ولد الشيخ في صنعاء لإنقاذ «الكويت».. والمعارك تحتدم في شمال العاصمة

مصادر لـ «الشرق الأوسط»: انسحابات متوقعة للحوثيين من مناطق مهمة خلال أيام

جنود يمنيون تابعون للرئيس السابق علي عبد الله صالح أثناء مرافقتهم موكب المبعوث  الأممي إلى اليمن اسماعيل ولد الشيخ أحمد أثناء وصوله إلى صنعاء أمس (إ.ب.أ)
جنود يمنيون تابعون للرئيس السابق علي عبد الله صالح أثناء مرافقتهم موكب المبعوث الأممي إلى اليمن اسماعيل ولد الشيخ أحمد أثناء وصوله إلى صنعاء أمس (إ.ب.أ)
TT

ولد الشيخ في صنعاء لإنقاذ «الكويت».. والمعارك تحتدم في شمال العاصمة

جنود يمنيون تابعون للرئيس السابق علي عبد الله صالح أثناء مرافقتهم موكب المبعوث  الأممي إلى اليمن اسماعيل ولد الشيخ أحمد أثناء وصوله إلى صنعاء أمس (إ.ب.أ)
جنود يمنيون تابعون للرئيس السابق علي عبد الله صالح أثناء مرافقتهم موكب المبعوث الأممي إلى اليمن اسماعيل ولد الشيخ أحمد أثناء وصوله إلى صنعاء أمس (إ.ب.أ)

وصل إلى العاصمة اليمنية صنعاء، أمس، المبعوث الأممي إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ، وذلك في مسعى جديد لمنع انهيار المساعي التي تبذلها الأمم المتحدة لإحلال السلام في اليمن، والمتمثلة في عقد الجولة الثانية من المشاورات بين الأطراف اليمنية في دولة الكويت، التي من المقرر أن تنطلق غدا، غير أن أيا من وفدي التفاوض لم يصل إلى الكويت حتى اللحظة، في ظل تلويح الحكومة اليمنية بعدم إيفاد وفدها مرة أخرى، في ظل عدم وجود التزامات واضحة وصريحة بتطبيق قرار مجلس الأمن الدولي رقم «2216».
وقالت مصادر مطلعة في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» إن ولد الشيخ سينقل إلى الانقلابيين (الحوثي – صالح) ووفدهما، بعض النقاط المتعلقة بالإشكالية الرئيسية القائمة في المشاورات، التي أفشلت الجولة السابقة ومنعت التوصل إلى أي اتفاق بعد 70 يوما من الاجتماعات المباشرة وغير المباشرة والثنائية، وإن تلك الإشكالية تكمن في موضوع تشكيل حكومة الوحدة الوطنية التي يصر الانقلابيون على تشكيلها قبل تطبيق القرار الأممي والانسحاب من المدن وتسليم الأسلحة وإطلاق سراح المعتقلين.
في هذه الأثناء، أبلغ «الشرق الأوسط» مصدر يمني رفيع مقرب من طرفي النزاع بأن مباحثات إسماعيل ولد الشيخ في صنعاء، قد تفضي، خلال اليومين المقبلين، إلى انسحاب الميليشيات من بعض المناطق المهمة، تطبيقا للقرار، في ضوء ضغوط تمارسها أطراف دولية، ترعى عملية السلام في اليمن. وبخصوص ملف المعتقلين وإجراءات بناء الثقة، قال المصدر إن الحوثيين يرفضون تماما إطلاق سراح المعتقلين، خصوصا وزير الدفاع، اللواء الركن محمود سالم الصبيحي وعددا من القادة العسكريين والسياسيين معه، «لكنهم سينسحبون من بعض المناطق»، وأكد المصدر أن الجولة المقبلة من المشاورات سوف تعقد «ولو تأخرت قليلا عن موعدها المقرر»، حسب قوله.
وتأتي زيارة ولد الشيخ إلى صنعاء بعد لقائه الرئيس عبد ربه منصور هادي ونائبه علي محسن الأحمر وعددا من المسؤولين اليمنيين البارزين في الرياض، حيث شددت الرئاسة اليمنية على ضرورة إيجاد ضمانات واضحة ومكتوبة بالالتزام بالقرار الأممي، وانتقدت الإحاطات الأخيرة لولد الشيخ أمام مجلس الأمن الدولي بخصوص سير مشاورات اليمن، وسعي أطراف دولية إلى إصدار بيان من مجلس الأمن يتبنى تشكيل حكومة الوحدة الوطنية، وهو الأمر الذي ترفضه الحكومة اليمنية جملة وتفصيلا.
وفي الوقت الذي لمحت فيه الحكومة اليمنية إلى ربط عودة وفدها إلى الكويت بمؤتمر القمة العربية، الذي تشير المعلومات إلى أنه سيقف أمام الوضع في اليمن، فإن الأحزاب والتنظيمات السياسية اليمنية طالبت الحكومة بـ«تأجيل قرار المشاركة في الجولة الجديدة من مشاورات السلام حتى تعلن الميليشيا الانقلابية الالتزام الصريح بتنفيذ قرار مجلس الأمن رقم (2216) دون شروط مسبقة، وبإشراف دولي وإقليمي»، وطرحت هذه الأحزاب، في بيان صادر عنها، مطالبة إضافية هي: «تنفيذ الميليشيات لتعهداتها في جولة بييل السويسرية والمتعلقة بتنفيذ إجراءات بناء الثقة بما في ذلك الإفراج عن المعتقلين، وفك الحصار عن المدن، وفتح المنافذ الأمنية، والالتزام بالمحاور الخمسة التي تشكل أجندة المشاورات حسب التراتبية المنطقية لها، وكما يلي: الانسحاب من المحافظات، تسليم السلاح، عودة مؤسسات الدولة، الإفراج عن المعتقلين، استكمال العملية السياسية من حيث توقفت، وأخيرا تحديد سقف زمني للمشاورات يلتزم به الطرفان».
على صعيد آخر، تحتدم المعارك في مديرية نهم بشمال العاصمة صنعاء، بين قوات الجيش اليمني والمقاومة من جهة، وميليشيات الحوثي - صالح من جهة أخرى. وقالت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» إن قوات الشرعية سيطرت، أمس، على جبل الذهب وعدد من الجبال المحيطة به، بعد أقل من 24 ساعة من السيطرة على جبل القرن الاستراتيجي، في خطوات توضح وجود تقدم عسكري كبير لقوات الجيش الوطني والمقاومة في معاركها صوب العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الميليشيات الانقلابية.
وقال عبد الله الشندقي، الناطق الرسمي باسم المقاومة الشعبية في محافظه صنعاء، إن قوات الشرعية غنمت كميات كبيرة من الأسلحة والذخائر من المواقع التي سيطرت عليها؛ بينها قناصات ومدافع «هاون» ورشاشات خفيفة ومتوسطة وأنواع أخرى من الأسلحة. ووصف الشندقي المواجهات التي دارت بأنها عنيفة، مؤكدًا أن الأسلحة الثقيلة والمتوسطة استخدمت في المواجهات، وأن 17 عنصرًا من الميليشيات قتلوا وجرح العشرات، مشيرًا إلى «مقتل 8 من أبطال الجيش الوطني والمقاومة وإصابة 12 آخرين».



الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
TT

الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)

تعليقاً على الخطبة الأخيرة لزعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، والتي حاول فيها ترهيب اليمنيين من الانتفاضة ضد انقلاب جماعته على غرار ما حدث في سوريا، بشّر وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني باقتراب ساعة الخلاص من طغيان الانقلابيين في بلاده، وقال إن تلك الخطبة تؤكد أن الرجل «يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، ولا يرى ما يحدث حوله».

وكان الحوثي حاول في أحدث خطبه، الخميس الماضي، أن يطمئن جماعته بأن الوضع في اليمن يختلف عن الوضع السوري، مراهناً على التسليح الإيراني، وعلى عدد المجندين الذين استقطبتهم جماعته خلال الأشهر الماضية تحت مزاعم محاربة أميركا وإسرائيل ومناصرة الفلسطينيين في غزة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

وقال الإرياني في تصريح رسمي: «إن المدعو عبد الملك الحوثي خرج من كهفه بخطاب باهت، مرتبك ومتشنج، في محاولة بائسة لترهيب اليمنيين، وتصوير ميليشياته الإيرانية كقوة لا تُقهر».

وأضاف أن تلك الخطبة «تؤكد مرة أخرى أن زعيم الميليشيا الحوثية يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، لا يرى ما يحدث من حوله، ولا يدرك حجم الزلزال الذي ضرب المنطقة وأدى إلى سقوط المشروع التوسعي الإيراني، الذي سُخرت له على مدار أربعة عقود الإمكانات البشرية والسياسية والإعلامية والاقتصادية والعسكرية والدينية، وارتداداته القادمة على اليمن بكل تأكيد».

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى أن الحوثي بدلاً من الاعتراف بأخطائه وخطاياه، والاعتذار والبحث عن مخرج له ولعصاباته، خرج ليهدد اليمنيين مجدداً بسفك دمائهم، مُكرراً مفردات التهديد والتخويف التي سبق أن استخدمها حسن نصر الله زعيم «حزب الله» ضد اللبنانيين والقوى السياسية اللبنانية.

وتساءل الإرياني بالقول: «ألم يردد حسن نصر الله، زعيم ميليشيا (حزب الله)، نفس الكلمات والوعيد؟ أين هو اليوم؟ وأين تلك (القوة العظيمة) التي وعد بها؟».

خطاب بائس

تحدث وزير الإعلام اليمني عن اقتراب ساعة الخلاص من الانقلاب، ووصف الخطاب الحوثي بـ«البائس»، وقال إنه يعكس واقعاً متجذراً في عقلية التطرف والعنف التي يُروج لها محور طهران، ويُظهر مدى تماهي الحوثي مع المشروع الإيراني المزعزع للأمن والاستقرار في المنطقة، وأضاف: «إن ما يمر به الحوثي اليوم هو مجرد صدى لما مر به نصر الله وغيره من زعماء الميليشيات المدعومة من إيران».

مسلح حوثي خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

ونوّه الإرياني إلى أن البعض كان ينتظر من زعيم الميليشيا الحوثية، بعد سقوط المحور الفارسي والهزيمة المُذلة لإيران في سوريا، التي كانت تمثل العمود الفقري لمشروعها التوسعي في المنطقة، و«حزب الله» خط دفاعها الأول، أن يخرج بخطاب عقلاني يعتذر فيه لليمنيين عن الانقلاب الذي أشعل نار الحرب، وعن نهر الدماء والدمار والخراب الذي خلّفه، وعن الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها بحقهم على مدى السنوات الماضية.

وتابع الوزير اليمني بالقول: «على عبد الملك الحوثي أن يعلم أن ساعة الخلاص قد اقتربت، فقد بات اليمنيون الذين عانوا الويلات منذ عقد من الزمان، وسُفكت دماؤهم ونهبت أموالهم، وهُتكت أعراضهم، وشهدوا بأم أعينهم أسوأ أنواع التعذيب والانتهاكات في المعتقلات السرية، أكثر إصراراً من أي وقت مضى على تحرير وطنهم من قبضة ميليشياته الفاشية، ولن يفوتوا هذه اللحظة التاريخية، وسيبذلون الغالي والنفيس لتحرير وطنهم والحفاظ على هويتهم الوطنية والعربية».

مفاجآت سارة

أكد الإرياني أن المستقبل يحمل النصر لليمنيين، وأن الأيام «حبلى بالمفاجآت السارة» - وفق تعبيره - وأن مصير الميليشيات الحوثية لن يكون مختلفاً عن باقي الميليشيات الإيرانية في المنطقة. وشدد الوزير على أن اليمن لن يكون إلا جزءاً من محيطه العربي، وسيظل يقاوم ويواجه الظلم والطغيان والتسلط حتى يستعيد حريته وسيادته، مهما كلف ذلك من تضحيات.

اليمنيون يأملون سقوطاً قريباً لانقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران (إ.ب.أ)

وأضاف الوزير بالقول: «الشعب اليمني، الذي دفع ولا يزال أثماناً باهظة في معركة البقاء، لن يتوانى عن دفع المزيد من التضحيات لإعادة وطنه حراً مستقلاً خالياً من النفوذ الإيراني التخريبي، وتحقيق النصر والتحرر والكرامة».

يشار إلى أن الأحداث المتسارعة في سوريا التي قادت إلى سقوط نظام بشار الأسد فتحت باب التطلّعات في اليمن نحو سيناريو مشابه يقود إلى إنهاء انقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران بأقل التكاليف، خصوصاً بعد الضربات التي تلقتها طهران في لبنان، وصولاً إلى طي صفحة هيمنتها على دمشق.