحدد بـ5060 جهاز طرد مركزي.
وسيكون عدد الأجهزة الجديدة أقل من تلك المستخدمة حاليا، حيث يتراوح بين 2500 إلى 3500. اعتمادا على كفاءتها، بحسب الوثيقة. لكن لأن الأجهزة الجديدة أكثر كفاءة، فإنها ستتيح لإيران تخصيب اليورانيوم بمعدل يزيد على ضعف المعدل الحالي.
كما تدخل مكونات أخرى بجانب عدد وكفاءة أجهزة الطرد المركزي في الحسابات المتعلقة بالوقت المطلوب لكي يتمكن بلد من تصنيع سلاح نووي. ويشمل هذا كم اليورانيوم المخصب الذي ينبغي أن تعمل معه، والقيود على مخزون إيران التي تمتد حتى نهاية الاتفاق، فتعيق برنامجها للتخصيب بالكامل. لكن مقارنة للمخرجات بين الأجهزة القديمة والأحدث تبين أن الأجهزة الأحدث تعمل بضعف معدل التخصيب. ويعني هذا أن من شأنها أن تقلل الزمن الذي يمكن لإيران من خلاله تصنيع ما يكفي من اليورانيوم المخصب لمستوى إنتاج سلاح نووي، إلى 6 أشهر أو أقل من التقديرات الحالية التي تشير لعام واحد. بل ويمكن لهذا الإطار الزمني أن يتقلص بصورة أكبر. ففي حين أن الوثيقة لا تتعرض لما سيحدث مع عدد ونوعية أجهزة الطرد المركزي بعد السنة الـ13. وقال وزير الطاقة الأميركي إرنست مونيز لـ«أسوشيتد برس» إن إيران ستكون في حل لتركيب أي عدد من أجهزة الطرد المركزية بعد هذه المدة الزمنية، رغم أن الاتفاق يمتد إلى عامين إضافيين. ومن الممكن أن يعطي هذا لقدرات إيران دفعة هائلة فيما يتعلق بالتخصيب، بما في ذلك تصنيع قنبلة في حال قررت ذلك. لكن يمكن استخدامها فقط بعد انتهاء مدة الاتفاق. ولفت مونيز إلى أن القيود المفروضة على كمية اليورانيوم منخفض التخصيب الذي سيسمح لإيران بتخزينه ستظل 300 كيلوغرام (660 رطلا) خلال الـ15 عاما، وهو أقل بشكل كبير من الكمية المطلوبة لمزيد من التخصيب اللازم لإنتاج قنبلة. وكذلك فإن المخزن سيظل مقيدا إلى مستوى يستخدم لإنتاج الوقود النووي الذي هو أقل كثيرا من مستوى إنتاج الأسلحة النووية، وتترجم هذه القيود في صورة «ضوابط شديدة على... برنامج (إيران) النووي على مدار 15 عاما»، بحسب مونيز.
في محاولتها لإقناع المتشددين بالاتفاق، قالت الإدارة الأميركية إن هذا الاتفاق قد تمت صياغته لضمان أن تحتاج إيران لـ12 شهرا إضافيا لتتمكن من إنتاج ما يكفي من اليورانيوم المخصب لإنتاج سلاح نووي واحد على الأقل. وقال مونيز إن الوثيقة التي حصلت عليها «أسوشيتد برس» لا تمثل أي تناقض لهذا الادعاء، «لأننا أوضحنا تماما أننا نركز على 10 سنوات على الحد الأدنى من الزمن المطلوب لإنتاج سلاح نووي والمقدر بعام واحد».
كذلك تشير الوثيقة إلى أن إيران ستتوسع بشكل كبير في عملها المتعلق بأجهزة الطرد المركزية الأكثر تقدما، بما في ذلك لاختبارات واسعة النطاق استعداد لانتهاء مدة سريان الاتفاق، الـ15 عاما، بعد دخوله حيز النفاذ في 18 يناير. لكن الناطق باسم الخارجية الأميركية، مارك تونر قال إن «الحظر المفروض على سعي إيران لإنتاج سلاح نووي - وقدرتنا على مراقبة الطبيعة السلمية لبرنامجها النووي - تظل فعالة إلى أجل غير مسمى». وقال: «لا نعتقد أن المدة المطلوبة لإنتاج سلاح نووي ستتقلص إلى النصف، إلى 6 أشهر، بحلول السنة الـ11». وتصر إيران على أنها غير مهتمة بإنتاج أسلحة نووية، وإن لاتفاق يخضع لرقابة وثيقة من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وتقول الوكالة بدورها إن طهران حافظت بشكل أساسي على التزاماتها منذ سريان الاتفاق، وذلك منذ أكثر قليلا من 6 أشهر بعد أن توصلت إيران والقوى الست إلى الاتفاق في 14 يوليو (تموز) 2015.
وفي أول رد لدول الخليج العربية أكد لـ«الشرق الأوسط»، اللواء الركن خليفة الكعبي، أمين مجلس التعاون المساعد للشؤون العسكرية، أن دول الخليج، لا يمكن أن تركن لأي تطمينات حول سلامة البرنامج النووي الإيراني، ولديها الوسائل التي يمكن من خلالها تحري الأخطار المحدقة بأمنها، للتعامل معها، والحفاظ على أمنها واستقرارها.
وكانت دول الخليج، والسعودية على وجه التحديد، قد طالبت إيران، باستغلال مواردها في خدمة تنميتها وتحسين أوضاع شعبها، عوضا عن استخدامها في إثارة الاضطرابات والقلاقل في المنطقة، وأكدت أنها كانت دائما مع أهمية وجود اتفاق حيال برنامج إيران النووي، بما يضمن منع إيران من الحصول على السلاح النووي بأي شكل من الأشكال، ويشتمل ذلك على آلية تفتيش محددة وصارمة ودائمة لكل المواقع، بما فيها المواقع العسكرية مع وجود آلية لإعادة فرض العقوبات على نحو سريع وفعال في حال انتهاك الاتفاق.
وفي ذات السياق رفضت الأمم المتحدة تأكيد أو نفي المعلومات التي تشير إلى اتفاق سري بين إيران والدول الست الكبرى، يسمح لإيران باستئناف تطوير برنامجها النووي في أقل من 12 عاما، بدلا من 15 عاما حسب الاتفاق الموقع. وقال فرحان الحق لـ«الشرق الأوسط» لا يمكن أن نعلق على وثيقة لم نرها»، واتصلت «الشرق الأوسط» مع الناطق الإعلامي باسم الوكالة الدولية للطاقة الذرية للتأكد من صحة المعلومات إلا أنها لم تتلق الرد لغاية كتابة هذا التقرير. إلا أن مصدرا في مجلس الأمن قال إن هذه الوثيقة تأتي في وقت كشفت فيه تقارير سابقة بأن الدول الكبرى سمحت لإيران «بالتحايل» على قرارات مجلس الأمن وخاصة القرار رقم 2231 الذي صادق فيه على الخطة العمل المشترك الشاملة بشأن برنامج إيران النووي بين إيران والدول الكبرى (5 زائد واحد) عندما تم استخدام مصطلحات وعبارات «مبهمة». مضيفا أن هذا أدى إلى عدم قدرة مجلس الأمن من إدانة أو استنكار قيام إيران بإطلاق صواريخ باليستية لعدم وجود تفسير «قانوني» للمصطلحات الجديدة التي تم استخدامها في القرار رقم 2231، وعلى سبيل المثال اختلف الأعضاء حول ما إذا كانت عمليات الإطلاق تشكل انتهاكا للقرار 2231 أم لا؟ فكانت وما زالت هناك وجهات نظر مختلفة حول الآثار القانونية المترتبة على مصطلح «يدعو إيران إلى عدم القيام»، بدلا من عبارة «قرر (المجلس) ألا تقوم إيران بـ» التي استخدمت في القرار رقم 1929. الذي فرض مزيد من العقوبات على إيران في حزيران يونيو (حزيران) 2010. وعلاوة على ذلك، فإن القرار رقم 1929 يحظر «أي نشاط يتعلق الصواريخ الباليستية القادرة على حمل أسلحة نووية»، ولكن قرار 2231 يشير إلى «الصواريخ المصممة لتكون قادرة على حمل أسلحة نووية».
وفي مجلس الأمن، رغم أن السفيرة الأميركية في الأمم المتحدة، سامنثا باور، قالت إن إيران «ليست قادرة على الوصول إلى الأسلحة النووية الآن»، إلا أنها عادت وقالت إن إيران «تخترق الاتفاق النووي والقانون الدولي بسبب إطلاقها الصواريخ الباليستية».
وأضافت باور أن «إيران تقوم بتصرفات تشكل خرقا للاتفاق النووي الموقع مع القوى الدولية. كما تدعم بعض الجماعات بالسلاح، وتتدخل بشكل غير قانوني في النزاع السوري».
بينما قال سفير فرنسا في الأمم المتحدة، فرنسوا ديلاتر، إن على إيران خلق مناخ من الثقة لاستثمار الشركات فيها». لكن إيران «تقوض الاستقرار فيها وفي المنطقة بإطلاق الصواريخ الباليستية». وأشار السفير إلى قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني، وأنه يتنقل رغم حظر السفر عليه بناء على قرار من مجلس الأمن».
إلى ذلك قال ديفيد ألبرايت، مدير مركز العلوم والأمن العالمي (إس اي إس) في واشنطن، أن الوثيقة هامة، وأنه لم يكن يعلم بوجودها، وهو، منذ سنوات، مستشار للحكومة الأميركية في الموضوع النووي الإيراني. وأضاف: «ستخلق الوثيقة مزيدا من عدم الاستقرار، وربما ستقود إلى حرب، إذا لم تنخفض التوترات الإقليمية».
إلى ذلك قالت صحيفة «واشنطن بوست» إن الوثيقة لا تدعو للتفاؤل حول الموضوع الإيراني». وأشارت إلى ما حدث في مجلس الأمن أول من أمس، حيث انتقدت الأمم المتحدة ممارسات إيران منذ التوقيع على الاتفاقية.
وأعلن عن إبرام الاتفاق بين الدول الكبرى وإيران في العاصمة النمساوية فيينا منتصف يوليو العام الماضي، بعد ماراثون طويل من المفاوضات، ويقضي بضمان عدم حصول إيران على قنبلة نووية، مقابل رفع العقوبات المفروضة عليها، وجاءت الاتفاقية في 159 صفحة، صادقت عليها طهران، وهو أمر وصفه المجتمع الدولي ودول المنطقة بالإيجابي، ويفتح فصلا جديدا من العلاقات الدولية، ويظهر أن التنسيق والدبلوماسية والتعاون، قد تتغلب على عقود من التوتر والمواجهات، شريطة التزام الإيرانيين. ونص الاتفاق على رفع عقوبات الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة والأمم المتحدة على إيران، مقابل موافقتها على فرض قيود طويلة المدى على برنامجها النووي الذي يشتبه بأنه يهدف لصنع قنبلة نووية، وأكد الخبراء أن الاتفاق يؤخر حصول إيران على القنبلة، بنحو عام من الزمن، بعد أن كان بإمكانها الحصول على مقدرة تطوير سلاح نووي خلال شهرين أو ثلاثة، وقبلت طهران بخطة تقضي بعودة سريعة للعقوبات خلال 65 يوما إذا لم تلتزم ببنود الاتفاق مع القوى العالمية الست. وفي مناسبة ذكرى الاتفاق يوم الخميس الماضي، قال الرئيس باراك أوباما إنه نجح في تقييد برنامج إيران النووي، و«تجنب مزيد من النزاع وجعلنا أكثر أمنا». لكن من الممكن أن تزداد المعارضة من جانب الجمهوريين الأميركيين مع اكتشاف أن الفترة التي يمكن لإيران خلالها تصنيع سلاح نووي يمكن أن تتقلص لأقل من عام خلال السنوات القليلة الأخيرة من عمر الاتفاق. وكذلك تعارض إسرائيل الاتفاق، والتي سبق وأن هددت بضرب إيران إذا ما وجدت أن طهران قريبة من إنتاج سلاح نووي. وفي تلميح بإمكانية حدوث ذلك، قال ديفيد أولبرايت، من معهد العلوم والأمن الدولي في واشنطن، وهو من الأدوات البحثية التي تستعين بها الحكومة الأميركية بشأن برنامج إيران النووي، قال إن الخطة المحددة في الوثيقة «ستخلق قدرا كبيرا من عدم الاستقرار وربما حتى تؤدي إلى حرب، إذا تم تجاهل التوترات الإقليمية».
ويمنح الاتفاق النووي إيران تخفيفا من العقوبات في مقابل التزامها بالقيود على برنامجها النووي. لكن قبل العطلة الصيفية، صادق الكونغرس في الأسبوع الماضي على قانون بفرض عقوبات جديدة على إيران بسبب استمرارها في تطوير وتجريب صواريخ باليستية، وهو برنامج يقول البيت الأبيض إنه معني بحمل رؤوس نووية، حتى وإن لم يكن جزءا من الاتفاق النووي. كما صادق الكونغرس على إجراء يطالب بمنع إدارة أوباما من شراء مزيد من المياه الثقيلة من إيران، وهي من المكونات الأساسية في مفاعلات نووية معينة.
وقال البيت الأبيض إن التخلص من فائض البلاد من المياه الثقيلة يحرم طهران من الوصول إلى مادة يمكن أن تخزن من أجل إمكانية إنتاج أسلحة نووية. لكن منتقدين يشيرون إلى أن عملية الشراء جرت فقط بعد تجاوزت إيران حدود إنتاج المياه الثقيلة المفروضة بموجب الاتفاق النووي، ويؤكدون على أن الإدارة كافأت طهران على مخالفة الاتفاق.



تركيا تُحذر «قسد»: «صبرنا بدأ ينفد»

رئيس الأركان التركي سلجوق بيرقدار أوغلو وقادة القوات المسلحة أجروا تفتيشاً بمقر القيادة الرئيسي للفيلق السادس في كليس على الحدود السورية الأربعاء (الجيش التركي - إكس)
رئيس الأركان التركي سلجوق بيرقدار أوغلو وقادة القوات المسلحة أجروا تفتيشاً بمقر القيادة الرئيسي للفيلق السادس في كليس على الحدود السورية الأربعاء (الجيش التركي - إكس)
TT

تركيا تُحذر «قسد»: «صبرنا بدأ ينفد»

رئيس الأركان التركي سلجوق بيرقدار أوغلو وقادة القوات المسلحة أجروا تفتيشاً بمقر القيادة الرئيسي للفيلق السادس في كليس على الحدود السورية الأربعاء (الجيش التركي - إكس)
رئيس الأركان التركي سلجوق بيرقدار أوغلو وقادة القوات المسلحة أجروا تفتيشاً بمقر القيادة الرئيسي للفيلق السادس في كليس على الحدود السورية الأربعاء (الجيش التركي - إكس)

حذرت تركيا «قوات سوريا الديمقراطية (قسد)»، التي تشكل «وحدات حماية الشعب» الكردية عمادها الأساسي، من أن صبرها بدأ ينفد إزاء عدم تحركها لتنفيذ اتفاق الاندماج في الجيش السوري، مؤكدةً في الوقت نفسه أنها لا تؤيد استخدام القوة العسكرية مجدداً.

وبينما أجرى رئيس أركان الجيش التركي، سلجوق بيرقدار أوغلو، رفقة قادة القوات المسلحة تفتيشاً على وحدات عسكرية على الحدود مع سوريا، قال وزير الخارجية، هاكان فيدان، إن على «تنظيم الوحدات الكردية - قسد (الإرهابي)» أن يدرك أن صبرنا قد نفد.

وأضاف فيدان، خلال مقابلة تلفزيونية الخميس، أنه «يجب على قسد الالتزام بالاتفاق الموقع مع الحكومة السورية في دمشق في 10 مارس (آذار) الماضي، من دون تأخير».

تغليب الحوار

وقال فيدان: «لا نؤيد استخدام القوة العسكرية مجدداً؛ صبر الأطراف المعنية نفد، نأمل أن يتم التوصل إلى حل بشأن الاندماج بين إدارة دمشق وقوات سوريا الديمقراطية من خلال الحوار».

فيدان وبراك بحثا التطورات السورية وتنفيذ اتفاق اندماج «قسد» بالجيش السوري في أنقرة يوم الثلاثاء (الخارجية التركية)

وبحث فيدان مع السفير الأميركي لدى أنقرة المبعوث الخاص إلى سوريا، توم برّاك، الثلاثاء، المستجدات المتعلقة بها بعد مرور عام على سقوط نظام بشار الأسد، والخطوات اللازمة لتحقيق الاستقرار والحفاظ على وحدتها.

وقالت مصادر تركية إن المباحثات ركزت بشكل أساسي «على تنفيذ الاتفاق الموقَّع بين الرئيس السوري أحمد الشرع وقائد قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، مظلوم عبدي، في دمشق في 10 مارس (آذار) الماضي، بشأن اندماجها في الجيش السوري، وهو الاتفاق الذي ينبغي أن يتم الانتهاء من تنفيذه بنهاية ديسمبر (كانون الأول) الحالي».

الشرع وقائد «قسد» مظلوم عبدي خلال توقيع اتفاق اندماجها في الجيش السوري بدمشق 10 مارس الماضي (إ.ب.أ)

واتهم فيدان «قسد»، مراراً، بالتهرب من تنفيذ اتفاق الاندماج بتشجيع من إسرائيل، مشدداً على «ضرورة حل نفسها ومغادرة عناصرها الأجانب، الأراضي السورية».

وقال، خلال المقابلة التلفزيونية: «لن نسمح للإرهاب بعرقلة مسيرة سوريا»، مضيفاً أن تركيا، إلى جانب الولايات المتحدة ودول إقليمية، تسعى لتحقيق هدف مشترك ضد تنظيم «داعش» الإرهابي، ويجب ألا نسمح أبداً لأي عنصر إرهابي بعرقلة مسيرة الشعب والدولة السورية نحو التعافي».

تعاون في مواجهة «داعش»

وأكد فيدان أهمية التعاون بين تركيا ودول المنطقة في مكافحة تنظيم «داعش»، وأنه يمكن مواجهة «داعش» ما دام التعاون مستمراً.

وأشار إلى أن التعاون الإقليمي تحقق مع انتهاء الحرب الأهلية في سوريا وتعزيز إدارة دمشق، مضيفاً: «ما دامت وُجدت آلية للتعاون، يمكننا مواجهة خطر (داعش)».

وأنشأت تركيا والحكومة السورية، مؤخرًا، مكتباً للعمليات العسكرية المشتركة يركز على التنسيق ودعم دمشق في التصدي لأنشطة «داعش».

وقال فيدان إن تركيا اكتسبت خبرة واسعة في مجال مكافحة الإرهاب على مدى السنوات الأربعين الماضية، وأن جهودها ضد «حزب العمال الكردستاني» وغيره من «التنظيمات الإرهابية» أسهمت أيضاً في تأسيس بنية تحتية قوية لمواجهة خطر «داعش» في المنطقة.

وزراء خارجية ودفاع وأجهزة مخابرات تركيا والأردن والعراق ولبنان وسوريا خلال اجتماع في عمان 9 مارس الماضي لبحث التعاون الإقليمي لمكافحة «داعش» (الخارجية التركية)

في السياق ذاته، قال المتحدث باسم وزارة الدفاع التركية، زكي أكتورك، خلال إفادة أسبوعية، الخميس، إن تركيا تتابع من كثب جهود الحكومة السورية لإعادة الاستقرار والأمن، وتلتزم بالحفاظ على تعاون وثيق معها.

وأضاف، رداً على سؤال بشأن اتفاق دمج «قسد» في الجيش السوري، قائلاً: «يُعدّ استقرار سوريا وأمنها أمرين مهمين لسلام المنطقة، وفي هذا الصدد، تدعم تركيا مبدأ (دولة واحدة، جيش واحد) في سوريا، وننسّق مع نظرائنا السوريين في هذا الشأن ونتابع العملية من كثب».

تفتيش على الحدود

وبينما تتابعت تصريحات المسؤولين الأتراك حول اتفاق «قسد» والحكومة السورية، مع تأكيد عدم الرغبة في اللجوء إلى العمل العسكري مجدداً، أجرى رئيس أركان الجيش التركي، سلجوق بيرقدار أوغلو، رفقة قادة القوات المسلحة، تفتيشاً على الوحدات العسكرية في قيادة الجيش الثاني في ملاطيا (شرق)، ومركز القيادة الرئيسي للفيلق السادس في ولاية كيليس المحاذية للحدود السورية.

جاء ذلك بعد أيام من زيارة بيرقدار أوغلو سوريا، يومَي 6 و7 ديسمبر (كانون الأول) ولقائه الرئيس أحمد الشرع ووزير الدفاع، مرهف أبو قصرة، ورئيس الأركان علي نور الدين النعسان، وتفقده مركز العمليات المشتركة في دمشق، والتي أعقبتها زيارة مماثلة لقائد القوات البرية التركي، متين توكال.

جاءت الزيارتان وسط أنباء عن إرسال تركيا تعزيزات إلى شمال سوريا ورفع درجة استعداد قواتها المنتشرة على الحدود السورية في ظل احتمالات بشن عملية عسكرية ضد «قسد» ما لم تنفذ اتفاق الاندماج.

لكنَّ وزارة الدفاع التركية أكدت أن التحركات كانت روتينية، نافيةً الاستعداد لعملية عسكرية ضد «قسد».


إسرائيل تعيد سكان الشمال وسط استعدادات لحرب جديدة على لبنان

جنود إسرائيليون يقفون فوق مركبات مدرعة للجيش خارج مستوطنة أفيفيم الزراعية بجوار الحدود اللبنانية في الجليل الأعلى الخميس 28 نوفمبر 2024 (أ.ب)
جنود إسرائيليون يقفون فوق مركبات مدرعة للجيش خارج مستوطنة أفيفيم الزراعية بجوار الحدود اللبنانية في الجليل الأعلى الخميس 28 نوفمبر 2024 (أ.ب)
TT

إسرائيل تعيد سكان الشمال وسط استعدادات لحرب جديدة على لبنان

جنود إسرائيليون يقفون فوق مركبات مدرعة للجيش خارج مستوطنة أفيفيم الزراعية بجوار الحدود اللبنانية في الجليل الأعلى الخميس 28 نوفمبر 2024 (أ.ب)
جنود إسرائيليون يقفون فوق مركبات مدرعة للجيش خارج مستوطنة أفيفيم الزراعية بجوار الحدود اللبنانية في الجليل الأعلى الخميس 28 نوفمبر 2024 (أ.ب)

يتسبب التناقض في قرارات الحكومة الإسرائيلية تجاه التهديدات الحربية للبنان في بلبلة بين سكان المناطق الشمالية في أعالي الجليل، الذين تدفعهم السلطات إلى العودة إلى البلدات التي هجروا منها في بداية الحرب. ويتساءلون عمّا إذا كانت التهديدات بالحرب جدية أم لا، ويتذمرون من الإهمال الشديد لوضعهم الحرج والأخطار التي تهددهم في حال استئناف الحرب.

البلبلة المحلية

ويشكو المواطنون من أن الحكومة تحثهم على العودة إلى بلداتهم في وقت تشهد فيه منطقة الشمال تحركات عسكرية كبيرة. وهم لا يمانعون في مواجهة حرب أخرى على «حزب الله»، لأنهم يثقون بأنه ما زال قوياً ويشكل تهديداً لمستقبلهم في بيوتهم ومصالحهم. لكنهم يرغبون أيضاً في التيقن من أن الحكومة تحترم تضحياتهم وتمنحهم حقوقهم وتعويضاتهم عن خسائرهم. والتناقضات التي تبثها الحكومة إزاء لبنان تثير لديهم شكوكاً حول جدية التهديد.

التناقضات الحكومية

وقال تقرير نشره موقع «واينت»، الأربعاء، إن الجيش الإسرائيلي يقوم بالتمهيد للعملية التي يخطط لها في الشمال، ويضغط على المستوى السياسي لتنفيذها، وذلك رغم أن «حزب الله» قرر مواصلة سياسة ضبط النفس قبل نحو شهر عقب اغتيال ما تصفه إسرائيل برئيس أركان «حزب الله» هيثم علي طبطبائي.

جنود إسرائيليون خلال دورية في مستوطنة أفيفيم الزراعية بجوار الحدود اللبنانية بالجليل الأعلى (أ.ب)

ولم يُطلِق الحزب حتى قذيفة هاون واحدة رداً على تصفية قائده العسكري الأبرز. لكن هذا لن يكون الحال في جولة التصعيد المقبلة، إذ يقدّر جيش الاحتلال أن «حزب الله» سيعمل وفق خطة نارية منظمة تشمل إطلاق مئات الصواريخ والقذائف والطائرات المسيّرة والذخائر الانتحارية على مدى عدة أيام.

التهديد المرتقب

وبحسب التقرير، فإنه وعلى عكس الجولات السابقة مع غزة على مرّ السنين، وكذلك مع «حزب الله» بين الحين والآخر، ستكون هذه المرة آلية لإغلاق التصعيد والعودة إلى وقف إطلاق النار، ويقصد بذلك غرفة عمليات فعّالة ومجربة من العام الماضي تضم ضباطاً أميركيين ولبنانيين، وتوزّع نشاطها بين بيروت ومقر قيادة المنطقة الشمالية للجيش في صفد.

وعلى أي حال، يقدّر مسؤولون في جيش الاحتلال أن إسرائيل لن تنفذ هذه العملية من دون موافقة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، ومن ثم فمن المشكوك فيه أن تتم قبل زيارة رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو إلى البيت الأبيض في نهاية الشهر.

غرفة عمليات

ويقدر قادة شعبة الاستخبارات العسكرية في الجيش الإسرائيلي أن «حزب الله» يفضّل في هذه المرحلة مواصلة امتصاص الهجمات شبه اليومية لجيشهم، وإدارة صراعاته الداخلية في لبنان التي يراها أكثر قابلية للسيطرة. ويشيرون إلى أن هيمنة «حزب الله» كحركة سياسية مدنية تضررت خلال العام الماضي، وأن المنظمة تواجه صعوبة في دفع إيجارات عشرات آلاف اللبنانيين النازحين داخل بلادهم، الذين لم يعودوا بعد إلى منازلهم المدمرة في جنوب لبنان إثر العدوان البري للجيش الإسرائيلي.

جنود إسرائيليون يقفون بجوار دباباتهم على الحدود مع لبنان في الجليل الأعلى شمال إسرائيل 28 يناير 2025 (إ.ب.أ)

ويزعم مسؤولون في الاستخبارات الإسرائيلية: «نرى عدداً متزايداً من المؤيدين الشيعة الذين يفضلون الانتقال لدعم حركة أمل، المنافسة لـ(حزب الله)، الذي لم يعد قادراً على دعم آلاف العائلات الثكلى والمصابين. ومع ذلك، لا يزال (حزب الله) أقوى عسكرياً من الجيش اللبناني، وعندما تنقلب هذه المعادلة سنعلم أن هناك تغييراً لصالحنا».

الوضع الداخلي

وبحسبهم: «إلى أن يحدث ذلك، سيواصل (حزب الله) إعادة بناء قدراته، أساساً عبر الإنتاج الذاتي وتحويل صواريخه إلى صواريخ دقيقة، وسنكون مضطرين إلى مواصلة القتال ضده بأي ثمن».

التسلح المستمر

وبحسب صحيفة «يديعوت أحرونوت»، هناك نقاشات حادة بشأن المرحلة المقبلة لدى متخذي القرار في قيادتي الجيش والمستوى السياسي، ويتساءلون: هل تستحق جولة لإضعاف «حزب الله» شللاً جديداً للجليل، وسقوط صواريخ في حيفا، وصفارات إنذار في تل أبيب التي بدأت للتو في استضافة مباريات رياضية أوروبية مجدداً؟

المرحلة المقبلة

يذكر أن الحكومة كانت قد بادرت إلى إجلاء نحو 70 ألف مواطن من بيوتهم في الشمال مع اندلاع الحرب. وقد عاد 85 في المائة منهم إلى بيوتهم، وبحسب تقديرات الوزير زئيف الكين، المسؤول عنهم، فإن الباقين (15 في المائة) لن يعودوا أبداً، وقد ثبتوا مكوثهم في مناطق أخرى داخل إسرائيل أو خارجها. ويشير العائدون إلى تذمرهم من تعامل الحكومة، متهمين إياها بالتقصير والإهمال ونكث الوعود، ويقولون إن غالبيتهم لم يحصلوا على ما يستحقونه من تعويضات عن خسائرهم المادية والنفسية.


نتنياهو يعلن «أكبر صفقة غاز لإسرائيل» مع مصر

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (إ.ب.أ)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (إ.ب.أ)
TT

نتنياهو يعلن «أكبر صفقة غاز لإسرائيل» مع مصر

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (إ.ب.أ)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (إ.ب.أ)

أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، اليوم الأربعاء، الموافقة على صفقة الغاز مع مصر، مشيراً إلى أن الصفقة هي الأكبر في تاريخ إسرائيل.

وقال نتانياهو في خطاب متلفز «وافقت اليوم على أكبر اتفاق غاز في تاريخ إسرائيل. تبلغ قيمة الصفقة 112 مليار شيكل (34,7 مليار دولار). ومن هذا المبلغ الإجمالي، سيذهب 58 مليار شيكل (18 مليار دولار) إلى خزائن الدولة».

وأضاف «الاتفاق مع شركة شيفرون الأميركية، بالتعاون مع شركاء إسرائيليين سيقومون بتزويد مصر بالغاز». وقال وزير الطاقة إيلي كوهين الذي كان حاضرا أثناء الخطاب «هذا أكبر اتفاق تصدير في تاريخ الدولة».