في بنما.. سوق عقارية قوية تعتمد على «إعادة البيع»

20 % من إجمالي المشاريع الجديدة «منازل فاخرة»

برج «آرت تاور» الفاخر في قلب العاصمة البنمية بنما سيتي
برج «آرت تاور» الفاخر في قلب العاصمة البنمية بنما سيتي
TT

في بنما.. سوق عقارية قوية تعتمد على «إعادة البيع»

برج «آرت تاور» الفاخر في قلب العاصمة البنمية بنما سيتي
برج «آرت تاور» الفاخر في قلب العاصمة البنمية بنما سيتي

بنيت هذه الشقة العلوية (السقيفة penthouse) على مساحة 4187 قدمًا مربعًا في العاصمة البنمية، بنما سيتي، وتحتل الطابق رقم 73 من برج «آرت تاور» المكون من 75 طابقًا، الذي يقع في مجمع «يوو بنما». وتولت شركة «بي تي اركيتكتوس» بناء هذا العقار بوحداته المكونة من 257 وحدة، عام 2013. أما بالنسبة للتصميمات الداخلية، فقد قامت بها شركة «يوو»، التي أسسها المصمم فيليب ستارك، ورجل الأعمال جون هيتشكوكس، الذي يعمل في مجال العقارات.
وتتألف السقيفة، المعروضة للبيع مقابل 2.1 مليون دولار أميركي، من 3 غرف نوم و4 حمامات كبيرة وحمام آخر صغير، وتطل على مناظر رائعة لقناة بنما والمحيط الهادي (الباسيفيك)، إضافة إلى مناظر المدينة الخلابة التي يمكن رؤيتها عبر النوافذ الممتدة من الأرض إلى السقف والشرف الأمامية والخلفية. وجرى تجديد العقار العام الماضي، وتتمتع الشقة بأنظمة تشغيل آلي، بما في ذلك نظام الترفيه المنزلي والستائر وتكييف الهواء والأمن.
ويقع الباب الأمامي للسقيفة في مواجهة المصعد مباشرة، ويفتح مدخلها على صالة تنقسم إلى مساحة لغرفة المعيشة ومساحة أخرى ترفيهية. كما تتميز بأرضياتها الرخامية ذات اللون البني الفاتح. وعلى الجانب الأيمن، توجد غرفة الزينة التي توجد بها منضدة من الغرانيت رمادي اللون، وحوض من زجاج ذي لون أزرق زاهٍ، وجدار فسيفسائي الطابع يغلب عليه اللون الأزرق.
أما بالنسبة للمطبخ، فهو يفتح على غرفة الطعام وغرفة المعيشة، ويتميز بالخزائن التقليدية التي تتمتع بظلال من ألوان قهوة «الإسبرسو» اللامعة، ومزيج من اللون الرمادي الداكن والرمادي المتفحم، إضافة إلى أجهزة بوش المصنوعة من الفولاذ المقاوم للصدأ، وثلاجة للمشروبات، وطاولة خفيفة ذات تصميم متدرج من الغرانيت الرمادي، يأخذ أحد جانبيها شكلاً مستطيلاً كبيرًا به عارضة مرتفعة لتناول الإفطار، إضافة إلى سطح بوتاجاز يعمل بالغاز له 5 عيون.
وثمة قسم في الجدار يصل ما بين المطبخ وأماكن تناول الطعام المطلية باللون الأرغواني، بتصميم ثلاثي الأبعاد على شكل مثلث صغير. وتوجد في غرفة الطعام، 4 مصابيح أضواء تتدلى فوق طاولة خشبية طويلة تحيط بها كراسي من طراز «فيليب ستارك». كما يمكن أن يُجرى شراء الأثاث بشكل منفصل.
وفي غرفة المعيشة، توجد لمسات مميزة من مصابيح إضاءة معشقة ومصابيح مصممة على شكل مستطيل من الألمنيوم المصقول معلقة على سقف مدرج ذي تصميم قطري، كما يتميز بسلسلة من الألواح الزجاجية المتكدسة من جانب واحد، وتفتح على الشرفة.
ومن جانبه، قال بريان بوغنسبرغ، الذي يملك العقار مشاركة مع زوجته كارين ميتسوس: «يعبر المكان عن تجربة متكاملة داخل البيت وخارجه في الهواء الطلق». وتُعد شركة بونتا باسيفيكا السمسار العقاري المسؤول عن المنزل.
وعبر الردهة من المطبخ، توجد غرفتا نوم، تحتوي كل غرفة على حمام خاص. يحتوي أحدهما على طاولة زينة صغيرة برونزية اللون خاصة بمستحضرات التجميل، ويتميز جداره ببلاط معدني دافئ مزين بالفسيفساء، ويشتمل الحمام الآخر على خزانة من البلوط فاتح اللون وحوض زجاجي ذي لون أصفر وبني وبلاط ريفي الطراز على جدار الدش.
وثمة جناح رئيسي يمكن الدخول إليه عبر ردهة في غرفة المعيشة، ويتميز بالثريا الكريستالية التي تتدلى من السقف، وبه جدار زجاجي منزلق يواجه المحيط الهادي، ومرآة حائط تختفي وراءها الخزائن الخاصة.
أما بالنسبة للحمام الرئيسي الذي جرى تجهيزه من الرخام الرمادي والخزائن بيضاء اللون، فيشتمل على طاولتي زينة وأرفف من الزجاج المثبتة على جدار حجري محكم. إضافة إلى باب جرار يفضي إلى غرفة الاستحمام التي يوجد بها حوض استحمام قائم بذاته ودش منفصل.
وخلف المطبخ توجد غرفة للغسيل وحمام وغرفة تخزين. إضافة إلى شرفة خلفية بمساحة 400 قدم مربع، تتميز بإطلالة بزاوية 270 درجة وبها موقد موجود في الهواء الطلق، ومطبخ يشتمل على شواية بسعة 36 بوصة وحوض وفرن ناري. وتتميز مساحة الجلوس بزينات خشبية. كما يتميز قسم الطعام بأرضية من السيراميك.
كما تشتمل الوحدة على مرائب خاصة بأماكن وقوف السيارات.
ووسائل الراحة المتوافرة في العقار تشبه الخدمات المتوافرة في الفنادق، من خدمة الاستقبال والإرشاد إلى خدمة صف السيارات والتنظيف الجاف للملابس، إضافة إلى توافر كثير من المطاعم في المنطقة، بما في ذلك المطاعم التي تقتصر خدماتها على الأعضاء فحسب، ومحل سوبر ماركت صغير وحانة للعصائر وغرفة للعب البوكر، ومناطق للعب الأطفال وصالة رياضية وملعبان للإسكواش ومنتجع صحي، مع الصالات وغرف البخار والساونا وأحواض الجاكوزي، إضافة إلى صالة للبلياردو وحمام سباحة للأطفال، إضافة إلى حمام سباحة رئيسي.
جدير بالذكر أن مجمع «ذي يوو بنما»، يتكون من برجين في قلب أفيندا بالبوا في حي بيلا - فيستا، على مقربة من الحي المالي والمطاعم والحانات والمحلات التجارية. وعلى طول سينتا كوستيرا، وهو طريق ساحلي به ممشى للدراجات ومسار للمشاة، ويبعد عن مطار توكومين الدولي مسافة 20 دقيقة بالسيارة.
* نظرة عامة على سوق العقارات
على مدار السنوات الماضية، جرى بيع كل العقارات التي جرى بناؤها، ويجري الآن تشييد عقارات ذات واجهات بحرية من الأبراج الشاهقة إلى المباني منخفضة الارتفاع المؤلفة من 4 إلى 6 طوابق، حسبما يقول جيف بارتون المدير العام لشركة بونتا باسيفيكا العقارية.
ويعتمد أقوى القطاعات في السوق في الأساس على إعادة بيع المباني في المناطق الساحلية التي بها مساحات ضئيلة للبناء، أو لم يعد يتوافر بها مساحات أراضٍ للبناء عليها، مثل منطقة بونتا باسيفيكا.
وبدوره يقول رافائيل غانجي مدير شركة إنترناشونال العقارية في «بنما سوثبي»، إن نسبة العقارات الفاخرة شاهقة الارتفاع تُقدر بنحو 20 في المائة من إجمالي المشاريع الجديدة التي جرى تشييدها في جميع أنحاء بنما، والتي يزيد عددها عن 80 مشروعًا جديدًا.
وفي رسالة عبر البريد الإلكتروني، قال ألفارو روخاس، الشريك الإداري لشركة بنما للخدمات العقارية المتميزة التابعة لشركة كريتسي إنترناشونال للعقارات، إن أسعار العقارات الفاخرة تبدأ من نحو 350.000 دولار، كمتوسط سعر شقة من غرفة نوم واحدة في برج ذي ترامب.
في حين أن 5 في المائة من أسعار السوق تزيد على مليون دولار أميركي. وتتراوح 10 في المائة من الأسعار ما بين 500.000 إلى 1 مليون دولار أميركي. وكثير من التعاملات المكلفة تتم من خلال الشركات بالخارج، حسبما يقول روجاس.
وأضاف روجاس قائلاً: «أبرز ما في الأمر من المنظور العالمي، هو ما يمكن شراؤه بمبلغ مليون دولار أميركي في بنما، مقارنة مع ما يمكن شراؤه بنفس المبلغ في الولايات المتحدة أو في أي دولة أخرى من دول العالم».
ومن جانبها أوضحت لوسيا هاينز، وهي وسيط عقاري ومديرة لشركة بنما للعقارات، أن سوق العقارات في بنما كُللت بالنجاح «بشكل ملحوظ خلال فترة الكساد الاقتصادي العالمي»، فبصفتها دولة صغيرة بنسبة سكان أقل من 4 ملايين نسمة، «كنا محصنين بشكل كبير».
ولكن بعد ما وصفه السيد بارتون بـ«عصر الازدهار» الذي امتد في الفترة من 2005 إلى 2010، كان هناك «تصحيح كبير» استمر حتى نهاية عام 2013، حسبما قال بارتون. وشددت هاينز على أن الأسعار شهدت انقلابًا، إذ ارتفعت الأسعار بنسبة تتراوح ما بين 5 في المائة إلى 6 في المائة سنويًا منذ ذلك الحين.
أما بالنسبة للمباني الراقية التي تجتذب نسبة أكبر من قبل المشترين الأجانب، إذ تُقدر النسبة بنحو من 7 في المائة إلى 10 في المائة منذ نهاية عام 2013، حسبما قال بارتون. فضلاً على أن نسبة المبيعات قد زادت بنحو 20 في المائة في الربع الأول من هذا العام، مقارنة مع الفترة نفسها من العام الماضي 2015.
وتوضح هاينز أن السياسة العالمية تلعب دورًا بارزًا في ذلك، من خلال المساهمة في سوق العقارات الفاخرة «المضطربة». وقالت: «نظرًا لأن الولايات المتحدة تشهد الانتخابات هذا العام، وكثير من البشر ينتظرون ليروا ماذا ستؤول إليه الأوضاع».
* فئة المشترين في بنما
يأتي معظم المشترين الأجانب من الولايات المتحدة وكندا وفنزويلا وكولومبيا، وفقًا لبارتون. كما لاحظ بارتون أن غالبيتهم من المستثمرين، على الرغم من أنه لاحظ ازديادًا ملحوظًا في نسبة المشترين من إسبانيا وإيطاليا، الذين يميلون إلى «أن ينتقلوا للعيش والاستقرار في بنما من أجل الشروع في تجارتهم».
وبالنسبة للأجانب من غير السكان المحليين لبنما، فإن أهم عاملين تحفيزيين هما تكلفة المعيشة، والابتعاد عن ضجيج الحياة ومتاعبها، فضلاً على العوامل السياسية، حسبما ذكرت هاينز.
قيمة رسوم اللجان العقارية تُدفع من قِبل البائع، وتقدر بنسبة 5.35 في المائة من قيمة سعر البيع، وتغطي رسوم أجر وسيط العقارات وضريبة المبيعات على ذلك. كما يدفع البائع نسبة 2 في المائة قيمة ضريبة التحويل و3 في المائة لضريبة الأرباح الرأسمالية.
* مبادئ الشراء
بمقدور أي فرد امتلاك عقارات في بنما، حسبما يقول روجاس، مشيرًا إلى أن المشترين الأجانب يتمتعون بنفس حقوق الملكية التي يتمتع بها السكان المحليون لبنما.
وأضاف أنه من الممكن أن يصعب امتلاك العقارات، وقد تستغرق العملية من شهرين إلى 3 أشهر، غير أن أكثر من 80 في المائة من التحويلات التي تتم بما في ذلك التي تشتمل على المشترين الأجانب تكون نقدية.
* معلومات إضافية
هناك كثير من المواقع الإلكترونية المفيدة للمستثمرين العقاريين، على غرار الموقع الإلكتروني لمدينة بنما municipio.gob.pa، والموقع السياحي لبنما visitpanama.com.
وتعد الإسبانية اللغة الرسمية في البلاد، وعملتها الرسمية هي بالبوا المعادلة للدولار الأميركي. (1 بالبوا = 1 دولار أميركي).
وتبلغ قيمة الصيانة الشهرية 860 دولارًا أميركيًا، ولا توجد أي ضرائب على هذه الوحدة العقارية.
أما الرسوم القانونية المرتبطة بعملية الشراء، فتتضمن أجر كاتب العدل ورسوم التوثيق، وهي نحو 1 في المائة.

* خدمة «نيويورك تايمز» -



جدل أميركي حول تأثير بناء الشقق الفاخرة في الأحياء الفقيرة

المباني الجديدة مشكلة وحل في الوقت نفسه
المباني الجديدة مشكلة وحل في الوقت نفسه
TT

جدل أميركي حول تأثير بناء الشقق الفاخرة في الأحياء الفقيرة

المباني الجديدة مشكلة وحل في الوقت نفسه
المباني الجديدة مشكلة وحل في الوقت نفسه

غالباً ما ينظر النشطاء في مجال الإسكان بالولايات المتحدة الأميركية إلى بناء المباني السكنية الجديدة على أنه هو المشكلة، حيث يتم السماح للمطورين العقاريين ببناء مزيد من المساكن، لا سيما في الأحياء الفقيرة، مما يجعل المستأجرين والجيران في هذه المناطق يخشون من ارتفاع أسعار السوق وزيادة تكلفة الإيجارات عليهم، في حين يميل الاقتصاديون، من ناحية أخرى، إلى رؤية المباني الجديدة بوصفها الحل وليست المشكلة، حيث يقولون إن الطريقة الوحيدة لتخفيف النقص في عدد الشقق، الذي بدوره يؤدي إلى رفع الإيجارات، هي بناء مزيد من المساكن، فهم يؤكدون أن بناء ما يكفي من المساكن سيؤدي لانخفاض الإيجارات بشكل عام.
وتعدّ الإشكالية بين هذين الرأيين أساس حالة الجدل المثارة حول البناء الفردي والمعارك الأوسع حول كيفية تخفيف أزمة الإسكان في الولايات المتحدة. وحتى وقت قريب، لم تكن هناك أي بيانات تقريباً على نطاق الأحياء لحل هذه الأزمة، ويبدو أن كلا الرأيين صحيح في الوقت نفسه، فالمساكن الجديدة قد تساعد في خفض الإيجارات في مناطق المترو على سبيل المثال وذلك حتى في الوقت الذي قد يعني فيه ذلك زيادة الطلب على هذه المناطق مما يزيد من قيمة الإيجارات فيها.
وتقدم دراسات جديدة عدة أخيراً بعض الأدلة المشجعة، إن لم تكن كاملة، حيث نظر الباحثون في جامعة نيويورك و«معهد آب جون»، وجامعة مينيسوتا، إلى ما يحدث بشكل مباشر مع بناء المساكن الجديدة، واسعة النطاق، والتي تُباع بسعر السوق (دون قيود على قيمة الإيجار)، حيث تشير دراسات عدة بالفعل إلى أن المناطق التي تبني مزيداً من المساكن تكون أسعارها معقولة، وتتساءل هذه الدراسات الحديثة عما إذا كان هذا النمط يظل ثابتاً عند النظر إلى بناء المساكن الفردية وليس المجمعات السكنية الكبيرة.
وتشير النتائج، مجتمعة، إلى أن المساكن الجديدة يمكن أن تخفف من حدة ارتفاع الإيجارات في المباني الأخرى القريبة، لكن جاء رأي هذه النتائج مختلطاً حول ما إذا كان المستأجرون من ذوي الدخل المنخفض يستفيدون بشكل مباشر من المباني الجديدة أيضاً.
وتمثل أنواع المباني التي تصفها هذه الدراسات، والتي تخضع لسعر السوق وتتكون من 50 وحدة سكنية أو أكثر، غالبية المباني الجديدة الآن، كما تستهدف الغالبية العظمى من الشقق الجديدة اليوم المستأجرين من ذوي الدخل المرتفع، حيث يبلغ متوسط الإيجار لوحدة جديدة الآن 1620 دولاراً أميركياً في الشهر، أي أعلى بنسبة 78 في المائة من متوسط الإيجار على مستوى البلاد، وذلك وفقاً لـ«مركز هارفارد المشترك للدراسات الإسكانية»، (كما أن الهوة بين هذه الأرقام آخذة في الاتساع)، وتميل هذه المباني أيضاً إلى أن تكون الأكثر ظهوراً في المعارك المتعلقة بالإسكان في مختلف الأحياء الأميركية.
وتقول الزميلة في «مركز فورمان» بجامعة نيويورك، والتي درست تأثير المباني الجديدة في نيويورك، شياودي لي: «المستأجرون لا يحبون فكرة بناء المباني الشاهقة الجديدة، وذلك لأنهم يجدون هناك ارتفاعاً أيضاً في قيمة الإيجارات لديهم».
وقد يفترض الجيران أن المباني الجديدة تتسبب في ارتفاع الإيجارات، وهذا أمر مبرر إذا كانت المباني الجديدة تجذب كثيراً من السكان الأكثر ثراءً، والذين بدورهم يجذبون وسائل الراحة الراقية التي تجعل الحي مرغوباً فيه بشكل أكبر.
وتضيف لي: «السؤال الرئيسي هنا هو: ما التأثير الحقيقي لبناء هذه المباني؟». وقد وجدت لي أن المباني الجديدة في نيويورك تجذب مزيداً من المطاعم والمقاهي في المناطق المجاورة، لكنها خلصت إلى أن أي تأثير قد يؤدي لرفع الإيجارات في المناطق المجاورة لهذه المرافق، سيتم وقفه بسبب زيادة المعروض من المباني، وهو الأمر الذي يؤدي لخفض الإيجارات، كما وجدت أنه مقابل كل زيادة بنسبة 10 في المائة في المعروض من المساكن، فإن إيجارات العقارات التي تقع على مسافة 500 قدم تنخفض بنسبة واحد في المائة، وذلك مقارنة بالمناطق الأخرى التي يرتفع فيها الطلب.
ولكن يبدو أن هذه الفوائد ستذهب للمستأجرين في المباني الراقية والمتوسطة القريبة، حيث يفترض أن مالكي العقارات يرون منافسة جديدة في الجوار مما يدفعهم لتعديل قيمة إيجارات مساكنهم بما يتناسب مع هذه المنافسة، لكن «لي» وجدت أن المباني الجديدة ليس لها أي تأثير على إيجار العقارات التي تقع على بُعد أكثر من 500 قدم، وأنها لا تؤثر أيضاً على إيجارات الوحدات منخفضة التكلفة القريبة، وذلك لأنه ربما لا يرى ملاك هذه الوحدات الأبراج الفاخرة الجديدة على أنها منافسة لهم بشكل مباشر.
وفي دراسة منفصلة، وجد براين أسكويث وإيفان ماست من «معهد آب جون»، وديفين ريد في «بنك فيلادلفيا الفيدرالي»، مجموعة مماثلة من النتائج في 11 مدينة رئيسية، بما في ذلك أتلانتا وأوستن وشيكاغو ودنفر، وشملت الدراسة المباني الجديدة التي تضم 50 وحدة على الأقل والتي تم بناؤها في أحياء يقطنها ذوو الدخل المنخفض في وسط المدينة، ويقدر هؤلاء الباحثون أن هذه المباني الجديدة تؤدي لخفض الإيجارات بنسبة بين 5 و7 في المائة في المناطق المجاورة بشكل مباشر، وذلك مقارنة بقيمة الإيجارات المتوقعة في حال لم يكن قد تم بناء هذه المباني الجديدة.
ولكن لا تعني الدراسة أن الإيجارات تنخفض بالفعل، إلا إنها تشير، بدلاً من ذلك، إلى أن المباني الجديدة تبطئ وتيرة زيادة الإيجارات في أنواع الأحياء التي يصفها المطورون العقاريون بأنها مرتفعة بالفعل، حيث إنه بحلول الوقت الذي يصل فيه هؤلاء المطورون إلى حي ما، خصوصاً مع وجود خطط لمشاريع كبيرة الحجم، فإنه من المرجح أن ترتفع الإيجارات بشكل سريع.
وعن تفسيره النتائج التي توصل إليها في اجتماع عام بشأن الرؤية السابقة، يقول ماست: «الأثرياء يتطلعون بالفعل إلى الانتقال إلى حي ما، ولذلك فإنه يمكننا بناء ذلك المبنى الذي يمنحهم شكل الوحدة التي يريدون أن يعيشوا فيها، وفي حال لم نفعل ذلك، فإنهم سيقومون بشراء وحدة في مكان قريب ثم سيقومون بتجديدها».
وقد يكون هذا الرأي غير مريح بالنسبة للمقيمين في الأحياء منذ فترة طويلة، خصوصاً أولئك الذين يشعرون بالقلق من التغيرات التي تحدث في أحيائهم والتي تتجاوز فكرة قيمة الإيجارات فقط، لكنه يمثل رداً على نقطة واحدة على الأقل فيما يخص الجدل المثار حول بناء المباني السكنية الجديدة.
ويقول الأستاذ في جامعة نيويورك، إنغريد غولد إيلين: «هذه النتائج تشير ببساطة إلى أن بناء مزيد من المساكن في أحد الأحياء لن يؤدي إلى تفاقم أعباء الإيجار المرتفعة، ولكنه قد يساعد في التخفيف من حدتها».
ويأتي أحد التحذيرات في الأبحاث التي أجراها أنتوني داميانو وكريس فرينير، اللذان يدرسان للحصول على الدكتوراه في جامعة مينيسوتا، حيث قاما بدراسة المباني الجديدة واسعة النطاق التي بنيت في مينابولس، وقد وجدوا أن بناء المساكن الجديدة قد ساعد في تخفيف حدة ارتفاع قيمة الإيجارات للوحدات الراقية القريبة، لكنهم خلصوا إلى أنه في الثلث الأسفل من السوق يكون للمباني الجديدة تأثير معاكس، حيث ترتفع قيمة الإيجار بشكل سريع.
ومن الممكن في بعض السياقات أن يتسبب بناء الشقق الجديدة، التي تباع وفقاً لسعر السوق، في قيام ملاك العقارات في المناطق القريبة بكبح جماح قيمة إيجار شققهم، لكنه قد يتسبب أيضاً في رؤية مجموعة أخرى من الملاك أن قيمة إيجاراتهم تعد قليلة مقارنة بالأسعار الجديدة، ومن المحتمل أن يشعر المستأجرون من ذوي الدخل المنخفض بالغضب من المساكن الجديدة في البداية، وذلك حتى لو كانوا سيستفيدون منها على المدى الطويل، وذلك لأنه مع تقدم عُمر هذه المباني الجديدة، فإن أسعارها تصبح في المتناول.
وبشكل عام، فإن هناك أدلة في هذه الدراسات كافة على أن العرض والطلب يعملان على النحو الذي يتوقعه الاقتصاديون، وذلك حتى على نطاق الحي الواحد، ولكن هناك أيضاً أدلة على تحقيق مخاوف المستأجرين الأكثر فقراً.
ويقول داميانو: «هؤلاء هم الأشخاص الذين مروا بعدد كبير من التجديدات الحضرية، وإنشاء الطرق السريعة، والاستثمار العام في الإسكان، وإخفاقات التخطيط الأوسع والمؤسسات الحكومية على مرّ الأجيال، وأعتقد أن الخوف من مجرد جملة (مبنى جديد) هو خوف حقيقي ومبرر، والأمر متروك للمخططين وصانعي السياسات للنظر إلى تلك المخاوف بشكل جيد».

* خدمة «نيويورك تايمز»