200 ألف مدني في منبج يعرقلون طرد «داعش» منها.. والتنظيم يتخذهم دروعًا بشرية

«قوات سوريا الديمقراطية» تتقدّم ببطء وتسيطر على نقاط محدودة جنوب المدينة

200 ألف مدني في منبج يعرقلون طرد «داعش» منها.. والتنظيم يتخذهم دروعًا بشرية
TT

200 ألف مدني في منبج يعرقلون طرد «داعش» منها.. والتنظيم يتخذهم دروعًا بشرية

200 ألف مدني في منبج يعرقلون طرد «داعش» منها.. والتنظيم يتخذهم دروعًا بشرية

رغم إحكام قوات سوريا الديمقراطية، المدعومة من التحالف الدولي بقيادة واشنطن، طوقها على مدينة منبج الواقعة شمال مدينة حلب، ورغم ارتفاع حدّة المعارك بينها وبين تنظيم داعش على أطراف المدينة، فإن العمليات العسكرية داخل المدينة والقصف الجوي والمدفعي عليها تراجع بشكل ملحوظ، بعدما اتخذ التنظيم من عشرات آلاف المدنيين المحاصرين دروعًا بشرية، وقام بزرع مئات الألغام التي تعوق تقدّم القوات المهاجمة، وهو ما جعل حياة أكثر من 200 ألف مدني تحت الخطر.
وأفادت المعلومات الميدانية، بأن قوات سوريا الديمقراطية تمكنت من تثبيت سيطرتها على بعض النقاط جنوب المدينة في الأيام الأخيرة، وأكدت أن هذا التقدم تزامن مع قصف طائرات التحالف الدولي حي الحزاونة ومناطق أخرى في جنوب وغرب منبج، فيما سمع دوّي انفجار ناجم عن استهداف التنظيم لتمركزات القوات المهاجمة بواسطة سيارة مفخخة، أدت إلى وقوع خسائر بشرية.
ويبدو أن حصار المدنيين وتعاظم الخطر الذي يهدد حياتهم، فرض تكتيكًا جديدًا على إيقاع المعركة، مما جعل تقدمها بطيئًا، ويحتاج إلى وقت أطول مما كان متوقعًا، وهذا ما أشار إليه القيادي الكردي إدريس نعسان، الذي أوضح أن قوات المجلس العسكري لمنبج حققت تقدمًا ملموسًا داخل المدينة، وتمكنت في الساعات الأخيرة من السيطرة على حي الأسدية، وقبلها تم تحرير مبنيي المرور والسرايا الحكوميين، بالإضافة إلى صوامع الحبوب الواقعة جنوب شرقي المدينة».
وأكد إدريس في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «العملية العسكرية تتقدم ببطء، ومردّ ذلك للحفاظ على حياة المدنيين وتجنب سقوط أعداد كبيرة من الضحايا في صفوفهم، فضلاً عن وجود المفخخات التي يزرعها تنظيم داعش الإرهابي». وقال: «حتى الآن 30 في المائة من منبج باتت محررة، ونحن تمكنّا في الساعات الماضية من تحرير خمسة آلاف مدني من المحاصرين لدى (داعش) الذين يتخذ الأخير منهم دروعًا بشرية، لإعاقة تقدم قواتنا، ومنع طيران التحالف من قصف مناطق تواجدهم وتجنب إطلاق الصواريخ عليهم».
وأشار إدريس إلى أن «مئات المدنيين يفرون إلى مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية، وهؤلاء يتم نقلهم إلى مناطق آمنة». لافتًا إلى أن «التنظيم الإرهابي يستهدف العائلات التي تفرّ من مناطق نفوذه ويسقط منهم شهداء وجرحى، وهو يعمل على عرقلة فرارهم، ليتخذ منهم دروعًا بشرية لحماية نفسه». أضاف: «تم نقل عدد كبير من الجرحى أصحاب الإصابات الخطرة إلى مشفى كوباني الذين خضعوا لعمليات جراحية، أما أصحاب الإصابات الطفيفة والمتوسطة، فتجري معالجتهم في المشافي الميدانية».
في هذا الوقت، أوضح مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، رامي عبد الرحمن، لـ«الشرق الأوسط»، أن «لا تقدم ميدانيًا على الأرض في منبج، لأن وجود المدنيين يعوق القصف لتجمعات تنظيم داعش»، مشيرًا إلى أن التنظيم «يتخذ من المدنيين دروعًا بشرية». وقال عبد الرحمن: «التنظيم يتصرّف الآن داخل منبج بارتياح ويتحرك بحرية كأنه لا توجد حرب». ورأى أن «المعركة تتطلب عملية عسكرية دقيقة وبطيئة، لأن مشكلة المدنيين أضيفت إلى مشكلة الألغام».
وكان المرصد السوري لحقوق الإنسان، حذّر من أن «حياة أكثر من 200 ألف مدني باتوا محاصرين في مدينة منبج شمال سوريا أصبحت في خطر، بعدما أحكمت قوات سوريا الديمقراطية طوقها حول المدينة». وأفاد بأن القوات المذكورة «انتشرت في منطقة الأسدية الواقعة في جنوب طريق حلب - الحسكة وشرق دوار المطاحن في منبج، وقامت بتثبيت نقاط سيطرتها في المنطقة»، مشيرًا إلى أن «السيطرة على منطقة الأسدية، مكّنت قوات سوريا الديمقراطية من استعادة منزل أحد قيادييها، وهو فيصل سعدون المعروف باسم (أبو ليلى)، وهو قائد كتائب شمس الشمال، الذي قتله التنظيم خلال معارك ريف منبج».
كما تحدثت الشبكة السورية لحقوق الإنسان عن مقتل 94 مدنيًا منذ بداية الحملة العسكرية على منبج، من أصل ما لا يقل عن 200 ألف مدني محاصر في المدينة التي يسيطر عليها تنظيم داعش بريف حلب، بسبب العمليات العسكرية.



رسائل حميدتي الودية «لا تلقى اهتماماً» في مصر

السيسي يستقبل البرهان في القاهرة أبريل الماضي (الرئاسة المصرية)
السيسي يستقبل البرهان في القاهرة أبريل الماضي (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل حميدتي الودية «لا تلقى اهتماماً» في مصر

السيسي يستقبل البرهان في القاهرة أبريل الماضي (الرئاسة المصرية)
السيسي يستقبل البرهان في القاهرة أبريل الماضي (الرئاسة المصرية)

يبدو أن الرسائل الودية الأخيرة لقائد «قوات الدعم السريع» محمد حمدان دقلو (الشهير بـ«حميدتي»)، تجاه مصر، لم تجد لها صدى في القاهرة، التي عادة ما تؤكد «احترامها للشرعية والمؤسسات الرسمية السودانية».

ولأول مرة منذ نحو عام ظهر حميدتي، وسط جنوده فيما يبدو أنه معسكر تدريب ميداني يُرجح أنه في إحدى ولايات إقليم دارفور بغرب البلاد، متحدثاً بنبرة تصالحية تجاه مصر، رغم أنه من أسبوعين فقط ظهر عبر مقطع فيديو مكرراً اتهامات سابقة لها بمساندة الجيش السوداني عسكرياً، وهو ما نفته مصر بشدة.

وفي خطاب مسجل بُث مساء الأحد على قناته بمنصة «تلغرام» قال حميدتي: «راجعنا حساباتنا، وتوصلنا إلى أنه يمكن أن نحل مشكلاتنا مع مصر عبر طاولة الحوار والنقاش، وليس بالمشاحنات». وأكد أن «قوات الدعم السريع» ليست ضد أي دولة، وترغب في التعاون مع جميع دول الجوار لتأمين الحدود.

ورداً على تصريحات حميدتي، قال مصدر مصري مطلع لـ«الشرق الأوسط» إن «سياسة مصر تجاه السودان ثابتة، وتتلخص في السعي إلى تحقيق الاستقرار والسلم الأهلي في هذا البلد الشقيق، واحترام سيادته وعدم التدخل في شؤونه، إضافة إلى احترام الشرعية والمؤسسات الرسمية السودانية، وأنها تواصل تعاملها في الملف السوداني انطلاقاً من هذه المبادئ والمعايير».

وجاء خطاب حميدتي بعد نحو أسبوع من سيطرة قواته على منطقة المثلث الاستراتيجية، التي تُشكّل نقطة التقاء محورية بين السودان وليبيا ومصر، بعدما أعلن الجيش إخلاء قواته من المنطقة في إطار «ترتيبات دفاعية».

وفي كلمته، قال حميدتي: «دخول المثلث، لو ما كان إضافة للجيران فلن يكون خصماً عليهم»، مضيفاً: «ذهابنا إلى الصحراء أمن لجيراننا المصريين والليبيين والتشاديين، كلهم جيراننا، نحترمهم ونحترم حدودهم، ونحن ما عندنا مشكلة مع أي دولة».

من جانبه، قال عضو مجلس النواب المصري، مصطفى بكري لـ«الشرق الأوسط» إنه «بغض النظر عن نيات حميدتي من وراء هذا الكلام، خاصة أنه كان دائم الإساءة لمصر ويكيل الاتهامات غير المسؤولة لها بأنها تدعم الجيش السوداني بالسلاح والطيران، فإن سياسة مصر هي التعامل مع السلطات الشرعية فقط»، منوهاً بأنه «لا يعتقد أن السلطات المصرية تهتم بحديث حميدتي كثيراً لأنه يثبت تضاربه بنفسه».

وأكد بكري أن «مصر ضد تقسيم السودان، ومعنى أن تتعاون مع دقلو، أي تضر وحدة البلاد هناك، وهذا يمثل تهديداً للأمن القومي المصري الذي تتحدد سياستها وفقاً له ومن أجل الحفاظ عليه».

بدوره، قال وكيل جهاز المخابرات المصرية سابقاً اللواء محمد رشاد لـ«الشرق الأوسط» إن «حميدتي يرغب من وراء هذا الحديث الزج بمصر طرفاً في الصراع بالسودان، وهي مناورة منه لمحاولة تأكيد ما نفته القاهرة».

وشدد على أن «مصر ليست طرفاً في الصراع السوداني، لكنها تتعامل وتدعم سياسياً السلطة الشرعية»، موضحاً أن «مصر تستطيع الحفاظ على أمنها وحدودها جيداً... ولا تنتظر وعوداً منه أو من أي خارج على الشرعية».