«النصرة» تمنع «وداع رمضان» بريف إدلب.. والأهالي يطالبون بطرد الغرباء

تعرُّض مسحراتي للضرب على يد «جند الأقصى» بزعم أن قرع الطبلة «منكر»

سكان محليون من مدينة إدلب شمال سوريا يتفحصون الدمار الذي لحق بسيارة ومن حولها عقب غارة جوية من الطيران الحربي (رويترز)
سكان محليون من مدينة إدلب شمال سوريا يتفحصون الدمار الذي لحق بسيارة ومن حولها عقب غارة جوية من الطيران الحربي (رويترز)
TT

«النصرة» تمنع «وداع رمضان» بريف إدلب.. والأهالي يطالبون بطرد الغرباء

سكان محليون من مدينة إدلب شمال سوريا يتفحصون الدمار الذي لحق بسيارة ومن حولها عقب غارة جوية من الطيران الحربي (رويترز)
سكان محليون من مدينة إدلب شمال سوريا يتفحصون الدمار الذي لحق بسيارة ومن حولها عقب غارة جوية من الطيران الحربي (رويترز)

في سابقة لم تشهدها مساجد ريف إدلب سابقا، قامت «جبهة النصرة»، التابعة لتنظيم القاعدة في سوريا، بمنع أناشيد وداع رمضان في بلدة خان شيخون، المعروفة باسم «الشهرنة» التي درجت العادة أن تصدح بها مآذن محافظتي حماه وإدلب قبل رفع كل أذان في الأيام العشرة الأخيرة من شهر رمضان المبارك.
وقال ناشط مدني في مدينة خان شيخون: «لا وداع لرمضان بعد اليوم في خان شيخون، جبهة النصرة تمنع أناشيد وداع رمضان»، مضيفا أن «جبهة النصرة» منعت أيضا ما يُعرف بـ«التشويق والتسميع»، وهي أشعار مديح للنبي محمد صلى الله عليه وسلم يؤديها المؤذنون قبل رفع أذاني الفجر والعشاء، وتقام في غالبية المساجد في سوريا تقريبا. وبحسب الناشط «لا يذكر أي من أهالي خان شيخون أن مُنعت أو توقفت (الشهرنة) في الجوامع بأي وقت في تاريخ المدينة المُتذكر، إلى أن جاءت (جبهة النصرة)، لتمنع وداع رمضان لأول مرة في تاريخ خان شيخون غير المنسي».
وتشهد مناطق ريف إدلب التي تسيطر عليها «جبهة النصرة» حالة من الغضب بين المدنيين وعدم الرضا عما يعتبرونه «انتهاكات» لحقوقهم ولعاداتهم وتقاليدهم التي نشأوا عليها، عبر «تطبيق جائر للشرع من وجهة نظرهم المتطرفة». ولا تزال المظاهرات تخرج في بلدات كفر نبل وأريحا وسلقين وخان شيخون وغيرها تطالب بخروج «جبهة النصرة» من مناطقهم. وفي معرة النعمان أعلن عن حملة «أحفاد المعري ضد تنظيم القاعدة 100 يوم تظاهر».
وأنشأ الناشطون المدنيون في إدلب صفحة على موقع «فيسبوك» لرصد ما سموه «انتهاكات جبهة النصرة». وذكرت الصفحة أنه في الأسبوع الماضي خرجت مظاهرة في مدينة أريحا مناهضة لتنظيم القاعدة وأدواته، والمقصود بها «جهاز الحسبة» و«القوة التنفيذية» التابعة لـ«جبهة النصرة» والتنظيمات المتشددة المتحالفة معها التي يلقبها شباب أريحا بـ«المخابرات الجوية»، تشبيها لها بأجهزة الأمن التابعة لنظام الأسد سيئة الصيت. وقالت الصفحة إن المتظاهرين هتفوا: «غريب ولاك.. ما بدنا ياك»، ويقصدون بأن قياديي «جبهة النصرة» في إدلب معظمهم من الغرباء عن المنطقة ولا يعرفون عادات أهلها. وقاد المظاهرة الشيخ صالح تريسي الذي قتل ثلاثة من أبنائه في معارك مع قوات النظام.
وذكرت صفحة «انتهاكات جبهة النصرة»، أن مسحراتي كفر نبل أبو علي السوادي تعرض للضرب المبرح على يد عناصر جند الأقصى، لزعمهم أن «قرع الطبلة من أجل إيقاظ الناس في وقت السحر منكر لا يجوز». وأثار هذا الاعتداء الكثير من الاستياء لارتباط المسحراتي بأجمل الذكريات الرمضانية لدى السوريين، وعادة من يقوم به بسطاء الناس، ويكن له الجميع المودة ويخصونه بشيء من عطايا الشهر الكريم.
وقال ناشط مدني في إدلب، رفض الكشف عن اسمه لـ«الشرق الأوسط»: «التنظيمات الإسلامية وبالأخص (داعش) و(النصرة) بغالبية قياداتها الغرباء عن سوريا، يتصرفون كأن لا أحد يعرف الإسلام غيرهم، ويدعوننا للإسلام كأننا لسنا مسلمين من مئات السنين، يفرضون علينا التوقف عن طقوس وعادات درجنا عليها وارتبطت بكل ما هو جميل في حياتنا، وبالأخص شهر رمضان الذي كنا في طفولتنا ننتظره للمشاركة في أناشيد (الشهرنة) وانتظار المسحراتي خلف النوافذ والأبواب، وكل ظننا أنه شخصية أسطورية». وتابع: «اليوم يأتي غرباء من خلف الحدود ليقولوا لنا كل ذلك بدع». ويضيف الناشط: «الناس ملّت من هؤلاء الغرباء الذين رحبنا بهم عندما جاؤوا لنصرتنا، لكننا لم نفوضهم بالتسلط على حياتنا والعبث بعادات وتقاليد عمرها من عمر بلادنا، وإذا كان في عاداتنا التي تسبح بحمد لله وتصلي على النبي، ضلالة، ليفوضوا أمرنا لله وهو يتكفل بنا».
ودرجت العادة في الأيام العشرة الأخيرة من شهر رمضان في عدد من المحافظات السورية أن يتسابق المنشدون في أداء الأدعية بأعذب الأصوات وأقربها إلى القلوب وأكثرها أثرًا في نفوس السامعين، قبل موعد الصلوات. ويشارك الأطفال في كل حي بـ«الشهرنة» في جامع حيّهم، حيث يصعدون إلى المآذن ويرددون خلف المؤذن الأناشيد بأصواتهم الطفولية المبهجة، فيعطون لشهر رمضان هوية محلية مبهجة: «وهو ما يفتقر إليه غلاة دعاة الدين من المتطرفين الذين يرون الدين تجهما وبتر أيدي وجزّ رؤوس». ويضيف الناشط الإدلبي بأنه عندما كان يدرس في جامعة حلب كان يقطع دراسته في الأيام العشرة الأخيرة من رمضان ويأتي إلى خان شيخون لسماع «الشهرنة» و«التشويق» بأصوات مؤذني المدينة التي كانت من أجمل الأصوات وأقربها إلى روحه.
ومن كلمات أناشيد «الشهرنة» التي منعتها «جبهة النصرة»: «يا شهرنَا.. قَدْ زُرْتَنَا عَاجِلاً.. عَلَيْكَ يَا سيد الشُهُورِ السَلَامْ.. لمّا مضَت أَيّام شَهر الصِيِام.. فاضت دُمُوعِي مِثْلَ فَيْضِ الغَمام».



انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
TT

انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)

شيّعت جماعة الحوثيين خلال الأسبوع الماضي 17 قتيلاً من عناصرها العسكريين، الذين سقطوا على خطوط التماس مع القوات الحكومية في جبهات الساحل الغربي ومأرب وتعز والضالع، منهم 8 عناصر سقطوا خلال 3 أيام، دون الكشف عن مكان وزمان مقتلهم.

وفقاً للنسخة الحوثية من وكالة «سبأ»، شيّعت الجماعة في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء كلاً من: ملازم أول رشاد محمد الرشيدي، وملازم ثانٍ هاشم الهجوه، وملازم ثانٍ محمد الحاكم.

تشييع قتلى حوثيين في ضواحي صنعاء (إعلام حوثي)

وسبق ذلك تشييع الجماعة 5 من عناصرها، وهم العقيد صالح محمد مطر، والنقيب هيمان سعيد الدرين، والمساعد أحمد علي العدار، والرائد هلال الحداد، وملازم أول ناجي دورم.

تأتي هذه الخسائر متوازية مع إقرار الجماعة خلال الشهر الماضي بخسائر كبيرة في صفوف عناصرها، ينتحل أغلبهم رتباً عسكرية مختلفة، وذلك جراء خروقها الميدانية وهجماتها المتكررة ضد مواقع القوات الحكومية في عدة جبهات.

وطبقاً لإحصائية يمنية أعدّها ونشرها موقع «يمن فيوتشر»، فقد خسرت الجماعة خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، 31 من مقاتليها، أغلبهم ضباط، سقطوا في مواجهات مع القوات الحكومية.

وشيّع الانقلابيون الحوثيون جثامين هؤلاء المقاتلين في صنعاء ومحافظة حجة، دون تحديد مكان وزمان مصرعهم.

وأكدت الإحصائية أن قتلى الجماعة خلال نوفمبر يُمثل انخفاضاً بنسبة 6 في المائة، مقارنة بالشهر السابق الذي شهد سقوط 33 مقاتلاً، ولفتت إلى أن ما نسبته 94 في المائة من إجمالي قتلى الجماعة الذين سقطوا خلال الشهر ذاته هم من القيادات الميدانية، ويحملون رتباً رفيعة، بينهم ضابط برتبة عميد، وآخر برتبة مقدم، و6 برتبة رائد، و3 برتبة نقيب، و 13 برتبة ملازم، و5 مساعدين، واثنان بلا رتب.

وكشفت الإحصائية عن أن إجمالي عدد قتلى الجماعة في 11 شهراً ماضياً بلغ 539 مقاتلاً، بينهم 494 سقطوا في مواجهات مباشرة مع القوات الحكومية، بينما قضى 45 آخرون في غارات جوية غربية.

152 قتيلاً

وتقدر مصادر عسكرية يمنية أن أكثر من 152 مقاتلاً حوثياً لقوا مصرعهم على أيدي القوات الحكومية بمختلف الجبهات خلال سبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول) الماضيين، منهم 85 قيادياً وعنصراً قُتلوا بضربات أميركية.

وشهد سبتمبر المنصرم تسجيل رابع أعلى معدل لقتلى الجماعة في الجبهات منذ بداية العام الحالي، إذ بلغ عددهم، وفق إحصائية محلية، نحو 46 عنصراً، معظمهم من حاملي الرتب العالية.

الحوثيون استغلوا الحرب في غزة لتجنيد عشرات الآلاف من المقاتلين (إكس)

وبحسب المصادر، تُحِيط الجماعة الحوثية خسائرها البشرية بمزيد من التكتم، خشية أن يؤدي إشاعة ذلك إلى إحجام المجندين الجدد عن الالتحاق بصفوفها.

ونتيجة سقوط مزيد من عناصر الجماعة، تشير المصادر إلى مواصلة الجماعة تعزيز جبهاتها بمقاتلين جُدد جرى استقطابهم عبر برامج التعبئة الأخيرة ذات المنحى الطائفي والدورات العسكرية، تحت مزاعم مناصرة «القضية الفلسطينية».

وكان زعيم الجماعة الحوثية أقرّ في وقت سابق بسقوط ما يزيد عن 73 قتيلاً، وإصابة 181 آخرين، بجروح منذ بدء الهجمات التي تزعم الجماعة أنها داعمة للشعب الفلسطيني.

وسبق أن رصدت تقارير يمنية مقتل نحو 917 عنصراً حوثياً في عدة جبهات خلال العام المنصرم، أغلبهم ينتحلون رتباً عسكرية متنوعة، في مواجهات مع القوات الحكومية.