صحف على «القائمة السوداء» لحملة ترامب الانتخابية

«واشنطن بوست» جندت 22 صحافيًا للتحقيق في ماضيه

ترامب (رويترز)- انا باكستروم (دي موين ريجستار) -  بنجامين سميث (بازفيد) - جينا جونسون (واشنطن بوست)
ترامب (رويترز)- انا باكستروم (دي موين ريجستار) - بنجامين سميث (بازفيد) - جينا جونسون (واشنطن بوست)
TT

صحف على «القائمة السوداء» لحملة ترامب الانتخابية

ترامب (رويترز)- انا باكستروم (دي موين ريجستار) -  بنجامين سميث (بازفيد) - جينا جونسون (واشنطن بوست)
ترامب (رويترز)- انا باكستروم (دي موين ريجستار) - بنجامين سميث (بازفيد) - جينا جونسون (واشنطن بوست)

رغم أن صحافيين كثيرين اعترفوا بأن تغطيتهم لحملة المرشح الجمهوري دونالد ترامب كانت منحازة لصالحه (منذ أن أعلن ترشيحه في نهاية الصيف الماضي)، ورغم أن ترامب دخل في مناوشات مع صحافيين وصحافيات (من بينهن ميغان كيلى، مراسلة تلفزيون «فوكس»)، قبل أسبوعين، فاجأ ترامب الصحافيين بوضع بعض صحفهم في القائمة السوداء. ومنعهم من تغطية حملته الانتخابية.
أولاً: «واشنطن بوست»، ربما هي صحيفة في العالم بحكم تأثيرها في صانعي السياسة الأميركية في واشنطن. قال ترامب إنها تتعقبه، قاصدًا سلسلة تحقيقات صحافية عنه، وعن شركاته (ردت الصحيفة بأن أعلنت أنها جندت 22 صحافيًا للتحقيق في ماضيه).
ثانيا: تلفزيون «يونيفيشان» الناطق باللغة الإسبانية، والذي يخاطب الأميركيين اللاتينيين. توترت العلاقات بينهما بسبب انتقاد ترامب للمهاجرين من المكسيك. (قبل ذلك، غضب عليه تلفزيون «يونيفيشان»، واتهمه بالعنصرية، وألغى عرض مسابقة ملكة جمال أميركا، ورفع عليه ترامب قضية تعويض بخمسمائة مليون دولار).
ثالثا: موقع «بازفيد»، واحد من أهم المواقع الإخبارية في الإنترنت. (بدأ غضب ترامب عليه قبل ثلاث سنوات، عندما نشر تقريرًا طويلاً عن مغامرات ترامب الجنسية).
ثالثا: صحيفة «بوليتيكو» اليومية الصغيرة في واشنطن، والتي تركز على أخبار الكونغرس. (بدا غضب ترامب عليها قبل ثلاثة أشهر، عندما نشرت تقريرا عن تصرفات وشخصية كوري لواندوسكي، مدير حملة ترامب الانتخابية. وقالت إنه مثل «ثور هائج». في الأسبوع الماضي، فصله ترامب).
رابعا: موقع «ديلى بيست»، واحدة من أهم صحف الإنترنت. (بدأ غضب ترامب عليها في العام الماضي، عندما نشرت مقابلة مع إيفانا، مطلقة ترامب، وزوجته الأولى).
خامسا: صحيفة «هافنغتون بوست» الإلكترونية المشهورة. (بدأ غضب ترامب عليها في العام الماضي، عندما غطت أخباره في قسم الترفيه، وليس في القسم السياسي).
سادسا: صحيفة «دي موى ريجستار»، التي تصدر في دي موى (ولاية إيوا). بدأ غضب ترامب عليها في بداية هذا العام، خلال الانتخابات التمهيدية هناك. وقال ترامب إنها انحازت ضده، إلى جانب المرشح جيب بوش (سقط مرات، ثم انسحب).
وهكذا، يبدو أن غضب ترامب زاد على هذه الصحف. أو أنه، بعد أن ضمن الترشيح باسم حزبه، قرر معاقبة هذه الصحف. السؤال الآن هو: كيف تغطي هذه الصحف حملة ترامب بعد أن منعها من تغطيتها؟
قال بول فارهي، مسؤول الإعلام في صحيفة «واشنطن بوست»: «لا يعنى منع صحافيين من تغطية موضوع معين أنهم لن يغطوه. ربما العكس، سيزيد إصرارهم على تغطيته، لأن هذه هي وظيفتهم، ولأن الذي يمنعهم لا بد أنه يخفي شيئًا عنهم».
وأضاف أن وضع صحافي في القائمة السوداء يخلق بعض المتاعب اللوجيستيكية. مثلا: انتظار أطول لدخول المكان بطرق أخرى. وبعد الدخول، منعه من طرح أسئلة في المؤتمرات الصحافية. وإذا سأل، رفض الإجابة عليه. بالإضافة إلى رفض طلبات مقابلات صحافية (مع ترامب، أو مستشاريه). كيف تغلبت صحيفة «واشنطن بوست» على وضعها في القائمة السوداء؟
قالت جينا جونسون، التي بدأت تغطية ترامب منذ السنة الماضية، إنها كانت مع ترامب في غرينسبورو (ولاية نورث كارولاينا) عندما وصلها قرار القائمة السوداء. لكنها، بدل أن تذهب إلى مقاعد الصحافيين (حيث لا بد من كشف بطاقتها الصحافية)، وقفت في صفوف المواطنين الذين جاءوا للمهرجان الانتخابي، ودخلت معهم، ودونت ما تريد أن تدون.
وكانت جونسون، تلقت، مثل بقية الصحافيين في القائمة السوداء، رسالة إلكترونية من مدير حملة ترامب، تقول الآتي: «تعرف حملة ترامب الانتخابية معرفة كاملة أهمية التغطية الصحافية لها. لكن، بسبب حجم الحملة الانتخابية، وكثرة إقبال المواطنين، وكثرة اهتمام وسائل الإعلام، وحرصنا على الأمن والسلامة، يجب أن نقلل عدد وسائل الإعلام المعتمدة. ونحن نقدر تفهمكم لهذا القرار».
وقال زميلها بنجامين سميث، مراسل موقع «بازفيد»: «لم يكن، أبدا، الوصول إلى الشخص هو هدفنا الأول. يظل هدفنا الأول هو تغطية ما فعل الشخص، قريبين نحن منه، أو بعيدين». وأضاف: «نعتقد أن أفضل التقارير التي نشرناها عن ترامب كانت من خارج حملته الانتخابية، وليس من داخلها».
وقالت سوزان غلاسر، مراسلة صحيفة «نيويورك تايمز» السابقة في موسكو، والآن رئيسة تحرير صحيفة «بوليتيكو» في واشنطن: «عندما كنت في موسكو، أعطاني مكتب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لي أوراق اعتماد لتغطية حملة إعادة انتخابه لولاية ثانية. فعل ذلك رغم سنوات من تغطيتنا الصحافية المتشددة. مثل تركيزنا على الفساد، وعلى كبت وسائل الإعلام الروسية، وعلى التراجع من الإصلاحات الديمقراطية، غضب منا بوتين، لكنه لم يقاطعنا. لكن، ها هو ترامب يغضب علينا ويقاطعنا».
وقالت أنا باكستروم، مسؤولة القسم السياسي في صحيفة «دي موين ريجستار»: «منذ أن قاطعنا ترامب قبل شهور، نغطيه عن طريق طرف ثالث. نستفيد من صحافيين غير متفرغين (توجد مؤسسات ترعى هؤلاء)».
وقال بول فارهي، صحافي صحيفة «واشنطن بوست» إن الخبر الذي نشرته الصحيفة، وأغضب ترامب، في النهاية، كان عن قول ترامب إن سياسات الرئيس باراك أوباما «المهادنة للإرهاب الإسلامي» هي وراء المذبحة التي ارتكبها الأميركي المسلم عمر متين في أورلاندو (ولاية فلوريدا)، قبل ثلاث أسابيع. وغريب أن صحيفة «وول ستريت جورنال» نشرت نفس الخبر. لكن، لم يعاقبها ترامب.
يعنى هذا أن غضب ترامب من صحيفة دون غيرها يوضح أنه «غضب مزاجي». بالإضافة إلى أن مقاطعته غير منتظمة. وأن علاقته مع الإعلام متأرجحة.
السؤال هو: هل سيشمل المنع مؤتمر الحزب الجمهوري (الذي يتوقع أن يعلن رسميًا أن ترامب هو مرشح الحزب)؟



تساؤلات بشأن دور التلفزيون في «استعادة الثقة» بالأخبار

شعار «غوغل» (رويترز)
شعار «غوغل» (رويترز)
TT

تساؤلات بشأن دور التلفزيون في «استعادة الثقة» بالأخبار

شعار «غوغل» (رويترز)
شعار «غوغل» (رويترز)

أثارت نتائج دراسة حديثة تساؤلات عدة بشأن دور التلفزيون في استعادة الثقة بالأخبار، وبينما أكد خبراء وجود تراجع للثقة في الإعلام بشكل عام، فإنهم اختلفوا حول الأسباب.

الدراسة، التي نشرها معهد «نيمان لاب» المتخصص في دراسات الإعلام مطلع الشهر الحالي، أشارت إلى أن «الثقة في الأخبار انخفضت بشكل أكبر في البلدان التي انخفضت فيها متابعة الأخبار التلفزيونية، وكذلك في البلدان التي يتجه فيها مزيد من الناس إلى وسائل التواصل الاجتماعي للحصول على الأخبار».

لم تتمكَّن الدراسة، التي حلَّلت بيانات في 46 دولة، من تحديد السبب الرئيس في «تراجع الثقة»... وهل كان العزوف عن التلفزيون تحديداً أم الاتجاه إلى منصات التواصل الاجتماعي؟ إلا أنها ذكرت أن «الرابط بين استخدام وسائل الإعلام والثقة واضح، لكن من الصعب استخدام البيانات لتحديد التغييرات التي تحدث أولاً، وهل يؤدي انخفاض الثقة إلى دفع الناس إلى تغيير طريقة استخدامهم لوسائل الإعلام، أم أن تغيير عادات استخدام ومتابعة وسائل الإعلام يؤدي إلى انخفاض الثقة».

ومن ثم، رجّحت الدراسة أن يكون سبب تراجع الثقة «مزيجاً من الاثنين معاً: العزوف عن التلفزيون، والاعتماد على منصات التواصل الاجتماعي».

مهران كيالي، الخبير في إدارة وتحليل بيانات «السوشيال ميديا» في دولة الإمارات العربية المتحدة، يتفق جزئياً مع نتائج الدراسة، إذ أوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «التلفزيون أصبح في ذيل مصادر الأخبار؛ بسبب طول عملية إنتاج الأخبار وتدقيقها، مقارنة بسرعة مواقع التواصل الاجتماعي وقدرتها على الوصول إلى شرائح متعددة من المتابعين».

وأضاف أن «عدد المحطات التلفزيونية، مهما ازداد، لا يستطيع منافسة الأعداد الهائلة التي تقوم بصناعة ونشر الأخبار في الفضاء الرقمي، وعلى مواقع التواصل الاجتماعي». إلا أنه شدَّد في الوقت نفسه على أن «الصدقية هي العامل الأساسي الذي يبقي القنوات التلفزيونية على قيد الحياة».

كيالي أعرب عن اعتقاده بأن السبب الرئيس في تراجع الثقة يرجع إلى «زيادة الاعتماد على السوشيال ميديا بشكل أكبر من تراجع متابعة التلفزيون». وقال إن ذلك يرجع لأسباب عدة من بينها «غياب الموثوقية والصدقية عن غالبية الناشرين على السوشيال ميديا الذين يسعون إلى زيادة المتابعين والتفاعل من دون التركيز على التدقيق». وأردف: «كثير من المحطات التلفزيونية أصبحت تأتي بأخبارها عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي، فتقع بدورها في فخ الصدقية والموثوقية، ناهيك عن صعوبة الوصول إلى التلفزيون وإيجاد الوقت لمشاهدته في الوقت الحالي مقارنة بمواقع التواصل التي باتت في متناول كل إنسان».

وحمَّل كيالي، الهيئات التنظيمية للإعلام مسؤولية استعادة الثقة، قائلاً إن «دور الهيئات هو متابعة ورصد كل الجهات الإعلامية وتنظيمها ضمن قوانين وأطر محددة... وثمة ضرورة لأن تُغيِّر وسائل الإعلام من طريقة عملها وخططها بما يتناسب مع الواقع الحالي».

بالتوازي، أشارت دراسات عدة إلى تراجع الثقة بالإعلام، وقال معهد «رويترز لدراسات الصحافة»، التابع لجامعة أكسفورد البريطانية في أحد تقاريره، إن «معدلات الثقة في الأخبار تراجعت خلال العقود الأخيرة في أجزاء متعددة من العالم». وعلّق خالد البرماوي، الصحافي المصري المتخصص في شؤون الإعلام الرقمي، من جهته بأن نتائج الدراسة «غير مفاجئة»، لكنه في الوقت نفسه أشار إلى السؤال «الشائك»، وهو: هل كان عزوف الجمهور عن التلفزيون، السبب في تراجع الصدقية، أم أن تراجع صدقية الإعلام التلفزيوني دفع الجمهور إلى منصات التواصل الاجتماعي؟

البرماوي رأى في لقاء مع «الشرق الأوسط» أن «تخلّي التلفزيون عن كثير من المعايير المهنية ومعاناته من أزمات اقتصادية، دفعا الجمهور للابتعاد عنه؛ بحثاً عن مصادر بديلة، ووجد الجمهور ضالته في منصات التواصل الاجتماعي». وتابع أن «تراجع الثقة في الإعلام أصبح إشكاليةً واضحةً منذ مدة، وإحدى الأزمات التي تواجه الإعلام... لا سيما مع انتشار الأخبار الزائفة والمضلّلة على منصات التواصل الاجتماعي».