الأميركيون يناقشون كافكا.. والكافكائية

بمناسبة 90 عامًا على رواية «أميركا»

فرانز كافكا
فرانز كافكا
TT

الأميركيون يناقشون كافكا.. والكافكائية

فرانز كافكا
فرانز كافكا

أعلنت جمعية كافكا الأميركية عقد مؤتمر أكاديمي بمناسبة مرور 90 عامًا على تأليف فرانز كافكا رواية «أميركا». ويبدو أن هذا هو عام كافكا في أميركا، إذ ستعقد جمعية «موديرن لاغويتدج» (اللغة الحديثة) مؤتمرًا عن «كافكا والكافكائية». وقبل ثلاثة أشهر، صدر كتاب «هل هذا هو كافكا؟». وينظم قسم الأدب الأوروبي الحديث في جامعة كاليفورنيا رحلات للمهتمين بأدب كافكا إلى براغ.
حسب جمعية كافكا في نيويورك، ولد كافكا في عائلة يهودية براغ في عام 1883 (خلال الإمبراطورية النمساوية المجرية)، وتوفى في فينا عام 1924 (في النمسا). ودرس في جامعة شارلز، في براغ. وحمل ثلاث جنسيات: النمساوية، والمجرية، والتشيكوسلوفاكية. واشتهرت روايات بالقلق، والتوتر، والإحساس بالذنب، والانعزالية، والأمور التافهة. ومن أشهر رواياته: «المسخ» و«المحاكمة» و«القلعة». ودخلت كلمة «كافكائية» اللغة الإنجليزية إشارة إلى هذه الميول.
في عام 1914، مع بداية الحرب العالمية الثانية، كتب كافكا رواية «أميركا»، وتسمى، أيضا، «الرجل الذي اختفى» (بالألمانية: «دير فيرشلولنس»). وتعتمد على انطباعات ورسائل أقرباء وأصدقاء ومعارف هاجروا إلى أميركا.
واحد من هؤلاء كان كارل روزمان (16 عاما). هاجر من النمسا إلى أميركا هروبا من فضيحة عائلية بعد أن مارس الجنس مع خدامة العائلة. وفي الباخرة التي كانت تسير بالفحم، صار صديقا لفران يرمي الفحم في فرن الباخرة العملاق. لكن، صار الفران ضحية فضيحة هو الآخر. ففصل من عمله، وأمر بأن يترك السفينة عندما تصل إلى نيويورك.
مثل روايات كافكا، تتقلب هذه الرواية بين فرح وتعاسة، وفي النهاية تنتصر التعاسة.
بحثا عن حياة أفضل، ترك الفران التعيس السفينة مع روزمان التعيس في نيويورك. هناك، تبسم لهما الحظ. وجد روزمان نفسه أمام السيناتور جاكوب، عضو الكونغرس الأميركي. ومثل معجزة لا تصدق، قال له السيناتور إنه يشبه أخ السيناتور الذي كان هاجرا من النمسا في وقت سابق. واكتشف السيناتور أن روزمان، حقيقة، ابن أخيه. فدعاه ليسكن معه في منزله الفاخر.
لكن، في تحول كافكائي، طرده السيناتور من المنزل لأنه صار صديق مجموعة من المراهقين الفاسدين في شوارع نيويورك. ثم وجد الحظ مرة أخرى. وجد وظيفة في فندق «أكسيدنتال» كحمال لحقائب النزلاء. ثم واجه التعاسة مرة أخرى. مثلما خرق أوامر عمه السيناتور، فطرده، خرق قوانين الفندق (عاد إلى أصدقاء السوء، ونسى مواعيد عمله)، فطرده.
ثم ساعده أصدقاؤه التعساء في الحصول على وظيفة خادم في منزل برونيلدا، الثرية البدينة جدا.
لكن، عادت إليه التعاسة، أو الإحساس بالتعاسة. وهرب إلى ولاية أوكلاهوما. هناك غير اسمه من «روزمان» إلى «نيغرو» (زنجي). قال إن الاسم الجديد ربما سيجلب له حسن الحظ. ولحسن حظ الصبي، لم يكمل كافكا الرواية.
في عام 1927، بعد وفاة كافكا في النمسا بثلاث سنوات، نشرت الرواية في ألمانيا. كان الغلاف عاديا. لكن، ربما كان يجب أن تكون عليه صورة تمثال الحرية في نيويورك، مع استبدال شعلة الحرية بسيف عملاق.

لماذا؟
لأن كافكا أشار إلى التمثال في بداية الرواية. وبدلا من أن يقول إن سيدة الحرية ترفع شعلة الحرية عالية، قال إنها ترفع سيفا قاهرا.
هذه النقطة أثارت اهتمام أساتذة جامعات متخصصين في كافكا. من بينهم راينار ستاش، مؤلف كتاب «هل هذا هو كافكا؟» قال إن التشاؤمية الكافكائية تتناقض مع التفاؤلية الأميركية (متمثلة في الحرية، والانفتاح و«الأبعاد الجديدة»).
قال فردريك كارل، أستاذ الأدب في جامعة نيويورك: «دخل اسم كافكا الادب مثلما لم يدخله اسم أديب آخر. صارت الكافكائية تمثل حياتنا التي تتأرجح بين السعادة والتعاسة. لكن، صار بعض الناس يسيئون استعمال الكافكائية.مثل أن يقول شخص: أمس، حاولت اللحاق بحافلة. ولم أقدر.
وسألت عن الحافلة التالية، وقيل لي: هذه كانت آخر الحافلات لهذا اليوم. هذا شيء كافكائي».
وأضاف الأستاذ الجامعي: «ليست الكافائية تشاؤمية، بالضرورة. يمكن أن تكون تفاؤلية، وذلك بأن تدفع الشخص الذي أصابته كارثة ليحاول ويحاول ويحاول للخروج منها».
المسخ
في عام 1915، كتب كافكا رواية «ميتامورفوسيس» (الممسوخ). وتتلخص في شخصية «غريغور سامسا»، بائع الخردوات المتجول. لكنه استيقط صباح يوم، ووجد نفسه قد تحول إلى حشرة عملاقة. وفزع والده ووالدته وأخته «غريت». لكن، حرصت أخته على زيارته في غرفته، وإطعامه. كان يرفض اللبن والجبنة، ويفضل فضلات الطعام.
لم يقدر على التجول وبيع الخردوات. وصار عالة على العائلة. وكان الأب يريد منه أن يخرج من المنزل، ويذهب إلى منزل آخر، أو إلى الغابة المجاورة. لكن، قالت الأخت إنه، في نهاية المطاف، جزء من العائلة، حشرة أو غير حشرة. واحتارت الأم، ولم تعرف هل تنحاز نحو زوجها، أو نحو بنتها.
لكن، عندما عرف «غريغور» (كان يسمع كل نقاشات العائلة) أن أخته غيرت رأيها، وأيدت إخراجه من المنزل، أصيب بكارثة، وتوفي.
في نهاية الرواية المخيفة والتعيسة، خبر سار: كبرت الأخت «غريت»، وصارت فتاة جميلة، وجاءها عريس.

المحاكمة
في عام 1914، كتب كافكا رواية «دير بروسيس» (المحاكمة). وتتلخص في شخصية «جوزيف كي»، كبير الصرافين في بنك كبير، عندما، فجأة، جاء رجلان من الشرطة إلى البنك، واعتقلاه. لم يقولا له سبب الاعتقال. وقالا له إنه سيحاكم في يوم معين. وبعد أن كرر «كي» أنه رجل شريف، ولا يمكن أن يهرب من العدالة، أطلقا سراحه حتى يوم المحاكمة.
ويوم المحاكمة، ذهب إلى المحكمة، وسأل عن سبب اعتقاله ومحاكمته. وألقى خطبة طويلة عن الظلم الذي لحق به. لكن، لا حياة لمن تنادي. واستمرت إجراءات المحاكمة بطريقة بيزنطية.
قليلا قليلا، أحس «كي» بأنه صار أسير «النظام»، بما فيه من بيروقراطية، وسرية، وتهرب من المسؤولية. وقال له محاميه إنه لا يعرف كيف يدافع عنه وهو لا يعرف الجريمة التي ارتكبها.
ثم قرر «كي» أن يجرب الكنيسة. لكنه عرف أن كبير الأساقفة فيها يعمل مستشارا للمحكمة. وقص عليه مثلا من الإنجيل عن «باب العدل مفتوح، لكن ليس الآن».
ولم تكن نهاية الرواية أقل غرابة. جاءه رجلا الشرطة الذين جاءاه في بداية الرواية. وأخذناه إلى مكان بعيد. وذبحاه. وكانت آخر كلماته: «يذبحونني مثل الكلب».

آخر محاكمة
وكانت صحيفة «نيويورك تايمز» أرسلت مراسلا خاصا إلى إسرائيل لتغطية نزاع قضائي حول أوراق كافكا التي كان واحدا من أصدقاء كافكا نقلها من براغ إلى إسرائيل. وكتب المراسل تقريرا طويلا تحت عنوان: «المحاكمة، آخر روايات كافكا» (إشارة إلى رواية «المحاكمة»). وتحدث المراسل عن نقطتين:
أولا: لم يكن كافكا يهوديا فقط، بل كان، أيضا، صهيونيا متحمسا للصهيونية. وفكر في الهجرة إلى فلسطين (قبل تأسيس إسرائيل بعشر سنوات تقريبا). وكتب رواية عن تأسيس إسرائيل مكان فلسطين.
ثانيا: بينما يصف الإسرائيليون كافكا بأنه يهودي، يصفه كثير من الألمان (وأميركيون أيضا) بأنه «روائي ألماني». وأن «تصوير كافكا لتجارب يهود في أوروبا (التعاسة والقلق)، لا تعني أنه يمثل الأدب اليهودي. إنه يمثل نوعًا خاصًا من الأدب الأوروبي الحديث».
وكان الروائي ويليام باروز قد قال: «أعتقد أن الذين يصفون روايات كافكا، خاصة رواية «المحاكمة»، بأنها نقد لنظام فاسد وبيروقراطية معقدة، يظلمون كافكا. أعتقد أن كافكا كان يهدف إلى ما هو وراء ذلك إلى تصوير الإنسان (وليس النظام). إلى الفردية، والألم، والحاجة إلى علاقات إنسانية، وإلى احترام..».



«جائزة الملتقى للقصة القصيرة العربية» تُعلن قائمتها الطويلة

«جائزة الملتقى للقصة القصيرة العربية» تُعلن قائمتها الطويلة
TT

«جائزة الملتقى للقصة القصيرة العربية» تُعلن قائمتها الطويلة

«جائزة الملتقى للقصة القصيرة العربية» تُعلن قائمتها الطويلة

أعلنت «جائزة الملتقى للقصة القصيرة العربية»، في الكويت، اليوم (الأحد)، عن القائمة الطويلة لدورتها السابعة (2024 - 2025)، حيث تقدَّم للجائزة في هذه الدورة 133 مجموعة قصصية، من 18 دولة عربية وأجنبية. وتُعتبر الجائزة الأرفع في حقل القصة القصيرة العربيّة.

وقال «الملتقى» إن جائزة هذا العام تأتي ضمن فعاليات اختيار الكويت عاصمة للثقافة العربية، والإعلام العربي لعام 2025، وفي تعاون مشترك بين «المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب»، و«جائزة الملتقى للقصة القصيرة العربية»، في دورتها السابعة (2024 - 2025).

وتأهَّل للقائمة الطويلة 10 قاصّين عرب، وهم: أحمد الخميسي (مصر) عن مجموعة «حفيف صندل» الصادرة عن «كيان للنشر»، وإيناس العباسي (تونس) عن مجموعة «ليلة صيد الخنازير» الصادرة عن «دار ممدوح عدوان للنشر»، وخالد الشبيب (سوريا) عن مجموعة «صوت الصمت» الصادرة عن «موزاييك للدراسات والنشر»، وزياد خدّاش الجراح (فسطين) عن مجموعة «تدلّ علينا» الصادرة عن «منشورات المتوسط»، وسامر أنور الشمالي (سوريا) عن مجموعة «شائعات عابرة للمدن» الصادرة عن «دار كتبنا»، وعبد الرحمن عفيف (الدنمارك) عن مجموعة «روزنامة الأغبرة أيام الأمل» الصادرة عن «منشورات رامينا»، ومحمد الراشدي (السعودية) عن مجموعة «الإشارة الرابعة» الصادرة عن «e - Kutub Ltd»، ومحمد خلفوف (المغرب) عن مجموعة «إقامة في القلق» الصادرة عن «دار إتقان للنشر»، ونجمة إدريس (الكويت) عن مجموعة «كنفاه» الصادرة عن «دار صوفيا للنشر والتوزيع»، وهوشنك أوسي (بلجيكا) عن مجموعة «رصاصة بألف عين» الصادرة عن «بتانة الثقافية».

وكانت إدارة الجائزة قد أعلنت عن لجنة التحكيم المؤلّفة من الدكتور أمير تاج السر (رئيساً)، وعضوية كل من الدكتور محمد اليحيائي، الدكتورة نورة القحطاني، الدكتور شريف الجيّار، الدكتور فهد الهندال.

النصّ والإبداع

وقال «الملتقى» إن لجنة التحكيم عملت خلال هذه الدورة وفق معايير خاصّة بها لتحكيم المجاميع القصصيّة، تمثّلت في التركيز على العناصر الفنية التي تشمل جدة بناء النصّ، من خلال طريقة السرد التي يتّخذها الكاتب، ومناسبتها لفنّ القصّ. وتمتّع النصّ بالإبداع، والقوّة الملهمة الحاضرة فيه، وابتكار صيغ لغوية وتراكيب جديدة، وقدرة الرؤية الفنيّة للنصّ على طرح القيم الإنسانيّة، وكذلك حضور تقنيّات القصّ الحديث، كالمفارقة، وكسر أفق التوقّع، وتوظيف الحكاية، والانزياح عن المألوف، ومحاكاة النصوص للواقع. كما تشمل تمتّع الفضاء النصّي بالخصوصيّة، من خلال محليّته وانفتاحه على قضايا إنسانية النزعة.

وقالت إن قرارها باختيار المجموعات العشر جاء على أثر اجتماعات ونقاشات مستفيضة ومداولات متعددة امتدت طوال الأشهر الماضية بين أعضاء اللجنة، للوصول إلى أهم المجاميع القصصيّة التي تستحق بجدارة أن تكون حاضرة في القائمة الطويلة للجائزة، المكوّنة من 10 مجاميع، بحيث تقدّم مشهداً إبداعياً قصصياً عربياً دالّاً على أهمية فن القصة القصيرة العربية، ومعالجته لأهم القضايا التي تهم المواطن العربي، ضمن فضاء إبداعي أدبي عالمي.

وستُعلن «القائمة القصيرة» لجائزة «الملتقى» المكوّنة من 5 مجاميع قصصيّة بتاريخ 15 يناير (كانون الثاني) 2025، كما ستجتمع لجنة التحكيم في دولة الكويت، تحت مظلة «المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب»، في منتصف شهر فبراير (شباط) 2025، لاختيار وإعلان الفائز. وسيُقيم المجلس الوطني احتفالية الجائزة ضمن فعاليات اختيار الكويت عاصمة للثقافة والإعلام العربي لعام 2025. وستُقام ندوة قصصية بنشاط ثقافي يمتد ليومين مصاحبين لاحتفالية الجائزة. وذلك بمشاركة كوكبة من كتّاب القصّة القصيرة العربيّة، ونقّادها، وعدد من الناشرين، والمترجمين العالميين.