بعد32 سنة من الانسحاب.. المغرب يقرر العودة إلى «الاتحاد الأفريقي»

الغابون يتقدم باسم 28 بلدا إلى رئيس الاتحاد الإفريقي لتعليق مشاركة {البوليساريو}.. والملك محمد السادس: نثق بقدرة المنظمة على تصحيح أخطاء الماضي

بعد32 سنة من الانسحاب.. المغرب يقرر العودة إلى «الاتحاد الأفريقي»
TT

بعد32 سنة من الانسحاب.. المغرب يقرر العودة إلى «الاتحاد الأفريقي»

بعد32 سنة من الانسحاب.. المغرب يقرر العودة إلى «الاتحاد الأفريقي»

قرر المغرب العودة إلى منظمة الاتحاد الأفريقي، بعد 32 عاما من الانسحاب، بغرض استرجاع «مكانه الطبيعي والشرعي» داخل الاتحاد.
وأعلن العاهل المغربي الملك محمد السادس قرار العودة في رسالة وجهها مساء أول من أمس إلى القمة الـ27 للاتحاد الأفريقي، التي عقدت على مدى يومين في كيجالي عاصمة رواندا.
وانسحب المغرب من المنظمة التي كان أحد مؤسسيها، احتجاجا على قبول عضوية «الجمهورية الصحراوية» عام 1984، وظل يرفض العودة إليها إذا ما استمرت عضويتها في الاتحاد، على الرغم من أن 70 في المائة من دول الاتحاد الأفريقي لا تعترف بـ«الجمهورية الصحراوية»، وعزز المغرب في السنوات الأخيرة بشكل كبير علاقاته بعدد من الدول الأفريقية.
وقال الملك محمد السادس في رسالته الموجهة إلى القمة 27 للاتحاد الأفريقي إن «أصدقاءنا يطلبون منا، منذ أمد بعيد، العودة إلى صفوفهم حتى يسترجع المغرب مكانته الطبيعية ضمن أسرته المؤسسية. وقد حان الوقت لذلك، وبعد تفكير عميق، بدا لنا واضحا أنه يمكن علاج الجسم المريض من الداخل بنجاعة أكبر من علاجه من الخارج»، مضيفا أنه «من هذا المنطلق، لا يمكن للمغرب أن يظل خارج أسرته المؤسسية، ولا بد له من استعادة مكانه الطبيعي والشرعي داخل الاتحاد الأفريقي، بحيث يمكنه، بفضل تحركه من الداخل أن يساهم في جعله منظمة أكثر قوة، تعتز بمصداقيتها، بعد تخلصها من مخلفات الزمن البائد». وشدد العاهل المغربي على أن «المغرب يتجه اليوم بكل عزم ووضوح نحو العودة إلى كنف عائلته المؤسسية، ومواصلة تحمل مسؤولياته بحماس أكبر وبكل الاقتناع، وهو يثق في حكمة الاتحاد الأفريقي، وقدرته على إعادة الأمور إلى نصابها، وتصحيح أخطاء الماضي».
وذكر العاهل المغربي في رسالته بالأسباب التي دفعت بلاده إلى الانسحاب من المنظمة، وقال: «من المؤلم أن يتقبل الشعب المغربي الاعتراف بدولة وهمية، كما أنه من الصعب أيضا القبول بمقارنة المملكة المغربية، كأمة عريقة في التاريخ، بكيان يفتقد لأبسط مقومات السيادة، ولا يتوفر على أي تمثيلية أو وجود حقيقي»، مشيرا إلى أن هذا الأمر سبب للمغرب «جرحا عميقا».
ووجه الملك محمد السادس انتقادات حادة إلى القرار الذي اتخذته المنظمة بقبول عضوية «الجمهورية الصحراوية»، وقال إن «فرض أمر واقع لا أخلاقي، والانقلاب على الشرعية الدولية دفع المملكة المغربية، تفاديا للتجزئة والانقسام، إلى اتخاذ قرار مؤلم، يتمثل في الانسحاب من أسرته المؤسسية، وقد عبر الشعب المغربي، بإجماع قواه الحية، عن رفضهم لانضمام كيان فاقد للسيادة لمنظمة الوحدة الأفريقية عن طريق التحايل والتواطؤ»، مشيرا إلى أن «التاريخ سيسجل هذه المرحلة كخداع وتحريف للمساطر (الإجراءات) القانونية ولمقتضيات ميثاق المنظمة، من أجل تحقيق أغراض مشبوهة. وهو تصرف يمكن مقارنته بالتغرير بقاصر، لأن منظمة الوحدة الأفريقية لم تكن وقتها قد تجاوزت مرحلة المراهقة».
وكانت رئيسة مفوضية الاتحاد الأفريقي كوسازانا دلاميني زوما قد قالت لدى افتتاح القمة الأفريقية إن «الاتحاد الأفريقي يبقى متضامنا مع الشعب الصحراوي، ويؤكد مجددا وبقوة حقه في تقرير مصيره».
وحضر القمة إبراهيم غالي، الأمين العام الجديد لجبهة البوليساريو الذي انتخب خلفا لزعيم الجبهة الراحل محمد ولد عبد العزيز الذي توفي أواخر شهر مايو (أيار) الماضي.
وفي هذا السياق، دعا الملك محمد السادس في رسالته إلى «الابتعاد عن التلاعب وتمويل النزعات الانفصالية، والتوقف عن دعم خلافات عفا عليها الزمن»، وقال: «فيما يتعلق بقضية الصحراء، فإن أفريقيا المؤسساتية لا يمكنها بعد الآن أن تتحمل أوزار خطأ تاريخي، وإرث ثقيل». وزاد متسائلا: «أليس الاتحاد الأفريقي في وضعية تعارض واضح مع الشرعية الدولية؟». فهذا الكيان المزعوم، يضيف العاهل المغربي، ليس عضوا لا في منظمة الأمم المتحدة، ولا في منظمة التعاون الإسلامي، ولا في جامعة الدول العربية، ولا في أي هيئة أخرى، سواء كانت شبه إقليمية أو إقليمية أو دولية».
وتساءل الملك محمد السادس في رسالته إن كان الاتحاد الأفريقي «سيظل مصرا على مخالفة المواقف الوطنية للدول الأعضاء، حيث لا تعترف 34 دولة على الأقل، أو لم تعد تعترف بهذا الكيان؟ وحتى ضمن 26 بلدا التي انحازت لجانب الانفصال سنة 1984، لم يعد هناك سوى قلة قليلة لا يتعدى عددها 10 دول»، لافتا إلى أن هذا التطور الإيجابي يواكب التوجه المسجل على المستوى العالمي، فمنذ سنة 2000 قامت 36 دولة بسحب اعترافها بالكيان الوهمي.
في السياق ذاته، قال الملك محمد السادس إن موقف الاتحاد الأفريقي يتعارض كليا مع تطور قضية الصحراء على مستوى الأمم المتحدة. «فهناك مسار للتسوية برعاية مجلس الأمن، يسعى للتوصل إلى حل سياسي دائم لهذا النزاع الإقليمي، ولا يمكن للاتحاد الأفريقي أن يحكم بمفرده على نتيجة هذا المسار، بينما يمكنه، من خلال استعادة حياده، أن يساهم بشكل بناء، في التوصل إلى الحل المنشود».
وأعلنت 28 دولة عضوا في الاتحاد الأفريقي ترحيبها بعودة المغرب إلى الاتحاد، بعد أن غادره عام 1984. على خلفية انضمام «الجمهورية العربية الصحراوية» التي أسستها جبهة البوليساريو في أقاليم يعتبرها المغرب جزءا من منه.
وقد رحبت برسالة العاهل المغربي 28 دولة، تشكل أغلبية أعضاء الاتحاد الأفريقي البالغ عددهم 52 عضوًا، وقدمت هذه الدول ملتمسًا يوم أمس إلى رئاسة الاتحاد الأفريقي بقيادة الرئيس التشادي إدريس ديبي إيتنو، رحبت فيه بعودة المغرب وبمضمون رسالة الملك محمد السادس.
وبحسب ما جاء في الملتمس، الذي تسلمه الرئيس التشادي فإن هذه الدول قد عبرت عن «التزامها بالعمل على أن يعود المغرب لكامل عضويته وإرجاع الأمور إلى نصابها»، وذلك من خلال العمل على سحب عضوية الاتحاد الأفريقي من «الجمهورية العربية الصحراوية» التي أعلنت جبهة البوليساريو من جانب واحد تأسيسها.
ووقعت على ملتمس الترحيب بالقرار المغربي عدة دول عربية من ضمنها مصر وتونس، وبلدان أفريقية كثيرة ضمنها السنغال وكوت ديفوار والغابون، الذي تقدم باسم 28 بلدا إلى رئيس الاتحاد الإفريقي لتعليق مشاركة ما تعرف بالجمهورية العربية الصحراوية المعلنة من طرف البوليساريو.
وفي سياق متصل، تم أمس تأجيل انتخاب رئيس جديد لمفوضية الاتحاد الأفريقي، الذي كان مقررا أمس إلى القمة المقبلة للمنظمة الأفريقية المقررة في يناير 2017. ونقلت وكالة الأنباء الجزائرية عن دبلوماسيين قولهم إن التأجيل جاء من أجل تمكين شخصيات بارزة من الترشح، وإن القادة الأفارقة اعتبروا أن المتنافسين «لا تتوفر فيهم الشروط المطلوبة لتولي هذا المنصب».
ولم يحصل المترشحون الثلاثة المتنافسون على خلافة الجنوب أفريقية دلاميني زوما على عدد الأصوات اللازمة خلال الاجتماع الذي عقد في جلسة مغلقة، كما لم تقدم الرئيسة الحالية دلاميني زوما التي توجد على رأس المفوضية منذ 2012 ترشحها لهذه الانتخابات.
ويتمثل المترشحون الثلاثة في وزيرة الشؤون الخارجية لبوتسوانا، بيلونومي فانسون مواتوا، ونائب الرئيسة الأوغندية سبيسيوزا وانديرا كازيبوي، ووزير الشؤون الخارجية لغينيا الاستوائية أغابيتو مبا موكوي.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.