«بوريس» الواقعي و«بوريس» المتهور

وصفه الكوميديون بـ«أبله القرية».. وهفواته بدأت تلاحقه كوزير للدبلوماسية البريطانية

بوريس خلال لعبة الركبي مستخدما القوة المفرطة مع احد الاطفال في طوكيو (أ.ف.ب)
بوريس خلال لعبة الركبي مستخدما القوة المفرطة مع احد الاطفال في طوكيو (أ.ف.ب)
TT

«بوريس» الواقعي و«بوريس» المتهور

بوريس خلال لعبة الركبي مستخدما القوة المفرطة مع احد الاطفال في طوكيو (أ.ف.ب)
بوريس خلال لعبة الركبي مستخدما القوة المفرطة مع احد الاطفال في طوكيو (أ.ف.ب)

الطريقة الهزلية التي قدم وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون نفسه فيها، عندما كان رئيسًا لبلدية لندن، وأطلق خلالها الكثير من التعبيرات التي اعتبرت غير لائقة أحيانًا، وأحيانًا عنصرية، جعلت الـ«بي بي سي»، المؤسسة الحذرة بقيودها المهنية تناديه باسم بوريس، وليس بالسيد جونسون، خارقة بذلك قواعدها الخاصة. مخاطبة الشخص رسميًا باسم العائلة تعتبر من التقاليد المهمة التي تحترمها هيئة البث. إلا أن جونسون تمكن من إرساء تعامل غير رسمي معها، بسبب طريقته الهزلية. الـ«بي بي سي» انزلقت من غير أن تدري ووقعت في هذا المطب المهني، كما قال أحد مراسلي الـ«بي بي سي»، في رده في برنامج خصص لموضوع «مناداة بوريس» قبل أيام وناقشته قناة البث الرابعة (ريديو 4). وأضاف المراسل أن جونسون، أصبح محبوبًا وربما «قريبًا» من القلب، ولهذا فقد يغفر له الناس هفواته الكثيرة، «وهذا ما جعلنا أحيانًا نناديه باسمه الأول».
جونسون، الذي كان يتنقل على دراجة هوائية ويجوب شوارع لندن، كان دائما جاهزا للدخول في مناقشات مع عامة الناس الذين ينتهزون فرصة وقوفه على الإشارات الضوئية. لقد قدم صورة عن نفسه مغايرة لصورة السياسي المعهودة. هذه التلقائية أوقعته في مطبات سياسية. والآن جاءت تعليقاته السابقة لتطارده في زياراته الرسمية بعد تعيينه وزيرًا للخارجية، في مركز يعتبر من الأهم عالميًا، بسبب مكانة بريطانيا الدولية. لم يسلم أحد من شره، إذ أغضب الكثير من الشخصيات والدول، مثل الولايات المتحدة وكندا وبعض الدول الأفريقية وتركيا وغيرها بتعليقات غير لائقة.
مجمل وسائل الإعلام البريطانية استقبلت بريبة كبيرة تعيينه وزيرًا للخارجية، كون شخصيته تتنافى مع كل ما يتصل بالدبلوماسية.
وقد تجلى ذلك خلال ظهوره الرسمي الأول الخميس الماضي في سفارة فرنسا في لندن لمناسبة 14 يوليو (تموز) . فجونسون الذي حضر ليطمئن منتقديه إلى أنه ليس عدوًا لأوروبا، ألقى خطابًا تخللته صيحات الاستهجان أكثر من التصفيق.
جونسون وُصف بأنه «سياسي متهور»، من قبل بولي تونبي، المحللة السياسية، التي قالت إنها لم تصدق خبر تعيينه في هذا المركز الأهم في علاقات بريطانيا الدولية، مضيفة، في تعليقات لـ«بي بي سي» أنه أثار المتاعب أينما ذهب خلال عمله رئيسا لبلدية لندن، «فما بالك عندما يكون ممثلا لكل بريطانيا، وليس لمدينة واحدة». جونسون تفوه بكلمات وصفت بالعنصرية تجاه كثير من الدول وقادة العالم، منهم محافظ البنك المركزي البريطاني مارك كارني، الكندي الأصل، وكذلك الرئيس الأميركي باراك أوباما. إذ حاول تسخيف رأي أوباما تجاه إمكانية خروج بريطانيا من أوروبا خلال حملة الاستفتاء بسبب أصوله الأفريقية.
جونسون سيقوم بزيارة إلى الولايات المتحدة الأميركية، وسيلتقي الرئيس باراك أوباما. وقال شوكا أمونة، عضو البرلمان العمالي، الذي كاد أن يصبح زعيمًا لحزب العمال، عن جونسون: «عليه أن يقدم اعتذاره للولايات المتحدة وللرئيس أوباما على ما صدر». وكان قد قلل جونسون من تصريحات أوباما حول أهمية بقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي، قائلاً إن أوباما لا يعرف هذا الأمر بسبب أصوله الأفريقية. كما هاجم حاكم بنك إنجلترا المركزي، مارك كارني، كون أصوله كندية، وبسبب تصريحات مشابهة حول استفتاء خروج بريطانيا.
تعيين بوريس جونسون وزيرًا للخارجية البريطانية أثار انتقادات شديدة في أوروبا، واعتبر نظيره الفرنسي جان مارك أيرولت أنه «كذب كثيرًا» خلال الحملة التي سبقت الاستفتاء حول خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. لكن بروكسل كانت تنتظر قدومه لتكتشف جونسون في «زي» دبلوماسي. وزير الخارجية الفرنسي الذي يتناقض أسلوبه الصارم مع أسلوب جونسون المعروف بلهجته الصادمة أحيانًا، أضاف: «أحتاج إلى شريك يمكن التفاوض معه ويكون واضحًا ويتمتع بمصداقية ويمكن الوثوق به».
وقال الوزير الفرنسي للصحافيين: «هناك كثير من الأمور التي يجب العمل عليها مع بريطانيا، وسأتحدث دومًا مع بوريس جونسون بأكبر قدر من الصدق والصراحة. أعتقد أنه علينا المضي قدمًا بهذه الطريقة».
لكن ليس هذا الشيء الوحيد الذي يؤخذ على جونسون، الذي يسمى «مدفع فالت»، فقد أطلق عليه الكثير من الكوميديين اسم «أبله القرية».
خلال حملة البريكست أغضب جونسون الأوروبيين عندما قارن سعي الاتحاد الأوروبي إلى تحسين الاندماج بين دوله المختلفة بمساعي أدولف هتلر في السيطرة على أوروبا.
لكن أسند إلى جونسون مهمة تعكس المكانة الدبلوماسية والسياسية التي تتبوأها بريطانيا، ولهذا فعليه أن يتصرف بحنكة وحذر. في لقائه الأول يوم الاثنين الماضي مع نظرائه الأوروبيين في بروكسل خطف جونسون الأضواء من نظيره الأميركي جون كيري، بسبب شخصيته المثيرة للجدل. كان الجميع ينتظر هفوته الجديدة، إلا أنه جونسون الواقعي الدبلوماسي، تصرف بحذر وحكمة، ودعا الاتحاد الأوروبي إلى عدم إقفال أبوابه أمام بلاده، التي أكد أنها تريد الاستمرار في القيام بدور أساسي في أوروبا. وقال جونسون: «علينا أن ننصاع لإرادة الشعب وأن نغادر الاتحاد الأوروبي... لكننا لن نتخلى بأي شكل عن دورنا القيادي في أوروبا».
وفي ختام يوم طويل وصفه جونسون بأنه «مثمر» طلب من الاتحاد الأوروبي أن يبقي «أبوابه مفتوحة» أمام التعاون مع المملكة المتحدة بما يتعلق بالقضايا الاستراتيجية.
توجس الكثيرون من زيارة بوريس جونسون الأولى إلى بروكسل كوزير للخارجية، خصوصًا أن تعيينه في هذا المنصب أثار الكثير من الانتقادات. وتخلى جونسون عن طبعه الاستفزازي المعهود وعمل جاهدًا على إثبات قدراته الدبلوماسية كوزير للخارجية، وكان أكثر من ودي مع نظرائه الأوروبيين.
وقال جونسون إنه أجرى «محادثة جيدة جدًا» مع وزيرة الخارجية الأوروبية فيديريكا موغيريني التي «وافقت على أن على بريطانيا أن تواصل القيام بدورها».
جونسون عمل صحافيًا ومراسلا لصحيفة الـ«ديلي تلغراف»، يومها، كان الكاتب المفضل لدى رئيسة الوزراء مارغريت تاتشر (1979 - 1990)، بسبب مقالاته اللاذعة وتعابيره الجارحة. وقال كريستيان سبيلمان الذي كان مراسلا لوكالة الصحافة الفرنسية في بروكسل في تلك الفترة: «الواقع أنه لم يكن يخترع الأحداث لكنه كان ينحو إلى المبالغة». منذ كان مراسلاً، هاجم جونسون ما اعتبره أموالا مهدرة في إطار المساهمات الأوروبية. وظل متمسكًا بحجته هذه وصولاً إلى الحملة التي سبقت الاستفتاء. يتذكر الصحافيون الذين عايشوه خصوصًا أسلوبه الاستفزازي في طرح الأسئلة وشعره الأشقر المشعث. وإذا كان يهوى إثارة الجدل والعناوين البراقة، فإنه كان ملمًا بكواليس بروكسل أكثر من معظم البريطانيين. لا شك أن شخصيته أثارت إعجاب رئيس تحرير «دايلي تلغراف» آنذاك ماكس هاستينغز، حين كان يبحث عن مراسل جديد في بروكسل. وحتى هذا الأخير وجه له الانتقادات، وكان مستغربًا جدًا من هذا التعيين، حسبما قال لـ«بي بي سي» بعد التعيين.



أستراليا تعتزم فرض ضريبة على المنصات الرقمية التي لا تدفع مقابل نشر الأخبار

شعار شركة «ميتا» الأميركية (أ.ف.ب)
شعار شركة «ميتا» الأميركية (أ.ف.ب)
TT

أستراليا تعتزم فرض ضريبة على المنصات الرقمية التي لا تدفع مقابل نشر الأخبار

شعار شركة «ميتا» الأميركية (أ.ف.ب)
شعار شركة «ميتا» الأميركية (أ.ف.ب)

أعلنت الحكومة الأسترالية اعتزامها فرض ضريبة كبيرة على المنصات ومحركات البحث التي ترفض تقاسم إيراداتها من المؤسسات الإعلامية الأسترالية مقابل نشر محتوى هذه المؤسسات.

وقال ستيفن جونز، مساعد وزير الخزانة، وميشيل رولاند وزيرة الاتصالات، إنه سيتم فرض الضريبة اعتباراً من أول يناير (كانون الثاني)، على الشركات التي تحقق إيرادات تزيد على 250 مليون دولار أسترالي (160 مليون دولار أميركي) سنوياً من السوق الأسترالية.

وتضم قائمة الشركات المستهدفة بالضريبة الجديدة «ميتا» مالكة منصات «فيسبوك»، و«واتساب» و«إنستغرام»، و«ألفابيت» مالكة شركة «غوغل»، وبايت دانس مالكة منصة «تيك توك». وستعوض هذه الضريبة الأموال التي لن تدفعها المنصات إلى وسائل الإعلام الأسترالية، في حين لم يتضح حتى الآن معدل الضريبة المنتظَرة، وفقاً لما ذكرته «وكالة الأنباء الألمانية».

وقال جونز للصحافيين إن «الهدف الحقيقي ليس جمع الأموال... نتمنى ألا نحصل عائدات. الهدف الحقيقي هو التشجيع على عقد اتفاقيات بين المنصات ومؤسسات الإعلام في أستراليا».

جاءت هذه الخطوة بعد إعلان «ميتا» عدم تجديد الاتفاقات التي عقدتها لمدة3 سنوات مع المؤسسات الإعلامية الأسترالية لدفع مقابل المحتوى الخاص بهذه المؤسسات.

كانت الحكومة الأسترالية السابقة قد أصدرت قانوناً في عام 2021 باسم «قانون تفاوض وسائل الإعلام الجديدة» يجبر شركات التكنولوجيا العملاقة على عقد اتفاقيات تقاسم الإيرادات مع شركات الإعلام الأسترالية وإلا تواجه غرامة تبلغ 10 في المائة من إجمالي إيراداتها في أستراليا.