الصومال: دولة فيدرالية من 6 أقاليم.. وبرلمان من غرفتين لأول مرة

تتضمن أرض الصومال الرافض للمقترح.. ومفاوضات شاقة لحسم وضع العاصمة

الرئيس الصومالي حسن شيخ محمد خلال حضوره احتفالات الاستقلال بمقديشو يوم الجمعة (رويترز)
الرئيس الصومالي حسن شيخ محمد خلال حضوره احتفالات الاستقلال بمقديشو يوم الجمعة (رويترز)
TT

الصومال: دولة فيدرالية من 6 أقاليم.. وبرلمان من غرفتين لأول مرة

الرئيس الصومالي حسن شيخ محمد خلال حضوره احتفالات الاستقلال بمقديشو يوم الجمعة (رويترز)
الرئيس الصومالي حسن شيخ محمد خلال حضوره احتفالات الاستقلال بمقديشو يوم الجمعة (رويترز)

من المقرر أن يتم الإعلان الشهر المقبل عن تشكيل البرلمان الصومالي بغرفتيه الأولى (مجلس الأعيان)، والثانية (مجلس الشعب)، في سابقة سياسية في الصومال منذ الاستقلال، ضمن دولة فيدرالية تتكون من 6 أقاليم. وكانت فكرة غرفتي البرلمان قد تضمنها الدستور الصومالي المؤقت، لكن لم يتم تفعيلها في الانتخابات السابقة عام 2012، ولذلك اقتصر انتخاب الرئيس الصومالي على الغرفة الثانية فقط.
وحسب التوافقات التي تمت بين الحكومة المركزية، ورؤساء الأقاليم الصومالية، فقد تم الاتفاق على شكل الدولة المقبلة التي سيعلن عنها الشهر المقبل، بأن تكون فيدرالية من 6 أقاليم. وبخصوص البرلمان فقد تم الاتفاق على أن تتشكل الغرفة الأولى (مجلس الأعيان) من 56 عضوا يتم اختيارهم على أساس الأقاليم الفيدرالية الستة المعترف بها، فيما تستمر مفاوضات شاقة بين الأطراف السياسية الصومالية حول تخصيص مقاعد إضافية للعاصمة مقديشو، التي لم يتم حسم موقعها في النظام الفيدرالي حتى الآن. أما الغرفة الثانية من البرلمان الصومالي (مجلس الشعب) فتتكون من 275 عضوًا يتم انتخابهم وفقًا للمحاصصة القبلية التي تعرف محليا بنظام «الأربعة والنصف» الذي يصنف القبائل الصومالية إلى أربع مجموعات قبلية كبيرة، وتحالف للقبائل الصغيرة اعتبر نصف قبيلة.
وقد تم تطوير النموذج الانتخابي السابق الذي اعتمد عام 2012، الذي كان يعطي عددا محدودا من زعماء العشائر يبلغ عددهم 135 عضوا صلاحية ترشيح النواب إلى البرلمان - ولكن دون الخروج من نظام المحاصصة القبلية، حيث تم إنشاء ما يشبه دائرة انتخابية قبلية خاصة تتكون من 51 ناخبا لكل دائرة التي تنتخب نائبا واحدا في البرلمان. ويترشح الأعضاء الذين يسعون إلى الدخول في البرلمان في هذه الدوائر الانتخابية الخاصة بقبيلتهم كل على حدة فيما يبلغ عدد الناخبين الذين سينتخبون أعضاء البرلمان المقبل 14 ألف ناخب يمثلون القبائل الصومالية المختلفة سينتخبون الأعضاء 275 في البرلمان. وسيقوم أعضاء البرلمان بغرفتيه بانتخاب الرئيس المقبل للصومال.
وتدور معارك سياسية في العاصمة مقديشو وفي عواصم الأقاليم الفيدرالية في تحديد الدوائر الانتخابية الخاصة بكل نائب، حيث يخوض مئات المرشحين معركة الفوز بمقاعد البرلمان ممثلين لقبائلهم. وعلى الرغم من مصادقة البرلمان مؤخرا على قانون الأحزاب السياسية في البلاد، إلا أن الأحزاب الموجودة لن تشارك في الانتخابات بصفتها الحزبية، وتم تأجيل ذلك إلى عام 2020، ولكن يحق لأعضاء الأحزاب الترشح للبرلمان عن طريق قبائلهم في الانتخابات المرتقبة. وقد أعلن عدد قليل من السياسيين عن نيتهم في الترشح للرئاسة من بينهم الرئيس الحالي حسن شيخ محمود، ورئيس الوزراء السابق محمد عبد الله فرماجو، فيما يتوقع إعلان كل من الرئيس السابق شريف شيخ أحمد، ورئيس الوزراء الحالي عمر عبد الرشيد شرماركي وسياسيون آخرون عن ترشحهم للرئاسة خلال الأيام المقبلة.
وكانت الحكومة المركزية ورؤساء الأقاليم الفيدرالية قد أعلنوا الشهر الماضي على الاتفاق على لجنة وطنية مستقلة للانتخابات، إلا أن تشكيلها أثار خلافات حادة بين الأطراف الصومالية كونها ضمت مجموعة من الوزراء في الحكومة المركزية وفي حكومات الأقاليم الفيدرالية أيضا، وتدخل الرئيس الصومالي بتعديل هذه اللجنة واستبعاد الوزراء منها وأصدر مرسوما رئاسيا الأسبوع الماضي بتعيين لجنة جديدة للانتخابات. وعلى الرغم من الخلافات بين الأطراف الصومالية فإن الاتجاه العام في تشكيل الدولة الصومالية الجديدة هو النظام الفيدرالي ذي الصبغة القبلية، وتشكلت حتى الآن خمسة أقاليم فيدرالية هي: بونت لاند (شمال شرق)، وجوبا لاند (جنوب)، وإقليم جنوب غرب، وغلمدغ (وسط)، وهيران شبيلي (وسط). أما الإقليم السادس فهو إقليم «أرض الصومال أو صومالي لاند» (شمال) الذي أعلن الانفصال عن بقية الصومال تحت اسم «جمهورية أرض الصومال»، لكنه إقليم غير معترف به إقليميا ودوليا. وقد رفض هذا الإقليم الانضمام إلى العملية السياسية في الصومال منذ إعلانه الانفصال عام 1991.
وقد تم تخصيص 58 مقعدا من غرفتي البرلمان للقبائل الساكنة في إقليم «جمهورية أرض الصومال»، لكن سلطات أرض الصومال لا تزال ترفض العملية من أساسها وأعلنت أن لا علاقة لها بما يجري في الصومال، وأن لها نظامها السياسي والانتخابي الخاص باعتبارها دولة مستقلة ذات سيادة. وقد فشلت المفاوضات – التي ترعاها تركيا منذ سنوات - بين «أرض الصومال» والحكومة المركزية في مقديشو، في ضم الإقليم إلى العملية السياسية الحالية في الصومال.
في هذه الأثناء يستمر الخلاف حول وضع العاصمة مقديشو في النظام الفيدرالي الجديد، حيث تم تأجيل حسم وضعها إلى أجل غير مسمي. وتطالب القبائل التي تشكل الأغلبية من سكانها اعتبارها إقليما فيدراليا قائما بذاته نظرا للثقل السكاني والاقتصادي والسياسي التي تتمتع بها (نحو 2 مليون نسمة)، فيما تطالب قبائل أخرى بتخصيص مقاعد لها في غرفتي البرلمان لكن بشرط أن يكون التمثيل القبلي لهذه المقاعد متساويا بين القبائل الصومالية، لأن مقديشو هي العاصمة القومية للبلاد، وتطالب قبائل أخرى بجعل مقديشو منطقة محايدة لا تمثيل لها في العملية السياسية على أن تحتفظ بمكانتها كعاصمة للبلاد، ومقرا للحكومة المركزية والمؤسسات الوطنية الأخرى. وفي الوقت الذي تم فيه تحديد شهر أغسطس (آب) المقبل لإجراء الانتخابات البرلمانية والعاشر من سبتمبر (أيلول) للانتخابات الرئاسية، فإن احتمالات تأجيل هذه المواعيد واردة - حسب مصادر صومالية مطلعة - بسبب الخلافات السياسية، وازدحام الجدول بمهام كثيرة ومعقدة يجب أن تسبق الانتخابات البرلمانية والرئاسية.



الجيش الأميركي يتبنى قصف 15 هدفاً حوثياً

غارات أميركية استهدفت معسكراً للحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
غارات أميركية استهدفت معسكراً للحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الجيش الأميركي يتبنى قصف 15 هدفاً حوثياً

غارات أميركية استهدفت معسكراً للحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
غارات أميركية استهدفت معسكراً للحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

غداة سلسلة من الغارات التي ضربت مواقع في صنعاء وثلاث محافظات يمنية خاضعة للجماعة الحوثية المدعومة من إيران، الجمعة، أعلن الجيش الأميركي تبني هذه الضربات، التي قال إنها طالت 15 هدفاً للجماعة، في سياق الحد من قدراتها الهجومية ضد السفن.

وتشن واشنطن ضربات على الأرض منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي، ضد الجماعة الحوثية، وشاركتها بريطانيا في 4 مرات على الأقل، رداً على الهجمات التي تنفذها الجماعة ضد السفن في البحرين الأحمر والعربي.

وأوضحت القيادة المركزية الأميركية في بيان على منصة «إكس»، أن قواتها نفذت ضربات على 15 هدفاً حوثياً في المناطق الخاضعة لسيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

وشملت هذه الأهداف -بحسب البيان- قدرات عسكرية هجومية للحوثيين، إذ اتخذت هذه الإجراءات (الضربات) لحماية حرية الملاحة وجعل المياه الدولية أكثر أمناً وأماناً للسفن الأميركية وقوات التحالف والسفن التجارية.

وكانت الجماعة الحوثية أقرت، الجمعة، بسلسلة من الغارات وصفتها بـ«الأميركية - البريطانية»، وقالت إنها استهدفت «معسكر الصيانة» في صنعاء، وموقعاً في جنوبي ذمار، ومواقع في مديرية مكيراس التابعة لمحافظة البيضاء، فضلاً عن ضربات استهدفت مواقع عسكرية في مدينة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، ومناطق المطار والجبانة والكثيب.

ولم يشر الحوثيون إلى حجم خسائرهم جراء هذه الضربات التي استهدفت مواقع سبق استهدافها خلال الأشهر الماضية، في حين رجح مراقبون أن الغارات استبقت هجمات كانت تعد لها الجماعة ضد السفن.

وتشن الجماعة هجماتها ضد السفن منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة، إذ تدعي محاولة منع ملاحة السفن المرتبطة بإسرائيل بغض النظر عن جنسيتها إلى جانب السفن الأميركية والبريطانية.

دخان يتصاعد في صنعاء بعد ضربات أميركية استهدفت مواقع حوثية (أ.ف.ب)

وأطلقت واشنطن، في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، ما سمّته «تحالف حارس الازدهار»؛ لحماية الملاحة البحرية، قبل أن تبدأ ضرباتها الجوية على الأرض في 12 يناير الماضي، بمشاركة بريطانيا.

وتلقّت الجماعة الحوثية نحو 720 غارة غربية في مناطق يمنية عدة خاضعة لها، بما فيها صنعاء، لكن أكثر الضربات تركّزت على المناطق الساحلية في محافظة الحديدة الساحلية، وأدت، في مجملها، إلى مقتل أكثر من 60 عنصراً.

ضربات غير مجدية

تقول الحكومة اليمنية إن الضربات الغربية ضد الجماعة الحوثية غير مجدية، وإن الحل الأنجع هو دعم القوات الشرعية لاستعادة الحديدة وموانئها وصولاً إلى إنهاء الانقلاب الحوثي واستعادة العاصمة المختطفة صنعاء.

ووجدت الجماعة المدعومة من إيران في الحرب الإسرائيلية على غزة فرصة للهروب من استحقاقات السلام مع الحكومة اليمنية، إذ كان الطرفان وافقا أواخر العام الماضي على خريطة سلام توسطت فيها السعودية وعمان، قبل أن تنخرط الجماعة في هجماتها ضد السفن وتعلن انحيازها إلى المحور الإيراني.

عناصر حوثيون في صنعاء متضامنون مع «حزب الله» اللبناني (أ.ف.ب)

وبخلاف ما تزعمه الجماعة الحوثية من مساندة للفلسطينيين، ترى الحكومة اليمنية أن الجماعة تزايد بالقضية الفلسطينية في مسعى لتبييض جرائمها بحق اليمنيين خلال العشر سنوات الماضية مستغلة العاطفة الشعبية.

وأقر عبد الملك الحوثي في خطاب حديث بأن جماعته نجحت خلال أشهر التصعيد البحري من تجنيد وتعبئة نحو 500 ألف شخص، وسط مخاوف في الشارع اليمني من استغلال هذه التعبئة الواسعة لمهاجمة المناطق المحررة الخاضعة للحكومة اليمنية.

وتبنت الجماعة الحوثية إطلاق المئات من الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل خلال الأشهر العشرة الماضية، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي باستثناء مسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها في شقة بتل أبيب في 19 يونيو (حزيران) الماضي.

واستدعت الهجمات الحوثية إسرائيل للرد في 20 يوليو (تموز) الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكررت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، على مستودعات الوقود في ميناءي الحديدة ورأس عيسى، كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

صورة وزعها الحوثيون لاستهداف ناقلة نفط بريطانية في البحر الأحمر بزورق مسيّر (إ.ب.أ)

ومِن بين نحو 188 سفينة تبنّت الجماعة مهاجمتها، أدى هجوم، في 18 فبراير (شباط) الماضي، إلى غرق السفينة البريطانية «روبيمار» في البحر الأحمر، قبل غرق السفينة اليونانية «توتور»، التي استهدفتها الجماعة في 12 يونيو الماضي.

كما أدى هجوم صاروخي حوثي، في 6 مارس (آذار) الماضي، إلى مقتل 3 بحّارة، وإصابة 4 آخرين، بعد أن استهدف سفينة «ترو كونفيدنس» الليبيرية في خليج عدن.

وإلى جانب الإصابات، التي لحقت عدداً من السفن، لا تزال الجماعة تحتجز السفينة «غالاكسي ليدر»، التي قرصنتها في 19 نوفمبر الماضي، واقتادتها مع طاقمها إلى ميناء الصليف، شمال الحديدة، وحوّلتها مزاراً لأتباعها.