حكومة بغداد تقرر عودة نازحي الفلوجة إلى منازلهم بأسرع وقت.. ووزير يطالب بتوفير الخدمات أولاً

مصادر أمنية تؤكد تطهير معظم المناطق المحيطة بالمدينة المحررة من العبوات الناسفة

عائلات عراقية نازحة من الرمادي (رويترز)
عائلات عراقية نازحة من الرمادي (رويترز)
TT

حكومة بغداد تقرر عودة نازحي الفلوجة إلى منازلهم بأسرع وقت.. ووزير يطالب بتوفير الخدمات أولاً

عائلات عراقية نازحة من الرمادي (رويترز)
عائلات عراقية نازحة من الرمادي (رويترز)

قال مسؤول عراقي، أمس: إن «حكومة بغداد قررت عودة النازحين من الفلوجة وضواحيها إلى منازلهم بأسرع وقت ممكن»، مطالباً في الوقت ذاته بالتأكد من توفير الخدمات الضرورية قبل عودتهم. جاء ذلك في تصريح لوزير التخطيط العراقي سلمان الجميلي لوكالة الأنباء الألمانية، بأن الحكومة العراقية قررت خلال اجتماعها الأخير عودة نازحي الفلوجة وضواحيها إلى منازلهم . وأضاف أن «نازحي مدينة كرمة الفلوجة ستتم إعادتهم خلال الأيام المقبلة كمرحلة أولى بعد أن استكملت الجهات الحكومية جميع المتطلبات الأساسية من أجل الاستقرار، فيما ستتم إعادة نازحي الفلوجة بحسب تأكيد مجلس الوزراء مطلع أغسطس (آب) المقبل، وأن التوجيه الحكومي ألزم المؤسسات الأمنية والخدمية لتهيئة الظروف الملائمة بشكل سريع من أجل إعادة النازحين والانتقال من مخيمات النزوح إلى منازلهم والتخفيف من معاناتهم قدر الإمكان».
وأكدت مصادر أمنية، تنظيف غالبية مناطق وطرق الكرمة من العبوات الناسفة من قبل لجان الجهد الهندسي، فضلا عن متطوعي أبناء الكرمة.
في سياق متصل، قال رئيس مجلس محافظة الأنبار، صباح كرحوت لـ«الشرق الأوسط»: إن «مدينة الرمادي تستعد لاستقبال آلاف العائلات التي قررت العودة إلى المدينة بعد عيد الفطر، خصوصا بعد قرار حكومة الأنبار نقل جميع الدوائر والمؤسسات الحكومية والخدمية إلى مدن الأنبار المحررة، حيث شهدت الرمادي وهيت وحديثة عودة الأهالي إلى مناطقهم بأعداد كبيرة جدا وصلت إلى نصف عدد السكان قبل النزوح».
وأضاف كرحوت «إن العائلات التي قررت العودة إلى مدينة الرمادي وباقي مدن الأنبار اصطدمت بعائق غلق منفذ بزيبز بدواعي الصيانة؛ مما صعّب الأمر على الكثير من العائلات في رحلة العودة، وهناك الآلاف قرروا انتظار فتح المعبر من أجل مواصلة رحلة العودة إلى مدنهم».
لكن رئيس مجلس المحافظة عاد وانتقد جدية الحكومة في التحرك الفعلي لإعادة الاستقرار للمدن المحررة، مضيفا: «الغريب عدم وجود أي تحرك فعلي من قبل الحكومة المركزية لإعادة الاستقرار للمدن المحررة في الأنبار، ومنها مدن الرمادي والفلوجة والكرمة، بعد أن تم تحرير تلك المدن من قبضة تنظيم داعش الإرهابي، ولم تتم إعادة تأهيل الخدمات وتنظيف المناطق من المخلفات الحربية والعبوات الناسفة، خصوصا في مدينتي الفلوجة والكرمة؛ لذا يطالب مجلس محافظة الأنبار من رئيس الوزراء حيدر العبادي بإعادة نازحي الفلوجة والكرمة إلى مناطقهم بأسرع وقت ممكن، وتوفير جهد هندسي من التشكيلات العسكرية كافة؛ لرفع ما تبقى من الألغام والعبوات الناسفة في الفلوجة والكرمة لغرض إعادة النازحين».
إلى ذلك، أكد قائمّقام قضاء الرمادي بمحافظة الأنبار، إبراهيم العوسج، أن قطع جسر بزيبز تسبب في منع آلاف الأسر النازحة من مدن الأنبار إلى العودة إلى مناطقهم في المحافظة، وقال العوسج في حديث لـ«الشرق الأوسط»: إن «الآلاف من العائلات النازحة من مدن محافظة الأنبار متكدسة الآن في المنطقة القريبة من جسر بزيبز، وبالتحديد في ضفة الجسر من جانب العاصمة بغداد، تريد عبور الجسر والدخول إلى محافظة الأنبار من أجل العودة إلى مدنها في المحافظة، ولكن قطع الجسر وإعادة صيانته حال دون عودة تلك الأسر إلى مناطقها».
وأضاف العوسج «على قيادة عمليات بغداد والجهات الحكومية والأمنية إلى «إيجاد طريق آخر لتسهيل عودة الأسر النازحة لمناطق الرمادي وباقي مناطق الأنبار الأخرى؛ لأن المئات من الأطفال والنساء وكبار السن باتوا أمام خطر الموت نتيجة تعرضهم لأشعة الشمس الحارقة وهم متجمعون في العراء في ظل ارتفاع شديد بدرجات الحرارة وصل إلى أكثر من 50 درجة مئوية».



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.