الرئيس المصري يشارك في أعمال القمة الأفريقية وعينه على ملفي المياه والإرهاب

دول حوض النيل تتمسك بـ«عنتيبي» والقاهرة جددت عدم اعترافها بالاتفاقية

الرئيس المصري يشارك في أعمال القمة الأفريقية وعينه على ملفي المياه والإرهاب
TT

الرئيس المصري يشارك في أعمال القمة الأفريقية وعينه على ملفي المياه والإرهاب

الرئيس المصري يشارك في أعمال القمة الأفريقية وعينه على ملفي المياه والإرهاب

يشارك الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في أعمال القمة الأفريقية العادية السابعة والعشرين، التي ستبدأ فعالياتها في العاصمة الرواندية كيجالي يوم غد الأحد. ويعقد الرئيس السيسي لقاءات غير رسمية مع عدد من القادة والزعماء الأفارقة اليوم السبت قبل انطلاق أعمال القمة رسميا، لبحث ملفات على رأسها ملفا المياه ومواجهة الإرهاب، فيما أبدى وزراء مياه دول حوض النيل تمسكهم باتفاقية عنتيبي التي أنهت حصة مصر التاريخية من مياه النيل، وعدوها «خطا أحمر».
وقال السفير علاء يوسف المتحدث الرسمي باسم الرئاسة إن مشاركة الرئيس بالقمة الأفريقية في رواندا تأتي في إطار الأولوية التي توليها مصر لتعزيز مشاركتها في العمل الأفريقي المشترك وتطوير علاقاتها بمختلف الدول الأفريقية، إيمانا منها بوحدة المصير وضرورة العمل على تضافر جهود دول القارة، من أجل دفع عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية بما يلبي طموحات الشعوب الأفريقية، فضلا عن تعزيز الجهود لتحقيق السلام والاستقرار وتسوية المنازعات القائمة بعدد من الدول الأفريقية.
وأضاف المتحدث الرسمي في بيان حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، أن الرئيس سيبدأ برنامجه بالمشاركة يوم 16 يوليو (تموز) في جلسة المباحثات غير الرسمية للقادة والزعماء الأفارقة التي ستعقد قبل انطلاق أعمال القمة يوم الأحد 17 يوليو، وذلك لمناقشة موضوع تمويل أنشطة الاتحاد وسبل تعزيز الموارد المالية اللازمة لتنفيذ مشروعات وبرامج الاتحاد الطموحة.
وذكر السفير علاء يوسف أن أهم الموضوعات المطروحة على جدول أعمال القمة الأفريقية المقبلة تتمثل في مناقشة خطط التكامل والاندماج الأفريقي والعمل على الانتهاء من المفاوضات الخاصة باتفاقية إنشاء منطقة التجارة الحرة الأفريقية، فضلاً عن موضوعي إصلاح مجلس الأمن وانتخابات مفوضية الاتحاد الأفريقي.
ومن المقرر أن تناقش القمة الأفريقية كذلك موضوعات تمكين المرأة الأفريقية والعمل على النهوض بأحوالها، لا سيما أن قمة كيجالي ستُعقد تحت شعار «العام الأفريقي لحقوق الإنسان مع التركيز بصفة خاصة على حقوق المرأة»، وذلك احتفاء بالذكرى الثلاثين لدخول الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب حيز النفاذ.
وأوضح المتحدث الرسمي أنه من المنتظر أن تشهد القمة الأفريقية في كيجالي مشاركة عدد كبير من الزعماء الأفارقة، حيث يتضمن برنامج الرئيس عددًا من اللقاءات الثنائية مع رؤساء الدول الأفريقية بهدف بحث سُبل تعزيز العلاقات الثنائية مع تلك الدول في مختلف المجالات، بالإضافة إلى مناقشة جهود تعزيز السلم والأمن بالقارة، لا سيما في ضوء عضوية مصر بمجلس الأمن الدولي ومجلس السلم والأمن الأفريقي، وحرصها على الدفاع عن المصالح والمواقف الأفريقية في مجلس الأمن.
يأتي هذا في وقت، أكد فيه وزراء دول حوض النيل، أن تعديل اتفاقية عنتيبي التي أنهت حصة مصر التاريخية من مياه النيل خط أحمر لن يتم التراجع عنه، داعين مصر للانضمام إلى الاتفاقية، فيما قال وزير الري المصري محمد عبد العاطي، إن مشاركته في اجتماع وزراء مياه النيل تهدف إلى تأكيد الموقف المصري الرافض للاتفاقية.
وألقى وزراء النيل في اجتماع مجلس دول الحوض الـ24. الذي عقد في العاصمة الأوغندية كمبالا، الخميس، كلمات مختصرة شددوا فيها على اهتمام بلادهم باستمرار التعاون تحت مظلة مبادرة حوض النيل، وأهمية إيجاد حلول وقرارات عاجلة من أجل تحويلها إلى مفوضية، وفقا لما كان منصوصا عليه بعد التوقيع على اتفاقية عنتيبي.
وشارك عبد العاطي في الاجتماع بعد 6 سنوات من ضعف التمثيل المصري لتجميد القاهرة المشاركة في أنشطة المبادرة، بعد توقيع 6 من دول الحوض على اتفاق عنتيبي، وذكر بيان وزارة الري، أن مشاركة مصر في الاجتماعات بهدف «إثبات موقفها القانوني من المبادرة، ومن الخطوة الأحادية التي اتخذتها الدول بالتوقيع على مسودة الاتفاقية».



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.