ليبيا: معارك سرت تقترب من مقر «داعش».. وسقوط عشرات القتلى

الأمم المتحدة تعلن عن عقد جولة جديدة من الحوار الليبي في تونس

جنود ليبيون خلال محاربتهم أعضاء تنظيم داعش في مدينة سرت (رويترز)
جنود ليبيون خلال محاربتهم أعضاء تنظيم داعش في مدينة سرت (رويترز)
TT

ليبيا: معارك سرت تقترب من مقر «داعش».. وسقوط عشرات القتلى

جنود ليبيون خلال محاربتهم أعضاء تنظيم داعش في مدينة سرت (رويترز)
جنود ليبيون خلال محاربتهم أعضاء تنظيم داعش في مدينة سرت (رويترز)

أعلن المركز الإعلامي لعملية «البنيان المرصوص»، التي تشنها قوات موالية لحكومة الوفاق الوطني، التي يترأسها فائز السراج في سرت ضد تنظيم داعش، أن المستشفى الميداني بالمدينة أكد أمس وصول 7 قتلى و49 جريحا بعد وقوع اشتباكات في عدة محاور قتالية بسرت.
وقال المركز في بيان له إن سلاح الجو قصف مواقع لتنظيم داعش وسط ‫‏سرت من بينها مخزنًا للذخيرة، كما وزع صورا فوتوغرافية التقطها مراسل المركز تظهر استهداف سلاح الجو للمخزن.
‫وقالت قوات ‏عملية البنيان المرصوص إنها تحرز تقدما في المحورين الشرقي والجنوبي وتسيطر على محطة البحوث، مشيرة إلى أن الاشتباكات تدور حاليا على أسوار قاعات واغادوغو.
وتفرض هذه القوات حصارا على نحو 300 مقاتل هم تقريبا ما تبقى من عناصر «داعش» في مدينة سرت، حيث أوضح مسؤول المكتب الإعلامي لعملية «البنيان المرصوص» أن التقديرات المتعلقة بالأعداد المتبقية من عناصر «داعش» أنها تناهز 300 فرد، مؤكدا أن التنظيم يفتقر للأسلحة الثقيلة، ولم يعد يمتلك سوى أسلحة متوسطة وخفيفة.
وأوضح المسؤول ذاته أن «طبيعة المعارك في المدينة تطورت من حرب مفتوحة في نقاط مختلفة إلى حرب شوارع، وذلك بعد انتقالها إلى الأحياء السكنية، ومع انتشار القناصة فوق المباني أعيق تقدم قواتنا».
وفرضت قوات حكومة الوفاق أخيرا سيطرتها على معظم أحياء مدينة سرت، فيما لم يعد لتنظيم داعش سوى مساحة جغرافية صغيرة لا تتجاوز خمسة كيلومترات فقط يسيطر عليها، بحسب العميد محمد الغصري المتحدث العسكري لغرفة عمليات قوات «البنيان المرصوص».
وتسببت المعارك بين قوات حكومة الوفاق وبين عناصر «داعش» في سقوط أكثر من 400 قتيل وأكثر من 1500 جريح خلال المعارك التي اندلعت منذ مطلع مايو (أيار) الماضي.
وأطلقت القوات الموالية لحكومة الوفاق المدعومة من الأمم المتحدة قبل أكثر من شهرين عملية «البنيان المرصوص» بهدف استعادة مدينة سرت من أيدي تنظيم داعش، بعدما خضعت لسيطرته لأكثر من عام. وبعد التقدم السريع الذي حققته القوات الحكومية في بداية عمليتها العسكرية، عاد وتباطأ بفعل المقاومة التي يبديها المتشددون الذين يشنون هجمات مضادة، خصوصا من خلال سيارات مفخخة يقودها انتحاريون.
وأعلنت قوات الحكومة الليبية سيطرتها على حي 700 المهم، الواقع وسط مدينة سرت، وبدأت التقدم نحو محيط مركز واغادوغو للمؤتمرات حيث يقيم المتطرفون مركز قيادتهم.
في غضون ذلك، أعلنت أمس بعثة الأمم المتحدة في ليبيا أن جولة جديدة من الحوار الليبي الليبي ستعقد اليوم وغدا في تونس لمناقشة آخر التطورات في ليبيا، بما في ذلك العقبات التي تواجه تنفيذ الاتفاق السياسي الليبي، مشيرة إلى أن البعثة ستقوم بتيسير عقد هذا الاجتماع.
وقالت البعثة في بيان للصحافيين أمس تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، إن أعضاء الحوار السياسي الليبي سيعقدون اجتماعًا تشاوريًا في العاصمة التونسية.
ولم توضح البعثة طبيعة الأطراف التي ستشارك في هذه الجولة الجديدة، لكن الجولات السابقة اقتصرت على ممثلين عن مجلس النواب الموجود في طبرق بأقصى الشرق الليبي والمؤتمر الوطني العام (البرلمان) السابق والمنتهية ولايته الموجود بالعاصمة الليبية طرابلس.
ورعت البعثة اتفاقا للسلام في منتجع الصخيرات بالمغرب نهاية العام الماضي، أفضى إلى تشكيل حكومة وفاق وطني يترأسها فائز السراج، لكن مجلس النواب الليبي ما زال يرفض منحها ثقته بسبب خلافات، أبرزها رفض المجلس أي محاولة للمساس بالقائد العام للجيش الوطني الليبي الفريق خليفة حفتر.
ومن المتوقع أن يمثل المستشار عقيلة صالح رئيس مجلس النواب ليبيا في قمة الاتحاد الأفريقي حول حقوق الإنسان وحقوق المرأة بالقارة الأفريقية، بالعاصمة الرواندية كيغالي وفقا لما أعلنه المكتب الإعلامي للاتحاد الأفريقي.
وقالت وزيرة الخارجية الرواندية، لويز موشيكيوابو، إن زعماء القارة الأفريقية سيناقشون وبشكل عاجل الأوضاع المتفجرة في ليبيا وجنوب السودان، وبعض المناطق الأخرى التي تشهد صراعات داخل القارة، لافتة النظر إلى أن الوضع بليبيا سيكون محل اهتمام القادة الأفارقة، وسيناقشون الوضع الإنساني وما يتعلق بالقتال إضافة إلى الوضع السياسي، مشيرة إلى أن الاتحاد سيدعم مساعي السلام في البلاد.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم