الولايات المتحدة دفعت بريطانيا إلى الحرب في العراق.. مبكرًا

رئيس لجنة غزو العراق قال إن التحليل الدقيق ضروري قبل خوض الحرب

الولايات المتحدة دفعت بريطانيا إلى الحرب في العراق.. مبكرًا
TT

الولايات المتحدة دفعت بريطانيا إلى الحرب في العراق.. مبكرًا

الولايات المتحدة دفعت بريطانيا إلى الحرب في العراق.. مبكرًا

دفعت الولايات المتحدة بريطانيا إلى اتخاذ عمل عسكري في العراق «مبكرا»، بحسب ما قاله مندوب بريطاني سابق لدى الأمم المتحدة عقب نشر تقرير شيلكوت. وقال التقرير إن رئيس الوزراء البريطاني السابق، توني بلير، هوّل من التهديد الذي مثله صدام حسين، وأضاف أن الإجراء العسكري لم يكن هو الخيار الأخير. وخلص التقرير إلى أن بريطانيا اعتمدت على معلومات استخباراتية مغلوطة ولم تستنفد الخيارات السلمية قبل غزو العراق، وذكر أن العمل العسكري «ربما كان ضروريا»، لكن عند اتخاذ قرار الغزو لم يكن نظام صدام حسين يشكل تهديدا، وكان بالإمكان اتباع خطة دبلوماسية تستمر لبعض الوقت لتدبير الملف، خاصة أن أغلبية أعضاء مجلس الأمن الدولي كانت تؤيد استمرار عمل الأمم المتحدة في التفتيش والمراقبة.
وبشأن هذه النقطة حرص التقرير على توضيح أن الأحكام المرتبطة بتهديدات نظام صدام قدمت بتعبيرات تأكيد غير مبررة، حيث إن المعلومات التي وفرتها الاستخبارات لم تقدم أدلة جازمة على أن صدام «استمر في إنتاج أسلحة كيميائية أو بيولوجية»، وبالتالي فالقرارات التي اتخذت بشأن بلاد الرافدين بنيت على معلومات «مغلوطة وغير دقيقة».
وفي هذا الإطار، أوضح شيلكوت أنه «أصبح من الواضح الآن أن السياسة بشأن العراق وضعت على أساس معلومات مخابرات وتقييمات مغلوطة لم تفند رغم أنه كان يجب أن يحدث ذلك». وعلى العكس تم تحذير بلير من أن غزو العراق سيوسع نشاط تنظيم القاعدة في بريطانيا. وقال شيلكوت: «التحليل الدقيق ضروري قبل خوض الحرب». من جهته، قال سير جيرمي غرينستوك، مندوب بريطانيا لدى الأمم المتحدة في عام 2003، إن بلير كان يسعى إلى صدور قرار من الأمم المتحدة يساند إجراءه.
وقال لـ«بي بي سي» إن مسؤولين أميركيين رفيعي المستوى كانوا يعتقدون أن هذا «تضييع للوقت».
وقد نشر تقرير شيلكوت أول من أمس بعد سبع سنوات من إعداده. وانتهى سير جون شيلكوت رئيس لجنة التحقيق البريطانية في حرب العراق، إلى أن بلير أرسل قوات، لم تكن مستعدة جيدا إلى المعركة، وأن خططه كانت «غير كافية بالمرة» لتبعات ما بعد الحرب.
وخلص التقرير الذي نشرت نتائجه أول من أمس إلى أن رئيس الوزراء البريطاني توني بلير الأسبق قال للرئيس الأميركي السابق جورج دبليو بوش قبل ثمانية أشهر من غزو العراق عام 2003 «أيا كان الأمر» واعتمد على معلومات ومشورة قانونية معيبة في اتخاذ قرار الحرب. ووجهت لجنة بريطانية تولت التحقيق في حرب العراق انتقادا شديدا اليوم لبلير بشأن عدد من القضايا قائلة بأنه جرى التضخيم من شأن التهديد الذي كانت تمثله أسلحة الدمار الشامل التي كان يعتقد أن صدام حسين يملكها وأن التخطيط لما بعد الحرب كان غير كاف.
ورد بلير على نتيجة التحقيق بأنه اتخذ قرار الحرب «بنية خالصة» وما زال يعتقد أنه كان من الأفضل الإطاحة بصدام وأنه لا يرى أن حرب العراق كانت سببا في الإرهاب الذي يشهده اليوم الشرق الأوسط ومناطق أخرى.
وقال رئيس الوزراء الأسبق الذي بدا عليه التوتر للصحافيين: «تبين أن التقييمات التي قامت بها المخابرات وقت خوض الحرب خاطئة. تبين أن التبعات أكثر عدائية وأطول مدة وأشد دموية مما كان يمكن أن نتصوره على الإطلاق».
وأضاف: «من أجل كل هذا أعبر عن مزيد من الأسف والندم والاعتذار أكثر مما تعتقدون».
وبلير هو رئيس الوزراء الوحيد من حزب العمال الذي فاز بالانتخابات العامة ثلاث مرات وشغل المنصب لمدة عشر سنوات حتى عام 2007 وتمتع بشعبية كبيرة في أوج مجده لكن حرب العراق أضرت بشعبيته وتركته كثيرا.
ولم يذهب التقرير الذي طال انتظاره لحد القول بأن التحرك العسكري كان غير قانوني وهو موقف من المؤكد أنه يصيب الكثيرين من منتقدي بلير بخيبة أمل.
وقال رئيس لجنة التحقيق جون شيلكوت في كلمة عرض فيها نتائج التحقيق: «انتهينا إلى أن الظروف التي تقرر خلالها أن هناك أساسا قانونيا للتحرك العسكري لم تكن مرضية على الإطلاق».
وقال بلير بأن التقرير يبرئه من الاتهامات بالكذب التي أثارها أقارب بعض من نحو 179 جنديا لاقوا حتفهم في الصراع.
وأضاف في بيان أن التقرير يضع حدا لاتهامات سوء النية أو الكذب أو الخداع... سواء اتفق الناس أو اختلفوا مع قراري بالتحرك العسكري ضد صدام حسين فقد اتخذته بنية خالصة وبما اعتقدت أنه في صالح البلاد. وقال أقارب بعض الجنود البريطانيين الذين قتلوا في العراق بأنهم سيدرسون تقرير لجنة التحقيق لمعرفة ما إذا كانت هناك إمكانية لإقامة دعوى قانونية ضد المسؤولين.
وقال ريج كيز والد الجندي توماس كيز، 20 عاما، وهو واحد ممن قتلوا: «نعلم جميعا اللاعبين الرئيسيين... الذين شاركوا في أكثر الحلقات فوضى في السياسة البريطانية. نود أن يواجه كل هؤلاء اللاعبين الرئيسيين شكلا من أشكال المحاسبة».
وأضاف: «إذا كان هذا من خلال القنوات القانونية فإننا سندرس ذلك ونرى ما هو ملائم وقابل للتنفيذ. تمت إحالة الأمر للمحامين». وسلط التقرير الضوء على ما حدث بين بلير وبوش في الأشهر التي سبقت غزو مارس (آذار) 2003 وهو الأمر الذي ظل لفترة طويلة موضع تكهنات بشأن صفقات ووعود سرية.
وفي مذكرة مؤرخة في 28 يوليو (تموز) 2002 أي قبل الغزو بثمانية أشهر قال بلير لبوش: «أنا معك في كل الأحوال. لكن هذا هو وقت تقييم الصعوبات بصراحة».
وأضاف: «التخطيط والاستراتيجية المتعلقان بهذا الأمر هما الأصعب حتى الآن. هذه ليست كوسوفو. هذه ليست أفغانستان. بل إنها حتى ليست حرب الخليج».
وقال تقرير شيلكوت بأن بلير سعى للتأثير على قرارات بوش وعرض أن تقدم بريطانيا الدعم بينما اقترح تعديلات محتملة لموقف الولايات المتحدة.
لكن رئيس لجنة التحقيق أضاف أن بلير غالى في تقدير قدرته على التأثير على القرارات الأميركية بشأن العراق. وقال تقرير شيلكوت بأنه لم يكن هناك تهديد وشيك من صدام في مارس عام 2003 وأنه كان يجب توقع الفوضى التي عمت العراق والمنطقة فيما بعد الغزو.
وأسفر الغزو وما تلاه من اضطرابات في العراق عن سقوط 150 ألف قتيل عراقي على الأقل بحلول عام 2009 معظمهم من المدنيين كما تشرد أكثر من مليون شخص.
وقال التقرير بأن بريطانيا انضمت لغزو العراق دون أن تستنفد الخيارات السلمية وأنها بإقدامها على ذلك قوضت سلطة مجلس الأمن الدولي.
وقال شيلكوت: «أصبح من الواضح الآن أن السياسة بشأن العراق وضعت على أساس معلومات مخابراتية وتقييمات مغلوطة لم يتم الاعتراض عليها رغم أنه كان يجب أن يحدث ذلك. وأضاف أن تقديرات حكومة بلير للتهديد الذي مثلته أسلحة الدمار الشامل العراقية طرحت بثقة غير مبررة ولم يتم العثور على أسلحة من هذا النوع بعد الحرب.
وقال شيلكوت بأن بلير غير مبرراته لشن الحرب من التركيز على المزاعم بأن العراق لديه: «مخزونات هائلة» من الأسلحة غير المشروعة إلى النية للحصول على هذه الأسلحة وانتهاك قرارات الأمم المتحدة.
وأضاف «لكن هذا لم يكن التبرير الذي قدمه للعمل العسكري قبل الصراع».
وما زال العراق في حالة فوضى حتى اليوم ويسيطر تنظيم داعش على مساحات كبيرة من الأراضي في البلاد وقُتل 250 شخصا يوم السبت في أسوأ تفجير بسيارة ملغومة تشهده العاصمة العراقية بغداد منذ أن أطاحت قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة بصدام حسين. والهدف من التحقيق هو أن تستوعب الحكومة البريطانية دروسا من الغزو والاحتلال الذي أعقبه.
وقال رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون بعد إعلان نتيجة التحقيق أول من أمس: «لا يمكن أن نعود بالزمن إلى الوراء لكن يمكننا أن نضمن استيعاب الدروس والتعامل معها».
وأضاف للبرلمان: «من الضروري من أجل اتخاذ القرار السليم أن يوفر رئيس الوزراء مناخا يمكن فيه للمسؤولين وغيرهم من الخبراء الاعتراض على السياسات القائمة وطرح الأسئلة بخصوص وجهات نظر الوزراء ورئيس الوزراء بلا خوف أو تحيز».
وقال جيريمي كوربن زعيم حزب العمال الحالي للبرلمان بأن الحرب عمل عدائي استند إلى ذريعة كاذبة وساعدت في إذكاء الإرهاب وانتشاره في أجزاء مختلفة من الشرق الأوسط.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».