مصادر فرنسية رسمية: الإدارة الأميركية «سلمت» الملف السوري إلى موسكو

قالت إن الأولوية لدى واشنطن تحقيق إنجاز في الحرب على الإرهاب قبل نهاية ولاية أوباما

مصادر فرنسية رسمية: الإدارة الأميركية «سلمت» الملف السوري إلى موسكو
TT

مصادر فرنسية رسمية: الإدارة الأميركية «سلمت» الملف السوري إلى موسكو

مصادر فرنسية رسمية: الإدارة الأميركية «سلمت» الملف السوري إلى موسكو

التزمت باريس جانب الحذر في تناولها لـ«التقارب» الإضافي بين الولايات المتحدة الأميركية وروسيا بشأن الملف السوري الذي يدور بشأنه لغط بعد إعلان الناطق باسم الرئاسة الأميركية أن أوباما وبوتين لم يتوصلا إلى اتفاق جديد حول مزيد من التعاون في سوريا.
وسبب اللغط أن الكرملين أصدر بيانا عقب اتصال هاتفي، الأربعاء الماضي، بين الرئيسين، تضمن الإعراب عن عزمهما على تعزيز التنسيق العسكري بينهما في مواجهة التنظيمات الإرهابية. وقالت مصادر دبلوماسية فرنسية، سألتها «الشرق الأوسط»، إنه «يتعين انتظار ما يمكن أن يفضي إليه هذا التفاهم»، مضيفة أن «موسكو وواشنطن اتفقتا في السابق على كثير من الأمور التي لم تنفذ على الأرض» ومنها وقف الأعمال العدائية، وكذلك إيصال المساعدات الإنسانية التي «لم يصل منها سوى القليل». وتضيف هذه المصادر أن التوافق الأميركي - الروسي «كثيرا ما جر علينا خيبات الأمل» لتخلص إلى القول إن ما يهم هو «ترجمة» هذا التوافق إلى أفعال.
الأمر اللافت للانتباه أن الكرميلن والبيت الأبيض قدما روايتين مختلفتين للاتصال الهاتفي. ففي حين ركز الكرملين على دعوة بوتين نظيره الأميركي على العمل من أجل «فصل» الفصائل المعتدلة عن مواقع ومناطق تواجد «جبهة النصرة»، فإن البيت الأبيض شدد على طلب أوباما بأن تضغط روسيا على النظام لحمله على احترام وقف الأعمال العدائية والامتناع عن الاستهداف الجوي لمواقع الفصائل المعتدلة المشاركة في العملية السياسية. وبالطبع، فإن الطرفين أبديا توافقا على «الرغبة في تعزيز التنسيق بين العسكريين الروس والأميركيين»، والتزامهما إلحاق الهزيمة بتنظيم داعش وبجبهة النصرة كما شددا على أهمية العودة إلى محادثات جنيف.
وتعتبر مصادر فرنسية رسمية، تحدثت إليها «الشرق الأوسط»، أن ما حصل الأربعاء بين بوتين وأوباما «ليس سوى امتداد للعرض الأميركي لروسيا» الذي كشفت عنه صحيفة «واشنطن بوست» نهاية يونيو (حزيران) الماضي، وقوامه إعلان واشنطن عن الاستعداد للتعاون مع موسكو في الحرب على التنظيمات الإرهابية بما فيها «النصرة». ووفق الصحيفة الأميركية، فإن العرض وافق عليه الرئيس أوباما والوزير كيري، في حين تحفظ عليه وزير الدفاع أشتون كارتر.
وترى هذه المصادر أن التقارب الروسي - الأميركي الذي هو ترجمة لرغبة أعربت عنها روسيا في مايو (أيار) الماضي يعكس أمرين متلازمين: الأول، أن الإدارة الأميركية «تعتبر بشكل قاطع أن أولويتها في سوريا، كما في العراق، هي محاربة الإرهاب» وبالتالي فإن موضوع مصير النظام وما يمكن أن تقوم به المعارضة السورية أو تطالب به «انتقل إلى الموقع الخلفي». أما الأمر الثاني فقوامه أن الرئيس أوباما «يريد أن يحقق إنجازا في الحرب على الإرهاب ضد (داعش) و(النصرة) قبل انتهاء ولايته وأن ذلك يمر عبر التعاون مع روسيا... بل عبر الاقتراب من تصوراتها لكيفية الخروج من الحرب في سوريا».
وتضيف المصادر: «قبل التواصل الهاتفي الأخير بين أوباما وبوتين، كانت باريس مقتنعة أن الإدارة الأميركية سلمت الملف السوري إلى موسكو... وأنه في المسائل الخلافية، فإن الوزير جون كيري هو الذي يقطع المسافة لملاقاة نظيره الروسي سيرغي لافروف». وسبق لمسؤول رفيع في المعارضة السورية أن أبلغ «الشرق الأوسط» أن روسيا هي التي تدير دفة المناقشات في اجتماعات «مجموعة العمل» الخاصة بوقف الأعمال العدائية في سوريا التي تنعقد دوريا في جنيف.
ليس جديدا أن باريس اعتبرت دائما أن «الليونة الأميركية الزائدة» في الملف السوري هي التي تشجع موسكو على الإمساك بالملف السياسي والعسكري وإدارته على هواها. كذلك، فإن باريس ترى أن إدارة الرئيس أوباما «لن تحيد عن النهج الذي اختطته حتى الآن» لجهة تعيين الأولويات وتحديد الوسائل التي من شأنها تحقيق الأهداف الأميركية في سوريا التي «لم يعد بينها إقصاء الرئيس السوري عن السلطة في المرحلة الحالية ولا مع انطلاق المرحلة الانتقالية». وتضيف المصادر الفرنسية أن واشنطن وإن كانت لا تزال تتحدث عن «انتقال سياسي»، فإنها تريد انتقالا سياسيا «منظما» وعبر اتفاق سياسي بين المعارضة والنظام.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.