الأسد يؤدي صلاة العيد وسط حاضنته الشعبية في حمص

رسالة تطمين واضحة لقاعدة نظامه بعد أن أنهكتها الحرب

الأسد يؤدي صلاة العيد وسط حاضنته الشعبية في حمص
TT

الأسد يؤدي صلاة العيد وسط حاضنته الشعبية في حمص

الأسد يؤدي صلاة العيد وسط حاضنته الشعبية في حمص

انتهز بشار الأسد فرصة عيد الفطر ليوجه رسائل اطمئنان إلى أبناء الأحياء ذات الغالبية العلوية في مدينة حمص وسط سوريا، بعد تصاعد حدة الانتقادات فيها خلال العام الأخير للمسؤولين الإداريين وقوى الأمن وللنظام، واتهامهم بإهمال تلك الأحياء التي يقطنها فقراء الطائفة العلوية ممن استوطنوا في مدينة حمص، وشكلوا منذ اندلاع الثورة ضد النظام، أحد أهم الخزانات البشرية للأسد وقواته في حربه ضد معارضيه.
وقد شهدت أحياء النزهة وعكرمة وشارع الحضارة في مدينة حمص، سلسلة تفجيرات زادت في حالة الغضب والشعور بالتهميش، وجاءت زيارة الأسد المفاجئة إلى حي عكرمة القريب من أماكن التفجيرات السابقة، لأداء صلاة عيد الفطر في جامع الصفا، رسالة تطمين واضحة لقاعدة نظامه الشعبية، ومحاولة منه لإعادة شد وثاقها بعد أن أنهكتها الحرب. ورغم عدم وجود أي مقومات واقعية للتفكير بإعادة إعمار حمص، فإن هناك مؤيدين اعتبروا مبادرة الأسد مؤشرا لإطلاق عملية إعادة إعمار حمص، بحسب ما تناقلته صفحات الموالين للنظام على مواقع التواصل الاجتماعي.
وكانت صفحات موالية للنظام قد بدأت في الأشهر الأخيرة بث تقارير ومقاطع فيديو تظهر الفقر المدقع والوضع البائس الذي يعيشه أهالي الجنود في جيش النظام، سواء أولئك الذين قتلوا في الحرب أو أصيبوا بعاهات دائمة، بالإضافة إلى تقارير عن تغول قيادات ميليشيات الدفاع الوطني والشبيحة واستباحتهم حياة المدنيين.
وأدى الأسد مع عدد من المسؤولين في حكومة نظامه صلاة عيد الفطر في مدينة حمص التي سيطرت عليها قواته، باستثناء حي الوعر الذي ما زال تحت سيطرة المعارضة ومحاصرا من قبل النظام الذي دمر أكثر من ثلثي أحياء حمص، بالقصف الجوي والمدفعي وقتل وهجر سكانها، خلال أربع سنوات من انطلاق الثورة ضد الأسد.
وقالت وكالة «سانا» الرسمية للأنباء، إن الأسد أدى الصلاة برفقة عدد من المسؤولين، من بينهم وزير الأوقاف محمد عبد الستار السيد، والمفتي أحمد بدر الدين حسون، ومحافظ حمص طلال برازي، وعدد من علماء الدين الإسلامي والمواطنين مؤتمين بالشيخ عصام المصري.
وبدا الأسد مرتبكا أثناء الصلاة، إذ تعد هذه الخطوة الأولى من نوعها بعد أن درجت العادة أن يصلي العيد في جوامع دمشق وتحديدا في الجامع الأموي. ومنذ عام 2011 بات يؤديها في مساجد قريبة من القصر الرئاسي في حي الروضة، أو في مناطق آمنة في محيطه.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.