خريطة توزع الفصائل في مخيم اليرموك: مجموعات تفككت وأخرى اندمجت.. والهيمنة لـ«النصرة» و«داعش»

«القراعون» و«السراحون» و«الزعاطيط».. أعضاؤها فلسطينيون معتقلون سابقًا ومن بقايا التنظيمات

مخيم اليرموك جنوب دمشق.. دمار أخلاه من سكانه وحيّده لصالح نظام الأسد («الشرق الأوسط»)
مخيم اليرموك جنوب دمشق.. دمار أخلاه من سكانه وحيّده لصالح نظام الأسد («الشرق الأوسط»)
TT

خريطة توزع الفصائل في مخيم اليرموك: مجموعات تفككت وأخرى اندمجت.. والهيمنة لـ«النصرة» و«داعش»

مخيم اليرموك جنوب دمشق.. دمار أخلاه من سكانه وحيّده لصالح نظام الأسد («الشرق الأوسط»)
مخيم اليرموك جنوب دمشق.. دمار أخلاه من سكانه وحيّده لصالح نظام الأسد («الشرق الأوسط»)

شهد مخيم اليرموك، خصوصًا مع بداية دخول قوات المعارضة إليه، فوضى عسكرية وفوضى سلاح عارمة، بسبب وجود مجموعات مختلفة من المعارضة، وتحت أجندات ومسميات متباينة أحيانًا. ومع تزايد مضطرد لحضور القوى المتشددة على حساب الجيش الحر، حيث كانت تلك القوى تتبع المجلس العسكري الجنوبي بدمشق في الجيش الحر. لكن تلك الصيغة انتهت، وتفككت بعض المجموعات مثل صقور الجولان وأبابيل حوران، وتشكل وضع جديد للقوى الموجودة على أرض اليرموك نهاية عام 2014. وانتهت عدة صيغ ومجموعات عسكرية واندمجت مع مجموعات أخرى، وبعضها اندمج مع جبهة النصرة، أو مع تنظيم داعش بعد ظهور الأخير، خصوصًا بعد دخوله إلى مخيم اليرموك في أبريل (نيسان) 2015 من معاقله في الحجر الأسود جنوب اليرموك، واحتلال مساحة لا بأس بها من المخيم. وبالتالي فإن القوى المسلحة المعارضة باتت بمعظمها ذات نكهة سلفية على دينية متطرفة. واختفت ظاهرة الجيش الحر، وأصبحت التشكيلة كما يلي:
• يسيطر تنظيم داعش على أكثر من 45 في المائة من مساحة المخيم جنوب غرب اليرموك، وتحديدًا بالمنطقة المتصلة مع الحجر الأسود، حيث تعتبر الناحية المعقل الرئيسي للتنظيم في دمشق وريفها، وهو بقيادة المدعو (أبو صياح فرامه) وهو من بلدة يلدا المجاورة لليرموك ومن عائلة طيارة. ويضم تنظيم داعش في المنطقة المشار إليها ما يقارب 900 مقاتل، معظمهم شبان سوريون من أرياف دمشق ومنطقة الغوطة، والقليل جدًا بينهم من الفلسطينيين.
• تسيطر جبهة النصرة على 30 في المائة من اليرموك جنوب شرق المخيم في المنطقة التي تصل اليرموك ببلدة يلدا، وهي معقل من معاقل المعارضة المسلحة التي تضم فصائل مناهضة لـ«داعش»، مثل جيش الإسلام، وكتائب العز بن عبد السلام. ويعتبر الكثيرون أن تنظيم القاعدة أخطر بكثير من تنظيم داعش، فتنظيم داعش صوت صارخ مدعوم ماديًا، بمعنى أن وقف الضخّ المادي قادر على القضاء عليه. في حين أن تنظيم جبهة النصرة التابع لتنظيم القاعدة هو كيان منظَّم بترتيبات وتكاتفات وأدوات مخيفة. ويقدر أعضاء ومقاتلو جبهة النصرة باليرموك بما يقارب 300 مقاتل، بعد حدوث انشقاقات فيها، وانضمام البعض لتنظيم داعش في أبريل 2015.
• كتائب ابن تيمية. عدد أفرادها يقارب 200 مقاتل، تسيطر على مداخل اليرموك الشمالية، والتي تقع على تماس مع القوات النظامية والفصائل الفلسطينية، وجل أعضاء تلك الكتيبة من أبناء حي الميدان الدمشقي، وحي القدم الشامي، الذي هو امتداد لحي الميدان ويقع غربي اليرموك. ويتصف مقاتلوها بعنادهم وشراستهم في القتال.
• يوجد على الحدود الشمالية الشرقية للمخيم وفي مواجهة القوات الرسمية وقوات الفصائل الفلسطينية، عدد من المجموعات العسكرية المقربة من جبهة النصرة، وهي مجموعة القراعين، ومجموعة السراحين، ومجموعة الزعاطيط. وهي مجموعات عسكرية صغيرة لكنها فعّالة وتقاتل بشراسة ومعادية بقوة للنظام. إن أغلب أعضاء تلك المجموعات من أبناء اليرموك، وبعضهم من الفلسطينيين، ومن أعضاء سابقين ببعض التنظيمات الفلسطينية من الذين كانوا معتقلين لدى النظام السوري خلال الثمانينات.
• حركة أبناء اليرموك وجناحها العسكري المسمى (كتائب وقوات البراق)، ومعظم أعضاؤها من فلسطينيي مخيم اليرموك، وتعد بحدود 120 مقاتلاً، حيث تتحالف مع تنظيم جبهة النصرة بمواجهة تنظيم داعش. وكان معظم أعضاء هذا التشكيل في إطار مجموعتي العهدة العمرية وزهرة المدائن اللتين جرى حلهما نهاية عام 2014 بعد اغتيال أحد مؤسسيها وتصفيته المدعو خليل زغموت.
• بقايا كتائب أكناف بيت المقدس التي كانت تتبع ولو من بعيد تنظيم حركة حماس. ومعظم أعضائها من الفلسطينيين، ويبلغ تعدادها حاليًا ما يقارب 100 مقاتل بعد أن ذهب بعضها للتسوية مع النظام، وغادرها آخرون إلى تركيا ومن ثم أوروبا، وتنتشر في منطقة يلدا جنوب شرقي المخيم، وتعيش حالة من العداء مع تنظيم داعش ومع تنظيم النصرة، فتنظيم جبهة النصرة اغتال في فترة سابقة عددًا من قادة كتائب أكناف بيت المقدس، وعلى رأسهم أبو صهيب يحيى الحوراني مسؤول حركة حماس الأول في سوريا بعد خروجها من البلد.
في المقابل، تحيط القوات النظامية، بمداخل مخيم اليرموك الشمالية، والشمالية الغربية والشمالية الشرقية قليلاً، والتي تشكّل منطقة الامتداد مع دمشق، ومع حي الميدان، وحي الزاهرة، بأعداد ليست بالكبيرة، بل أغلبها مجموعات ومفارز أمنية تتبع للمخابرات العسكرية السورية.
أخيرًا، إن بقاء الوضع على حاله، حيث الفراغ السكاني الكبير داخل المخيم، والإغلاق المحكم له (بقي داخل اليرموك ما يقارب 6000 شخص فقط، يجري تقديم السلل الغذائية لهم عن طريق الوكالة ومن معبر جنوب اليرموك الذي يقع عند بلدة يلدا)، بالإضافة لوجود قوات من الفصائل الفلسطينية إلى جانب النظام، والتي تتحمل المسؤولية العسكرية في تلك المنطقة، هذا الوضع يريح النظام من الناحية العسكرية والأمنية، ويترك قواته للتفرغ للمناطق الأخطر في ريف دمشق، ويجعل من جبهات الجنوب الدمشقي تحت السيطرة الجيدة من الوجهة العسكرية. وبالتالي فإن مسألة مخيم اليرموك لن تنتهي إلا مع نهاية أزمة البلد. فالنظام يخشى في حال عودة الناس وعودة الحياة لليرموك، من انتعاش مناطق المعارضة الجماهيرية «مناطق العصاة». وبالتالي فإن الأفضل من وجهة نظر النظام بقاء الوضع على حاله، وهو ما يفسر ركون الفصائل الفلسطينية وقواتها الموجودة حول اليرموك والتي تقاتل مع النظام ورضوخها لأمره، وهدوء جبهات ومحاور اليرموك منذ فترة طويلة، ما عدا بعض التراشقات، فضلاً عن الحرب المندلعة بين «داعش» و«النصرة» داخل اليرموك للسيطرة على المربعات داخله، وهي حرب يشجعها النظام في معركة سباق بين سيطرة «الدواعش» والتدمير، ويداه ليست بعيدة عنها.
إن كل التفاصيل تذهب بنا للقول بأن سيطرة تنظيم داعش على مساحة كبيرة من المخيم، والصراع الحالي، سيسهل مهمة تدمير المخيم بدعوى التصدي لسيطرة «داعش» على المخيم، في الوقت الذي تقف فيه فصائل منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية موقف المتفرج بدعوى أن الصراع أكبر منها، وأنها غير قادرة على التدخل سوى المساهمة بتقديم المساعدات للمدنيين بحدود الممكن.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».