الحوثيون يعودون لفرض الجباية على المدنيين تحت غطاء مشروعات مياه

رؤية يمنية لتحرير صنعاء مع الحفاظ على منطقتها التاريخية

الحوثيون يعودون لفرض الجباية على المدنيين تحت غطاء مشروعات مياه
TT

الحوثيون يعودون لفرض الجباية على المدنيين تحت غطاء مشروعات مياه

الحوثيون يعودون لفرض الجباية على المدنيين تحت غطاء مشروعات مياه

عادت ميليشيا الحوثيين لفرض الجباية على المدنيين، تارة تحت مسمى «دعم المشروع الحربي» ومرة أخرى «لدعم مشروع المياه» والتي تعاني من انقطاعها بشكل دائم أحياء كثيرة في مدينة صنعاء، كما أن الميليشيا دعت إلى دفع الزكاة لقيادات الميليشيا في المحافظات التي تسيطر عليها.
وفي التحيتا في محافظة الحديدة بإقليم تهامة، أنهت المقاومة الشعبية معاناة المدنيين والمزارعين من أحد قيادات الميليشيا في الإقليم، والذي كان يقوم وبتفويض من قيادات الحوثيين بجمع الأموال تحت تهديد السلاح من المزارعين والمواطنين في الإقليم، وذلك بعد أن استهدفته المقاومة الشعبية في أحد مراكز تجمع الحوثيين بإطلاق النار عليه، وتم نقله على إثر ذلك للمستشفى.
عسكريا، يواصل الجيش اليمني التنسيق مع التحالف العربي، ومن المرتقب أن ينظر إلى المقترحات والآليات التي سينتهجها الجيش للعمل بها في المرحلة المقبلة لتحرير العاصمة اليمنية «صنعاء»، وفقا لتصريحات مصادر عسكرية يمنية لـ«الشرق الأوسط»، للتنسيق حول وضع التحالف أمام الخيارات المتاحة للجيش في مهمته الأخيرة في صنعاء.
وعلى الرغم من أن المصادر لم تفصح عن المقترحات وخطة العمل التي سيباشرها الجيش لتحرير باقي المدن التي تقبع تحت سيطرة ميليشيا الحوثيين وحليفهم الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، فإن المصادر ذاتها أكدت أن قيادات الأركان في القوات المسلحة اليمنية لديهم رؤية حول عملية اقتحام العاصمة اليمنية للحفاظ على المنطقة التاريخية، إضافة إلى دعوة قوات التحالف لتقديم بعض الدعم العسكري في آخر مراحل عملية تحرير البلاد.
وحدد الجيش الوطني بعض المستلزمات العسكرية التي يحتاجها في هذه المرحلة، والتي تقدم بها بشكل مباشر للرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، وقد تعرض قيادات الأركان في القوات المسلحة هذه المطالب على قوات التحالف، إضافة إلى بعض النقاط التي يمكن الاعتماد عليها في تحرير المدينة، وهو ما أكده بشكل مقتضب نائب رئيس هيئة الأركان في القوات المسلحة اليمنية، اللواء ركن دكتور ناصر الطاهري.
وبحسب المعلومات التي حصلت عليها «الشرق الأوسط» في وقت سابق، عن ملامح خطة التحرير، والتي سترتكز على الدفع بقوة قوامها «لواء» إلى مركز الأمانة في العاصمة اليمنية بشكل مباشر، ونشر 3 ألوية على أطراف المدينة لضمان عدم اختراقها، إضافة إلى نشر 1000 جندي من قوى الأمن للحفاظ على سلامة المدينة وتطهيرها، يتوقع أن تكون، وفقا للمصادر، على طاولة قوات التحالف العربي.
في المقابل وأمام هذا التحرك لقوات الشرعية والانتصارات العسكرية، بدأت ميليشيا الحوثي في خلق وظائف عسكرية جديدة وبرتب متعددة في العاصمة اليمنية، وذلك من خلال إدراج أكثر من 3500 فرد من أتباع الميليشيا في قطاع الجيش، والمخابرات، وقوى الأمن برتب «لواء» ودون ذلك، وركزت الميليشيا في عملية إدراج الأسماء وتسجيلها في سجلات الأجهزة الأمنية، على قطاعي المخابرات والقوى الأمنية «الشرطة، وحرس الحدود».
وقال عبد الحفيظ الخطامي، الإعلامي والناشط الحقوقي، إن ميليشيا الحوثيين بدأوا فعليا بالعبث في سجلات الأجهزة الأمنية، ومنها اختراق أجهزة الأمن والمخابرات، وذلك بهدف «حوثنة الدولة» قبل عملية الاستسلام وتحرير العاصمة اليمنية، والتي تمثلت في تعيينات وترقية قيادات وعناصر في الجماعة إلى رتب عسكرية رفيعة، لفرض أمر واقع داخل تلك المؤسسات، قبل حدوث أي اتفاق سياسي مع الحكومة المعترف بها دوليا برعاية الأمم المتحدة.
وأضاف الخطامي، أنه بذلك تكون الميليشيا قد مارست جميع الأعمال المنافية للشريعة الإسلامية والقوانين الدولية، والتي انطلقت بقتل المدنيين وتعذيب الأسرى واختطاف الصحافيين، وأخيرا التلاعب بسجلات الدولة، لهدف سياسي خبيث تعتمد فيه جميع هذه القطاعات إلى مكون واحد من المجتمع المدني، وبذلك تكون الدولة في قبضة الميليشيا بشكل أو بآخر.
وحول دفع الزكاة للميليشيا، قال الخطامي، إن مديريات جنوب محافظة الحديدة شهدت خلال الأيام الماضية تجول لمركبات الميليشيا وهي تدعو عبر مكبرات الصوت، بضرورة دفع الزكاة والصدقات التي كانت توهب سنويا للفقراء، إلى ما يعرف بـ«المجهود الحربي»، فيما قام خطباء الجمعة بحث المصلين على دفع الزكاة للحوثيين، مع ضرورة تسيير قوافل غذائية إلى صنعاء لدعم مقاتليهم.
هذه الإجراءات التي تنتهجها ميليشيا الحوثيين يفسرها مراقبون بأن الميليشيا تعيش آخر مراحلها من الجوانب السياسية والاقتصادية والعسكرية كافة، والتي بدأت تنهار في كثير من الجبهات مع تقدم الجيش الوطني إلى مناطق قريبة من مركز العاصمة اليمنية، وهذا ما دفعهم إلى مطالبة المواطنين بإخراج زكاة هذا العام لقيادات الحوثيين، حتى يجدوا ما ينفقون به على الأفراد في الجبهات.



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».