العاهل المغربي يطلع على تدابير استقبال المغاربة المقيمين بالخارج

تابع عملية «مرحبًا 2016» في ميناء طنجة المتوسط

العاهل المغربي لدى زيارته ميناء طنجة المتوسط (ماب)
العاهل المغربي لدى زيارته ميناء طنجة المتوسط (ماب)
TT

العاهل المغربي يطلع على تدابير استقبال المغاربة المقيمين بالخارج

العاهل المغربي لدى زيارته ميناء طنجة المتوسط (ماب)
العاهل المغربي لدى زيارته ميناء طنجة المتوسط (ماب)

اطلع العاهل المغربي الملك محمد السادس أول من أمس في ميناء طنجة المتوسط (شمال المغرب)، على التدابير المتخذة من طرف مؤسسة محمد الخامس للتضامن وشركائها لتعزيز منظومة استقبال المغاربة المقيمين بالخارج، وذلك في إطار عملية «مرحبا 2016».
وتأتي زيارة العاهل المغربي لميناء طنجة المتوسط لإبراز العناية التي يوليها لأفراد الجالية المغربية المقيمة بالخارج، وكذا الاهتمام الذي يوليه لنجاح هذه العملية الإنسانية الكبرى، الفريدة من نوعها، والتي تهم مصاحبة تنقل أزيد من مليوني مغربي بين بلد إقامتهم في أوروبا وبلدهم الأصلي خلال عطلة الصيف.
وتهدف عملية «مرحبا 2016» التي انطلقت في 5 يونيو (حزيران) الماضي، وتتواصل حتى 15 سبتمبر (أيلول) المقبل، إلى الاستجابة لحاجيات المغاربة المقيمين بالخارج من حيث المساعدة الإدارية والطبية، ومواكبة كثافة حركة النقل البحري والجوي المسجلة عادة بهذه المناسبة.
في غضون ذلك، اتخذت مؤسسة محمد الخامس للتضامن ترسانة من الإجراءات على مستوى 17 محطة للاستقبال معدة لهذا الغرض. ويعمل في هذه المحطات نحو 500 مساعدة اجتماعية وأزيد من 260 طبيبا وإطارا شبه طبي ومتطوعين في الخدمة والاستماع للمغاربة المقيمين بالخارج، معبئين من أجل مساعدتهم ومنحهم الإسعافات الضرورية.
يذكر أن عملية مرحبا سجلت مع توالي السنين أوجه تحسن ملموسة بفضل مستوى البنيات التحتية المينائية التي تتطور بشكل أكبر، مانحة ظروفا أفضل للاستقبال وعدد أكبر من البواخر المعدة للاستغلال. واعتمدت سلطة ميناء طنجة المتوسط برسم عملية «مرحبا 2016» مخططا لإعادة تنظيم ميناء المسافرين والبواخر يهم إعادة توزيع الأرصفة ومناطق الإركاب (السيارات- الشاحنات)، وإحداث 17 منطقة للإركاب، وتعزيز الإنارة، والمرافق الصحية والمطاعم، وتطوير شبكة للتشوير ومنظومة للمخاطبة الصوتية، واعتماد نظام للعد الآني للعربات.
وتجدر الإشارة إلى أنه تم رصد موازنة قدرها 202 مليون درهم (نحو 20 مليون دولار) لتمويل عمليات مرحبا 2013 - 2017.
وقامت السلطة المينائية على بلورة منظومة تتيح مضاعفة قدرة المعالجة، وتثمين وقت عبور المستعملين في أفضل ظروف السيولة والراحة والسلامة. فبالنسبة للمسافرين الوافدين على المغرب، تتم إجراءات المراقبة (ختم الجوازات) على متن البواخر أثناء فترة العبور.
ويلج المسافرون الراجلون أو القادمون على متن الحافلات ميناء طنجة المتوسط للمسافرين عبر «طنجة ميد بور سانتر»، الذي دشنه الملك محمد السادس في 29 أبريل (نيسان) 2014. والذي يتيح الولوج المباشر للمحطة البحرية. وتتم عمليات المراقبة من طرف الشرطة والجمارك داخل المحطة، حيث تعمل مصلحة للرحلات البين - مينائية على نقل المسافرين الراجلين مباشرة من منطقة النزول إلى المحطة البحرية. وتوجد خدمات لسيارات الأجرة، والحافلات، والقطار رهن إشارة المسافرين الراجلين من أجل نقلهم إلى مدينة طنجة. وبالنسبة للمسافرين على متن السيارات فقد خصصت لهم منطقة للولوج والتفتيش الحدودي، والتي تشتمل على 16 مخدعا لمراقبة الشرطة تتيح معالجة 500 عربة في الساعة من دون أن يضطر المسافر للنزول من سيارته، وخمسة مكاتب لمراقبة الجمارك، وفضاء مساحته 1000 متر مربع مغطى مخصص لتفتيش السيارات.
ومن أجل تعزيز منظومة استقبال ونقل المغاربة المقيمين بالخارج، اعتمدت وزارة التجهيز والنقل واللوجستيك، مجموعة من التدابير من بينها، تعزيز مراقبة البواخر والمراقبة البحرية، وكذا بلورة خطة لأسطول مرحبا 2016.
ويحدد هذا المخطط خطوطا بحرية قصيرة المسافة (طنجة المتوسط - الجزيرة الخضراء، طنجة المتوسط - موتريل، طنجة المتوسط - طريفة، الناظور - الميرية، الناظور - موتريل، الحسيمة - موتريل)، والتي تؤمنها 24 باخرة، وأخرى طويلة المسافة (طنجة المتوسط - برشلونة - ليفورن، طنجة المتوسط - برشلونة - جنوة، طنجة المتوسط - برشلونة - سيت، الناظور - سيت)، والتي تؤمنها خمس بواخر.
وإضافة إلى هذه التدابير، تم إحداث شركة بحرية مغربية جديدة أطلق عليها اسم «أفريكا موروكو لينك»، وذلك في إطار شراكة بين مجموعة البنك المغربي للتجارة الخارجية وإحدى المجموعات المهنية. وتؤمن هذه الشركة الجديدة منذ بداية الشهر الماضي الربط البحري بين طنجة المتوسط – الجزيرة الخضراء، وذلك من خلال عبارة أولى تحمل اسم «لو دياغوراس» بطاقة 1135 مسافرا و280 سيارة. وستدخل عبارتان إضافيتان حيز الاستغلال في يوليو (تموز) الحالي لتأمين نفس الخط. وابتداء من النصف الأول من سنة 2017. ستعمل شركة «أفريكا موروكو لينك» على تغطية الخطوط البحرية الناظور - الميرية وطنجة المتوسط - سيت.
وسجلت عملية مرحبا 2016. منذ إطلاقها في 5 يونيو (حزيران) الماضي حتى 26 منه، دخول 254 ألفا و84 مغربيا مغتربا.



هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
TT

هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)

تزامناً مع الاستعداد لزيارة وفد من جامعة الدول العربية إلى دمشق خلال أيام، أثيرت تساؤلات بشأن ما إذا كان قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع سيشغل مقعد بلاده في اجتماعات الجامعة المقبلة.

وأعلن الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، السفير حسام زكي، في تصريحات متلفزة مساء الأحد، أنه «سيزور العاصمة السورية دمشق خلال أيام على رأس وفد من الأمانة العامة للجامعة لعقد لقاءات من الإدارة السورية الجديدة وأطراف أخرى؛ بهدف إعداد تقرير يقدم للأمين العام، أحمد أبو الغيط، وللدول الأعضاء بشأن طبيعة التغيرات في سوريا».

وكانت «الشرق الأوسط» كشفت قبل أيام عن عزم وفد من الجامعة على زيارة دمشق بهدف «فتح قناة اتصال مع السلطات الجديدة، والاستماع لرؤيتها»، وفقاً لما صرح به مصدر دبلوماسي عربي مطلع آنذاك.

وخلال تصريحاته، عبر شاشة «القاهرة والناس»، أوضح زكي أنه «قبل نحو ثلاثة أيام تواصلت الجامعة العربية مع الإدارة السورية الجديدة لترتيب الزيارة المرتقبة».

وبينما أشار زكي إلى أن البعض قد يرى أن الجامعة العربية تأخرت في التواصل مع الإدارة السورية الجديدة، أكد أن «الجامعة ليست غائبة عن دمشق، وإنما تتخذ مواقفها بناءً على قياس مواقف جميع الدول الأعضاء»، لافتاً إلى أنه «منذ سقوط نظام بشار الأسد لم يحدث سوى اجتماع واحد للجنة الاتصال العربية المعنية بسوريا منتصف الشهر الماضي».

وأوضح الأمين العام المساعد أن «الجامعة العربية طلبت بعد ذلك بأسبوع اجتماعاً مع الإدارة السورية الجديدة»، وقال: «نقدّر الضغط الكبير على الإدارة الجديدة، وربما عدم وجود خبرات أو أفكار كافية لملاحقة مثل هذه الطلبات».

وعقدت لجنة الاتصال الوزارية العربية المعنية بسوريا اجتماعاً بمدينة العقبة الأردنية، في 14 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أكدت خلاله الوقوف إلى جانب الشعب السوري في هذه المرحلة الانتقالية.

وحول الهدف من الزيارة، قال زكي: «هناك دول عربية تواصلت مع الإدارة الجديدة، لكن باقي أعضاء الجامعة الـ22 من حقهم معرفة وفهم ما يحدث، لا سيما أنه ليس لدى الجميع القدرة أو الرغبة في التواصل». وأضاف أن «الزيارة أيضاً ستتيح الفرصة للجانب السوري لطرح رؤيته للوضع الحالي والمستقبل».

ولن تقتصر زيارة وفد الجامعة إلى سوريا على لقاء الإدارة الجديدة، بل ستمتد لأطراف أخرى فصَّلها زكي بقوله: «سنلتقي أي أطراف من المجتمع المدني والقيادات الدينية والسياسية». لكنه في الوقت نفسه نفى إمكانية لقاء «قسد»، وقال «(قسد) وضعها مختلف، كما أنها بعيدة عن العاصمة، حيث ستقتصر الزيارة على دمشق».

ومنذ إطاحة نظام بشار الأسد، في الثامن من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، تسعى الإدارة السورية الجديدة إلى طمأنة الدول العربية والمجتمع الدولي. وفي هذا السياق، تواصلت دول عربية عدة مع الإدارة الجديدة، سواء عبر زيارات رسمية أو وفود برلمانية واستخباراتية أو اتصالات هاتفية.

وهو ما وصفه رئيس وحدة الدراسات العربية والإقليمية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور محمد عز العرب، بـ«الانفتاح العربي». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «اختيار وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني للسعودية أولى محطاته الخارجية يعدّ تأكيداً على رغبة دمشق في تعميق علاقتها العربية، لا سيما مع حاجتها إلى دعمها من أجل رفع العقوبات عن البلاد وإعادة إعمارها».

وأكد عز العرب أن «زيارة وفد الجامعة العربية المرتقبة إلى دمشق ستعمّق العلاقات العربية - السورية، في سياق انفتاح متبادل بين الجانبين».

واتفق معه أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور أحمد يوسف أحمد، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الجامعة العربية تتحرك بما يتلاءم مع توجهات أعضائها أو على الأقل الدول الوازنة فيها».

هذا الانفتاح العربي يأتي إيماناً بأن «سوريا دولة كبيرة ومهمة»، بحسب الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، الذي قال: «سوريا تحتاج إلى كل الدعم العربي السياسي والمادي»، مضيفاً: «قد يكون الوضع غير مرضٍ للبعض، ويمكن تفهم هذا، لكن الشأن السوري أمر مرتبط بالسوريين أنفسهم إلى أن يبدأ في التأثير على دول قريبة».

وأضاف: «سوريا تمر بمرحلة جديدة، لكتابة التاريخ بأيدي مواطنيها، وعلى الدول العربية مدّ يد العون لها».

وبشأن شغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة، قال زكي إن «القرار بيد الدول العربية وليس الأمانة العامة»، موضحاً أنه «لو كانت سوريا غير ممثلة ومقعدها شاغر كان من الممكن بحث عودتها الآن وربما وضع بعض المطالب لتحقيق ذلك».

وأضاف: «الواقع يقول إن سوريا موجودة في الجامعة وتشغل مقعدها، أما من يمثلها في هذا المقعد فهو أمر سوري في الأساس. عند تغيير الحكم في أي دولة يمثل الحكم الجديد بلده في المنظمة». لكن زكي أشار في الوقت نفسه إلى أن «هناك أموراً تتعلق بتمثيل شخص معين للدولة، وهنا قد يكون الأمر مرتبطاً بمجلس الأمن، حيث إن هناك قرارات تخصّ التنظيم الذي يرأسه الشرع لا بد من التعامل معها بشكل سريع وسلس».

وقال: «سوريا دولة كبيرة وما يحدث لها يعني العرب، ونظام الحكم الحالي غير النمطي قد لا يسهل الانفتاح عليه، لكن في النهاية دولة بهذه التركيبة لا يمكن أن تترك من جانب العرب».

وأقرّ مجلس وزراء الخارجية العرب في اجتماع طارئ عقد في القاهرة في 7 مايو (أيار) 2023 عودة سوريا لمقعدها بالجامعة، منهياً قراراً سابقاً بتعليق عضويتها صدر في نوفمبر (تشرين الثاني) 2011، بعد 8 أشهر من اندلاع الاحتجاجات في سوريا.

بدوره، قال الكاتب والباحث السياسي السوري، غسان يوسف، لـ«الشرق الأوسط» إن «الإدارة الحالية هي التي تقود العملية السياسية في سوريا، وهي سلطة الأمر الواقع، وأي اجتماع في الجامعة العربية سيحضره من يمثل هذه الإدارة لأنه ليس هناك بديل آخر الآن».

بينما أكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة إن «شغل الشرع لمقعد بلاده يتطلب اعترافاً من الجامعة العربية بالإدارة الجديدة، فالتواصل الذي حدث حتى الآن لا يعني بالضرورة اعترافاً به». وأشار إلى أن «الأمر قد يرتبط أيضاً بقرارات مجلس الأمن بهذا الشأن وما إذا كان سيسقط تكييف (الإرهاب) عن (هيئة تحرير الشام)».

لكن أحمد أشار إلى أن «الانفتاح العربي الحالي قد يحل المسألة، لا سيما مع وجود سوابق تاريخيّة اعترفت فيها الجامعة بحكم انتقالي كما حدث في العراق عام 2003».

وفي سبتمبر (أيلول) عام 2003 أعلنت الجامعة العربية، عقب اجتماع على مستوى وزراء الخارجية، الموافقة على شغل مجلس الحكم الانتقالي العراقي مقعد بلاده في الجامعة بصورة مؤقتة إلى حين قيام حكومة شرعية في بغداد.

وأعرب عز العرب عن اعتقاده أن «الفترة المقبلة ستشهد رفعاً للعقوبات الدولية عن سوريا، وتعزيزاً لشرعية الإدارة الجديدة».

وبينما أكد غسان يوسف أن «العقوبات لم ترفع عن سوريا حتى الآن»، أبدى تفاؤلاً بـ«إمكانية تغير الوضع مع عقد مؤتمر الحوار الوطني في سوريا الذي سيعطي مشروعية للحكومة».

وكانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف سابقاً باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت علاقتها به عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما أن قائدها أحمد الشرع، وكان وقتها يكنى «أبو محمد الجولاني» مدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.