«البركسيت» يرج عقارات بريطانيا.. و«انحدار مزدوج» للقيمة الكلية

المواطنون يعانون «فقدان الأصول».. وفرص كبرى للمغامرات الاستثمارية

مستقبل غامض أمام السوق العقارية البريطانية عقب قرار الانفصال (رويترز)
مستقبل غامض أمام السوق العقارية البريطانية عقب قرار الانفصال (رويترز)
TT

«البركسيت» يرج عقارات بريطانيا.. و«انحدار مزدوج» للقيمة الكلية

مستقبل غامض أمام السوق العقارية البريطانية عقب قرار الانفصال (رويترز)
مستقبل غامض أمام السوق العقارية البريطانية عقب قرار الانفصال (رويترز)

فور الإعلان عن نتائج الاستفتاء البريطاني الذي جرى الخميس الماضي وأسفر عن فوز الأغلبية بخيار الانفصال عن الاتحاد الأوروبي، انخفض سعر الجنيه الإسترليني كأول ضحايا الاستفتاء، فيما شهدت السوق العقارية رجة قوية للغاية بانخفاض ملحوظ في الطلب خلال الأيام الماضية، مع اتجاه قوي لانخفاض الأسعار في الأسابيع المقبلة، ما يعني خفضًا مزدوجًا في القيمة الكلية للعقارات، وفرصة كبيرة بالنسبة إلى المستثمرين والمغامرين الأجانب، اقتناصًا لانخفاض أسعار العرض وقيمة العملة معا.
وانخفاض الإسترليني الذي بلغ مرحلة قياسية هي الأكبر أمام الدولار منذ أكثر من 30 عامًا، مرشح لمزيد من الانحدار حتى نهاية العام، وفقا لتوقعات أغلب خبراء الاقتصاد، الذين يرون أن معدل التراجع سيحكمه التبعات التالية للانفصال البريطاني، من مفاوضات وأزمات داخلية.
وكان الكثير من الخبراء الدوليين والمراقبين قد نوهوا إلى خطورة الإقدام على خطوة الانفصال عن الاتحاد الأوروبي، وبالطبع نال القطاع العقاري حظه من تلك التحذيرات.
وتكمن عوامل القلق في احتماليات قوية لانهيار تام للسوق العقارية، سواء بشكل مباشر نتيجة موجة بيع وتصفية أعمال قوية وعمليات بيع عشوائية، أو بشكل غير مباشر نتيجة انسحاب الاستثمارات ورؤوس الأموال وضعف عوامل الجذب.
وخلال الحملة الداعية للبقاء ضمن دول الاتحاد الأوروبي، تنبأ وزير المالية جورج أوزبورن من أن قيمة العقارات ستتراجع بنحو 18 في المائة في حال الانفصال. وتنصب المخاوف على انخفاض الطلب على العقارات السكنية والإدارية والتجارية وحتى الصناعية، جراء فقدان بريطانيا وعاصمتها لندن مقامهما الرفيع كمركز مالي عالمي عقب انفصالها عن أوروبا.
كما أن التنافس الأجنبي على الشراء والاستثمار العقاري في بريطانيا والمضاربة الشديدة في بعض الأحيان، جعل أغلب المقاصد العقارية مقومة بأكثر من قيمتها الحقيقية، ما صنع فقاعة عقارية كبرى تهدد السوق بالانفجار في أي وقت.. وهو ما قد يحدث قريبًا جدًا نتيجة تراجع عروض الشراء خوفًا من دخول بريطانيا إلى مجال العاصفة سياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا.
ووفقًا لتقارير متخصصة لقياس المؤشرات الأولية، فإن ثمة تراجعًا كبيرًا في حركة العقارات منذ يوم الجمعة الماضي. وإن كان الوقت مبكرًا جدًا لقياس الأداء العام للسوق خلال المرحلة المقبلة، لكن وكلاء عقاريين في العاصمة لندن يرون أن نتيجة الاستفتاء ستنعكس بكل تأكيد على السوق العقارية في المرحلة الأولى للاضطراب خصوصًا في لندن، وسينخفض الطلب إلى حد ما وستتراجع الأسعار، مشيرين إلى أن ذلك ربما يكون كارثة لمواطني بريطانيا الذين سيفقدون جانبا ربما يكون كبيرًا من قيمة أصولهم العقارية في منازلهم؛ لكنه سيكون فرصة جيدة للغاية للمستثمرين والمغامرين الأجانب، للشراء بأسعار منخفضة وسط موجة بيع كبيرة.
ويختلف الخبراء حول تأثير الانفصال البريطاني في الاستثمارات الخليجية في بريطانيا، فبينما يرى البعض أن الانفصال وتبعاته على كل القطاعات الاقتصادية والمالية والعقارية تمنح فرصة جيدة جدًا للاستثمار خلال الفترة المقبلة، يرى آخرون أن ذلك ينطبق على الاستثمارات «الجديدة» وليس «القائمة»؛ حيث ستتأثر الأخيرة سلبًا نتيجة انخفاض قيمتها بما يفوق قدرة المستثمر على احتمال الخسائر القصيرة والمتوسطة المدى.
ومنذ مطلع الشهر الحالي، أوضحت مؤشرات كثيرة تراجع حجم الاستثمارات الأجنبية الجديدة على وجه العموم، والخليجية منها على وجه الخصوص بشكل كبير، وإحجام واسع عن ضخ المزيد من الاستثمارات في العقارات البريطانية، وذلك خشية هبوط الأسعار وانهيارها عقب اختيار البريطانيين الانفصال عن الأوروبي.
ويعتبر القطاع العقاري في بريطانيا واحدًا من أهم القطاعات الجاذبة للمستثمرين الأجانب من مختلف أنحاء العالم، خاصة في أعقاب تماسك أسعار العقارات خلال الأزمة الاقتصادية العالمية التي بدأت أواخر العام 2008. وخلال أزمة الديون السيادية الأوروبية التي نشبت في أواخر العام 2010.
ويعد المستثمرون الخليجيون الأهم بالنسبة إلى قطاع العقارات في بريطانيا؛ حيث تمتلك صناديق استثمار سيادية وخاصة، ومحافظ استثمارية كبرى، أضخم العقارات وأغلاها ثمنًا في وسط العاصمة البريطانية لندن، في الوقت الذي تتحدث فيه الكثير من المصادر في السوق عن قلق في أوساط المستثمرين الخليجيين من انهيار في الأسعار عقب الاستفتاء.
وبحسب إحصاءات وأرقام غير رسمية، تبلغ تقديرات استثمارات المواطنين الخليجيين في القطاع العقاري في بريطانيا نحو 65 مليار دولار، تنصب أغلبها في لندن واسكتلندا وويلز.
وأشارت توقعات محللين عرب وأجانب في مطلع الأسبوع إلى أن شهية المستثمرين من الخليج الجدد ربما تزداد خلال الفترة المقبلة لاقتناص فرص عقارية «جديدة» في بريطانيا مع الأسعار التي ستتجه إلى الانخفاض حتى نهاية العام، ما قد يرفع إجمالي الاستثمارات هناك إلى نحو 100 مليار دولار، لكن جانب من المحللين يرون عكس ذلك؛ حيث إن الأرقام ربما لا تتغير كثيرا - أو تنخفض - نتيجة اندفاع عدد من أصحاب الاستثمارات العقارية الحالية إلى البيع للتخلص سريعا من الفجوة السعرية.
وفي إطار المحاولات البريطانية لإنقاذ السوق العقارية من الانهيار أعلن بنك «إتش إس بي سي» في وقت متأخر يوم الخميس الماضي، الذي شهد الاستفتاء، أنه قرر خفض الفائدة على الرهون العقارية للمشترين لأول مرة إلى أقل من 1 في المائة، وهذا أدنى مستوى للفائدة على الرهون العقارية في تاريخ بريطانيا، إذ لم تهبط من قبل إلى هذا المستوى، سواء خلال فترة الطفرة أو حتى خلال الركود الذي تزامن مع الأزمة الاقتصادية العالمية التي اندلعت أواخر العام 2008.
ويعد إتش إس بي سي أكبر لاعب في السوق العقارية البريطانية وأكبر مقرض على الإطلاق، ما يجعل قراراته ذات تأثير سوقي بارز ومؤشر غاية في الأهمية في السياسات التي تنتهجها البنوك الأخرى.
ويعاني سوق العقارات في بريطانيا ركودًا ملموسًا منذ عدة أشهر؛ بسبب الاعتقاد بأن الخروج من الاتحاد الأوروبي سوف يؤدي إلى انهيار في هذا القطاع؛ حيث إن نسبة كبيرة من الطلب على الوحدات السكنية يأتي من مهاجرين أوروبيين يتدفقون على بريطانيا للعمل والعيش فيها بسبب أن أوضاعها الاقتصادية أفضل حالاً من غيرها من دول أوروبا.
كما يرى كثير من المتابعين للسوق أن «جزءًا من مشكلة الفقاعة العقارية البريطانية، وسوقها الذي خرج في أجزاء كثيرة وهامة منه عن نطاق سيطرة الطبقة الوسطى إلى حد بعيد، كان يعود إلى أن بريطانيا عضو بالاتحاد الأوروبي، بما يحمله ذلك من تيسيرات وتسهيلات لأثرياء العالم من جهة، ما جعل عملية المزايدة تخرج عن نطاق العقل في كثير من الأحيان.. مع مزاحمة مواطني أوروبا لأهل بريطانيا في المساحات المحدودة للتطوير العقاري من جهة أخرى، ما أسفر عن موجة غلاء فاحشة».
من جهة أخرى، يرى بعض المحللين الاقتصاديين أن تأثير «البركسيت» العقاري ربما يسفر عن رد فعل عكسي يصب في مصلحة الأسواق العربية؛ إذ إن الركود المتوقع في الاقتصاد البريطاني ربما يدفع المستثمرين البريطانيين والغربيين إلى التوجه بصورة أكثر كثافة إلى أسواق عقارية بالشرق الأوسط، وربما تتجه البوصلة بشكل كبير إلى دبي ومصر والسعودية.



السعودية: توقع «طفرة سكنية» يصحبها تراجع جديد في أسعار العقارات

تمكنت وزارة الإسكان من تلبية مطالب مختلف الفئات بإنتاج وحدات سكنية جاهزة
تمكنت وزارة الإسكان من تلبية مطالب مختلف الفئات بإنتاج وحدات سكنية جاهزة
TT

السعودية: توقع «طفرة سكنية» يصحبها تراجع جديد في أسعار العقارات

تمكنت وزارة الإسكان من تلبية مطالب مختلف الفئات بإنتاج وحدات سكنية جاهزة
تمكنت وزارة الإسكان من تلبية مطالب مختلف الفئات بإنتاج وحدات سكنية جاهزة

بعد سلسلة من المتغيرات التي شهدها قطاع الإسكان السعودي، يتجه القطاع إلى التوازن مع انخفاض التضخم الحاصل في الأسعار بمختلف فروع القطاع العقاري، وسط مبادرات سعت إليها وزارة الإسكان السعودية؛ الأمر الذي قلص الفجوة بين العرض والطلب خلال السنوات الماضية، حيث حققت الوزارة القيمة المضافة من خلال تلك المبادرات في رفع نسب التملك بالبلاد.
وتوقع مختصان أن تشهد الفترة المقبلة مزيداً من النجاح الحكومي في مجال الإسكان، مشيرين إلى أن المواطن سيجني ثمار ذلك على مستوى الأسعار وتوافر المنتجات، التي تلبي مطالب جميع الفئات. ويمثل هذا النجاح امتداداً لإنجازات الحكومة، في طريق حل مشكلة الإسكان، عبر تنويع المنتجات العقارية وإتاحتها في جميع المناطق، مع توفير الحلول التمويلية الميسرة، والاستفادة بالشراكة مع القطاع الخاص.
وأشار المختصان إلى أن أداء الحكومة، ممثلة في وزارة الإسكان، كان وراء خفض أسعار المساكن بشكل كبير، وذلك بعد أن وفرت للمواطنين منتجات عقارية متنوعة تلبي أذواق جميع المستفيدين من برامج الدعم السكني. وقال الخبير العقاري خالد المبيض إن «وزارة الإسكان تمكنت من إيجاد حلول عقارية ناجعة ومتنوعة، أدت إلى تراجع الأسعار بنسب تشجع جميع المواطنين بمختلف مستوياتهم المادية، على تملك العقارات»، مضيفاً أن «الفترة المقبلة ستشهد مزيداً من النجاح في هذا الجانب».
وتابع: «أتذكر أن أول مشروع تسلمته وزارة الإسكان، كان يتعلق ببناء 500 ألف وحدة سكنية، بقيمة 250 مليار ريال (133.3 مليار دولار)، ما يعني أن قيمة الوحدة السكنية 500 ألف ريال (133.3 ألف دولار). أما اليوم، فقد تمكنت الوزارة من إيجاد وحدات جاهزة بقيمة تصل إلى نصف هذا المبلغ وهو 250 ألف ريال (66.6 ألف دولار)»، لافتاً إلى أن «الفرد يستطيع الحصول على هذه الوحدات بالتقسيط، مما يؤكد حرص البلاد على إيجاد مساكن لجميع فئات المجتمع السعودي».
وأضاف المبيض: «تفاوت أسعار المنتجات العقارية يمثل استراتيجية اتبعتها الوزارة في السنوات الأخيرة، ونجحت فيها بشكل كبير جداً». وقال: «أثمرت هذه السياسة زيادة إقبال محدودي الدخل على تملك المساكن، بجانب متوسطي وميسوري الدخل الذين يقبلون على تملك مساكن ومنازل وفيلات تناسب قدراتهم المادية، وهذا يُحسب لوزارة الإسكان ويمهد لإنهاء مشكلة السكن التي لطالما أرقت المجتمع في سنوات ماضية».
وتوقع الخبير العقاري أن تشهد المرحلة المقبلة طفرة في قطاع الإسكان. وقال: «يجب أن نضع في الاعتبار أن منتجات الوزارة التي تعلن عنها تباعاً، تحظى بإقبال الأفراد كافة، لا سيما أنها تراعي خصوصية الأسرة السعودية، كما أنها تلبي احتياجاتها في الشكل والمساحات».
وأضاف: «تمكنت الوزارة من تلبية مطالب مختلف الفئات بإنتاج وحدات سكنية جاهزة، ومنازل مستقلة، وفيلات، ومنح أراضٍ وقروض لمن يرغبون في البناء بأنفسهم». وتابع «كل هذه الخيارات وفرتها الوزارة في صورة مبادرات متعددة، موجودة في برنامج (سكني)، وروجت لها بشكل جيد، ووصلت بها إلى المواطنين».
من جانبه، رأى المحلل الاقتصادي علي الجعفري أن شراكة الوزارة مع شركات العقار السعودية تمثل خطوة استراتيجية تُحسب للحكومة في السنوات الأخيرة. وقال: «إحقاقاً للحق؛ أضاعت الوزارة عقب تأسيسها، بعض الوقت والجهد للبحث عن آليات تمكنها من بناء 500 ألف وحدة سكنية، لكنها عوضت ذلك بالشراكة مع القطاع الخاص».
وأضاف الجعفري: «الوزارة في بداية عهدها لم تتعاون مع شركات التطوير العقاري السعودية لتنفيذ مشاريع السكن، ولو أنها سارعت بهذا التعاون، لكان لدينا اليوم عدد كبير من المنتجات العقارية التي تساهم في حل مشكلة السكن».
واستطرد: «الوزارة تداركت في السنوات الأخيرة هذا الأمر، واعتمدت على شركات التطوير السعودية، التي أصبحت بمثابة الذراع التنفيذية لتصورات الحكومة وتوجهاتها لحل مشكلة السكن»، مضيفاً: «اليوم الوزارة ترتكن إلى حزمة من المبادرات النوعية، التي وفرت كثيراً من التنوع في المنتجات العقارية، وهو ما أشاع جواً من التفاؤل بإمكانية حل مشكلة السكن في المملكة في وقت وجيز».
وأكد الجعفري ثقته باستمرار نجاح البلاد في إدارة ملف الإسكان. وقال: «أنا واثق بأن مؤشرات السكن اليوم أفضل بكثير منها قبل 8 سنوات مضت، بعد طرح الوزارة آلاف المنتجات العقارية وتسليمها إلى مستحقيها، بل ودخول عدد كبير منها إلى حيز الاستخدام».
وختم الجعفري: «نجاحات وزارة الإسكان تحقق مستهدفات (رؤية المملكة 2030)، خصوصاً فيما يتعلق بالوصول إلى نسبة تمليك بين المواطنين تصل إلى 70 في المائة» على حد وصفه.
وكانت «مؤسسة النقد السعودي (ساما)» أشارت إلى أن عقود التمويل العقاري السكني الجديدة للأفراد واصلت صعودها لشهر يناير (كانون الثاني) الماضي، مسجلة أعلى معدلات إقراض في تاريخ البنوك السعودية من حيث عدد العقود ومبالغ التمويل بنحو 23 ألفاً و668 عقداً مقارنة بنحو 9 آلاف و578 عقداً في يناير 2019، من إجمالي القروض العقارية السكنية المُقدمة من جميع الممولين العقاريين من بنوك وشركات التمويل.
وأوضح التقرير الخاص بـ«ساما» أن النمو في عدد عقود التمويل العقاري السكني وصل لنحو 147 في المائة مقارنة مع يناير 2019، فيما سجل حجم التمويل العقاري السكني الجديد في يناير 2020، نمواً بمقدار 112 في المائة مقارنة بالشهر نفسه من عام 2019، والذي سجل نحو 4.766 مليار ريال (1.270 مليار دولار)، كما سجلت قروض يناير السكنية ارتفاعاً بنسبة اثنين في المائة عن الشهر السابق ديسمبر (كانون الأول) 2019، والذي وصل حجم التمويل خلاله إلى نحو 9.86 مليار ريال (2.6 مليار دولار)، فيما ارتفع عدد العقود بنسبة 1.5 في المائة عن شهر ديسمبر 2019، والذي شهد توقيع نحو 23 ألفاً و324 عقداً.
وأشار التقرير إلى أنه تم إبرام 94 في المائة من قيمة هذه العقود عن طريق البنوك التجارية، بينما أبرمت 6 في المائة منها عن طريق شركات التمويل العقاري، فيما بلغ عدد عقود المنتجات المدعومة من خلال برامج الإسكان في شهر يناير 2020 عن طريق الممولين العقاريين 22 ألفاً و432 عقداً وبقيمة إجمالية بلغت 9.4 مليار ريال (2.5 مليار دولار).