«صراع الجو» يشتعل بين «بوينغ» و«إيرباص» في معرض بريطاني

طلبات قياسية تتدفق من ألمانيا والصين والهند

طائرة «إيرباص» من طراز «إيه 380» تستعرض في سماء معرض «فارنبره» البريطاني (رويترز)
طائرة «إيرباص» من طراز «إيه 380» تستعرض في سماء معرض «فارنبره» البريطاني (رويترز)
TT

«صراع الجو» يشتعل بين «بوينغ» و«إيرباص» في معرض بريطاني

طائرة «إيرباص» من طراز «إيه 380» تستعرض في سماء معرض «فارنبره» البريطاني (رويترز)
طائرة «إيرباص» من طراز «إيه 380» تستعرض في سماء معرض «فارنبره» البريطاني (رويترز)

تصاعدت المنافسة المحتدمة أمس (الثلاثاء)، بين الخصمين اللدودين في قطاع الطيران، «إيرباص» الأوروبية و«بوينغ» الأميركية، وذلك بعد تدفق الطلبات عليهما من كل من ألمانيا والصين والهند في معرض «فارنبره» البريطاني.
ففي أضخم صفقة يتم إبرامها في المعرض حتى الآن، أعلنت شركة «غو إير» الهندية للرحلات المنخفضة التكلفة، نيتها شراء 72 من طائرات «إيرباص - إيه 320 نيو» بقيمة 7.7 مليارات دولار بسعر الكتالوغ. وبهذا يرتفع إجمالي طلب الشركة من هذه الطائرات الموفرة للوقود، ذات الممر الواحد، إلى 144 طائرة، بحسب ما أعلنته «إيرباص» في بيان.
وتقدمت شركة «جيرمانيا» الألمانية بطلب 25 من طائرات «إيرباص - إيه 320 نيو» ذات الممر الواحد والموفرة للوقود بقيمة 2.6 مليار دولار (2.4 مليار يورو) بسعر الكتالوغ، بعد يوم من إعلانها عن إبرام صفقة هائلة بقيمة 4.4 مليار دولار لبيع 12 طائرة من طراز «إيه 350 – 100» العريضة البدن لشركة «فيرجن أتلانتك».
وبعد تأكيدها أمس الثلاثاء طلب شراء الطائرات التي ستتسلمها ابتداء من 2020، فإن مجموعة «جيرمانيا» ستضاعف عدد طائرات أسطولها.
وفي وقت لاحق، وافقت شركة «واو» الآيسلندية الاقتصادية على شراء أربع طائرات من طراز «إيه 321» بقيمة 460 مليون دولار.
وعادة ما تتفاوض شركات الطيران مع الشركات المصنعة للحصول على خصم على أسعار الكتالوغ، ولذلك فمن المرجح أن يكون ثمن الطائرات أقل.
وصرح فابريس بريجييه، الرئيس التنفيذي لشركة «إيرباص» قائلا: «نحن مسرورون لتجديد مجموعة (جيرمانيا) ثقتها بـ(إيرباص) لتوسيع أسطولها من طائراتنا»، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية.
وأضاف أنه «بتشغيلها طائرات (إيه 320 نيو)، فإن شركة الطيران ستستفيد من الفعالية الإضافية لاستهلاك الوقود والابتكارات الحديثة في قمرة الركاب، التي توفر راحة لا مثيل لها للركاب». وتسير مجموعة «جيرمانيا» رحلاتها إلى وجهات في أوروبا وشمال أفريقيا والشرق الأوسط من ألمانيا وسويسرا ومطارات في بريطانيا بشكل خاص. أما «بوينغ»، فقد أبرمت مجموعة من الصفقات لبيع طائراتها التجارية، ولقيت اهتماما خاصا من الصين. وتلقت «بوينغ»، التي تحتفل بمرور مائة عام على تأسيسها هذا العام، طلبا من مجموعة «تي يو آي» الألمانية العملاقة للسفر لشراء عشر طائرات «737 ماكس 8»، ذات الممر الواحد، مع خيار شراء طائرة «دريملاينر 787 – 9» للمسافات الطويلة. ويبلغ إجمالي قيمة الصفقة 1.4 مليار دولار. وضاعفت شركة «إير ليس كوربوريشن» (إيه إل سي) طلبها إلى ست طائرات «737 ماكس 8»، بقيمة 660 مليون دولار.
ويبلغ إجمالي الطائرات التي طلبتها «إيه إل سي» من «بوينغ» حاليا 180 طائرة، وهو أكبر عدد من الطائرات المطلوبة من أي شركة تأجير طائرات.
أما بالنسبة للأسواق الناشئة، فقد تدفقت الطلبات على «بوينغ» من الصين. وأبدت شركة «كومينغ إيرلاينز» الصينية اهتماما بشراء عشر طائرات من طراز «737 ماكس 7» بقيمة 902 مليون دولار.
وبهذه الصفقة ستكون شركة «كومينغ إيرلاينز» أول عميل في الصين لطائرات «737 ماكس 7» المحسنة، مع العلم أن جميع طائراتها هي من شركة بوينغ.
ومقر شركة «كومينغ إيرلاينز» في مطار شانغشوي الدولي في مقاطعة يونان، وتملك شركة «شينجين إيرلاينز» الحصة الأكبر في الشركة. وشهدت «كومينغ إيرلاينز» نموا سريعا منذ إطلاقها في 2009، وتسير رحلاتها حاليا إلى أكثر من 40 مدينة في أنحاء الصين. ويضم أسطولها ثماني طائرات «737 - 700»، و11 طائرة «737 - 800».
وأضافت «بوينغ» أمس (الثلاثاء)، أن شركة طيران صينية - لم تكشف عن اسمها - وقعت التزاما بشراء 30 طائرة من طراز 737 بقيمة تزيد على 3 مليارات دولار. والطائرات هي مزيج من طائرات «737 ماكس» و«737 الجيل التالي»، بينما أضافت «بوينغ» أنها ستعمل بشكل وثيق مع الشركة لاستكمال الاتفاق. وهيمن قرار بريطانيا الخروج من الاتحاد الأوروبي في استفتاء 23 يونيو (حزيران) الماضي، على معرض «فارنبرة» هذا العام.
ويزعم بعض المحللين أن خروج بريطانيا من الاتحاد سيضر بالطلب على الطائرات على المدى المتوسط، إلا أن آخرين قالوا إن القطاع بشكل عام يتمتع بنمو قوي في عدد المسافرين، خصوصا من دول الأسواق الناشئة مثل الصين.



من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
TT

من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)

تعد السياحة المستدامة أحد المحاور الرئيسية في السعودية لتعزيز القطاع بما يتماشى مع «رؤية 2030»، وبفضل تنوعها الجغرافي والثقافي تعمل المملكة على إبراز مقوماتها السياحية بطريقة توازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة والتراث.

يأتي «ملتقى السياحة السعودي 2025» بنسخته الثالثة، الذي أُقيم في العاصمة الرياض من 7 إلى 9 يناير (كانون الثاني) الجاري، كمنصة لتسليط الضوء على الجهود الوطنية في هذا المجال، وتعزيز تعاون القطاع الخاص، وجذب المستثمرين والسياح لتطوير القطاع.

وقد أتاح الملتقى الفرصة لإبراز ما تتمتع به مناطق المملكة كافة، وترويج السياحة الثقافية والبيئية، وجذب المستثمرين، وتعزيز التوازن بين العوائد الاقتصادية من السياحة والحفاظ على المناطق الثقافية والتاريخية، وحماية التنوع البيئي.

وعلى سبيل المثال، تعد الأحساء، المدرجة ضمن قائمة التراث العالمي لـ«اليونسكو»، ببساتين النخيل وينابيع المياه والتقاليد العريقة التي تعود لآلاف السنين، نموذجاً للسياحة الثقافية والطبيعية.

أما المحميات الطبيعية التي تشكل 16 في المائة من مساحة المملكة، فتُجسد رؤية المملكة في حماية الموارد الطبيعية وتحقيق التوازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة.

جانب من «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» (واس)

«محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»

في هذا السياق، أكد رئيس إدارة السياحة البيئية في «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»، المهندس عبد الرحمن فلمبان، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أهمية منظومة المحميات الملكية التي تمثل حالياً 16 في المائة من مساحة المملكة، والتي تم إطلاقها بموجب أمر ملكي في عام 2018، مع تفعيل إطارها التنظيمي في 2021.

وتحدث فلمبان عن أهداف الهيئة الاستراتيجية التي ترتبط بـ«رؤية 2030»، بما في ذلك الحفاظ على الطبيعة وإعادة تنميتها من خلال إطلاق الحيوانات المهددة بالانقراض مثل المها العربي وغزال الريم، بالإضافة إلى دعم التنمية المجتمعية وتعزيز القاعدة الاقتصادية للمجتمعات المحلية عبر توفير وظائف التدريب وغيرها. ولفت إلى الدور الكبير الذي تلعبه السياحة البيئية في تحقيق هذه الأهداف، حيث تسعى الهيئة إلى تحسين تجربة الزوار من خلال تقليل التأثيرات السلبية على البيئة.

وأضاف أن المحمية تحتضن 14 مقدم خدمات من القطاع الخاص، يوفرون أكثر من 130 نوعاً من الأنشطة السياحية البيئية، مثل التخييم ورياضات المشي الجبلي وركوب الدراجات. وأشار إلى أن الموسم السياحي الذي يمتد من نوفمبر (تشرين الثاني) إلى مايو (أيار) يستقطب أكثر من نصف مليون زائر سنوياً.

وفيما يخص الأهداف المستقبلية، أشار فلمبان إلى أن «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» تستهدف جذب مليون زائر سنوياً بحلول 2030، وذلك ضمن رؤية المحميات الملكية التي تستهدف 2.3 مليون زائر سنوياً بحلول العام نفسه. وأضاف أن الهيئة تسعى لتحقيق التوازن البيئي من خلال دراسة آثار الأنشطة السياحية وتطبيق حلول مبتكرة للحفاظ على البيئة.

أما فيما يخص أهداف عام 2025، فأشار إلى أن المحمية تهدف إلى استقطاب 150 ألف زائر في نطاق المحميتين، بالإضافة إلى تفعيل أكثر من 300 وحدة تخييم بيئية، و9 أنواع من الأنشطة المتعلقة بالحياة الفطرية. كما تستهدف إطلاق عدد من الكائنات المهددة بالانقراض، وفقاً للقائمة الحمراء للاتحاد الدولي لشؤون الطبيعة.

هيئة تطوير الأحساء

بدوره، سلّط مدير قطاع السياحة والثقافة في هيئة تطوير الأحساء، عمر الملحم، الضوء لـ«الشرق الأوسط» على جهود وزارة السياحة بالتعاون مع هيئة السياحة في وضع خطط استراتيجية لبناء منظومة سياحية متكاملة. وأكد أن الأحساء تتمتع بميزة تنافسية بفضل تنوعها الجغرافي والطبيعي، بالإضافة إلى تنوع الأنشطة التي تقدمها على مدار العام، بدءاً من الأنشطة البحرية في فصل الصيف، وصولاً إلى الرحلات الصحراوية في الشتاء.

وأشار الملحم إلى أن إدراج الأحساء ضمن قائمة التراث الإنساني العالمي التابعة لـ«اليونسكو» يعزز من جاذبيتها العالمية، مما يُسهم في جذب السياح الأجانب إلى المواقع التاريخية والثقافية.

ورحَّب الملحم بجميع الشركات السعودية المتخصصة في السياحة التي تسعى إلى تنظيم جولات سياحية في الأحساء، مؤكداً أن الهيئة تستهدف جذب أكبر عدد من الشركات في هذا المجال.

كما أعلن عن قرب إطلاق أول مشروع لشركة «دان» في المملكة، التابعة لـ«صندوق الاستثمارات العامة»، والذي يتضمن نُزُلاً ريفية توفر تجربة بيئية وزراعية فريدة، حيث يمكنهم ليس فقط زيارة المزارع بل العيش فيها أيضاً.

وأشار إلى أن الأحساء منطقة يمتد تاريخها لأكثر من 6000 عام، وتضم بيوتاً وطرقاً تاريخية قديمة، إضافةً إلى وجود المزارع على طرق الوجهات السياحية، التي يصعب المساس بها تماشياً مع السياحة المستدامة.

يُذكر أنه يجمع بين الأحساء والمحميات الطبيعية هدف مشترك يتمثل في الحفاظ على الموارد الطبيعية والثقافية، مع تعزيز السياحة المستدامة بوصفها وسيلة لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وكلاهما تمثل رمزاً للتوازن بين الماضي والحاضر، وتبرزان جهود المملكة في تقديم تجربة سياحية مسؤولة تُحافظ على التراث والبيئة.