المغرب: مطالب بفتح تحقيق بشأن استيراد نفايات سامة من إيطاليا

حزب سياسي يقاضي وزيرة البيئة

المغرب: مطالب بفتح تحقيق بشأن استيراد نفايات سامة من إيطاليا
TT

المغرب: مطالب بفتح تحقيق بشأن استيراد نفايات سامة من إيطاليا

المغرب: مطالب بفتح تحقيق بشأن استيراد نفايات سامة من إيطاليا

اتهم محامٍ مغربي وعضو المكتب السياسي للحزب الليبرالي المغربي، أمس، حكيمة الحيطي الوزيرة المكلفة البيئة بـ«استبلاد المغاربة»، وذلك ردًا على تصريحاتها بشأن ما بات يعرف بملف «النفايات الإيطالية»، حيث أكدت الوزيرة أنها حصلت على وثيقة تثبت أن شحنة النفايات التي وصلت إلى المغرب لا علاقة لها بالمافيا الإيطالية.
وقال المحامي إسحاق شاريا الذي رفع شكوى ضد الحيطي ووزراء آخرين باسم الحزب الليبرالي المغربي والجمعية الوطنية لمحاربة الفساد، للمطالبة بفتح تحقيق بشأن قضية النفايات، إنه بحكم تخصصه في القانون الدولي لا وجود لأي وثيقة تسلم في إيطاليا للحكومات التي تبرم صفقات مع دول أخرى عن طريق شركات لتثبت أن الصفقة لا علاقة لها بالمافيا، متسائلا عن الجهة التي سلمت هذه الوثيقة؛ هل هي وزارة العدل الإيطالية؟
وكانت الوزيرة الحيطي المنتمية لحزب الحركة الشعبية، قد أكدت في مؤتمر صحافي عقدته أول من أمس ردا على الضجة التي أثارها استيراد المغرب لـ2500 طن من النفايات الصلبة من إيطاليا، أنه «يتم الحصول على ضمانات من المعمل المصدر للنفايات، والمطالبة بوثيقة تبين أن المعمل أو الشحنة لا علاقة لها بالمافيا، في حال كانت النفايات آتية من إيطاليا»، موضحة أن الشركة التي تكفلت بتصدير النفايات إلى المغرب الشهر الماضي، من إقليم باسكارا الإيطالي، لديها رخصة، طبقًا لمعايير الاتحاد الأوروبي.
وخلف استيراد المغرب نفايات من إيطاليا، قيل إنها سامة ومضرة بالصحة، موجة غضب واسعة لا سيما أن الحدث تزامن مع قرار الحكومة منع استعمال أكياس البلاستيك واستعداد البلاد لاستضافة قمة المناخ كوب في 22 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل بمراكش، وهو ما دفع عددًا من النشطاء للمطالبة بإقالة الوزيرة من منصبها، إلا أنها نفت عزمها الاستقالة، وقالت إن عملية استيراد النفايات قانونية، وإن بلادها تسعى إلى تدوير النفايات من أجل استعمالها بديلاً للطاقة.
في هذا السياق، أوضح المحامي شاريا في مؤتمر صحافي عقده أمس بمقر الحزب الليبرالي المغربي في الرباط أن اتفاقية بازل بشأن التحكم في النفايات السامة والخطيرة والتخلص منها عبر الحدود، التي صادق عليها المغرب تشير إلى «القدرات المحدودة للبلدان النامية على إدارة النفايات الخطرة والنفايات الأخرى»، مشككًا في توفر المغرب على الإمكانيات لإعادة تدوير النفايات الإيطالية وهي العملية التي ستجري داخل مصانع الإسمنت.
وحمل شاريا مسؤولية استيراد النفايات للحكومة لأن اتفاقية بازل تشترط الحصول على ترخيص من الحكومة المستقبلة للنفايات قبل انطلاق الشحنة من الميناء.
وكانت باخرة محملة بـ2500 طن من النفايات قد وصلت في 30 يونيو (حزيران) الماضي إلى ميناء الجرف الأصفر مقبلة من إيطاليا، واستورد الشحنة جمعية مهنيي الإسمنت بالمغرب قصد إحراقها بأحد مصانع الإسمنت بضواحي منطقة الجديدة، وكشفت وسائل إعلام محلية ودولية فرنسية وإيطالية قبل أيام أن النفايات كانت مخزنة بضواحي مدينة نابولي الإيطالية منذ 2007، وأنها تحتوي على مواد سامة ومضرة بالبيئة وصحة الإنسان والحيوان والموارد الطبيعية، وهي المعلومات التي استند عليها الحزب الليبرالي والجمعية الوطنية لمحاربة الفساد من أجل رفع دعوى قضائية أول من أمس لدى الوكيل العام للملك (النائب العام) في محكمة الاستئناف بالرباط ضد كل من الوزيرة الحيطي وعزيز اخنوش وزير الفلاحة والصيد البحري، وحفيظ العلمي وزير الصناعة والتجارة، ومحمد عبو الوزير المكلف التجارة الخارجية، بالإضافة إلى مسؤولين بميناء الجرف الأصفر والجمارك ورئيس جمعية مهنيي الإسمنت.
كما استند رافعو الدعوى إلى قرار سابق لمحكمة العدل الأوروبية صدر قبل عام يدين إيطاليا على عدم احترامها المعايير القانونية الدولية في تدبير النفايات ومعالجتها، وحكمت عليها بأداء غرامة قدرها 20 مليون يورو، و120 ألف يورو عن كل امتناع عن معالجة النفايات الموجودة بمنطقة نابولي.
وكشف تقرير وزع أمس خلال المؤتمر الصحافي أعده المركز المتوسطي للتحليل الاستراتيجي أن شبكات المافيا الإجرامية هي المسيطرة على مجال تصدير النفايات من إيطاليا إلى دول في أفريقيا، مستغلة الفراغ القانوني في تلك الدول.
كما بين التقرير أن إحصائيات الاتحاد الأوروبي لعام 2012 تشير إلى أن إيطاليا هي الدولة الأكثر إنتاجا للنفايات الكيماوية والطبية بـ15 مليون طن سنويا أي ما يمثل 27 في المائة من مجموع النفايات الكيماوية، مقابل 8.6 مليون طن من هذه النفايات تنتجها ألمانيا و5.2 مليون طن تنتجها فرنسا و5 ملايين طن في بريطانيا.
في غضون ذلك، طالب أمس الفريق النيابي لكل من حزب العدالة والتنمية والحركة الشعبية بلجنة تقصي حقائق بشأن هذا الملف، وذلك خلال الجلسة العامة للأسئلة بمجلس النواب (الغرفة الأولى في البرلمان) التي خصص جزء منها لمساءلة الوزيرة الحيطي حول «فضيحة النفايات»، حيث دافعت الوزيرة مرة أخرى عن قانونية استيراد النفايات الإيطالية، والتوفر على وثيقة تثبت أن لا علاقة للشحنة بالمافيا، مؤكدة حرص الحكومة على عدم الإضرار بصحة المواطنين.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم