هاجس التفخيخ يختفي في المكلا تدريجيًا.. والأهالي يلبسونها ثوب الفرح

الاحتفالات تتوالى في المحافظة التي عاشت على وقع الإرهاب

ارتياح في المكلا وثقة زادت في أجهزة الأمن بعد تطهير المحافظة من الإرهاب («الشرق الأوسط»)
ارتياح في المكلا وثقة زادت في أجهزة الأمن بعد تطهير المحافظة من الإرهاب («الشرق الأوسط»)
TT

هاجس التفخيخ يختفي في المكلا تدريجيًا.. والأهالي يلبسونها ثوب الفرح

ارتياح في المكلا وثقة زادت في أجهزة الأمن بعد تطهير المحافظة من الإرهاب («الشرق الأوسط»)
ارتياح في المكلا وثقة زادت في أجهزة الأمن بعد تطهير المحافظة من الإرهاب («الشرق الأوسط»)

بدأت مدينة المكلا، عاصمة محافظة حضرموت جنوب اليمن، في التعافي تدريجيًا مما سببته سيطرة تنظيم القاعدة المتطرف عليها عاما كاملا، وما تلاه من أحداث 27 يونيو (حزيران) الإرهابية، التي أفقدت المدينة 52 شخصا ما بين جنود ومدنيين، كان من بينهم طفلة لم تتجاوز 5 سنوات، في 3 هجمات انتحارية، استخدمت فيها سيارة وعبوات مفخخة، ونفذها مجموعة من الانغماسيين بأحزمة ناسفة، ليتبناها بعد ذلك تنظيم داعش في اليمن، مما أعاش المدينة هاجس الخوف من المفخخات والأحزمة الناسفة.
وفيما كان عيد الفطر المبارك هو التجربة الأولى لأهالي المدينة المحررة في الفرح، أقبل المئات من المواطنين على المتنزهات والأماكن العامة وسط تشديدات أمنية نفذتها الألوية التابعة للمنطقة العسكرية الثانية الخاضعة لشرعية الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، مسنودة بوحدات الأمن العام (الشرطة)، كذلك شرطة السير (المرور)، لتزداد ثقة أهالي المدينة في قواتهم العسكرية، وهو ما كان واضحًا من خلال تواجد الأهالي بالقرب من نقاط التأمين العسكرية دون خوف.
وتحاول السلطات المحلية بالمدينة دفع هاجس الخوف لدى المواطنين، وإعادة الحياة الطبيعية للمدينة، من خلال إعادة إحياء «مهرجان البلدة السياحي»، في نسخته السادسة، بعد توقف 5 سنوات، بسبب ظروف الحرب الأخيرة التي تمر بها البلاد، والذي يعد من أكبر وأهم المهرجانات بالمدينة.
وخصص للمهرجان 15 يومًا، هي أيام المهرجان السياحي، كان أولها الجمعة، ودشنه محافظ حضرموت اللواء الركن أحمد سعيد بن بريك، ومدير عام مديرية المكلا سالم علي بن الشيخ أبو بكر، على أشهر شواطئ مدينة المكلا القديمة، والمسمى «سيف حميد»، بعد استعدادات دامت أسابيع، قامت بها اللجان التحضيرية للمهرجان، ليضم المهرجان عروضا كرنفالية بحرية بالقوارب، ينفذها صيادون محليون، ولوحات تراثية راقصة، لفنانين وفرق شعبية، وكذلك يضم عددا من المسابقات الرياضية، كدوري لكرة القدم، وآخر لكرة القدم الشاطئية، ومارثون، ويضم سباقا لقوارب الصيد الصغيرة، وقوارب التجديف، وسباق الدرجات الهوائية، والسباحة الحرة، واستعراضات رياضة التايكوندو وفنون القتال، وأيضًا إقامة مسرح خاص بالطفل، وفقرات توعوية هادفة.
محافظ حضرموت اللواء الركن «بن بريك»، كان قد ألقى كلمة في تدشين المهرجان الجمعة، أكد فيها سيطرة قوات الجيش، وقوات الشرطة على الأمن بالمدينة، وتأمين أهاليها، كذلك صد أي خطر قادم من خارجها، مشددًا على أن عملية تحرير المكلا جاءت لطرد الجماعات الإرهابية، وإعادة الحياة الطبيعية للمدينة، داعيا شبابها للتطلع نحو المستقبل، والتقدم بخطى ثابتة نحوه.
ووعد المحافظ الأهالي بالحفاظ على استمرارية المهرجان السياحي خلال الأعوام القادمة، مشيدا بقيمته السياحية والمعنوية لدى أهالي المنطقة المحررة، دافعا الجميع للمشاركة فيه، والاستمتاع بفقراته، وتخطي المرحلة السابقة، من دون أن تكون معيقة لدوران عجلة الحياة اليومية لأهالي المدينة.
مدير عام مديرية المكلا، سالم علي بن الشيخ أبو بكر، قال لـ«الشرق الأوسط»: «إن المكلا قد نهضت من جديد، وها هم سكانها اليوم يعلنون الاحتفال تلو الاحتفال، فبعد احتفالهم بانتصار قوات الجيش، وتحرير المكلا، احتفلوا بعيد الفطر، وألبسوا المكلا ثوب الفرح والسعادة، واليوم هم أيضا يحتفلون بعودة أكبر مهرجاناتهم، والذي افتقدوه لسنوات، معلنين بذلك عودة الحياة بالمدينة للمستوى الطبيعي، فالمكلا اليوم بشكل خاص، وحضرموت بشكل عام، تقدم رسالة للعالم، مفادها أن أحفاد دعاة السلام، وحملة الرسالة الإسلامية إلى آسيا وأفريقيا، هم أيضا كأجدادهم، دعاة للسلام، ونابذين للعنف، وأنهم إن اتحدوا فذلك على خير، كما أن هذا المهرجان هو رسالتنا للعالم بأننا سننهض رغم الجراح، وستكون المكلا نموذجا لباقي المدن اليمنية».
وبخصوص الجانب الأمني الخاص بمهرجان البلدة السياحي، فقد أمنت وحدات الجيش والشرطة مكان التدشين في شاطئ «سيف حميد»، من خلال استحداث نقاط أمنية على الطرق المؤدية للمكان، كذلك تأمين المنازل المحاذية للشاطئ، والشوارع الفرعية، وهو ما أعطى السكان دافعا أكبر للحضور والمشاركة، في ظل وجود عدد من المسؤولين بالسلطة والجيش، وهو الأمر الذي يرفع من احتمالية استهداف المكان. وبحسب مصدر عسكري مسؤول بالجيش فإن هذه الإجراءات المشددة لا يعتقد تكرارها في جميع الأماكن التي ستشهد فعاليات المهرجان، كخور المكلا، وملعب الخيصة الرياضي، وفندق ريبون سيتي، والساحة المحاذية لمركز مكلا مول التجاري، وإنما سيتم الاعتماد بشكل أكبر على الدوريات الراجلة والسيارة.
المقدم منير التميمي من قيادة المنطقة العسكرية الثانية، أكد لـ«الشرق الأوسط» أن قوات الجيش تعمل على تأمين مدينة المكلا بشكل جيد، وهو ما يسمح بإقامة أي فعاليات جماهيرية دون الخوف من أعمال تخريب أو عنف قد تطال السكان، منوهًا بأن تأمين وسط المدينة لن يكون عبر تقييد الحركة داخلها، والتضييق على المواطنين، لكنه سيتم اعتماد أساليب توائم الازدحام داخل المدينة، والكثافة البشرية بالأماكن العامة، وهو ما سيمنح المواطن راحة أكبر في التحرك، مع ضمان نسبة كبيرة من الحماية له.
ويقول المقدم «التميمي» أن تناغم عمل الوحدات الأمنية التابعة للجيش، والأخرى التابعة للشرطة، وشرطة السير، تقدم مستوى أفضل من الحماية للمواطن، ويعود ذلك للتدريبات الخاصة التي تلقتها تلك الوحدات، لضبط الأمن في انسجام تام، من دون حصول أي صدامات بينها، بشكل يمنع اختراق وتفكيك تلك الوحدات.
ومنذ تحرير مدينة المكلا في نهاية أبريل (نيسان) الماضي من سيطرة تنظيم القاعدة المتطرف؛ استطاعت الوحدات الأمنية المتخصصة في الجيش ضبط عدد من السيارات المفخخة الجاهزة للتفجير، ومداهمة عدد من أوكار الإرهابيين، وضبط ما بها من أحزمة ناسفة، ومتفجرات، وأسلحة خفيفة ومتوسطة.
كذلك عملت على تفكيك كثير من حقول الألغام، والكمائن المفخخة، التي تم زرعها في بعض الطرق الرئيسية والفرعية على مداخل مدينة المكلا ومخارجها، واستدلت على أماكنها من خلال الفرق المتخصصة في الكشف عن أماكن الألغام والمتفجرات، كذلك من خلال التحقيق مع العناصر المتطرفة الذين تم إلقاء القبض عليهم، سواء خلال عملية تحرير المكلا، أو خلال عمليات تنظيف المدينة من الجيوب الإرهابية.



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.