تونس: قيادات من «النداء» تدعو إلى بقاء رئيس الحكومة في منصبه

نقاط خلافية حول تشكيل حكومة وحدة وطنية.. ومطالب باستبعاد ابن السبسي عن أي موقع قيادي

تونس: قيادات من «النداء» تدعو إلى بقاء رئيس الحكومة في منصبه
TT

تونس: قيادات من «النداء» تدعو إلى بقاء رئيس الحكومة في منصبه

تونس: قيادات من «النداء» تدعو إلى بقاء رئيس الحكومة في منصبه

انعكست الانشقاقات السابقة التي شهدها حزب «نداء تونس»، الذي أسسه الباجي قائد السبسي سنة 2012، على سير مشاورات تشكيل حكومة وحدة وطنية التي اقترحها الرئيس التونسي للخروج بالبلاد من أزماتها الاقتصادية والاجتماعية والأمنية؛ حيث دعت أربع قيادات مؤسسة لحزب النداء إلى تثبيت حكومة الحبيب حفاظا على الأمن والاستقرار في البلاد، مع ضرورة انفتاحها على الكفاءات.
كما دعت القيادات الأربع إلى تخلي حافظ قائد السبسي، المدير التنفيذي الحالي لحزب النداء، عن أي موقع قيادي في الحزب، وحملت حركـة نداء تونس «الغــارقة في أزمتها» مسؤولية غياب السند الكافي لحكومة الحبيب الصيد، وهو ما أدى إلى اتهامها بالفشل، حسب قولها.
ويقود هذه «الانتفاضة» داخل «حزب النداء» رضا بالحاج، رئيس الهيئة السياسية المستقيل، وبوجمعة الرميلي، المدير التنفيذي السابق للنداء، وخميس قسيلة وفوزي معاوية، وهما قياديان في حزب النداء. فيما توجه قيادات رافضة لتوجه حزب النداء اتهامات إلى نجل الرئيس التونسي بمحاولة التوريث والسيطرة على حزب النداء، والسعي إلى الإطاحة برئيس الحكومة؛ بسبب وجود خلافات شخصية بينهما.
وانتقدت هذه المجموعة ما تعانيه حركة نداء تونس من «تدن وسوء أداء مـن قبل من احتكر تمثيل الحزب دون أحقية ولا جدارة»، وطالب الأعضاء الأربعة بأن «تتحمل كل القيادات وأطر ومناضلو النداء مسؤوليتهم في فرض مبدأ تخلي نجل الرئيس حافظ قائد السبسي عن أي موقع قيادي في الحركة». كما طالبوا بتكريس القيادة الجماعية للحركة دون إقصاء أو احتكار، بهدف إنقاذها وإعادة الثقة والأمل لقواعدها وأنصارها.
وفي هذا الشأن طالب بوجمعة الرميلي، المدير التنفيذي السابق لحزب النداء وعضو الهيئة السياسية لحركة نداء تونس، لـ«الشرق الأوسط»، بإنهاء مبادرة رئيس الجمهورية بخصوص حكومة وحدة وطنية في شكلها الحالي، اعتمادا على ما شابها من عيوب في الإخراج والتنفيذ، والأطراف المشاركة فيها، رغم كونها مبادرة إيجابية، على حد تعبيره.
وخلفت هذه الدعوة ردود فعل حادة من قبل قيادات من حزب النداء تدعم حافظ السبسي نجل الرئيس، حيث قال محمد بن صوف، النائب في البرلمان عن حزب النداء: «إن تلك الآراء ليست سوى مجرد مواقف شخصية لا تلزم إلا أصحابها»، مضيفا أن الهيئة السياسية تضم أكثر من 30 عضوا ولا تستطيع أن تؤثر تصريحات عضوين، أو ثلاثة خارج أطر الحزب، على رأي الأغلبية.
واتهم المصدر ذاته الرباعي، الذي أصدر البيان الداعي إلى تثبيت الحبيب الصيد في موقعه، بوجود علاقات شخصية مع الصيد، وقال: «إنهم كانوا يستغلون علاقتهم به في تعيين أقاربهم في وظائف إدارية».
وعلى الرغم من مرور أربعة أسابيع لا تزال المشاورات حول أولويات الحكومة المرتقبة وبرنامجها تراوح مكانها في ظل عدد من المطبات، أبرزها التساؤل عن مصير رئيس الحكومة الحالي، واتفاق حزب النداء والنهضة على احترام نتائج الانتخابات مقابل تمسك أحزاب المعارضة بضرورة البدء من الصفر وعلى قدم المساواة نفسها، ودون وجود امتيازات سياسية لأي طرف مهما كان حجمه، وهو ما ترفضه الأحزاب الكبرى، خاصة حزبي النهضة والنداء.
ومن المنتظر أن تجتمع لجنة الخبراء اليوم لصياغة الوثيقة التأليفية على أن تجتمع إثر ذلك الأطراف المشاركة في المشاورات من جديد للتصديق عليها.
وتتمسك حركة النهضة وحزب النداء بنتائج الانتخابات البرلمانية الماضية، وبهذا الخصوص قال العجمي لوريمي، القيادي في حركة النهضة، إن حزبه متمسك بضرورة تشكيل حكومة وحدة وطنية على أساس نتائج الانتخابات وليس التطورات الحاصلة في واقع الأحزاب بعد ذلك، مشيرا إلى أن نداء تونس ورئاسة الجمهورية هما المعنيان بدرجة أولى باقتراح وتكليف الشخصية التي ستقود الحكومة الجديدة، وأن حركة النهضة ستناقش المقترحات المقدمة في هذا الشأن.
ولا تتوافق مواقف الائتلاف الحاكم مع ما تنادي به أحزاب المعارضة التي دعت إلى التخلي عن المحاصصة الحزبية والتمسك بنتائج الانتخابات البرلمانية. وفي هذا الشأن قال زهير المغزاوي، الأمين العام لحركة الشعب، إن حزبه لا يرفض نتائج الانتخابات البرلمانية، ولكنه يرفض المشاركة وفق شروط مسبقة على طاولة المشاورات.



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.