محكمة التحكيم الدائمة: لا حقوق تاريخية لبكين في بحر الصين الجنوبي

واشنطن تعتبر القرار «إسهامًا كبيرًا» في حل الخلافات الإقليمية

محكمة التحكيم الدائمة: لا حقوق تاريخية لبكين في بحر الصين الجنوبي
TT

محكمة التحكيم الدائمة: لا حقوق تاريخية لبكين في بحر الصين الجنوبي

محكمة التحكيم الدائمة: لا حقوق تاريخية لبكين في بحر الصين الجنوبي

قررت محكمة التحكيم الدائمة في لاهاي اليوم (الثلاثاء)، أنّ الصين لا تملك «حقوقًا تاريخية» على القسم الأكبر من مياه بحر الصين الجنوبي الاستراتيجية، مؤيدة موقف الفلبين في القضية، في قرار مرتقب يهدد بتصعيد التوتر في جنوب شرقي آسيا.
وأعلنت المحكمة في قرار من 479 صفحة «ترى المحكمة ألّا أساس قانونيًا لمطالبة الصين بحقوق تاريخية على الموارد في المناطق البحرية داخل (خط النقاط التسع)، الذي تستند الصين إليه في مطالبها، وهو وارد في خرائط تعود إلى الأربعينات».
وتعتبر بكين أن المساحة الكاملة تقريبًا لبحر الصين الجنوبي الغني بالمحروقات خاضعة لسيادتها، ما يثير نزاعات مع الدول «المشاطئة» وهي الفلبين وفيتنام وماليزيا وبروناي. كما تشكل المنطقة محورًا بحريًا حيويًا للتجارة العالمية فيما تحوي مياهها ثروة سمكية كبرى.
لتثبيت مطالبها نفذت بكين أعمال توسيع في جزر أو أرصفة وبنت عليها مدارج هبوط ومرافئ ومنشآت أخرى، بينها أخيرًا أربع منارات على أرصفة وخامسة يجري بناؤها، على ما أعلنت وكالة الصين الجديدة أمس.
في طلب رفعته مانيلا في 2013، إلى محكمة التحكيم في لاهاي، طالبتها بالتأكيد على أنّ مطالب الصين تشكل انتهاكا لاتفاقية الأمم المتحدة بشأن قانون البحار التي وقعها البلدان. أمّا الصين فقاطعت الجلسات.
بالفعل اعتبرت المحكمة في قرارها أنّ هذه «العناصر» التي تطالب بها الصين، غير صالحة لإيواء سكان وبالتالي لا يمكن تصنيفها كجزر، أي أنها «غير كفيلة بتشكيل منطقة اقتصادية حصرية». وأضافت أن «بعض المناطق البحرية مشمولة في المنطقة الاقتصادية الحصرية للفلبين لأن أيًا من حقوق الصين لا ينطبق عليها».
بالتالي أكدت محكمة التحكيم الدائمة اليوم، أن الصين انتهكت الحقوق السيادية للفيليبين في منطقة في بحر الصين الجنوبي، وأفادت في بيان أن «الصين انتهكت حقوق الفيليبين السيادية في منطقتها الاقتصادية الحصرية من خلال التدخل في أعمال الصيد واستخراج النفط الفلبينية وبناء جزر اصطناعية وعدم منع الصيادين الصينيين من الصيد في تلك المنطقة».
وسارعت وكالة الصين الجديدة الرسمية (شينخوا) إلى رفض القرار، وكتبت أن الصين «لا تقبل ولا تعترف» بقرار المحكمة بعيد صدوره، من دون أن تنسب هذا التصريح لأي جهة.
أمّا الفلبين فرحبت بلسان وزير خارجيتها برفيكتو ياساي بالقرار، داعية إلى ضبط النفس. وقال الوزير إن «الفلبين ترحب» بقرار المحكمة في لاهاي «بشأن آلية التحكيم التي أطلقتها الفلبين فيما يتعلق ببحر الصين الجنوبي».
منذ أشهر تكرر بكين التأكيد على عدم أهلية صلاحية هذه المحكمة في هذه القضية، وأنها بالتالي لن تعترف بالحكم، محولة الملف إلى «قضية وطنية» فعلية من خلال جهازها الدعائي القوي.
من جهة أخرى، نفذت البحرية الصينية تمارين عسكرية بين أرخبيل باراسيل وجزيرة هينان الصينية (جنوب الصين)، من جانبها، اعتبرت الولايات المتحدة اليوم، أن القرار الذي جاء في غير مصلحة بكين في النزاع على السيادة في البحر يمثل «إسهامًا كبيرًا» في حل الخلافات الإقليمية. وقالت وزارة خارجيتها إنّ الحكم لصالح الفيليبين في القضية ينبغي النظر إليه باعتباره «نهائيًا وملزمًا من الناحية القانونية».
كما تؤكد واشنطن، حليفة الفلبين أنّها لا تتبنى موقفًا، لكنها أرسلت في الأشهر الأخيرة بوارج إلى جوار جرف سكاربورو في أرخبيل سبراتليز الذي تطالب به الصين بدعم من حاملة الطائرات «يو إس إس» رونالد ريغن، بهدف الدفاع «عن حرية الملاحة». كما دعت واشنطن الجمعة الجانبين إلى احترام قرار محكمة التحكيم وتنفيذه.
في مؤشر على التوتر الحاد اتهمت هانوي اليوم، البحرية الصينية بإغراق زورق صيد فيتنامي في حادثة وقعت السبت في أرخبيل باراسيل، حيث أقدم عناصر البحرية الصينية على رمي خمسة صيادين فيتناميين بحرًا بعد إنزال على زورقهم لإغراقه حسب هانوي. بعد ساعات أنقذ زورق صيد آخر الصيادين الفيتناميين.
وكانت الصين قد سعت أخيرًا إلى ضمان دعم سياسي وحصلت عليه من أنغولا ومدغشقر وبابوا - غينيا الجديدة، مما يثبت حسب المتحدث باسم الخارجية الصينية لو كانغ أن «العدل والاستقامة يلقيان دوما الدعم الشعبي».
من جهته، أعرب الرئيس الفلبيني رودريغو دوتيرتي عن رغبة بتهدئة التوتر مع الصين والسعي إلى «تلاق سلس» مع بكين، فيما تجمع متظاهرون أمام السفارة الصينية في مانيلا وهتفوا «الصين بره»، رافعين لافتات تطالب بـ«مغادرة الصين مياه الفلبين».
اتخذ التوتر في المنطقة بعدًا داميًا في شكل متكرر، وخصوصًا مع اندلاع المواجهة بين الصين وفيتنام في أرخبيل سبراتليز العام 1988، مما أدى إلى مقتل 64 جنديًا من البحرية الفيتنامية.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».