تركيا: توقيف 27 مشتبهًا بهم على صلة بهجوم مطار أتاتورك

إردوغان: آخر ما توصلنا إليه يشير بأصابع الاتهام إلى تنظيم داعش الإرهابي

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان يقرأ مع مساعديه الفاتحة على أرواح الضحايا في مطار أتاتورك الدولي في إسطنبول أول من أمس (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان يقرأ مع مساعديه الفاتحة على أرواح الضحايا في مطار أتاتورك الدولي في إسطنبول أول من أمس (رويترز)
TT

تركيا: توقيف 27 مشتبهًا بهم على صلة بهجوم مطار أتاتورك

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان يقرأ مع مساعديه الفاتحة على أرواح الضحايا في مطار أتاتورك الدولي في إسطنبول أول من أمس (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان يقرأ مع مساعديه الفاتحة على أرواح الضحايا في مطار أتاتورك الدولي في إسطنبول أول من أمس (رويترز)

لم يفاجأ سكان إسطنبول بالهجوم الدامي الذي أسفر عن مقتل 45 شخصا، الثلاثاء الماضي، في مطار أتاتورك، والذي نسبت مسؤوليته إلى تنظيم داعش، غير أنه أدى إلى تفاقم أجواء الخوف في المدينة غير المستعدة لمواجهة مخاطر الإرهاب. وباستهدافه هذا المطار الحديث، الثالث في أوروبا، وقتل أشخاص من غير الغربيين، يثبت التنظيم المتطرف - إذا كان هو فعلا مرتكب الهجوم كما تعتقد أنقرة - لسكان إسطنبول البالغ عددهم 15 مليون نسمة أن بإمكانه أن يضرب في أي مكان، حتى في المدينة التي تعتبر القلب النابض لتركيا. وقد تفقد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان مطار أتاتورك الدولي في إسطنبول، أول من أمس، وترحم على أرواح القتلى أمام صور وضعت لهم في إحدى جنبات الصالة، ثم توجه إلى المكان الذي شهد الهجوم، واستمع من المسؤولين إلى حيثياته وملابساته. كما استمع إردوغان، قبل أن يتوجه إلى مدينة كيليس الحدودية مع سوريا لحضور إفطار هناك، من المسؤولين لحيثيات وملابسات الهجوم الانتحاري في مطار أتاتورك، وقال: «إن آخر ما توصلنا إليه يشير بأصابع الاتهام إلى تنظيم داعش الإرهابي».
في غضون ذلك، ضبطت قوات الأمن التركية، فجر أمس، ثلاثة أشخاص في إطار التحقيقات الحالية في الهجوم الإرهابي الذي تعرض له مطار أتاتورك الدولي في إسطنبول، مساء الثلاثاء الماضي، ليرتفع بذلك عدد المعتقلين إلى 27 مشتبها. وقالت مصادر في مديرية أمن إسطنبول إن ثلاثة من الموقوفين يحملون جنسيات أجنبية، وإنه تمت إحالة 13 منهم إلى محكمة بكير كوي بعد إتمام إجراء الفحوصات الطبية لهم. وكان بيان لولاية إسطنبول قد ذكر، أول من أمس، أن قوات الأمن، وفي إطار عملياتها الرامية لكشف ملابسات الهجوم الإرهابي، نفذت عمليات دهم لأماكن يشتبه أن بها إرهابيين أجانب، لم تذكر جنسياتهم، وأنه تم القبض على 17 شخصًا. وأضاف البيان أن قوات الأمن ضبطت كميات كبيرة من أجهزة رقمية، خلال عملية تفتيش الأشخاص وسياراتهم، مشيرا إلى استمرار الإجراءات القانونية بحق المشتبه بهم، لعرضهم على النيابة العامة في إسطنبول على خلفية اتهامهم بالانتماء لتنظيم داعش. وكان الرئيس إردوغان قد أعلن، أول من أمس، خلال تفقده لمطار أتاتورك بعد 4 أيام من الهجوم الإرهابي الذي تعرض له وخلف 45 قتيلا و235 مصابا، أنه تم القبض على 20 من عناصر «داعش» للاشتباه بتورطهم في الهجوم الانتحاري الثلاثي على المطار.
من جهته، قال صاحب متجر لبيع الملابس في حي عثمان بك، في القسم الأوروبي من المدينة: «كيف يمكننا ألا نشعر بالخوف؟»، مضيفا: «إذا كان الهجوم ممكنا في المطار، فكيف سيكون الأمر في المترو، حيث لا تفتيش للحقائب؟ إنني أعيش في خوف». وتابع الرجل رافضا الكشف عن اسمه: «لا نشعر بالأمان»، مشيرا إلى أن «المطار عاد للعمل مجددا بعد خمس ساعات من الهجمات، لكن الأمن هش» بعد الهجوم الرابع والأكثر دموية الذي يضرب إسطنبول خلال أقل من سبعة أشهر.
أما برك سنتورك الذي يعمل مديرا فنيا، فقال إنه لا يشعر بالأمان أيضًا، بينما كان يعبر قرب جادة الاستقلال، شارع للمشاة في تقسيم قرب مكان انفجار قتل فيه ثلاثة إسرائيليين وإيراني في مارس (آذار)، مضيفا: «بعد هجمات باريس في نوفمبر (تشرين الثاني)، بحثت الشرطة الفرنسية عن الإرهابيين عدة أيام، لكن هنا لم يحدث أي شيء، فقد تم تنظيف المطار، وبعد ساعات قليلة استؤنفت حركة الركاب وكأن شيئا لم يحدث».
وفي إسطنبول، لا يبدو أن الإجراءات الأمنية تعززت خلال نهاية الأسبوع، فليس هناك عمليات تفتيش على بوابات الدخول إلى شبكة المترو الواسعة. لكن يعتقد أن الشرطة بملابس مدنية منتشرة بأعداد كبيرة في المدينة، في وسائل النقل ومحاور الطرق الرئيسية. وتم تركيب بوابات إلكترونية قبل سنوات في المراكز التجارية، والمتاحف، ومباني المكاتب أو الفنادق الكبيرة، لكن يمكن أن يكون الموظف شاردا غير منتبه للداخلين، حتى عندما يبدأ الرنين. من جهتها، ذكرت وسائل إعلام تركية أن اثنين يحملان جوازي سفر روسيين يشتبه بأنهما من بين منفذي الهجوم من الانتحاريين التابعين لـ«داعش»، ويعتقد أن الرأس المدبر للهجوم شيشاني. وبعد الهجوم بيومين، أوقفت القوات التركية تسعة من المشتبه بهم في عمليات متزامنة شملت مناطق عدة في إزمير، كما أوقفت 4 آخرين في إسطنبول في حملة متزامنة.
وقال وزير الداخلية التركي أفكان آلا أمام البرلمان، الخميس الماضي، إن قوات الأمن أوقفت 5310 أشخاص في عمليات تستهدف تنظيم داعش الإرهابي. وذكر أنه تم توقيف 1654 شخصا على صلة بـ«داعش» خلال العام الحالي، من بينهم 791 أجنبيا. وأشار وزير الداخلية التركي إلى صدور أوامر اعتقال بحق 663 شخصا من الموقوفين، وبينهم 371 يحملون جنسيات أجنبية. في السياق ذاته، أعلن الجيش التركي عن مقتل 21 من عناصر تنظيم داعش الإرهابي في قصف على مواقع التنظيم في شمال سوريا، مساء أول من أمس. وذكرت مصادر برئاسة الهيئة العامة لأركان الجيش التركي أن القصف نفذته المدفعية الثقيلة وراجمات الصواريخ، وأدى لتدمير منصات إطلاق صواريخ كاتيوشا وقذائف هاون وتحصينات وعربتين للتنظيم. وقالت المصادر إن القصف أدى إلى مقتل 21 مسلحا من تنظيم داعش الإرهابي في مناطق خاضعة للتنظيم، لم تحددها. وحذر الرئيس السابق لأجهزة الاستخبارات التركية جواد أنس، كما نقلت عنه الصحف، من مزيد من «الهجمات.. هناك بالتأكيد فشل في الاستخبارات والأمن».
وتابع أن عمليات التطهير التي قام بها النظام المحافظ داخل الشرطة لطرد أتباع الداعية فتح الله غولن، العدو اللدود للرئيس رجب طيب إردوغان، تعتبر أحد الأسباب التي أدت إلى إضعاف الشرطة. ومنذ أواخر مارس، تدعو سفارة الولايات المتحدة رعاياها إلى توخي الحذر بسبب «تزايد التهديدات من الجماعات الإرهابية في جميع أنحاء تركيا»، دون أن تذكر على وجه التحديد مطار أتاتورك في إسطنبول. وغالبية سكان إسطنبول يؤمنون بأن هجوم الثلاثاء قضاء وقدر، لكنهم ينددون بالمسؤولية التي يتحملها إردوغان، برأيهم، نظرا لتساهله منذ فترة طويلة تجاه «داعش»، وتصاعد تهديد المتطرفين في بلاده. وقالت طالبة إن «الهجمات في تركيا، أصبحت أمرا معتادا، وهذا لم يعد مفاجئا»، مضيفة أن «الحكومة زرعت بذور الإرهاب». بدوره، قال أحد السكان، رافضا الكشف عن اسمه: «إردوغان يلعب على جبهتين، فهو من جهة مع (داعش)، ومن الجهة الأخرى مع المجتمع الدولي».



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».