استفتاء كاميرون انقلاب السحر على الساحر

كاميرون خلال زيارة لإحدى المدارس في جنوب غرب لندن أمس (أ.ف.ب)
كاميرون خلال زيارة لإحدى المدارس في جنوب غرب لندن أمس (أ.ف.ب)
TT

استفتاء كاميرون انقلاب السحر على الساحر

كاميرون خلال زيارة لإحدى المدارس في جنوب غرب لندن أمس (أ.ف.ب)
كاميرون خلال زيارة لإحدى المدارس في جنوب غرب لندن أمس (أ.ف.ب)

لخص شارلز مور الصحافي وكاتب السير شخصية كاميرون بقوله: «إنه متعلم لكنه ليس مثقفا، يبدي تصميما من دون ميول هيمنة، صاحب كياسة من دون أن يتعالى (..) إنه مؤمن لكن ليس كثيرا. ولهذه الشريحة من البشر حدودها، فهي تتصف بغياب التميز وغياب الشغف والنزوع إلى الرضا عن الذات، لكنها مع ذلك سيطرت في الماضي على العالم».
سيسجل اسم المحافظ ديفيد كاميرون في التاريخ باعتباره رئيس الوزراء البريطاني الذي أطلق عملية خروج بلاده من الاتحاد الأوروبي، مع أنه كان يسعى إلى عكس ذلك تماما. وما حصل مع كاميرون هو انقلاب السحر على الساحر.
المفارقة أن كاميرون الذي عمل لأشهر كرئيس وزراء على الدفاع عن بقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي، متوقعا الأسوأ في حال خرجت من الاتحاد، مع أن كاميرون في الأصل من المشككين في الفكرة الأوروبية.
كاميرون (49 عاما) سليل الأسرة الثرية والأب لثلاثة أطفال، لم ينجح أبدا في إثارة شغف الجمهور سواء داخل حزبه أو بين الناخبين.
وكان قد أعلن عام 2013 استعدادا للانتخابات التشريعية لعام 2015 عزمه على تنظيم استفتاء حول بقاء بريطانيا أو خروجها من الاتحاد الأوروبي، مع ما ينطوي عليه ذلك من مخاطر وما يثيره من انقسام داخل حزبه. وبالنتيجة خسر كاميرون حزبه ومنصب رئيس الوزراء.
وإزاء نتيجة الاستفتاء المعاكسة لما أراد، لم يكن أمام كاميرون إلا إعلان استقالته غداة يوم الاستفتاء الذي نظم في 23 يونيو (حزيران).
وتصبح الاستقالة نافذة اليوم الأربعاء حين يقدمها إلى الملكة إليزابيث الثانية ليترك المكان لوزيرة داخليته تيريزا ماي.
وتلقى كاميرون تعليمه في كلية إيتون الراقية التي درس فيها أيضا خصمه بوريس جونسون الذي كان في تلك الفترة يبدو أكثر إشعاعا وتميزا، بحسب كاتب سيرته مايكل أشكروفت. ثم درس في أكسفورد ودخل عالم السياسة. وكان مساره مثل أفراد النخب البريطانية بلا مشاكل وصعد نجمه سريعا حتى تولى منصب رئيس حزبه قبل 11 عاما. وكان يريد حينها تحديث الحزب القديم وإضفاء مسحة معاصرة على الفكرة المحافظة. كما كان يأمل أن ينهي الانقسام بشأن أوروبا التي كانت سبب تصفيات حسابات دامية أدت خصوصا إلى الإطاحة بـ«السيدة الحديدية» مارغريت تاتشر.
وولدت فكرة الاستفتاء في أوج صعود حزب الاستقلال (يوكيب) الشعبوي والمناهض للفكرة الأوروبية أثناء الانتخابات الأوروبية في 2014 مع عين على الانتخابات التشريعية لعام 2015.
ونجح كاميرون في تحقيق فوز حزبه في تلك الانتخابات بل إنه تمكن من نيل الأغلبية المطلقة تاركا جانبا حليفه حزب الأحرار الديمقراطيين.
كما نجح في اختبار استفتاء آخر هو استفتاء استقلال اسكتلندا في 2014 التي اختار ناخبوها البقاء ضمن بريطانيا.
وتوقفت دائرة النجاح تماما مع الاستفتاء الأخير بشأن الاتحاد الأوروبي.
ويمكن أن يفخر كاميرون بأنه ترك اقتصادا نشطا مع نسبة نمو إيجابية ونسبة بطالة ضعيفة نسبيا.
لكن سياسة التقشف التي طبقها بضراوة مضاعفة إثر انتهاء حلفه مع الأحرار الديمقراطيين، أدت إلى تنامي الفقر والهشاشة الاجتماعية. وأثارت معاملة الفئات الهشة صدمة حتى داخل مجلس اللوردات وداخل حزبه ما اضطره إلى تخفيف بعض الإجراءات.
ومن الصدف أن تزامن سقوط كاميرون مع نشر لجنة برلمانية تقريرها الذي أدان طريقة دفع رئيس الوزراء العمالي الأسبق توني بلير، ببلاده لخوض حرب العراق.
لكن بخلاف بلير فإن كاميرون لم يتشبث أبدا بالحكم وكان أعلن أنه لن يترشح للانتخابات القادمة في 2020 حتى قبل الاستفتاء الأخير، مشيرا إلى أن لديه أشياء أخرى مهمة في الحياة وخصوصا أسرته.



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».