غراتسيانو بيليه.. المال قبل المجد أحيانًا

على أي إنسان أن يسأل نفسه ماذا كان سيفعل لو عرض عليه 34 مليون إسترليني مقابل العمل 30 شهرًا؟

غراتسيانو بيليه يحرز هدف إيطاليا الثاني في مواجهة إسبانيا (إ.ب.أ)
غراتسيانو بيليه يحرز هدف إيطاليا الثاني في مواجهة إسبانيا (إ.ب.أ)
TT

غراتسيانو بيليه.. المال قبل المجد أحيانًا

غراتسيانو بيليه يحرز هدف إيطاليا الثاني في مواجهة إسبانيا (إ.ب.أ)
غراتسيانو بيليه يحرز هدف إيطاليا الثاني في مواجهة إسبانيا (إ.ب.أ)

في الحقيقة، ثمة إجابة واضحة للتساؤل حول سبب انتقال كبار لاعبي كرة القدم إلى الصين، فالرياضيون لا يختلفون عن أي منا، فعندما تعرض على أي شخص فينا وظيفة تحمل زيادة هائلة في الراتب ومستوى المعيشة، فإنه سيجد من الصعب رفض العرض. وفي إطار الدوري الصيني الممتاز، المفعم بالمال والطموح، بمقدور حتى اللاعبين متوسطي المستوى الحصول على زيادات هائلة في أجورهم.
بعد إنجاز صفقة انتقال غراتسيانو بيليه من ساوثهامبتون إلى فريق شاندونغ لوننغ هذا الأسبوع، سيصبح في قائمة أعلى 10 لاعبين من حيث الأجر على المستوى العالمي، تحديدًا في مكان ما بين المركزين الثالث والعاشر. وتشير تقارير إلى أنه سيتقاضى 34 مليون جنيه إسترليني على مدار عامين ونصف العام، بما يعادل قرابة 260.000 جنيه إسترليني أسبوعيًا. وبمقدور مبلغ بهذه الضخامة قلب حياة إنسان ما إلى الأبد. لذا، فإنه من غير المثير للدهشة أن يسارع بيليه لاستغلال الفرصة التي سنحت له، علاوة على أنه ليس من شأننا إصدار أحكام على لاعب ما لانتقاله من ناد لآخر بناءً على اعتبارات مالية.
ومع ذلك، يبقى هناك أمر مختلف هذه المرة. بصورة عامة، فإن اللاعبين الذين اتجهوا إلى الصين في السنوات الأخيرة ينتمون لفئتين: اللاعبين الأكبر سنًا الذين تجاوزوا فترة ذروة عطائهم داخل الملاعب، ويسعون للحصول على شيك أخير يضمن لهم حياة رغدة لباقي العمر، وآخرين نجحوا في بناء أسماء معروفة على نطاق واسع، لكن أداءهم داخل الملعب لا يكافئ حجم الشهرة التي نالوها. وعليه، نجد في الفئة الأولى أسماء من عينة ديدييه دروجبا ونيكولاس أنيلكا، في حين تضم الثانية أسماء مثل ديمبا با وبولينهو وأوبافيمي مارتينز. ورغم وجود استثناءات بطبيعة الحال، يبقى العنصر المشترك بين المجموعتين أن جميع هؤلاء اللاعبين لم تتوافر أمامهم فرصة للترقي في الهيكل الهرمي الكروي.
إلا أن الأمر المثير والمختلف بالنسبة لبيليه فهو أنه ربما يكون أول لاعب يملك ما يمكن وصفه بـ«النفوذ» يغادر إنجلترا متجهًا إلى الصين، فبجانب تقديمه موسما جيدا مع ساوثهامبتون، قدم أداءً ممتازًا مع المنتخب الإيطالي خلال بطولة أمم أوروبا، حيث سجل أهدافًا أمام إسبانيا وبلجيكا وأسهم في صعود الفريق بقيادة المدرب أنطونيو كونتي لدور الثمانية، رغم أن هذا الأمر كان يبدو غير محتملاً. وحتى بالنظر إلى ركلة الجزاء التي أهدرها أمام ألمانيا، وحتى لو كان يرغب في الرحيل عن ساوثهامبتون (وهناك بالفعل تقارير تشير إلى أن النادي لم يكن يرغب في تجديد تعاقده معه)، فإنه كان باستطاعته ترجمة هذا النجاح إلى صفقة انتقال توصف بالكبيرة. ومن هال روبسون كانو، إلى صخرة دفاع آيسلندا، راغنار سيغردسون، فإن كثيرًا من اللاعبين كانوا سيحرصون على استغلال نجاحهم في تعزيز مسيرتهم على صعيد الأندية بصورة أكثر تقليدية.
بالنظر إلى بيليه تحديدًا نجد أنه ليس في ذروة مشواره الكروي، ذلك أنه بلغ الـ31 الجمعة الماضي. ومع هذا، فإنه في حالة بيليه، مثلما الحال مع كثيرين ممن يوشكون على توديع فترة الشباب، فإن هذا العمر لا يعدو كونه مجرد رقم فحسب. داخل وطنه، كان يجري فيما مضى النظر إليه كأضحوكة، نظرًا لأن عدد الأهداف التي سجلها لم تتجاوز الـ10 سوى موسم واحد خلال تسعة مواسم قبل أن ينضم إلى فينورد الهولندي عام 2012. ومنذ ذلك الحين، سجل بيليه 85 هدفًا خلال 147 مباراة في الدوريين الإنجليزي والهولندي. كما كانت أول مشاركة له مع منتخب بلاده في سن الـ29. ومع هذا سجل رقمًا جيدًا من الأهداف بلغ سبعة خلال 17 مباراة. وبهذا يتضح أنه على عدد من الجوانب، تبدو مسيرة بيليه في الملاعب ما تزال في بدايتها.
ويحمل هذا في طياته حججًا للجانبين: فمن ناحية، بإمكان بيليه القول إنه في سن متقدمة من عمره تحتم عليه محاولة الحصول على أكبر قدر ممكن من المال خلال السنوات القلائل المتبقية بمشواره داخل الملاعب، أو ربما يدفع بأن هذه الفرصة الأخيرة أمامه للفوز بأمر رفيع القيمة، بعد أن تنقل كثيرًا بين الأندية على امتداد مشواره الكروي. إن موقفه الراهن يمكن اختيار عنوان له بأنه المجد مقابل المال، لكنه في الوقت ذاته المخاطرة مقابل الأمن، فالتساؤل الآن: هل ينبغي أن يطارد اللاعب البطولات التي ربما لا يصل إليها، أم يقبل الآن بالمال ليضمن على الأقل تأمين نفسه على أحد الجوانب لباقي عمره؟
ومن يدري، ربما يكون أي شخص يعمد للتشكيك في مستوى بيليه الآن واحدًا من أولئك الذين تقتصر أنظارهم على أوروبا عند إصدار أحكام وتقديرات بخصوص كرة القدم، بمعنى أنه ضحية لفكرة أن مسابقات الدوري الكبرى بهذه القارة العجوز هي بطولات الدوري الوحيدة التي تحمل كرة قدم حقيقية على مستوى العالم. ومن يدري، ربما يؤمن بيليه من جانبه حقًا بالدوري الصيني الممتاز وأنه يمثل مستقبل كرة القدم ويرى نفسه واحدًا من رواد استكشاف هذا الدوري. إلا أن الأمر المؤكد هنا يبقى أن الحافز الرئيس وراء هذا الانتقال هو المال.
ويكمن جزء من الاعتراض على اللاعبين الذين ينتقلون من ناد لآخر من أجل المال فحسب في الإيمان بفكرة المال «الكافي»، بمعنى كم حجم المال الذي يحتاجه الإنسان؟ بطبيعة الحال، بالنسبة لأولئك الذين لا يتقاضون أجورًا أسبوعية تصل إلى ستة أرقام، يبدو الأمر تصرفًا جشعًا، لكن في هذه الحالة يبدو الرقم فلكيًا على نحو يتجاوز قدرتنا جميعًا على الاستيعاب. على أي حال، فإنه على أقل تقدير، فإن هذا الانتقال يرفع أجر بيليه إلى أربعة أضعاف، وهنا يصبح من غير المهم فكرة أنه كان يتقاضى من قبل 80.000 جنيه إسترليني أسبوعيًا أو 8 جنيه إسترليني بالساعة، ذلك أن الغالبية الكاسحة منا لم تكن لترفض عرضًا بزيادة راتبها 225 في المائة!
وعليه، فإن أي شخص يوجه سهام النقد إلى بيليه عليه أن يسأل نفسه ماذا كان ليفعل لو أنه عرض عليه 34 مليون جنيه إسترليني مقابل العمل 30 شهرًا. ومع هذا، تبقى هناك تساؤلات قائمة في ذهن المرء يتعذر التخلص منها: ماذا سيشعر بيليه لو أن إيطاليا فازت بكأس العالم في روسيا لكن لم يتم اختياره بالمنتخب لأنه يلعب في الصين؟ وماذا سيشعر لو أن ساوثهامبتون حاكى تجربة ليستر سيتي الموسم الماضي واقتنص بطولة الدوري الإنجليزي الممتاز؟، رغم أن هذا يبدو غير محتملاً لدرجة بعيدة.
الحقيقة أن بيليه يكسب كثيرا لكنه في الوقت ذاته يضحي بكثير. يذكر أنه في أعقاب إهداره ركلة الجزاء وخسارة بلاده، قال بيليه: «لو أنني سجلت ركلة الجزاء، لكنت تحولت إلى اسم تاريخي، لكن بدلاً عن ذلك... وصلت هنا شخصا مجهولا وسأرحل شخصا مجهولا». ويكشف هذا التصريح أنه يؤمن بالقيم الرومانسية لكرة القدم، ما يزيد من هالة الغموض حول قراره بالانتقال إلى الصين. ربما يكون بيليه مجهولا حقًا، وقليلون بإمكانهم لومه على قراره الأخير، لكن عليه أن يدرك أنه ضحى بأي فرصة لدخول التاريخ.



بطولة إيطاليا: إنتر للنهوض من كبوة الديربي... ويوفنتوس للعودة إلى سكة الانتصارات

لاعبو ميلان وفرحة تخطي الجار اللدود إنتر (أ.ب)
لاعبو ميلان وفرحة تخطي الجار اللدود إنتر (أ.ب)
TT

بطولة إيطاليا: إنتر للنهوض من كبوة الديربي... ويوفنتوس للعودة إلى سكة الانتصارات

لاعبو ميلان وفرحة تخطي الجار اللدود إنتر (أ.ب)
لاعبو ميلان وفرحة تخطي الجار اللدود إنتر (أ.ب)

يسعى إنتر حامل اللقب إلى النهوض من كبوة الديربي وخسارته، الأحد الماضي، أمام جاره اللدود ميلان، وذلك حين يخوض (السبت) اختباراً صعباً آخر خارج الديار أمام أودينيزي، في المرحلة السادسة من الدوري الإيطالي لكرة القدم. وتلقى فريق المدرب سيموني إينزاغي هزيمته الأولى هذا الموسم بسقوطه على يد جاره 1-2، بعد أيام معدودة على فرضه التعادل السلبي على مضيفه مانشستر سيتي الإنجليزي في مستهل مشواره في دوري أبطال أوروبا.

ويجد إنتر نفسه في المركز السادس بثماني نقاط، وبفارق ثلاث عن تورينو المتصدر قبل أن يحل ضيفاً على أودينيزي الذي يتقدمه في الترتيب، حيث يحتل المركز الثالث بعشر نقاط بعد فوزه بثلاث من مبارياته الخمس الأولى، إضافة إلى بلوغه الدور الثالث من مسابقة الكأس الخميس بفوزه على ساليرنيتانا 3-1. ويفتقد إنتر في مواجهته الصعبة بأوديني خدمات لاعب مؤثر جداً، هو لاعب الوسط نيكولو باريلا، بعد تعرّضه لإصابة في الفخذ خلال ديربي ميلانو، وفق ما قال بطل الدوري، الثلاثاء.

وأفاد إنتر بأنّ لاعب وسط منتخب إيطاليا تعرّض لتمزق عضلي في فخذه اليمنى، مضيفاً أنّ «حالته ستقيّم من جديد الأسبوع المقبل». وذكر تقرير إعلامي إيطالي أنّ باريلا (27 عاماً) سيغيب إلى ما بعد النافذة الدولية المقررة الشهر المقبل، ما يعني غيابه أيضاً عن المباراتين أمام النجم الأحمر الصربي (الثلاثاء) في دوري أبطال أوروبا، وتورينو متصدر ترتيب الدوري.

«كانوا أفضل منا»

وأوضحت صحيفة «غازيتا ديلو سبورت»، التي تتخذ من ميلانو مقراً لها، أن إينزاغي حاول تخفيف عبء الخسارة التي تلقاها فريقه في الديربي بهدف الدقيقة 89 لماتيو غابيا، بمنح لاعبيه فرصة التقاط أنفاسهم من دون تمارين الاثنين، على أمل أن يستعيدوا عافيتهم لمباراة أودينيزي الساعي إلى الثأر من إنتر، بعدما خسر أمامه في المواجهات الثلاث الأخيرة، ولم يفز عليه سوى مرة واحدة في آخر 12 لقاء. وأقر إينزاغي بعد خسارة الدربي بأنهم «كانوا أفضل منا. لم نلعب كفريق، وهذا أمر لا يمكن أن تقوله عنا عادة».

ولا يبدو وضع يوفنتوس أفضل بكثير من إنتر؛ إذ، وبعد فوزه بمباراتيه الأوليين بنتيجة واحدة (3 - 0)، اكتفى «السيدة العجوز» ومدربه الجديد تياغو موتا بثلاثة تعادلات سلبية، وبالتالي يسعى إلى العودة إلى سكة الانتصارات حين يحل (السبت) ضيفاً على جنوا القابع في المركز السادس عشر بانتصار وحيد. ويأمل يوفنتوس أن يتحضر بأفضل طريقة لرحلته إلى ألمانيا الأربعاء حيث يتواجه مع لايبزيغ الألماني في مباراته الثانية بدوري الأبطال، على أمل البناء على نتيجته في الجولة الأولى، حين تغلب على ضيفه أيندهوفن الهولندي 3-1. ويجد يوفنتوس نفسه في وضع غير مألوف، لأن جاره اللدود تورينو يتصدر الترتيب في مشهد نادر بعدما جمع 11 نقطة في المراحل الخمس الأولى قبل استضافته (الأحد) للاتسيو الذي يتخلف عن تورينو بفارق 4 نقاط.

لاعبو إنتر بعد الهزيمة أمام ميلان (رويترز)

من جهته، يأمل ميلان ومدربه الجديد البرتغالي باولو فونسيكا الاستفادة من معنويات الديربي لتحقيق الانتصار الثالث، وذلك حين يفتتح ميلان المرحلة (الجمعة) على أرضه ضد ليتشي السابع عشر، قبل رحلته الشاقة جداً إلى ألمانيا حيث يتواجه (الثلاثاء) مع باير ليفركوزن في دوري الأبطال الذي بدأه بالسقوط على أرضه أمام ليفربول الإنجليزي 1-3. وبعد الفوز على إنتر، كان فونسيكا سعيداً بما شاهده قائلاً: «لعبنا بكثير من الشجاعة، وأعتقد أننا نستحق الفوز. لا يمكنني أن أتذكر أي فريق آخر تسبب لإنتر بكثير من المتاعب كما فعلنا نحن».

ويسعى نابولي إلى مواصلة بدايته الجيدة مع مدربه الجديد، أنطونيو كونتي، وتحقيق فوزه الرابع هذا الموسم حين يلعب (الأحد) على أرضه أمام مونتسا قبل الأخير، على أمل تعثر تورينو من أجل إزاحته عن الصدارة. وفي مباراة بين فريقين كانا من المنافسين البارزين الموسم الماضي، يلتقي بولونيا مع ضيفه أتالانتا وهما في المركزين الثالث عشر والثاني عشر على التوالي بعد اكتفاء الأول بفوز واحد وتلقي الثاني ثلاث هزائم. وبعدما بدأ مشواره خليفة لدانييلي دي روسي بفوز كبير على أودينيزي 3-0، يأمل المدرب الكرواتي إيفان يوريتش منح روما انتصاره الثاني هذا الموسم (الأحد) على حساب فينيتسيا.