مصادر فرنسية: ما تقوم به الدبلوماسية المصرية «مكمل» لمبادرتنا

تشاور هاتفي بين أيرولت وشكري.. وباريس تعدّ لاجتماع على هامش أعمال الجمعية العامة

مصادر فرنسية: ما تقوم به الدبلوماسية المصرية «مكمل» لمبادرتنا
TT

مصادر فرنسية: ما تقوم به الدبلوماسية المصرية «مكمل» لمبادرتنا

مصادر فرنسية: ما تقوم به الدبلوماسية المصرية «مكمل» لمبادرتنا

لا ترى باريس غضاضة في الجهود التي تبذلها مصر في الملف الفلسطيني - الإسرائيلي، والتي تمثلت أول من أمس، بالزيارة التي قام بها وزير خارجيتها سامح شكري إلى إسرائيل، ولقائه مرتين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. وقالت مصادر فرنسية رسمية تحدثت إليها «الشرق الأوسط»، إن الدبلوماسية الفرنسية «ترحب بكل الجهود التي يمكن أن تبذل والتي من شأنها دفع هذا الملف الموجود في طريق مسدود إلى الأمام، ونحن مستعدون للعمل مع الجميع وبالطبع مع القاهرة». وتضيف هذه المصادر، أنه بالنظر إلى الرفض الإسرائيلي للمبادرة الفرنسية والتدخلات التي تقوم بها إسرائيل لعرقلة الجهود الفرنسية، فإن التواصل المصري - الإسرائيلي: «يمكن أن يكون مفيدا بمعنى حمل إسرائيل على تقبل المبادرة الفرنسية».
من هذه الزاوية، ترى باريس أن الدور المصري يمكن أن يكون «مكملا» للجهود الفرنسية وأن باريس والقاهرة «تتشاوران باستمرار». وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر دبلوماسية واسعة الاطلاع، أن اتصالا هاتفيا جرى أمس بين وزيري خارجية فرنسا ومصر، جان مارك أيرولت «الموجود في بيروت في زيارة رسمية» وسامح شكري، وأن الاتصال وفر الفرصة للمسؤولين لتبادل وجهات النظر والمعلومات فيما خص تطورات هذا الملف.
وفي أي حال، تعتبر باريس أنه «حتى الآن، ليست هناك مبادرة مصرية بالمفهوم المتعارف عليه لكلمة مبادرة، بل هناك استعداد مصري للعمل والمساهمة» في جهود الوساطة. وينصب الجهد الفرنسي في الوقت الحاضر، على إطلاق «مجموعات العمل» الثلاث التي تمت الإشارة إلى تشكيلها بمناسبة الاجتماع الوزاري الذي حصل في 3 يونيو (حزيران) الماضي في العاصمة الفرنسية، الذي خصص لإعادة ملف النزاع الفلسطيني - الإسرائيلي إلى الأجندة الدبلوماسية الدولية، بعدما غاب عنها طويلا بسبب حروب سوريا والعراق والإرهاب. وهذه المجموعات ستنصب على بلورة حزمة من «المحفزات» الاقتصادية والسياسية التي يمكن العمل بها في حال توصل الطرفان الفلسطيني والإسرائيلي إلى اتفاق سلام. وتشمل المحفزات ثلاثة مجالات هي: 1) المحفزات الاقتصادية للطرفين في حال إبرام اتفاق سلام، 2) بناء قدرات الدولة الفلسطينية المقبلة، 3) العمل لدى المجتمعين المدنيين الفلسطيني والإسرائيلي. وكان قد حضر الاجتماع المذكور ثلاثون وزيرا وأمينا عاما لمنظمات دولية وإقليمية، وخرج ببيان «الحد الأدنى» بسبب التحفظات التي عبر عنها وزير الخارجية الأميركي جون كيري، الذي قرر حضور الاجتماع في آخر لحظة. وقالت مصادر دبلوماسية عربية لـ«الشرق الأوسط»، إن كيري لعب دور «المعرقل» داخل غرفة الاجتماعات، وضغط لمنع صدور بيان قوي عن الاجتماع. وحجة كيري الدعوة إلى «انتظار» ما قد «ينوي» الرئيس باراك أوباما القيام به في الفترة الرئاسية المتبقية له في البيت الأبيض، محتذيا بذلك حذو سلفه الرئيس الديمقراطي الأسبق، بيل كلينتون، في الأشهر الأخيرة من ولايته الثانية. ومجددا، أبدى كيري «عدم تحمسه» للمبادرة الفرنسية أو لآية مبادرة أخرى حتى لو كانت عربية، وهو ما تعيه باريس التي تريد أن تجمع أوراق الضغط بحيث يصبح من الصعب على الولايات المتحدة الأميركية عرقلة الجهود الفرنسية. وتكمن صعوبة المساعي الفرنسية في أن باريس تعي أنه من غير مساهمة الطرف الأميركي، وهو الجهة ربما الوحيدة القادرة على دفع إسرائيل على إظهار «الليونة» في التعاطي مع المبادرة الفرنسية، فإن مصيرها سيكون الفشل، أو أنها إذا نجحت في توفير شروط التئام المؤتمر الدولي، فإنه لن يأتي بجديد. ولذا، فإن ما تسعى إليه الدبلوماسية الفرنسية، هو توفير الدعم العربي بالاستناد إلى «إعادة تأهيل» مبادرة السلام العربية التي لم تلق منذ إطلاقها رسميا في عام 2002 في قمة بيروت العربية، الأصداء التي تستحقها ولا الترويج للطروحات التي تضمنتها. ورأت باريس في التلقي «الإيجابي» لرئيس الوزراء الإسرائيلي لها عاملا «مشجعا»، رغم اشتراطه إحداث تغييرات فيها، وهو ما رفضه وزير خارجية السعودية عادل الجبير وأمين عام الجامعة العربي السابق نبيل العربي. كذلك تريد باريس «انخراطا» أوروبيا واضحا إلى جانبها. وكان الوزير جان مارك أيرولت قد استحصل على «دعم» نظرائه الأوروبيين، وهو يرنو كذلك إلى الحصول على دعم الرباعية الدولية. وتفيد مصادر متابعة، أن أجواء «الرباعية» تبقى دون ما تتمناه باريس، رغم تصريحات فدريكا موغيريني، مسؤولة السياسة الخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي. وفي السياق عينه، لا تبدو روسيا بدورها: «متحمسة» للمبادرة الفرنسية، ولم يعرف ما إذا كان موقفها ممالأة لنتنياهو أم رغبة بأن يكون لها دور في الملف من خلال الرباعية التي هي عضو فيها.
من ضمن هذا المنظور، يمكن أن نفهم «الترحيب» الحار لرئيس الوزراء الإسرائيلي بالاستعداد المصري للمساعدة في الجهود الدبلوماسية، رغم أنه لم تعرف حتى الآن، تفاصيل ما تنوي القاهرة القيام به أو اقتراحه. لكن الترجيحات تفيد بأن الحكومة المصرية تخطط للدعوة لاجتماع ثلاثي يضم، إلى جانب الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس ونتنياهو، إضافة إلى ما تريد القاهرة تحقيقه، وهو إعادة «بناء الثقة» بين الطرفين المتنازعين.
يبقى السؤال الأساسي من غير جواب: ما الأوراق التي تستطيع القاهرة استخدامها لتنجح حيث فشل الآخرون، وتحديدا جهود الوساطة الأميركية التي قادها الوزير كيري شخصيا، والتي توقفت عمليا في أبريل (نيسان) من عام 2014؟
بالطبع، سبق للرئيس السيسي أن تحدث عن «سلام أكثر دفئا» بين مصر وإسرائيل، في حال توصل الفلسطينيون والإسرائيليون إلى اتفاق سلام. كما أشار إلى المبادرة العربية. ولكن هل سيكون هذا كافيا لدفع نتنياهو الذي يقود الحكومة الأكثر يمينية في تاريخ إسرائيل، لوقف الاستيطان وقبول الدخول في مفاوضات تشمل قضايا الحل النهائي، وهو الذي وافق أخيرا، على إقامة المئات من الوحدات السكنية الاستيطانية في القدس في إطار سياسة استيطانية هي الأوسع قدما لأراضي الضفة الغربية ومواردها؟
رب قائل إن الدبلوماسية فن إيجاد الحلول للمسائل المعقدة والشائكة، وإنه لا يكفي العويل والتنديد عن بعد، بل الأجدى التحرك واقتراح المخارج. وهذا صحيح من حيث المبدأ. لكن حتى الآن، عجزت الدبلوماسية الدولية عن إيجاد «الصيغة السحرية» للحل، ليس لأنها عاجزة، بل لأن أحد الطرفين، وهو هنا إسرائيل، غير راغب في الحل، لأن له أولويات أخرى، وإلا فلماذا أجهض المحاولات كافة التي بذلت إقليميا ودوليا منذ نصف قرن على الأقل؟



انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
TT

انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)

شيّعت جماعة الحوثيين خلال الأسبوع الماضي 17 قتيلاً من عناصرها العسكريين، الذين سقطوا على خطوط التماس مع القوات الحكومية في جبهات الساحل الغربي ومأرب وتعز والضالع، منهم 8 عناصر سقطوا خلال 3 أيام، دون الكشف عن مكان وزمان مقتلهم.

وفقاً للنسخة الحوثية من وكالة «سبأ»، شيّعت الجماعة في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء كلاً من: ملازم أول رشاد محمد الرشيدي، وملازم ثانٍ هاشم الهجوه، وملازم ثانٍ محمد الحاكم.

تشييع قتلى حوثيين في ضواحي صنعاء (إعلام حوثي)

وسبق ذلك تشييع الجماعة 5 من عناصرها، وهم العقيد صالح محمد مطر، والنقيب هيمان سعيد الدرين، والمساعد أحمد علي العدار، والرائد هلال الحداد، وملازم أول ناجي دورم.

تأتي هذه الخسائر متوازية مع إقرار الجماعة خلال الشهر الماضي بخسائر كبيرة في صفوف عناصرها، ينتحل أغلبهم رتباً عسكرية مختلفة، وذلك جراء خروقها الميدانية وهجماتها المتكررة ضد مواقع القوات الحكومية في عدة جبهات.

وطبقاً لإحصائية يمنية أعدّها ونشرها موقع «يمن فيوتشر»، فقد خسرت الجماعة خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، 31 من مقاتليها، أغلبهم ضباط، سقطوا في مواجهات مع القوات الحكومية.

وشيّع الانقلابيون الحوثيون جثامين هؤلاء المقاتلين في صنعاء ومحافظة حجة، دون تحديد مكان وزمان مصرعهم.

وأكدت الإحصائية أن قتلى الجماعة خلال نوفمبر يُمثل انخفاضاً بنسبة 6 في المائة، مقارنة بالشهر السابق الذي شهد سقوط 33 مقاتلاً، ولفتت إلى أن ما نسبته 94 في المائة من إجمالي قتلى الجماعة الذين سقطوا خلال الشهر ذاته هم من القيادات الميدانية، ويحملون رتباً رفيعة، بينهم ضابط برتبة عميد، وآخر برتبة مقدم، و6 برتبة رائد، و3 برتبة نقيب، و 13 برتبة ملازم، و5 مساعدين، واثنان بلا رتب.

وكشفت الإحصائية عن أن إجمالي عدد قتلى الجماعة في 11 شهراً ماضياً بلغ 539 مقاتلاً، بينهم 494 سقطوا في مواجهات مباشرة مع القوات الحكومية، بينما قضى 45 آخرون في غارات جوية غربية.

152 قتيلاً

وتقدر مصادر عسكرية يمنية أن أكثر من 152 مقاتلاً حوثياً لقوا مصرعهم على أيدي القوات الحكومية بمختلف الجبهات خلال سبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول) الماضيين، منهم 85 قيادياً وعنصراً قُتلوا بضربات أميركية.

وشهد سبتمبر المنصرم تسجيل رابع أعلى معدل لقتلى الجماعة في الجبهات منذ بداية العام الحالي، إذ بلغ عددهم، وفق إحصائية محلية، نحو 46 عنصراً، معظمهم من حاملي الرتب العالية.

الحوثيون استغلوا الحرب في غزة لتجنيد عشرات الآلاف من المقاتلين (إكس)

وبحسب المصادر، تُحِيط الجماعة الحوثية خسائرها البشرية بمزيد من التكتم، خشية أن يؤدي إشاعة ذلك إلى إحجام المجندين الجدد عن الالتحاق بصفوفها.

ونتيجة سقوط مزيد من عناصر الجماعة، تشير المصادر إلى مواصلة الجماعة تعزيز جبهاتها بمقاتلين جُدد جرى استقطابهم عبر برامج التعبئة الأخيرة ذات المنحى الطائفي والدورات العسكرية، تحت مزاعم مناصرة «القضية الفلسطينية».

وكان زعيم الجماعة الحوثية أقرّ في وقت سابق بسقوط ما يزيد عن 73 قتيلاً، وإصابة 181 آخرين، بجروح منذ بدء الهجمات التي تزعم الجماعة أنها داعمة للشعب الفلسطيني.

وسبق أن رصدت تقارير يمنية مقتل نحو 917 عنصراً حوثياً في عدة جبهات خلال العام المنصرم، أغلبهم ينتحلون رتباً عسكرية متنوعة، في مواجهات مع القوات الحكومية.