«حروب المزايدة العقارية» تنتقل من نيويورك إلى الضواحي

«شح المعروض» يشعل «الأسواق الفرعية» ويدخلها خانة الملايين

«حروب المزايدة العقارية» تنتقل من نيويورك إلى الضواحي
TT

«حروب المزايدة العقارية» تنتقل من نيويورك إلى الضواحي

«حروب المزايدة العقارية» تنتقل من نيويورك إلى الضواحي

انتظرت نادية كريفيكوفا وميشيل كريفيكا دورهما في قائمة الانتظار إلى أن ظهر منزل بداية سبتمبر (أيلول) الماضي. بني المنزل القديم الذي تبلغ مساحته 2500 قدم مربع عام 1924 وسط فناء ملائم للعب الأطفال بقرية وتشستر كاونتي بمقاطعة بلهام مانور. في الحقيقة، فإن الزوجين اللذين يعيشان في ولاية مانهاتن، حيث الزوجة تعمل محاسبة، في حين أسس الزوج شركة ثينك مودو، التي تعمل في مجال حملات الفيديو الدعائية، شعرا بالحاجة إلى مساحة إضافية لأطفالهم الصغار.
وبعدما نصحهم وكيل العقارات آرثر لي سينتا، سمسار عقارات لدى مؤسسة هوليهان لورانس، بسرعة الانتقال، ما كان عليهم إلا التوجه لمعاينة المنزل في اليوم التالي مباشرة.
وفي تمام الساعة الخامسة، تقدم الزوجان بعرض يتوافق مع السعر المطلوب كاملا وكان 942 ألف دولار أميركي، غير أن البائعين أرادوا إعطاء أنفسهم بعض الوقت، ومع مرور الوقت رفع الزوجان من قيمة العرض ليصل إلى 999 ألف دولار، لكن البائعين طلبوا مهلة أسبوع آخر. «طلبنا منهم تحديد سعر لرفع المنزل من قائمة المعروض في السوق، وفق السيدة كريفكوفا، لكن ردهم كان لا». ازداد تمسك الزوجين بالبيت، وتشاورا مع السيد سينتا الذي قام بتحليل الأسعار الحالية لمنازل مشابهة ليساعدهم على تحديد السعر الحقيقي دون مغالاة، لأنه في حال تخطى السعر تقييم البنك فقد يتسبب ذلك في مشكلة في التمويل.
في النهاية، تقدم الزوجان صباح الاثنين بأكبر عرض وهو 1.087.000 دولار، منها 15 في المائة دفعة مقدمة، بحسب سينتا بعد ظهيرة اليوم نفسه.
قالت السيدة كريفكوفا: «اتصل آرثر وأبلغنا بوجود تسعة عروض أخرى»، إلا أننا حصلنا على البيت بفارق ثلاثة أو أربعة آلاف دولار، وجاء تقييم البنك متطابقا مع السعر.
انتقلت الأسرة للعيش في البيت في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، ويتوقع الزوجان قدوم طفل ثالث في أغسطس (آب) المقبل، ويشعران بسعادة غامرة ببيتهم الجديد. لكنهما وصفا الذعر الذي عاشاه إلى أن تمت عملية البيع بأنه «كان بشعا»، بحسب كريفكوفا.

الإقبال يرتفع على الضواحي
«حرب العقارات» التي أصبحت أمرا معتادا في مدينة نيويورك، أصبحت كذلك في الضواحي التي تصلها خطوط المواصلات، ولذلك يتجه المشترون للضواحي، مما يرفع من الطلب عليها ويعزز من حالة الزخم في علميات الشراء في المدن القريبة التي طالما تمتعت بسمعة حسنة نتيجة للمدارس التي تضمها، وبإحساس الحياة المفعم هناك وسهولة المواصلات التي تربطها بالمدن.
قال جوناثان ميلار، رئيس مؤسسة ميلر صامويل للتقييم والبحث العقاري ومقرها نيويورك، إن «المدينة تشبه ذلك الإبريق المملوء بالماء الذي يفيض وينسكب على الأجناب»، فشح المعروض هو سيد الموقف في السوق.
وتشتعل المنافسة في مدينة ويستتشستر، شمال نيوجيرسي التي تعتبر جزءا من لونغ إيلاند، ويتسابق المشترون للانتقال للمنازل الجاهزة ذات الأسعار التي تقل عن مثيلاتها في المدن، أقل من مليون دولار في بعض الأسواق، وأقل من مليوني دولار في أماكن أخرى، في المناطق التي تبعد عن المدينة بمسافة لا تتعدى 40 دقيقة بالقطار، ويزيد الإقبال على الضواحي التي لا تبعد عن المدن سوى مسافة مسير على الأقدام أو محطة قطار واحدة.
غالبا ما تستقطب المنازل ذات الحالة الجيدة، التي جرى تقييم سعرها بشكل مناسب، عروض الشراء خلال أيام قليلة من طرحها في السوق. وكشف تحليل لمبيعات ربع العام الحالي الأول، أجراه ميلر صامويل، الارتفاع الكبير في أسعار العقارات بمنطقة وتشستر، التي وصل متوسطها ما بين 23 في المائة إلى 44 في المائة، لعقارات مطروحة للبيع بسعر يعادل أو يفوق سعرها الذي حدده المالك، مما ينذر بحرب في سوق العقارات في أماكن، مثل لارشمونت، إرفنغتون، برونكسفيل، ووايت بلينس، وبلهام.
ويتراوح قسط التأمين بين 1.7 في المائة إلى 4 في المائة من سعر العقار، الذي يعتبر أقل من السعر في الفترة نفسها من العام الماضي، عندما دفع المشترون أكثر من 5 أو 6 في المائة فوق السعر المطلوب.
ولم تستطع منطقة فيرفيلد كاونتي ولونغ أيلاند تحقيق المبيعات نفسها في الربع الأول، بحسب ميلر. ففي منطقة فيرفيلد كانتري، وستامفورد نوروك، وغرينتش، وفيرفيلد، ويستبورت ودارين جرى بيع 15 في المائة من العقارات المعروضة بأكثر من السعر المطلوب. وفي مناطق لونغ إيلاند، وغاردن سيتي، وهنتنغتون، وليفيتون، وبورت واشنطن، وفرانكلين سكوير، ومنهاسيت، بدأت فيها أمارات الحرب العقارية بزيادة السعر بواقع 1 إلى 3 في المائة.
وقال مير إنه يشك في أن حرب الأسعار تلك كانت أشد وطـأة في العامين الماضيين، في حين باتت «ويستشستر تحتل المسرح الآن».
«لا تغطي مؤسسة ميلر ولاية نيوجيرسي، لكن هناك تبدو سوق العقارات أفضل من أي وقت مضى»، وفق جيفي أوتاو، رئيس مجموعة أوتاو للتقييم العقاري ومقرها إيست برنسويك. ومن بين الأسواق المنتعشة مناطق هوبكين، غلين ريدج، مابلود، مانتكلير، وساوث أورانج، ويرجع ذلك إلى تدني كمية المعروض في السوق.

تقسيم مناطقي
وبحسب سماسرة، بصفة عامة، فإن المشترين لا يقفون في طابور الفخامة الطويل، إذ تبلغ أعلى الأسعار مليونين إلى ثلاثة ملاين دولار، بحسب الموقع، ولا تزال تستجدي المشترين في المنطقة. ويعتبر الطلب متواضعا في تلك المناطق بسبب بعدها عن محطة القطارات، وتقول أوتوا إن «السبب الواضح هو أن الوظائف ذات الأجر المرتفع في المنطقة تقع في مانهاتن».
وأضاف: «إن كانت تلك هي وجهتك، فلن تكفيك ساعات النهار لتستخدم سياراتك».
في الوقت نفسه، فإن سوق العقارات الفاخرة في تلك المدينة التي يمر بها القطار تعتبر ضعيفة أيضا، حيث تتنافس على الحصول على بعض الحوافز من سوق وول ستريت، وتنافس بوتيرة عالية على المعيشة في الحضر. وأضاف أوتوا أنه «بسبب التحسن الكبير الذي طرأ على الحياة الحضرية في القرن العشرين، لم تعد مشكلة كبيرة أن تفكر عند تكوين أسرة في الخروج لتشتري بيتا في الضواحي».

دوافع مالية
غير أن كثيرا من المشترين الذين يفضلون العيش في نيويورك لا يستطيعون الوفاء بذلك ماليا. في منطقة بلهام: «فإن جميع المشترين تقريبا يأتون من المدينة، غالبيتهم من بروكلين»، وفق سينتا، مضيفا: «يجري تقييم سعر العقارات بناء على المساحة الإضافية التي يحتاجونها، فقد زاد عدد الأسرة عن مساحة الشقة ولا يستطيعون الانتقال لشقة أكبر في المكان نفسه».
فخلال رحلة البحث عن منزل والانتقال من واشنطون دي سي، حيث يعمل السيد أنيل إبراهام في سوق المال في نيويورك، مرا هو وزوجته سميتا بكثير من المحطات المهمة، مثل غرينتش، وكون، وغيرها من الأماكن في لووار وتشستر. لكن يوم الأحد الماضي في منتصف شهر مايو (أيار) وضع الزوجان إبراهام كل تركيزهما على المنازل المفتوحة في بيلهام، حيث قالت الزوجة: «بيلهام هي خيارنا الأول، في الحقيقة أحببنا غرينيتش لكنها بعيدة عن خطوط المواصلات».
كانت الأسرة بين أكثر من عشر مشترين، يتفقدون منزلا من ست غرف مصممة على الطراز الجورجي وعرض للبيع بسعر 1.465 مليون دولار أميركي الأسبوع الماضي. بدا الزوجان متيمين بالبيت الجديد المحدّث، وكان أكثر ما أعجبهما المساحة الفسيحة لغرفة النوم وغرفة لاستقبال الأبوين عند الزيارة وغرفة واسعة بالمستوى تحت الأرضي للتمارين. ورغم أن البيت لم يكن مزدحما، فقد كانت وكيلة العقارات كارولين بيكليري التي تعمل لدى مكالين سوذبي إنترناشوينال رياليتي، قد تلقت بالفعل عرضين قبل أن تبدأ. وبحلول المساء، تلقت عرضين جديدين، أحدهما من الزوجين إبراهام.
غير أن البائعين قبلوا أحد العروض القديمة، إذ تقول بكسيلاري: «تلقينا العرض في اليوم الأول لعرض المنزل للبيع»، مضيفة: «شعرنا أنهم جادون وأنه لن تكون هناك أي مشكلات».

مفاوضات طويلة ومضاربات
في بداية الشهر الحالي، دخل الزوجان إبراهام في مفاوضات لشراء منزل آخر في بلهام، إلا أنهما لم يكونا واثقين في وصولهم لاتفاق. ومع اقتراب فصل الربيع وشح سوق العقارات المعروضة، قال إبراهام إنهما سوف يشتريان في مكان آخر في لووار وتشستر، إن دعت الضرورة.
في كل مرة تقدم فيها مايك ووندي بوزو من مدينة جيرسي سيتي بعرض كان هناك دوما من يتقدم بعرض أفضل سعرا، وتكرر هذا الأمر ثلاث مرات خلال رحلة البحث عن بيت في منطقة مونتكلير، ومابلويد، وساوث أورانج. وفي خلال لقاء تم لمعاينة منزل مزدحم بالمشترين يتكون من خمس غرف نوم على طراز «الملكة آن» الفيكتوري، أفاد الزوجان، ولهما طفلان بعمر سنة واحدة وثلاثة أعوام، أنهما بناء على خبراتهما السابقة، يتشككان في أن السعر المطلوب للبيت 539 ألف دولار أميركي أقل كثيرا مما يستحق؛ وأن الغرض من ذلك هو إشعال حرب عقارية لزيادة السعر.
«عليك إضافة مائة ألف دولار على الأقل للسعر المعلن كي تقترب من السعر المتوقع، وبالتأكيد سيزيد الفارق عن مائة ألف دولار»، بحسب بيزو.
بيد أن بيستي سكسيو، التي تعمل في شركة كيلر ويليام في مدينة مونتكلير، التي وضعت المنزل ضمن قائمة العرض مع شريكها جويس سلوس، تختلف في الرأي القائل إن تقدير أسعار المنازل جرى بأقل من المفترض، وذلك بعد إشعار حرب عقارية في الأسعار. إلا أنها اعترفت بأن كثيرا من المنازل جرى تقدير سعرها بأكثر من السعر الحقيقي، خاصة المناول فئة 500.000 إلى 900.000 دولار.
حتى رغم وجود حمامات قديمة تحتاج إلى تحديث، فقد تلقى المنزل الفيكتوري، الذي لا يبعد عن وسط المدينة ومحطة القطارات سوى مسافة سير بسيطة على الأقدام، 13 عرضا للشراء، جميعها بأسعار تفوق المطلوب، وكثير منهم تخطى 20 في المائة فوق السعر الذي طلبه البائع، بحسب كيسيو.
«المشترون كانوا ما زالوا ينتظرون فتح المزاد، وينظرون لموعد بداية العام الدراسي كي يستقروا مع أطفالهم قبل بداية العام، فالوقت يمر».
لم تكن أسرة بيزو من بين من تقدموا لشراء ذلك المنزل، لكن السيدة بيزو، مديرة التسويق الرقمي بشركة ميتلايف، قالت فيما بعد إنهما كانا قد تقدما بعرض لشراء بيت في ميبلوود حصل على القبول.
أحيانا يتسبب السعر المتدني للعقار عند العرض للبيع وسط قائمة العرض في إشعال حرب في المزادات العقارية في المدن التي تعانى من شح المعروض. ففي منطقة وتسون بولاية كونيتيكيت، على سبيل المثال، التي لا يوجد بها محطة قطار أو وسط مدينة، ولذلك تراجعت المبيعات هذا العام، وجد جوان ودوغ كوهين نفسيهما في حرب عقارية غير متوقعة بداية فصل الربيع الماضي عند بيع منزل من ثلاث غرف نوم بمستويين مقابل 635 ألف دولار أميركي. فبعد بيع منزل كبير في ويستبورت منذ عامين، كان الزوجان موهين، ولديهم بنت تبلغ 11 عاما، يعيشان في بيت مستأجر بمنطقة ويستون، في الوقت الذي كانا يبحثان فيه عن منزل متواضع التصميم بسعر 850 ألف دولار.
وقالت السيدة كوهين، التي تعمل في مكتب للمحاسبة: «لم أكن أريد بيتا كبيرا آخر»، ويعمل زوجها كشافا موهوبا لدى شركة توظيف، مضيفة: «نحن نسير على خطة لسبع سنوات، وسوف ننتقل لمكان آخر عندما تكمل ابنتنا المرحلة الثانوية».
الشقة ذات المستويين تعتبر أفضل ما شاهدا، نظرا لأن غيرها من الشقق بالسعر نفسه تحتاج إلى كثير من الجهد. حيث بلغ متوسط مستوى السعر في واتسون خلال الفترة من فبراير (شباط) حتى مايو نحو 780 ألف دولار. كانت لتلك الشقة صالة مفتوحة يصل لها الضوء الطبيعي، ومطبخ حديث وفناء بمساحة هكتارين.

منافسة حامية
ولا يزال الزوجان كوهين في حالة مفاجأة من العرض الذي تقدما به، الذي يقل عن السعر المطلوب، ورغم ذلك أبلغا أنهما يتنافسان مع اثنين آخرين، حينها قررا رفع السعر للفوز بالبيت وكان هذا بداية الشهر الحالي.
في الوقت نفسه، وفي بعض البلدات التي يمر بها القطار في لونغ أيلاند، تباع المنازل بسرعة كبيرة، وفق ماغي كيتس، وكيل عقارات بشركة دوغلاس إليمان العقارية، ومقرها مانهاست وبورت واشنطن، مضيفا: «لديهم مواصلات كافية لكن بموعد مسبق».
ويطلق وكلاء العقارات اسم «إت» على المشترين الذين ينتقلون من المدينة، حيث يستفيد السكان الجدد من المدارس الراقية هناك وخطوط المواصلات لمحطة بن ستيشن ووسط المدينة.
«في كلا التجمعين السكنيين تلحظ حركة تنقل داخلية للسكان، ولا ترى حركة تنقلات ضخمة من القادمين من الخارج، ولذلك ليس هناك قائمة عرض كبيرة، ولذلك عندما يطرأ جديد، ترى الإقبال كبيرا»، بحسب كيتس.
وفي مدينة غاردن سيتي، تستقطب المنازل التي يقل سعرها عن مليون دولار كثيرا من المشترين، بحسب ستيفاني كولام، وكيل عقارات ومدير بشركة كوتش رلتورز.
وقالت السيدة كولام إنه على مدار 23 عاما من العمل في بيع العقارات لم تشاهد مشترين يشترون بيتا للمرة الأولى ويبدون هذا القدر من التصميم والجدية كما حدث في بداية الربيع الحالي.
«كثيرون منهم تقدموا في مزادات وخسروا من قبل، وخرجوا لمشاهدة منازل والحصول عليها هنا»، بحسب كولام.
وفي رأيها، أنه ليست وحدها المنازل ذات السعر المرتفع في المدينة هي التي تلقى إقبالا، فالشقق ذات الإيجار المرتفع تجد من يطلبها أيضا، فمثلا هناك شقة بإيجار يتراوح من 2900 دولار إلى 4500 دولار شهريا، مشيرة إلى حي غاردن سيتي، مضيفة: «تستطيع الحصول على رهن عقاري لذلك».
بالطبع، ليس السعر وحده الحافز لجميع المشترين، حيث قضى جورج وبروك أنتونوبولوس هذا العام بحثا عن بيت في دريان بولاية كويتيكيت. قالت السيدة أنتونوبولس، التي تعمل في مجال المحاسبة، عشنا من قبل في ولاية مانهاتن لعشر سنوات، لكن بعد التفكير في تكوين أسرة، بدأنا في البحث عن صور لشقة جديدة، بالإضافة إلى مستوى الحياة الذي اعتدنا عليه «فناء واسع وحفلات شواء».
وأفاد الزوج، الذي يعمل في أحد صناديق التحوط، أنهما تقدما بعرضين حتى الآن، إلا أن العرضين «فشلا لأسباب كثيرة». وأضاف أنهما لا يواجهان مشكلات مادية، وليسا في حاجة للوقوف في طابور طويل انتظارا لمنزل يقل سعره عن 1.5 مليون دولار مثل غيرهم من المشترين. فبالنظر إلى ميزانيتهم التي تتعدى 4 مليون دولار، فإن السوق يميل في صالحهم.

* خدمة «نيويورك تايمز»



السعودية: توقع «طفرة سكنية» يصحبها تراجع جديد في أسعار العقارات

تمكنت وزارة الإسكان من تلبية مطالب مختلف الفئات بإنتاج وحدات سكنية جاهزة
تمكنت وزارة الإسكان من تلبية مطالب مختلف الفئات بإنتاج وحدات سكنية جاهزة
TT

السعودية: توقع «طفرة سكنية» يصحبها تراجع جديد في أسعار العقارات

تمكنت وزارة الإسكان من تلبية مطالب مختلف الفئات بإنتاج وحدات سكنية جاهزة
تمكنت وزارة الإسكان من تلبية مطالب مختلف الفئات بإنتاج وحدات سكنية جاهزة

بعد سلسلة من المتغيرات التي شهدها قطاع الإسكان السعودي، يتجه القطاع إلى التوازن مع انخفاض التضخم الحاصل في الأسعار بمختلف فروع القطاع العقاري، وسط مبادرات سعت إليها وزارة الإسكان السعودية؛ الأمر الذي قلص الفجوة بين العرض والطلب خلال السنوات الماضية، حيث حققت الوزارة القيمة المضافة من خلال تلك المبادرات في رفع نسب التملك بالبلاد.
وتوقع مختصان أن تشهد الفترة المقبلة مزيداً من النجاح الحكومي في مجال الإسكان، مشيرين إلى أن المواطن سيجني ثمار ذلك على مستوى الأسعار وتوافر المنتجات، التي تلبي مطالب جميع الفئات. ويمثل هذا النجاح امتداداً لإنجازات الحكومة، في طريق حل مشكلة الإسكان، عبر تنويع المنتجات العقارية وإتاحتها في جميع المناطق، مع توفير الحلول التمويلية الميسرة، والاستفادة بالشراكة مع القطاع الخاص.
وأشار المختصان إلى أن أداء الحكومة، ممثلة في وزارة الإسكان، كان وراء خفض أسعار المساكن بشكل كبير، وذلك بعد أن وفرت للمواطنين منتجات عقارية متنوعة تلبي أذواق جميع المستفيدين من برامج الدعم السكني. وقال الخبير العقاري خالد المبيض إن «وزارة الإسكان تمكنت من إيجاد حلول عقارية ناجعة ومتنوعة، أدت إلى تراجع الأسعار بنسب تشجع جميع المواطنين بمختلف مستوياتهم المادية، على تملك العقارات»، مضيفاً أن «الفترة المقبلة ستشهد مزيداً من النجاح في هذا الجانب».
وتابع: «أتذكر أن أول مشروع تسلمته وزارة الإسكان، كان يتعلق ببناء 500 ألف وحدة سكنية، بقيمة 250 مليار ريال (133.3 مليار دولار)، ما يعني أن قيمة الوحدة السكنية 500 ألف ريال (133.3 ألف دولار). أما اليوم، فقد تمكنت الوزارة من إيجاد وحدات جاهزة بقيمة تصل إلى نصف هذا المبلغ وهو 250 ألف ريال (66.6 ألف دولار)»، لافتاً إلى أن «الفرد يستطيع الحصول على هذه الوحدات بالتقسيط، مما يؤكد حرص البلاد على إيجاد مساكن لجميع فئات المجتمع السعودي».
وأضاف المبيض: «تفاوت أسعار المنتجات العقارية يمثل استراتيجية اتبعتها الوزارة في السنوات الأخيرة، ونجحت فيها بشكل كبير جداً». وقال: «أثمرت هذه السياسة زيادة إقبال محدودي الدخل على تملك المساكن، بجانب متوسطي وميسوري الدخل الذين يقبلون على تملك مساكن ومنازل وفيلات تناسب قدراتهم المادية، وهذا يُحسب لوزارة الإسكان ويمهد لإنهاء مشكلة السكن التي لطالما أرقت المجتمع في سنوات ماضية».
وتوقع الخبير العقاري أن تشهد المرحلة المقبلة طفرة في قطاع الإسكان. وقال: «يجب أن نضع في الاعتبار أن منتجات الوزارة التي تعلن عنها تباعاً، تحظى بإقبال الأفراد كافة، لا سيما أنها تراعي خصوصية الأسرة السعودية، كما أنها تلبي احتياجاتها في الشكل والمساحات».
وأضاف: «تمكنت الوزارة من تلبية مطالب مختلف الفئات بإنتاج وحدات سكنية جاهزة، ومنازل مستقلة، وفيلات، ومنح أراضٍ وقروض لمن يرغبون في البناء بأنفسهم». وتابع «كل هذه الخيارات وفرتها الوزارة في صورة مبادرات متعددة، موجودة في برنامج (سكني)، وروجت لها بشكل جيد، ووصلت بها إلى المواطنين».
من جانبه، رأى المحلل الاقتصادي علي الجعفري أن شراكة الوزارة مع شركات العقار السعودية تمثل خطوة استراتيجية تُحسب للحكومة في السنوات الأخيرة. وقال: «إحقاقاً للحق؛ أضاعت الوزارة عقب تأسيسها، بعض الوقت والجهد للبحث عن آليات تمكنها من بناء 500 ألف وحدة سكنية، لكنها عوضت ذلك بالشراكة مع القطاع الخاص».
وأضاف الجعفري: «الوزارة في بداية عهدها لم تتعاون مع شركات التطوير العقاري السعودية لتنفيذ مشاريع السكن، ولو أنها سارعت بهذا التعاون، لكان لدينا اليوم عدد كبير من المنتجات العقارية التي تساهم في حل مشكلة السكن».
واستطرد: «الوزارة تداركت في السنوات الأخيرة هذا الأمر، واعتمدت على شركات التطوير السعودية، التي أصبحت بمثابة الذراع التنفيذية لتصورات الحكومة وتوجهاتها لحل مشكلة السكن»، مضيفاً: «اليوم الوزارة ترتكن إلى حزمة من المبادرات النوعية، التي وفرت كثيراً من التنوع في المنتجات العقارية، وهو ما أشاع جواً من التفاؤل بإمكانية حل مشكلة السكن في المملكة في وقت وجيز».
وأكد الجعفري ثقته باستمرار نجاح البلاد في إدارة ملف الإسكان. وقال: «أنا واثق بأن مؤشرات السكن اليوم أفضل بكثير منها قبل 8 سنوات مضت، بعد طرح الوزارة آلاف المنتجات العقارية وتسليمها إلى مستحقيها، بل ودخول عدد كبير منها إلى حيز الاستخدام».
وختم الجعفري: «نجاحات وزارة الإسكان تحقق مستهدفات (رؤية المملكة 2030)، خصوصاً فيما يتعلق بالوصول إلى نسبة تمليك بين المواطنين تصل إلى 70 في المائة» على حد وصفه.
وكانت «مؤسسة النقد السعودي (ساما)» أشارت إلى أن عقود التمويل العقاري السكني الجديدة للأفراد واصلت صعودها لشهر يناير (كانون الثاني) الماضي، مسجلة أعلى معدلات إقراض في تاريخ البنوك السعودية من حيث عدد العقود ومبالغ التمويل بنحو 23 ألفاً و668 عقداً مقارنة بنحو 9 آلاف و578 عقداً في يناير 2019، من إجمالي القروض العقارية السكنية المُقدمة من جميع الممولين العقاريين من بنوك وشركات التمويل.
وأوضح التقرير الخاص بـ«ساما» أن النمو في عدد عقود التمويل العقاري السكني وصل لنحو 147 في المائة مقارنة مع يناير 2019، فيما سجل حجم التمويل العقاري السكني الجديد في يناير 2020، نمواً بمقدار 112 في المائة مقارنة بالشهر نفسه من عام 2019، والذي سجل نحو 4.766 مليار ريال (1.270 مليار دولار)، كما سجلت قروض يناير السكنية ارتفاعاً بنسبة اثنين في المائة عن الشهر السابق ديسمبر (كانون الأول) 2019، والذي وصل حجم التمويل خلاله إلى نحو 9.86 مليار ريال (2.6 مليار دولار)، فيما ارتفع عدد العقود بنسبة 1.5 في المائة عن شهر ديسمبر 2019، والذي شهد توقيع نحو 23 ألفاً و324 عقداً.
وأشار التقرير إلى أنه تم إبرام 94 في المائة من قيمة هذه العقود عن طريق البنوك التجارية، بينما أبرمت 6 في المائة منها عن طريق شركات التمويل العقاري، فيما بلغ عدد عقود المنتجات المدعومة من خلال برامج الإسكان في شهر يناير 2020 عن طريق الممولين العقاريين 22 ألفاً و432 عقداً وبقيمة إجمالية بلغت 9.4 مليار ريال (2.5 مليار دولار).