الجزائر: الإفراج عن الجنرال بن حديد بعد تدهور صحته

في حين أدانت محكمة صحافيًا بالسجن بتهمة الإساءة للرئيس

الجزائر: الإفراج عن الجنرال بن حديد بعد تدهور صحته
TT

الجزائر: الإفراج عن الجنرال بن حديد بعد تدهور صحته

الجزائر: الإفراج عن الجنرال بن حديد بعد تدهور صحته

أفرجت السلطات الجزائرية أمس عن الجنرال حسين بن حديد، المسجون منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2015 لاتهامه بـ«ضرب معنويات الجيش». وجاءت هذه التطورات الجديدة بعد أسبوع من صرخة أطلقها محاموه لإطلاق سراحه، وذلك بسبب تدهور حالته الصحية الناجمة عن الإصابة بمرض السرطان.
في غضون ذلك، أدان القضاء صحافيا بعامين سجنا نافذا، لاتهامه بـ«الإساءة لرئيس الجمهورية».
وقال خالد بورايو، أحد ثلاثة محامين يدافعون عن الجنرال المتقاعد، في اتصال مع «الشرق الأوسط»، إن السلطات «اقتنعت أخيرا بأن استمرار حبس السيد بن حديد، يعرض حياته للخطر، وأن ذلك لن يخدم الأشخاص الذين ينتقمون منه»، في إشارة إلى قادة الجيش الذين رفعوا شكوى ضده في القضاء.
وذكر المحامي وهو يبكي من شدة التأثر لخبر الإفراج عن بن حديد: «شكرا للصحافيين الذين تبنوا هذه القضية وتفاعلوا معها لمدة 10 أشهر. شكرا لكل المناضلين من أجل الحرية في هذا البلد.. القانون والحق ينتصران في النهاية. بن حديد رجل كبير في السن (75 سنة) وصاحب مواقف سياسية، وقد تمت متابعته وسجنه بسبب آرائه في تسيير شؤون الحكم، وخصوصا المؤسسة العسكرية وقادتها».
وأطلق بن حديد في أكتوبر من العام الماضي تصريحات خطيرة ضد مسؤولي المؤسسة العسكرية، وعلى رأسهم الفريق أحمد قايد صالح قائد أركان الجيش، وهو في الوقت نفسه نائب وزير الدفاع، وقد قال عند استضافته من طرف إذاعة خاصة تبث برامجها على الإنترنت، إنه يختلف مع صالح سياسيا، لأنه ينتمي لمحيط الشخصيات النافذة في السلطة التي تدعم الرئيس عبد العزيز بوتفليقة.
وخاض بن حديد على أمواج الإذاعة في «سمعة الجنرال قايد صالح»، الذي تحدث عنه بأوصاف سيئة، وذكر أنه «مسؤول لا يحترمه لا الضباط ولا الجنود». بينما تفيد مصادر من المؤسسة العسكرية، أن صالح ثارت ثائرته حين بلغته تفاصيل ما قاله عنه بن حديد. وأكثر من ذلك اتهم بن حديد بـ«إفشاء أسرار عسكرية» تعود إلى تعاطيه إعلاميا مع مفاوضات جرت بين المخابرات والإسلاميين المسلحين منتصف تسعينات القرن الماضي، كما تناول قضايا حساسة تتعلق باختراق صفوف الجماعات الإسلامية المسلحة من طرف المخابرات.
واتضح جليا أن وزارة الدفاع هي من تابعته قضائيا. وقد عجز المحامون طيلة الشهور الماضية عن إقناع المحكمة بمنح الجنرال الإفراج المؤقت، رغم الملف الطبي الذي وضعوه بين يدي قاضي التحقيق، والذي يثبت أنه مريض بحاجة إلى رعاية خاصة.
وصرح بورايو في وقت سابق بأن «قيادة العسكر ورجال بوتفليقة مصممون على تصفية حسابهم مع بن حديد».
وكان رجل الأعمال الشهير علي حداد، رئيس «منتدى رؤساء المؤسسات»، المقرب جدا من بوتفليقة وشقيقه سعيد بوتفليقة، أعلن عزمه متابعة الجنرال نفسه بتهمة «السب والتشهير». وقد صرح بن حديد قبلها بأيام للصحافة بأن «الفضل في القذف بحداد إلى رأس (منتدى رؤساء المؤسسات)، يعود إلى سعيد بوتفليقة». ونال سعيد حقه هو أيضا من هجوم بن حديد؛ إذ وصفه بـ«الرجل المخبول». وقال أيضا إن «سعيد سيلتهم رأس قايد صالح بعدما كان وراء عزل الجنرال توفيق».
وفي سياق ذي صلة، أدانت محكمة سيدي امحمد بالعاصمة، أمس، صحافيا يدعى محمد تامالت، بناء على تهمتي «إهانة هيئة نظامية» و«الإساءة لرئيس الجمهورية بعبارات الإهانة والقذف». واستندت النيابة في اتهامها للصحافي، الذي يحمل الجنسية البريطانية إلى جانب جنسيته الأصلية، إلى المادتين «144 مكرر» و«146» من قانون العقوبات، وكلتاهما تنص على غرامة مالية وليس السجن، الأمر الذي أثار احتاج محاميه أمين سيدهم الذي استنكر «قرارا قضائيا تعسفيا في حق موكلي».
وتابعت النيابة الصحافي، المتعاون مع وسائل إعلام محلية وأجنبية، بسبب شريط فيديو أعده ونشره في صفحته على «فيسبوك»، يتضمن نقدا لاذعا للرئيس عبد العزيز بوتفليقة وسياساته.



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.